مخطط الموضوع

    • معلومات المقياس


      مقرر في السداسي الثالث – ماستر تخصص قانون الأسرة


      وحدة تعليم أساسية


      رصيد 06


      معامل 03


      الحجم الساعي: 03 ساعات أسبوعيا


      الأهداف العامة للدروس


      هذه دروس في الوصية ألقيت على طلبة الماستر تخصص قانون الأسرة الموسم الجامعي 2023/2024 وفق المقرر الجامعي.


      تهدف هذه الدروس إلى تمكين الطالب من الاطلاع على الموضوع والإلمام بعناصره وما هو منصوص عليه في قانون الأسرة الجزائري المواد من 184 إلى 201 مع عدم إهمال النصوص القانونية الأخرى كالقانون المدني والاعتماد عليها بالحد الذي يجلي الغموض ويزيل اللبس.


       

  • الموضوع الأول

    • فتحت: Sunday، 19 March 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 26 March 2023، 12:00 AM
    • الدرس الأول :مفهوم الوصية

      أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى الاطلاع على مفهوم الوصية والإلمام بعناصرها كتعريف الوصية فقها وقانونا وتاريخها و أهميتها و دليل مشروعية الوصية والحكمة منها، ثم حكم الوصية من حيث كونها مطلوبة الفعل أو الترك و تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة. 

      المطلب الأول :تعريف الوصية وتاريخها

      الفرع الأول: تعريف الوصية

      أ-تعريف الوصية لغة :هي من وصيت الشيء أو صيته إذا وصلته ويقال أرض واصية أي متصلة الثبات ،وسميت وصية لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته ،ونطلق على فعل الموصى وعلى ما يوصه به من مال أو غير من عهد ونحوه فتكون بمعنى المصدر وهو الإيصاء ،وورد في لسان العرب أن الوصية هي ما أوصيت به وسميت وصية لاتصالها بأمر الميت

      ب-تعريف الوصية شرعا

      وضع الفقهاء من مختلف المذاهب تعاريف متعددة للوصية ،تعبر جمعيا عن عمل ينطوى على أي من المفردات الآتية ،التمليك سواء للعين أو المنفعة أو العهد بالتصرف بأمر ما بعد الوفاة بطرق التبرع وقد  تقاربت تعاريف الفقهاء حول هذا  المعنى للوصية .

      يعرفها الأحناف بأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع ،وعرفها المالكية بأنها عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته أو بموجب نيابة عنه بعده وعرفها الحنابلة الوصية بالمال بأنها التبرع بعد الموت والوصايا هي الأمر بالتصرف بعد الموت والوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت وبذلك يخرج الدين والإقرار والبيع عن الوصية لخروجها من أصل الشركة وليست من الوصية[1]

      ج-تعريف الوصية قانونا :

      لقد عرفتها المادة 184من قانون الأسرة  الجزائري بنصها «الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع » فالوصية هي تصرف في المال لا ينفذ إلا بعد موت الموصى، وهي التصرف دون معاوضه كمبدأ عام فهي من التبرعات وعلى ذلك فإن المال الموصى به يبقى تحت حيازة الموصى والذي ينتفع به لغاية وفاته وتبعا لذلك يجوز للموصى الرجوع في الوصية، والوصية من الحقوق المتعلقة بالتركة وبالتالي فإنها  تستوفي منها قبل القسمة وللموصى له اللجوء إلى القضاء للمطالبة بما أوصى له ،بأن يرفع دعوى ضد الورثة إن رفض هؤلاء إعطائه ما هو موصى به لصالحه [2]

      الفرع الثاني: تاريخ الوصية

      عرفت الوصية لدى الأمم قبل مجيء الإسلام لدى الرمان واليونانيين والفرس والهنود والصينيين

      وقدماء المصريين وعرب الجاهلية واليهود ،ولكنها  كانت تختلف عند هذه الأمم باختلاف فهمهم للمال والوصية والميراث ،ولكنهم يتفقون في حرية مالك المال ولم تكن لهم شروط معينة مقيدة للوصية .

      فقدماء المصريين يجيزون الوصية بكل المال ولكل شخص إلا أنهم كانوا يشترطون كتابتها والنص على أنها صدرت أثناء حياة الموصى وحال صحته ولا بد لتمامها عندهم أن تكون أمام شهود وأن تكون صيغة إنشائها إلى الإله الذي يعبدونه لا إلى شخص الموصي[3]

      وكان الرومانيون أول الأمر يشترطون عمل الوصية على شكل صوري للميراث ثم اشترطوا بعد ذلك تحريرها في مجلس واحد يحضره مجموعة من الشهود يحضرون المجلس جمعا و يمهرونها بأختام.

      أما حال الوصية قبل ظهور الإسلام عند العرب فقد كانت فكرة الوصية شائعة عندهم وفق قواعد معينة وأهداف مختلفة ثم جاء الإسلام بمنهجه الرباني فوضع للوصية قواعد وشروط مبنية على أسس من العدل وصلة للوالدين والأقربين لقوله تعالى:«كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين » وحينما نزلت سورة النساء بتشريع الميراث نسخت وجوب الوصية وبقى الاستحباب ،فحددت مقدراها بالثلث وعدم نفاذ الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة لقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث [4]

      المطلب الثاني :دليل مشروعية الوصية والحكمة منها

      الفرع الأول: دليل  مشروعيه الوصية

      اتفق الفقهاء على مشروعيه الوصية حيث ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول كما يلي:

      أ-من القرآن الكريم

      قوله تعالى «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا علي المتقين» [5]

      وقوله تعالى« من بعد وصية يوصى بها أو دين» وقوله تعالى« يا أيها اللذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل  منكم»[6]

      ب- من السنة النبوية

      ما ورد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا وصيته عنده مكتوبة »[7] ،وكذلك ما ورد عن سعد بن أبي وقاص قال : «جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها ،قال: يرحم الله ابن عفراء .قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله ؟قال: لا. قلت: فالشطر؟قال:لا.قلت:الثلث؟ .قال :فالثلث والثلث كثير إنك إن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم .... »[8]

      وما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : « إن المحروم من حرم وصيته »[9]

      ج-مشروعيته الوصية بالإجماع

      فإن العلماء أجمعوا على جواز الوصية من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ولم يؤثر عن واحد منهم منعها [10]

      د-مشروعية الوصية بالمعقول

      فهو حاجة الناس إلى الوصية زيادة في القربات والحسنات وتداركا لما فات الإنسان في حياته من أعمال الخير وصاية للأقارب وغيرهم.

      الفرع الثاني:الحكمة من مشروعيته الوصية

      شرع الله سبحانه وتعالي الوصية ،تمكينا للعمل الصالح ومكافأة لمن أسدى للخير معروفا وصلة للرحم والأٍقارب وغير الوارثين ،و المحتاجين ،ففيها تتجلى رحمه الله تعالى بعباده ،وذلك أن الإنسان قد يعميه طول الأمل وحب الدنيا فينسيه الآخرة فلا يفيق إلا وقد جاءه الموت ،حيث يأخذه الندم على ما فرط ،والحسرة على ما لم يقدم لأخراه [11]

       

      المطلب الثالث :حكم الوصية

      الوصية من حيث كونها مطلوبة الفعل أو الترك تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة كما يلي:[12]

      1-الوصية الواجبة وهي الإيصاء لما وجب في ذمة الموصى من حقوق الله والعباد، ومثال حقوق الله التي فرط فيها من زكاة وحج ....إلخ ،وحقوق العباد التي لا تعلم إلا من جهة الموصى ،كدين أو وديعة وكإخراج الزكاة والكفارات والنذور لأن الله فرض أداء الأمانات وطريقة هذا باب الوصية فتكون الوصية واجبه

      2-الوصية المندوبة :وهي الوصية في القربات ووجوه البر وللأقرباء الذين لا يرثون وكذلك لأهل الصلاح والتقوى لقوله صلى عليه وسلم إذا مات أبن أدام :(انقطع عمله إلا من ثلاث صدقه جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) الوصية هنا مندوبة في رأى الجمهور خلافا لأبن حزم الذي يراها واجبه .

      3-الوصية المحرمة

      وهي الوصية لما حرم الله فعله ومنع إستعماله كالوصية بالخمر والإنفاق على وجوه الشر كإقامة الملاهي و إدارة المسابقات الممنوعة بالقمار والرهانات ومن الوصية بقصد الإضرار بالورثة ومنعهم من أخذ نصيبهم من التركة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإضرار في الوصية من الكبائر) والوصية هنا معصية تستوجب العقاب وممنوعة تقتضي البطلان .

      4-الوصية المكروهة

      وهي الوصية لأهل الفسق والمعاصي والوصية مع الحاجة فيكره الوصية لمن غلب على الظن أن يصرفها في المعاصي، ويكره الوصية مع الحاجة إليها لقوله صلى الله عليه وسلم (إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عاله يتكففون الناس)

      5-الوصية المباحة

      وهي الوصية للأغنياء من الأقارب والأباعد ممن ليسو من أهل العلم أو الصلاح أو الحاجة .

       

       

       

       

       



      [1]-إلياس ناصيف،الوصية للمسلمين في القانون الدولي الخاص ،منشورات  الحلبي الحقوقية ،ج2،ص:من 09إلى12.

      [2]-لحسن بن شيخ آثملويا،قانونا الآسرة نصار شرحا ،شرحا ،دار الهدى ،عين مليله الجزائر،ص150 .

      [3]-محمد على محمود يحي ،أحكام الوصية في الفقه الإسلامي ـ نابلس فلسطين ،2010،ص15 .

      [4]- مرجع سابق ،ص17.

      [5]-القرآن الكريم،سورةالبقرة الآية 180.

      [6]-القرآن الكريم،سورة المائدة الآية 106.

      [7]-ابن حزم، المحلى، النسخة الإلكترونية،الجزء التاسع ،ص:312.

      [8]-أحمد شاكر، مسند أحمد، النسخة الإلكترونية،الجزء الثالث ،ص:46.

      [9]-ابن حبان، تهذيب التهذيب، النسخة الإلكترونية،الجزء الثالث ،ص:210.

      [10]-محمد علي محمود يحي ،مرجع سابق،ص26.

      [11]-محمد علي محمود يحي ،نفس المرجع ،ص27.

      [12]-محمد كمال الدين إمام الوصية والوقف في الإسلام ،منشأة المعارف للنشر الإسكندرية 199 ،ص38 ،39، 40 .


  • الموضوع 2

    • الدرس الثاني::شكل الوصية وما يلحق بها من تصرفات

      أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى التعرف على شكل الوصية وتكييفها والأسرار التشريعية لإلحاق القانون المدني لتصرفات المريض مرض الموت و التصرف لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة بالوصية، ثم تمييز الوصية عن الميراث والهبة .

      المطلب الأول :شكل الوصية وتكييفها

      الفرع الأول: شكل الوصية

      نصت المادة 775 من القانون المدني على ما يلي أن( يسرى على الوصية قانون الأحوال الشخصية والنصوص المتعلقة بها) وألحقت المادتان 770-777 بالوصية تصرفين هما تصرف المريض مرض الموت والبيع لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة والانتفاع طيلة الحياة إلى أن المشرع في القانون المدني لم يبين الشكل القانوني للوصية ولقد أحال المشرع من خلال المادة 775 من القانون المدني إلى قانون الاحوال الشخصية (قانون الأسرة ) فيما يتعلق بالوصية، إذا  ومن خلال المادة 191 قانون الأسرة تنص على أن الوصية تثبت[1]

      1-بتصريح الموصى أمام الموثق وتحرير عقد بذلك

      2-وفي حالة وجود مانع قاهر تثبت الوصية بحكم يؤشر به على هامش أصل الملكية .

      أي أن الوصية تصرف بإرادة منفردة وهي إرادة الموصى والكتابة اشترطت للإثبات فقط وهي التصريح أمام الموثق الذي يحرر وثيقة يفرغ فيها تصريح الموصى ولهذا انعدام الكتابة لا يجعل الوصية باطلة ذلك أنه في حالة وجود مانع قاهر يحول دون إفراغ الوصية كتابة توثيقية يفرغ فيها تصريح الموصى فإنها تثبت بحكم صادر عن محكمة شؤون الاسرة بعد الاستماع إلى الشهود وكذلك بإقرار الورثة ويؤشر بالحكم على هامش أصل الملكية أن كانت الوصية منصبه على عقار [2]

      الفرع الثاني: تكييف الوصية

      اعتبر المشرع الجزائري الوصية  سبب من أسباب كسب الملكية بالوفاة أو طريقة لكسب الملكية ونجد أنه منصوص عليها في القسم الثاني من الفصل الثاني تحت عنوان طرق إكتساب الملكية المواد من 775 إلى 777

      المطلب الثاني :ما يلحق بالوصية

      ألحق القانون المدني بالوصية تصرفين قانونيين أعطاهما المشرع حكم الوصية وهما :

      -تصرفات المريض مرض الموت

      -التصرف لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة

      الفرع الأول: تصرفات المريض مرض الموت

      نصت المادة 776 /1 قانون مدني (كل تصرف قانوني يصدر من شخص حال مرض الموت بقصد التبرع يعتبر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت ،وتسرى عليه أحكام الوصية أي كانت التسمية التي تعطي لهذا التصرف)

      ولقد اختلف الفقه حول تحديد معنى مرض الموت أو المقصود به فمنهم من يعرفه أن المريض مرض الموت هو الذي يكون في حاله يغلب عليه فيها الهلاك لا محالة بسبب ما هو فيه وأن يتصل الموت به سواء كان الموت بسبه أم نتيجة سبب آخر، و البعض الآخر يقول إن مرض الموت هو مرض يتصل به الموت مع غلبة الهلال فيه[3]

      ومن خلال هذه التعاريف نجد أنه يشترط شرطان لابد من توافرها متى نكون بصدد ما يعرف بمرض الموت وهما [4]

      1-أن يكون المرض بحسب طبيعته من الأمراض التي يغلب الظن فيها تحقق الهلاك لا حالة ولمعرفة ذلك يتم الرجوع إلى أهل الخبرة أي الأطباء الاختصاصين.

      2-أن ينتهي المرض بالموت فعلا ومفاده أنه إذا برئ المريض من أحد الأمراض ثم أصيب بمرض ثان عقبته الوفاة وكان قد أبرم تصرفا قانونيا أثناء مرضه الأول ،لم يكن ذلك التصرف مبرما أثناء مرض الموت ومن ثم لا يكون تصرفا ملحقا بالوصية ولا يسرى عليه حكمها.

      ومن جهة أخرى فإن الموت إذا اتصل بالمرض كان التصرف الذي أبرم خلاله قد تم في مرض الموت حتى لو نشأ الموت عن سبب أخر كالقتل والموت حرقا أو غرقا ومن ثم إذا تخلف أحد الشرطين السابقين كانت تصرفات الشخص سليمة ونافذة لأن المرض لم يكن مرض الموت.

      الفرع الثاني: التصرف لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة

      لقد نصت المادة 777 من القانون المدني (يعتبر التصرف وصية وتجري عليه أحكامها إذا تصرف شخص لأحد ورثته واستثنى لنفسه بطريقة ما حيازة الشيء المتصرف فيه ،والانتفاع به مده حياته) ،أي يعتبر وصيه إذا تصرف الشخص لورثته تصرفا مقترنا بشروط معينة كما ذكرنا سابقا وهي حيازة الشيء المتصرف فيه والانتفاع به مده حياته [5]

      المطلب الثالث: تمييز الوصية عن الميراث والهبة

      الفرع الأول:الوصية والميراث

      الوصية لا يظهر أثرها ولا تكون سارية المفعول ولها القوة القانونية للنقاد في التركة إلا بعد الوفاة ،لذلك قيل إن الوصية أخت الميراث كونهما يستحقان من التركة لكن هناك بينهما أوجه الشبه وأوجه الخلاف كما يلي :

      أ-أوجه الشبه :وهي كما يلي [6]

      -الوصية والميراث لا ينتقل الملك إلى الموصى له والورثة إلا بعد الوفاة

      -الملك في الوصية والميراث ينتقل إلى الموصى له والوارث من غير عوض .

      -القتل مانع من الميراث بالنص ومانع في الوصية بالقياس بالقانون.

      ب-أوجه الاختلاف :وهي كما يلي [7]

      -الميراث خلافة إجبارية والوصية لا ينتقل فيها المال إلى الموصى له إلا بعد القبول.

      - الوصية ملك يثبت بإرادة الموصى والموصى له.

      -الميراث لا يقبل الرد ،والوصية تحتمل القبول والرفض.

      اختلاف الدين يمنع من الميراث ولا يمنع الوصية فتجوز وصيه مسلم لغير مسلم وهذا منصوص عليه في المادة 200 من قانون الأسرة.

      الفرع الثاني:-الوصية والهبة

      التمليك المستفاد من الهبة يثبت في الحال أما التمليك المستفاد من الوصية فلا يثبت إلا بعد الموت ومن الفروق بين الهبة والوصية أن الهبة لا تكون إلا بالعين أما الوصية تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة [8]

       

       



      [1]-لحسين بن الشبخآث ملويا ،مرجع سابق ،ص155 .

      [2]-لحسبن بن شيخ آ ت ملويا ،ص155 .

      [3]-زهدور محمد ،الوصية في القانون المدني الجزائرية والشريعة الإسلامية المؤسسة الوطنية الكتاب ،الجزائر ،1991 ،ص37

      [4]-المرجع نفسه ،ص 39،38 .

      [5]- المرجع نفسه ،ص 41 .

      [6]-محمد كمال الدين إمام ،مرجع سابق،ص14

      [7]-محمد كمال الدين أمام ،مرجع بنفسه ،ص ص14 ،15

      3-عبد الله بن أحمد الطيارة الوصية ضوابط وأحكام المملكة العربية السعودية 1423 هـ ،ص5


    • فتحت: Sunday، 19 March 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 26 March 2023، 12:00 AM
  • الموضوع 3

    • الدرس الثالث: أركان الوصية

      أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى التعرف على أركان الوصية ، وقد أورد المشرع في المواد من 184 -201 من قانون الأسرة الأركان الواجب توافرها لإبرام الوصية بشكل صحيح من الناحية القانونية والشرعية وعليه فيم تتمثل أركان الوصية،ثم ما هي شروط نفاذ الوصية؟

      الوصية كما أوردها المشرع في القانون رقم 84 -11 مؤرخ في يونيو 2005 المتضمن قانون الأسرة المعدل والمتمم بالأمر رقم 05 -02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 بموجب المادة 184(الوصية هي تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع) .

      ولقد تناولنا فيما سبق مفهوم الوصية وعليه سنتناول الموصى والوصي له ثم الموصى به والصيغة .

      المطلب الأول:الموصى والموصى له

      بموجب المادة 184 من قانون الأسرة( الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت )انطلاقا  من نص المادة الوصية هي تمليك بمعنى أنه هناك مالك أي الموصى له أي الوارث ،وعليه ستناول في هذا المطلب أهم الشروط التي يجب توافرها في الموصى و الموصى له من خلال فرعين:

      الفرع الأول :الموصى

      الموصى هو من أنشأ الوصية  ،وتصدر عنه إجبار في الوصية الواجبة [1] ويشرط في الموصى لتصبح نافذة عدة شروط أجملت بعضها في المادة 186 من قانون الأسرة الجزائري وتتجلى هذه الشروط.

      أولا :أهلية التبرع

      يجب أن يكون أهلا للتبرع [2] عند صدور الوصية ويتفق الفقهاء جمعا على أنه يشترط في الموصى أهلية التبرع [3] عند صدور الوصية ،و يشترط في الموصى أن يكون مميزا ،وعدم التمييز يفضي إلى القول بعدم وجود وصية ولكن يلاحظ أن تشريعات تختلف في ما بينها من حيث سن التمييز :

      فالقانون المدني الجزائري يعتبر الشخص عديم التمييز طالما أنه لم يبلغ سن الثالثة عشرة من عمره ،أما القانون المصري فرأى أن سن التمييز هو سبع سنوات .

      وعليه يشترط لصحة الوصية أن يكون الموصى بالغا فلا تصح وصية الصبي الغير مميز وهذا باتفاق الفقهاء لأن الوصية تبرعا وهو ليس أهلا للتبرع ،كما لا يصح أن ينشىء الوصية بنفسه ولا يصح أن يباشرها عنه وليه لأن الأولياء ممنوعون من التبرع بأموال القصر إلا في نطاق ضيق لا تتدخل فيه الوصية.

      ثانيا:الرشـــد

      ويعني كمال العقل وتمام الإدراك ،وهي مرحلة بلاغها الإنسان تصح كل تصرفاته سواء كان تبرعا أو معاوضة ،فأهلية التبرع لا تكتمل إلا بالرشد [4] وقد حدد المشرع الجزائري سن الرشد ب 19 سنة بموجب المادة 40 من القانون المدني الجزائري ولا يجيز القانون وصية السفيه المحجور عليه إلا بإذن القاضي ،أما جمهور الفقهاء فإنهم يرون صحة وصيته لأنها في حدود ما يملك ولن تنفذ إلا في ثلث ماله ،كما أنها لن تنفذ إلا بعد مماته .

      وإذا كان القانون يشرط الرشد ابتداء لصحة الوصية ،فإنه لا يشترط بقاء الرشد ومع ذلك تبقى الوصية صحيحة حتى لو طرأ على الموصي ما يوجب الحجر عليه،مادام يظل مصرا عليها حتى الموت.

      ثالثا :الرضـا

      الرضا هو شرط لصحة الوصية وفوات الرضا يبطلها ،فلا تصح وصية المكره لفقدان الرضا ، ورضا الهازل لا يعتد به لانعدام القصد .

      كما اشترط البعض في الموصى أن يكون مالكا ملكية مطلقة الموصى به.

      رابعا :وصية الغير مسلم

      الوصية في أغلب أحولها هي صلة ،قد يصل بها الموصى إنسانا له عليه فضل ،وهى قربة يتقرب بها العبد إلى ربه ولذلك لم يشترط لصحتها الإسلام فتصح من المسلمين وغير المسلمين ولكنها إذا كانت من غير مسلم فأن لها أحكام خاصة يمكن إجازتها فيما يلي [5]

      ·       أ/ وصية المرتد :وهو الخارج عن الإسلام سواء إلى دين آخر أو إلى غير دين ،ويفرق في الردة بين الرجل و المرأة ،فالمرأة المرتدة وصيتها صحيحة نافذة ، أما الرجل المرتد ينظر في أمره عند أبوحنيفة ،ووصيته موقوفة إذا رجع إلى الإسلام نفذت وصيته دون حاجة إلى تعزيره ،وإذا لحق بدار الحرب بطلت وصيته.

      ·       ب/ من كان على غير الإسلام

      المواطن الغير مسلم في الدولة الإسلامية فهو يحمل جنسيتها لذلك تجوز وصيته إذا كانت قربة في دينه أو قربة الإسلام أو فيهما معا ،فإذا لم تكن الوصية قربة في دينه ولا في الإسلام فلا تصح وإذا كان له ورثة أخذت وصيته حكم وصية المسلم وأنها تنفذ في مقدار الثلث وتتوقف فيما زاد على إجازة الورثة وذلك مراعاة لحقهم المقرر لأنها من أحكام النظام العام وتنطبق على المسلم وغير المسلم.

      الفرع الثاني :الموصى له

      وهم الأشخاص المعينون شخصيا بالاسم أو الإشارة أو بالوصف المميز له دون غيره .

      يجب أن يكون الموصى له جهة معينة لأن هذا يحول دون تحقيق الغاية من الوصية وهي صلة الرحم وإعانة ذوي القربى أو اليتامى أو جهات البر، كما يجب أن تتوفر الشروط التالية:

      أولا :معلومية الموصى له

      فإن كان مجهولا جهالة فاحشة لا يمكن رفعها فإن الوصية لا تصح ،إنما تصح الوصية لمن لا يحصون كمن يوصى بشيء ما للطلبة المحتاجين في معهد علمي معين[6]

      ثانيا :أن لا يكون الموصى له قاتلا للموصى

      فقد يقتل الموصى له الموصى بعد الوصية أو قبلها والقتل بعد الإيصاد واضح، أما مثال القتل قبل الإيصاء كأن يجرح الموصى له الموصي ، ثم يقوم الموصى لأي سبب بالإيصاء للموصى له (الذي قام يجرحه )ثم يفضي الجرح بعد ذلك إلى موت الموصى[7]

      الراجح عند الحنابلة أن القتل بعد الوصية مبطل لها وأما إذا حدث سبب القتل قبلها فلا يحول دون صحتها[8]، والقتل المقصود وهو القتل العمد عند المالكية ،ويتفق الفقهاء على أن قتل النفس بحق لا يؤثر في صحة الوصية كالقتل للقصاص .

      ثالثا :الوصية للحمل

      مما يدخل الموصى له المعين الحمل كأن يقول ـأوصي للحمل فلانة من فلان» أو لحمل هذه المرأة ،والوصية في هذه الحالة جائزة باتفاق الفقهاء ولكن صحة هذه الوصية ونفاذها مرتبط بتوفر شروط ثلاثة:

      1/ أن يكون الحمل الموصى له موجودا عند إنشاء الوصية بأن يعلم أو يظن ذلك بعد ولادته ،ويتحقق ذلك بولادته في مدة معينة تختلف باختلاف الأحوال ،ففي بعض الحالات لابد أن يولد في أقل مدة الحمل، وفي أفضل الأحوال لا يشترط ذلك بل يكفي ولادته في أكثر مدة للحمل فإذا زادت في كلا الحالتين بطلب الوصية [9]

      2/ أن يولد الجنين حيا واكتفى الأحناف بولادته حيا ،وأشترط الأئمة الثلاثة حياته حياة مستقرة

      3/أن يولد على الصفة التي أرادها الموصى فإذا نسبه إلى شخص معين كأن قال إني أوصي بكذا لحمل فلانة من فلان فلا يستحق الموصى إلا إذا ثبت نسبه من ذلك الشخص المعين ، وذلك لأن الحمل قد يكون منه ولكن لا يثبت النسب كما إذا كان من زمن فإذا أوصى لحمل فلانة من فلان وكان من زنى لا يثبت النسب فلا تثبت الوصية وهو مذهب الإمام الشافعي و به أخذ القانون .

      المطلب الثاني :الموصى به و الصيغة

      أوردت المادة 190 من القانون الأسرة الجزائري(للموصى أن يوصي بالأموال التي تملكها و آلتي تدخل في ملكة قبل موته عينا أو منفعة )

      بحيث أشترط القانون لصحة الوصية في الموصى به أن يكون الأصل التي يوصى بما داخلة ضمن ملكة قبل موته .

      كما رأى جمهور الفقهاء أن الصيغة ركن من أركان الوصية وهذا على خلاف المشرع الذي اكتفى بذكر الموصى له والموصى به في المواد 186 -190 من قانون الأسرة وعليه فقد فصلنا في مطلبنا هذه الشروط كما يلي:

      الفرع الأول :الموصى به

      إشترط القانون لصحة الموصى به ثلاثة شروط وهي :

      أولا :أن يكون الموصى به مما يجري به الإرث

      بحيث أن يكون محلا للتعاقد حال حياة الموصى، وهو كل ما يصلح أن يكون تركة .

      كذلك تشمل الموصى به الحقوق المالية ،والغلة وقد ظهرت لكن لم يبدو صلاحها ،والدين الذي له في ذمة غيره ،فهذه كلها حقوق تصير أموالا عند فرزها وقبضها[10]

      ثانيا :أن يكون الموصى به متقوما في نظر الشريعة

      هذه الشرط خاص بالموصى به إذا كان مالا  ليس منفعة ولاحقا ماليا وهو أن يكون متقوما في نظر الشريعة أي مما يحل الإنتفاع به في الشريعة،فلا تحل وصية المسلم بالخمر لأنها محرمة في الشريعة الإسلامية لكن يصح لغير مسلم أن يوصي بها لأنها متقومة في اعتقاده.

      ثالثا :أن يكون الموصي به موجودا عند الوصية

      هذا الشرط خاص بالأعيان، أي الأموال دون المنافع وذلك كما لو أوصي بداره ، أو سيارته ويشير إليها،أو يقول أوصي بقمحي الموجودة بمخزني ،وذلك لأن الوصية تتعلق بما لم يكن موجودا أصلا بأن لم يكن هناك دار ولا سيارة ولا قمح بطلت الوصية للإنعدام المحل .

      رابعا : يشترط لنفاذها في المال الموصى به هو أن يكون في حدود ثلث التركة ،إذا كان للموصي وإرث فإن لم يكن أٍرث فلا يشترط هذا بل تنفذ الوصية في جميع المال، وإذا كان له إرث وأوصي بأكثر من الثلث توقفت الوصية فيما زاد عنه على إجازة الورثة فإن أجازها الورثة نفذت وإن لم يجيزوها لم تنفذ.

      الفرع الثاني :الصيغة

      الصيغة ليست إلا تعيير عن إرادة الموصي ،و الصيغة هي ركن الوصية الوحيدة عند الأحناف غير أن باقي المذاهب الأخرى ترى أن للوصية أربعة أركان السابق ذكرها بالإضافة إلى الصيغة  وعليه فما هو مضمون الصيغة؟ وهذا ما ستناوله في التالي:

      أولا :الإيجاب

      ويتضمن الإيجاب ثلاثة أمور وهي

      1/العبارة :والعبارة هي اللفظ المفيد على المقصود ولا يشترط فيها لفظ معين بل تصح بكل لفظ يدل عليه سواء كان بلفظ الوصية صريحة كأن يقول( أوصيت بثلث مالي )أم كان بلفظ آخر.

      2/ الكتابة :

      إنشاء الوصية بالكتابة من العاجز عن النطق جائز بلا خلاف في ذلك أما القادر على النطق فإن الحنفية يقولون بجواز الوصية بالكتابة منه إذا كانت بخط الموصى وأشهد عليها، أما إذا كانت بخط غيره فلا تصح[11]

      3/ الإشارة

      أما الإشارة فإن الحنابلة يفرقون بين القادر العاجز وذلك عندهم الموصى إذا كان عاجزا عن النطق فإما أن يكون غير قادر عن الكتابة أو قادر عليها ففي الحالة الأولى =تجوز وصية بالإشارة المفهمة إذا كان عجزه عامة لا يمكن البرئ منها .

      وفي الحالة الثانية :وهي إن كان عاجزا عن النطق قادر+عن الكتابة [12].

      ثانيا :القبول

      الوصية تنعقد بالإيجاب أما القبول شرط للزور وأن من حق الموصى له أن يقبل أو يرد الوصية .

      1/حقيقة القبول

      وقد اختلف الفقهاء في تحديد حقيقة القبول ،بين القبول الإيجابي أو القبول السلبي فبعضهم يرى القبول الإيجابي الذي يكون بقول صريح أو عمل يدل على الرضا ويرى البعض الآخر أنه يكفي بالقبول السلبي وهو عدم الرد .

      2/صاحب الحق في القبول

      الموصى له إما معين أو غير معين والأول إما كامل لأهلية وإما ناقصها وإما فاقدها، الثاني إما أن يكون ممن يحصون وإما أن يكون من الجهات .

      فإن كان الموصى له المعين كامل الأهلية ،فقد اتفق الفقهاء أن حق القبول والرد له لأنه صاحب الولاية على نفسه

      وإن كان الموصى له المعين ناقص الأهلية :كالصبي المميز والمعتوه الذي لم يذهب تمييزه بسبب عته والمحجور عليه سقى أو عقله فقد اختلف فيه الفقهاء [13]

      ثالثا :تجزئة القبول

      يجوز تجزئة القبول فلا يشترط مرافقة القبول للإيجاب فيجوز أن يقبل الموصى له في البعض ويرد في البعض الآخر وما قبل فيه تلتزم الوصية له و مارد فيه تبطل الوصية وذلك لأن المانع من صحة القبول في العقود إذا كان غير مطابق للإيجاب هو ما يترتب على تفريق الصفقة بائسة لطرق الآخر من ضرر يلحق به

       

       

       

       

       

       

       

       

       



      [1]-دكتور أحمد محمود الشافعي أستاذ الشريعة الإسلامية كلية الحقوق الإسكندرية الوصية لوقف في الفقه الإسلامي .

      [2]-الدكتور عبد الرزاق السنهوري :الوصية ج9 التصرف القانوني الواقعة القانونية قيد 74 ص2008 .

      [3]-الدكتور محمد كمال الدين أمام الوصية لوقف في لإسلام مقاصد وقواعد /ط فبراير ،1999 ،الإسكندرية .

      -[4] المادة 40 من القانون المدني الجزائري

      [5]-الاستاذ كمال الدين أمام،الوصية والوقف في الإسلام مقاصد وقواعد ،منشأة المعار ف ،طبعة فبراير 1999 ،ص54 -55 .

      [6]-الأستاذ محمد مصطفى شبلي مرجع سابق ،ص77 ،20 .

      [7]-الدكتور زهدور محمد /الوصية في القانون الجزائري الشريعة الإسلامية المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1991 ص79 .

      [8]-الدكتور بدران أبو العينين بدران مرجع سابق ص 134 .

      [9]-دكتور أحمد محمود الشافعي، الوصية والوقف في الإسلام ،كلية الحقوق جامعة الإسكندرية ص،50-51

      1-دكتور أحمد محمود الشافعي مرجع سابق ص 21 ،22

      [11]-ابن عابدين ج5 ،ص57 .

      [12]-أحمد محمود الشافعي مرجع سابق ص.

      [13]-أحمد محمود الشافعي  مرجع سابق ص،95 .


    • فتحت: Sunday، 19 March 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 26 March 2023، 12:00 AM
  • الموضوع 4

    • الدرس الرابع:شــــروط نفاذ الوصية ومبطلاتها

      أهداف الدرس:

      على الرغم من توافر شروط وأركان الوصية إلا أن نفاذ الوصية أو هذا التصرف يبقى موقوفا على توافر شروط أخرى تسمى :شروط نفاذ الوصية.

      فيما تتمثل هذه الشروط وماذا يطرأ على الوصية إذا تخلف شرط منها ؟

      المطلب الأول :شروط نفاذ الوصية

      للوصية شروط صحة يتوقف عليها وجودها وشروط نفاذ يتوقف عليها نفاذها ،ولقد تناولنا شروط صحة الوصية في المطلب السابق لذلك ستناول شروط نفاذ الوصية من خلال فرعين متتالين:

      الفرع الأول :أن لا يكون الموصى به مستغرقا بالدين

      اهتم بهذا الشرط فقهاء الحنفية أكثر من غيرهم بحيث فهم من كلامهم أن الوصية باطلة عند تخلف هذه الشروط ،على أساس أنه شرط الصحة ولكن من يتبع أمهات المرجع الفقهية الحنفية يتبين له أنه شرط نفاذ ،وأنه لا يوجد خلاف جوهري بينهم وبين الفقهاء الآخرين بصدد تحديد طبيعة هذا الشرط بأنه شرط نفاذ وليس بشرط للصحة لقولهم بصحة الوصية إذا أبرأ الغرماء الموصي المدين من ديونهم .

      ومثل الإبراء في الحكم ما لم يتبرع شخص من الورثة أو من غيرهم بسداد الدين للدائنين ،وقبل الدائنون منه الوفاء ،حيث سيسقط الدين وتبقى التركة خالية من الدين ،أما إذا لم يكن المسدد للدين متبرعا فيحل محل الدائن وتبقى التركة مدينة.

      وإذا لم تكن التركة مستغرقة بالدين ،فإن الوصية نافذة في حدود القدر الخالي من الدين ،هذا كله إذا لم تكن الوصية بعين معينة تعلق بها حق الدائن ،وإلا فإن حق الدائن يقدم على حق الموصى له ،وإن لم يكن بها حق الدائن ،وإلا فإن حق الدائن يقدم على حق الموصى له ،وإن لم يكن بها الدين مستغرقا للتركة ،لأن حق الدائن يتعلق بها حال حياة الموصي بينما حق الموصى له لا يتعلق بها إلا بعد الوفاة.

      إن عدم إستغراق مال الموصى بدين شرط من شروط نفاذ وصته وإن الدين يقدم على الوصية وهي تقدم على الميراث ،ولكن يبن التقديرين  فرق جوهري كما في للإيضاح الآتي:

      معنى تقديم الدين :تقديم الدين يعني أنه يقضي أولا،فإن بقي منه شيء يصرف إلى الوصية والميراث وإلا فلا تنفيذ للوصية ولا توزيع للتركة على الورثة مع أصل صحة الوصية وإنما يمنع نفاذها ،وإلا فلا تنفيذ للوصية وإنما يمنع نفاذها إذا  لم يبرئه الغرماء أو لم يتطوع أحد من الورثة أو من غيرهم تسديد الدين مثلما جاء في نص المادة 180 من قانون الأسرة «يؤخذ من التركة حسب الترتيب الآتي :

      1-مصاريف التجهيز ،والدفن بالقدر المشروع.

      2-الديون الثابتة في ذمة المتوفي.

      3-الوصية »[1] وهذا كله إذا كانت الوصية بجزء شائع من أموال الموصى ،أما إذا حدد الموصى به الذات كدار معينة ،أو بالنوع كغنمه ،فإن حق الموصى له يتعلق بهذا المعين فقط ، فله زيادته وعليه نقصانه وتبطل الوصية بهلاكه.

      وقد تصح الوصية بمال مستغرق بالدين إلا في حالتين قانونيتين وهما

      إذا أبرأ الغرماء وأسقطوا ديونهم جازت الوصية حينئذ .

      -إذا أجاز الغرماء إنفاذ الوصية قبل الدين جازت [2]

      الفرع الثاني :أن لا تزيد عن ثلث التركة.

      يشترط أن يكون الموصى به في حدود ثلث التركة فإذا أوصى الموصي بأكثر من ثلث التركة توقف نفاذ الوصية على إجازة الورثة وفقا لمقتضيات المادة 185 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على أنه: «تكون الوصية في حدود ثلث التركة وما زاد على الثلث تتوقف على إجازة الورثة ».

      واستنادا على الحديث الشريف الذي روي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال له «الثلث والثلث كثير »، ولقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم».

      وعليه إذا تجاوزت الوصية لغير وارث ثلث التركة كانت صحيحة لكنها لا تنفذ في حق الورثة الذين تعلق حقهم بمال الموصي بعد وفاته فيما يتجاوز الثلث ، فإن عارضوا نفذت الوصية في حدود الثلث فقط وليس للقاضي أن ينفذ الزيادة جبرا عليهم[3]

      أما إذا لم يكن للموصي ورثة وتجاوزت الوصية ثلث التركة صحت الوصية في حدود الثلث ولم تصح في الزيادة التي تؤول إلى الخزينة العامة لأن مال الموصي في هذه الحالة يعتبر ميراثا للمسلمين [4] .     إذا أجاز بعض الورثة الزيادة ورفضها آخرون فإن الوصية تنفذ في حق من أجازها ولا تنفذ في حق من لم يجزها [5].

       

       



      [1]-قانون رقم 84-11 مؤرخ يونيو 1984 المتعلق بقانون الأسرة المعدل والمتمم .

      [2]-بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ،الجزء الثاني (ط5) ،ديوان المطبقات الجامعية بن عكنون،الجزائري ص،(264-266 )

      [3]- شيخ نسيمة :أحكام الرجوع في التصرفات الشرعية في القانون الجزائري ،د،ط،دارهومة للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر،2012 ،ص216 .

      [4] -بلحاج العربي ،مرجع سابق، ص:271.

      [5] - شيخ نسيمة ،مرجع سابق ،ص216 .


  • الموضوع 5

    • الدرس الخامس :مبطلات الوصية

      أهداف الدرس:

      الوصية إذا توافرت أركانها وشروطها صحت، وبعد الصحة قد تبطل بسبب من الأسباب ففيما تتمثل هذه الشروط وماذا يطرأ على الوصية إذا تخلف شرط منها ؟

      الفرع الأول : ما يبطل الوصية من جهة الموصى .

      1-الرجوع عن الوصية :أجمع فقهاء المسلمين على أن الوصية تصرف غير لازم قبل وفاة الموصي وبناءا على ذلك جاز للموصي في أي وقت شاء الرجوع عنها بإراداته المنفردة ،والرجوع في الوصية صراحة أو ضمنا فالرجوع الصريح يكون بوسائل إثباتها والضمنى يكون بكل تصرف يستخلص منه الرجوع فيها

      أن يمكنه الرجوع فيها قوة أو فعلا ،مادام حيا ،سواء اشترط عدم الرجوع فيها أم لا وسواء أكان ذلك في صحته أم في مرضه .

      2-زوال أهلية الموصى بعد الوصية :قال بعض الفقهاء أن استمرار أهلية الموصى شرط لاستمرار الوصية كما هو شرط لإنشائها ،فإذا كان متمتعا بأهلية التبرع وقت إنشاء الوصية ثم طرأ له الجنون المطبق خلال الفترة الواقعة بين الوصية وبين وفاته بطلت الوصية سواء اتصل الموت بهذا الجنون أم  لا،أما إذا زال العارض قبل وفاته ورجعت إليه الأهلية الكاملة وأصر على الوصية فلم يبطلها بالرجوع ،تعتبر الوصية قائمة غير متأثرة بفقدان أهلية زال أثره والمشرع الجزائري لم ينص على هذا السبب في مبطلات الوصية في قانون الأسرة الجزائري.

      3-الردة :وهذا سبب فيه خلاف وقوامه أنه إذا ارتد الرجل عن الإسلام بعد الوصية ومات وهو مرد أو قتل لحق دار الحرب وحكم بلحاقه فإن وصيته تبطل عند أبي حنيفة وعند صاحبيه لا تبطل ،غير أن المشرع الجزائري نص في المادة 200 ق،أ على أنه تصح الوصية مع اختلاف الدين»أي المشرع الجزائري لم يأخذ بهذا السبب أيضا في بطلان الوصية[1]

      الفرع الثاني :ما يبطل الوصية من جهة الموصى له

      1-موت الموصي له قبل موت الموصي :م201 ق،أ تبطل الوصية بموت الموصى له قبل الموصى ،أو بردها» وذلك في الوصية بالأعيان من جهة أو المنافع من جهة أخرى ،إنه بموت الموصى له  يصبح غير أهل للتمليك «وكذلك إذا مات بعد موت الموصي وقبل ابتداء مدة الانتفاع »

      2 –استحالة وجود الجهة الموصى لها :عندما تكون جهة خير أو أوصى لها قبل أن توجد [2]

      3 –قتل الموصى له الموصي :نص المادة 188 ق أ،«لا يستحق الوصية من قتل الموصي عمدا» فإذا قتل الموصي له الموصى عمدا وعدوانا بطلت الوصية سواء كانت واجبة أم اختيارية ،كالميراث وإن عفا عنه الموصي قبل وفاته وبعد إصابته بالضربة المميتة من قبل الموصي له،وذلك لأن عفوه لا يصحح الوصية بعد بطلانها وكذلك تعتبر باطلة وإن أجازها الورثة بعد وفاة الموصي

      3-رد الموصى له الوصية :تنص المادة 201 ق،أ المذكور سابقا أن الوصية تبطل أيضا إذا ردها الموصى له أورثته .

      الفرع الثالث:ما يبطل الوصية من جهة الموصى به

      هناك أسباب تتعلق بالموصى به،وهي تتلخص في أمرين

      1-هلاك الموصى به :سواء كان معينا بالذات أو بالنوع وسواء كانت الوصية بكل الجزء الهالك أو ببعضه.

      إذا هلك الشيء الموصى به فإن الوصية تبطل ولا يمكن تنفيذها لأن محلها صار غير موجود ،وهو أمر طبيعي ،غير أن قانون الأسرة الجزائري لم ينص على هذه الحالة ولم يتحدث قانون الأسرة عن الهلاك الجزئي ،بحيث يستحق أولا يستحق الجزء الباقي وكذلك يقترح على المشرع استحداث نصا جديدا يعالج موضوع هلاك الشيء الموصى به هلاك جزئيا أو كليا[3]

      2-إذا استحق الشيء الموصى به لشخص آخر : لأن الوصية هنا ترد على ما ليس مملوكا للموصي لأنه لا يتوفر شرط من شروط صحته وهو كون الموصى به ملكا للموصي وفق وصيته والوصية بما لا يملكه الإنسان باطلة

      وجدير بالذكر أن الوصية تبطل بالاستحقاق بالنسبة إلى القدر المستحق فقط ،فإذا أوصي بثلث مال معين منقول أو عقار ،ثم أستحق ثلثان منه وثلث ماله لم يحتمل الثلث الباقي من المال المستحق نفذت الوصية فيه فقط.

      3خروج الموصى به من ملك الموصى قبل وفاته[4]

       

       

       



      [1]-زهدور محمد ،المرجع السابق ،ص،94 .

      [2]- المرجع نفسه ،ص94 .

      [3]- المرجع السابق ،ص93 .

      -بن شويخ الرشيد،الوصية والميراث في قانون الأسرة الجزائري ط(1)،دار الجزائر،ص:30.[4]


  • الموضوع 6

    • الدرس السادس:إثبات الوصية والرجوع عنها

      أهداف الدرس:

      الوصية من التصرفات التي يكون تنفيذها مؤجلا ومضافا إلى ما بعد الموت ،فعلى الموصى أن يحرص على كتابتها والإشهاد عليها فهل كتابتها من أجل إثباتها وهل تصح الوصية غير المكتوبة ؟ وما المقصود بالرجوع عن الوصية؟

      يقول الله سبحانه وتعالى «يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ،وليكتب كاتب بينكم بالعدل......» سورة البقر الآية 282

      لقد حرص الشارع الحكيم على كتابة العقود وهذا حرصا على صيانة الحقوق وأدائها بين الناس ،وهذا في العقود الناجزة وغالبا ما تكون في حياة المتعاقدين ،فإن كانت الكتابة هدفها إثبات الحقوق المفرغة في عقود منجزة أو عقود معاوضة ،فهي أي الكتابة تكون أولى وألزم في العقود المؤجلة وعقود التبرعات .

      والوصية هي من بين العقود التي يكون تنفيذها مؤجلا ومضافا إلى ما بعد الموت ،فعلى الموصى أن يحرص على كتابتها والإشهاد عليها خصوصا وأنه عمل خير يقصد به وجه الله سبحانه تعالي ،وكذا لأنها تنفذ بعد موته ولهذا نجد المشرع الجزائري من خلال المادة 191 ق،أ قد حرص على كتابتها من أجل إثباتها وجعل الكتابة هي القاعدة العامة وإستثناء الوصية غير المكتوبة .

      ولهذا نتناول في هذا المبحث إثبات الوصية والرجوع عنها

      المطلب الأول :إثبات الوصية

      لقد أجار المشرع الجزائري انعقاد الوصية كتابة أو شفاهة وأخذ بعدم قبول الإشارة  إلا في حالات عدم قدرة الموصى على العبارة أو الكتابة وقد أخذ  هنا بالمذهب المالكي ،وكذا وفقا للمادة 60 من ق،م الجزائري حيث تنص على أن التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو الكتابة أو الإشارة المتداولة عرفا ،كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي مجال للشك في دلالته على مقصود صاحبه ،ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا  إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا[1]

      الفرع الأول :إثبات الوصية بعقد

      لقد كرس المشرع الجزائري ما جاء في المادة 60 ق،م،ج في المادة 191 من قانون الأسرة الجزائري وذلك بقوله( تثبت الوصية بتصريح الموصى أمام الموقف وتحرير عقد بذلك)

      أن الوصية تصرف بإرادة منفردة وهي إرادة الوصي والكتابة اشترطت للإثبات فقط وهي التصريح أمام الموثق الذي  يحرر وثيقة يفرغ فيها تصريح الموصي ،وهنا تجدر الإشارة إلى أن المادة 191 ق،أ،ج في فقرتها الأولى قد اكتفت بصحة الوصية بمجرد تحريرها أمام الموثق دون أن تتعرض لٌلإشهار فذلك لأن الوصية هي تصرف مضاف إلى ما بعد الموت وإشهارها يكون واجبا لنقل الملكية بعد الوفاة لا غير وهذا طبقا للمادة 16 من الأمر رقم 74 -75 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري[2]

      هذا ويسرى على الوصية كسائر التصرفات التي تنفذ بعد الموت في حالة تنازع القوانين من حيث المكان قانونية الموصي أو الهالك أو من صدر منه التصرف وقت موته ،غير أنه يجري على شكل الوصية قانون الموصى وقت الإيصاء أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية طبقا للمادة 16 ،ق،م،ج[3]

      الفرع الثاني :إثبات الوصية بحكم قضائي

      يعتبر عقد الوصية هو الأقوى حجة أمام المحاكم ،ثم تليها الكتابة بخط يد الموصى و عليها بصمته  أو توقيعه ،إلا أن إنعدام الكتابة لا يجعل الوصية باطلة ذلك أنه في حالة وجود مانع قاهر يحول دون إفراغ الوصية في كتابة توثيقيه،فإنها تثبت بحكم صادر عن المحكمة (قسم شؤون الأسرة ) بعد الاستماع إلى الشهود ،وكذا  بإقرار الورثة ويؤشر بالحكم على هامش أصل الملكية إذا كانت الوصية منصبة على عقار .

      وهذا ما نصت عليه المادة 191 فقرة 02 من قانون الأسرة بقولها وفي حالة وجود مانع قاهر تثبت الوصية بحكم ،ويؤشر به على هامش أصل الملكية .

      وهذا ما أكدته المحكمة العليا غرفة الأسرة والمواريث بتاريخ 16 جانفي 2008 ملف رقم 209 413  بقولها «: ذلك أنه الوصية تكون بتصريح الموصى أمام الموثق مع تحرير عقد بذلك ،وفي حالة وجود مانع قاهر ،يمكنه إثباتها بجميع طرق الإثبات (مجلة المحكمة العليا عدد 02 لسنة 2008 ص304 -305)

      ولإثبات الوصية في حالة وجود المانع القاهر وعدم تمكن لموصي من إفراغ الوصية في تصريح توثيقي ،يقوم الموصى له برفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة نوعيا ومحليا وذلك من أجل استصدار حكم قضائي لإثبات الوصية.

      *هذا ولم ينص المشرع الجزائري على وقت ثبوت ملكية الموصي له للموصى به ولا على قضية الزوائد من وقت الوفاة إلى وقت القبول ،غير أنه إنطلاقا من المواد 185 ،198 ،222 ق،أ أنه يتضح لنا بأنه يرجع في هذا الشأن لأحكام الفقه الإسلامي والراجح عند الفقهاء أنه تثبت ملكية الموصى به للموصى له استنادا إلى وفت الوفاة ،لأن ذلك ما قصده الموصي بوصيته ،غير أن الموصى له لا يملك الموصى به إلا بالقبول المعتبر قانونا[4] .

      المطلب الثاني :الــرجوع عن الوصية

      اتفق الفقهاء على جواز الرجوع في الوصية من الموصى لأن الوصية كالهبة ،وهي من العقود غير اللازمة يمكنه الرجوع عنها قبل القبول المرجأ إلى ما بعد موت الموصي وهذا الرجوع يكون صريحا وإما ضمنيا .

      الفرع الأول :الرجوع الصريح

      حسب نص المادة 192 ق،أ،أن الرجوع في الوصية صراحة يكون بوسائل إثباتها.

      بما أن الوصية لا تنفذ إلا بعد وفاة الموصي ،فإنه يجوز لهذا الأخير التراجع عنها صراحة بالطريقة نفسها التي صدرت بها كأن يذهب إلى الموثق المحرر لوثيقة الوصية ويصرح من جديد بأنه يتراجع عنها وذلك بإرادته المنفردة ،ويتم ذلك  بحضور شاهدي عدل.

      الفرع الثاني :الرجوع الضمني

      نصت المادة 192 أيضا على الرجوع الضمني في الوصية بقولها الرجوع الضمني يكون بكل تصرف يستخلص الرجوع فيها»

      لا بد للتصرف الذي يقوم به الموصى وبإراداته المنفردة أيضا أن يفهم منه رجوعا ضمنيا عن الوصية سواء هذه الأخيرة مفرغة في تصريح توثيقي أو كانت شفهية كان يبيع المال الموصى به أو يستهلكه.

      من أمثلة الرجوع الضمني ما تضمنه قرار المحكمة العليا رقم54727 بتاريخ 24 جانفي1990وملخصه كما يلي: (حيث بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين بأنه المالك (س،ع) قد أوصى لأبن عمه (س،ه)بجميع ما يملك في أي مكان وبدون استثناء أو تحفظ  وهذا بعقد رسمي حرره موثق فرنسي في 22جوان 1983مصادق عليه من طرف نائب قنصلية الجزائر بتاريخ 25 سبتمبر1984 بمدينة سانت ايتيان).

      وحيث تمت تلك الوصية بصفة قانونية حسب المادة 895 من القانون المدني الفرنسي والتي تسمح للموصي بالتراجع عنها كما هو الشأن في المادة 192 من ق،أ الجزائري فإنهم جعلوا قرارهم قابلا للبطلان وبدون إثارة الوجه الثاني يرى المجلس الأعلى نقض وإبطال القرار المطعون فيه )الغرفة المدنية القسم الأول بتاريخ 24 جانفي 1990 ملف رقم 54727 م،ق عدد 04 لسنة 1991 من 86 ،87 [5]

      الفرع الثالث:تصرفات الموصى التي لا تعتبر رجوعا

      قد يتبادر للذهن عند الوهلة الأولى أن بعض التصرفات التي يقوم بها الموصى دالة على رجوعه في الوصية بشكل ضمني إلا أنه في حقيقة الأمر القانون لا يعتبرها كذلك ،ونص على أنها ليست رجوعا ومن بين هاته التصرفات التي نص عليها القانون ما يلي:

      أولا:الرهن

      المادة 193 ق،أ: (رهن الموصي لا يعد رجوعا في الوصية )،لا يعتبر رهن المال الموصى به من طرف الموصى تراجعا عن الوصية  سواء كان الرهن رسميا أو حيازيا  لأن الرهن لا يخرج المال من ملك الموصى لكن يشكل الرهن خطرا عليه لأنه عند وفاة الموصي فإن الدائنين يقدمون على الموصى له في حصولهم على حقوقهم من الأموال المشكلة للتركة وقد تستغرق الديون كل التركة ولا يبقى للموصي له أي شيء .

      ثانيا :الوصية لشخص ثم الوصية لثان[6]

      المادة 194 ق،أ( إذا أوصى لشخص ثم أوصي لثان،يكون الموصى به مشتركا بينهما )

      لا تنقض الوصية الثانية  الوصية الأولى ،واللتان تنصبان على مال واحد ،بل يكون ذلك المال مشتركا بين الموصى لهم يتقاسمانه بالتساوي ،ولا تعتبر الوصية الثانية تراجعا ضمنيا عن الوصية الأولى،وهذا مناقضا لما جاء في نص المادة 192 ق،أ لأنه تصرف يفهم منه تراجعا ضمنيا عن الوصية الأولى وبالتالي إلغائها .

       

       

       

       

       



      -بلحاج الغربي الوجيز ،في شرح ،ق،ج ،جزء في ديوانه المطبوعات الجامعية معينة الجزائر 87 ،ص244 .[1]

      -الحسين بن شيخ آث ملويا :الرشد في قانون الأسرة –دار هومة –الجزائر-سنة 2014 ص419 .[2]

      -بلحاج العربي :المرجع نفسه ص،245 .[3]

      -لحسن بن شيخ أث ملويا ،السابق ،ص419 .[4]

      -لحسين بن شيخ آت ملويا :مرجع نفسه ص،420 .[5]

      -المرجع نفسه ص 421 -422 .[6]


  • الموضوع 7

    • الدرس السابع:التصرفات الملحقة بالوصية

      أهداف الدرس:

      في هذا الدرس نحاول التعرف على التصرفات الملحقة بالوصية ؟ وما حكمها القانوني؟ نظرا لأهميتها وما تطرحه من إشكالات ومنازعات قضائية.

      المطلب الأول :التصرفات الملحقة بالوصية

      ألحق القانون المدني بالوصية تصرفات قانونية أعطاها حكمها وهي :

      تصرفات المريض مرض الموت ،والتصرف لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة .

      الفرع الأول :تصرفات المريض مرض الموت

      تعريف مرض الموت: هو ذلك المرض الذي يقعد المريض عند قضاء  مصالحه ويغلب فيه الموت عادة وينتهي بالموت فعلا[1]

      -يعرف بعض الفقه مرض الموت تعريفا يفهم من سياق حديثه عن حالة المريض حيث يقول:(أن المريض مرض الموت هذا الذي يكون سواء كان الموت بسبه أم الهلاك لا لحالة بسب ما هو فيه وأن يتصل الموت به سواء كان الموت بسبه أم نتيجة لسب آخر،) والبعض يقول أن مرض الموت هو مرض يتصل به الموت مع غلبة الهلاك[2]وواضح من هذا التعريف أنه يشترط شرطان لابد من توافرها معا حتى نكون بصدد ما يعرف بمرض الموت أولهما :

      أن يكون المرض بحسب طبيعته من الأمراض التي يغلب على الطب فيها تحقق الهلاك لا محالة ،والفيصل في القول بذلك من عدمه هو الرجوع إلى أهل الخبرة أي الأطباء الاختصاصين. [3]

      ثانيهــا :أن ينتهي المرض بالموت فعلا ،أما إن شفي المريض من أحد الإمراض ثم أصيب بمرض ثان أعقبته الوفاة وكان قد أبرم تصرفا قانونيا أثناء مرض الأول لم يكن ذلك التصرف مبرما أثناء مرض الموت ومن ثم لا يكون تصرفا ملحقا بالوصية ،فلا يسرى عليه حكمها،لذلك إذا تخلف أحد الشرطين المتقدمين كانت تصرفات الشخص سليمة وسارية لأن المرض لم يكن بمرض الموت[4].

      توجد حالات أخرى يغلب فيها الهلاك كمن في سفينة تلاطمت عليها الأمواج وخيف غرقها والأسير عند من يعرف عنهم قتل الأسرى وبسب ذلك هو شهادة العلن في أشهر من الموت وفي ذلك فإنه في الحالات التي تغلب فيها خشية الهلاك لا يمكن القول أن التصرف يلحق بالوصية حتى لو غلب فيها الموت ،ولكن بلا خطر إذا طبق هذا المعيار على بعض الأمراض كمن اعتراه السل فإنه سيكون مرتاء لأن هذا المرض قد يستمر لبضع سنوات بل أنه يستغرق باقي عمر الشخص وقد يطول ذلك لذا رأى الفقهاء وضع حد تقديري للفترة التي يمكن القول بأن المريض أثناءها في حالة مرض الموت ،فقيل بأن العلة إذا امتدت عاما دون أن تتبدل أو تتغير فإن التصرفات بعد مضى هذا العام تعتبر تصرفات الأصحاء[5]

      تنص المادة 776 في الفقرة الأولى منها من القانون المدني الجزائري على ما يلي :(كل تصرف قانوني يصدر عن شخص في حال مرض الموت بقصد التبرع يعتبر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطي إلى هذا التصرف[6])-يستفاد من نص هذه المادة أن المشرع الجزائري أعتبر كل تصرف يصدر عن الشخص في مرض الموت بقصد التبرع أيا كانت التسمية التي تعطي له ،تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت وأعطاه  حكم الوصية ،في ظاهر العقد أو شكله ،على أن تخضع هذه المسألة للسلطة التقديرية للقاضي الناظر في الموضوع.

      الفرع الثاني :التصرف لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة

      تثار في هذا الصدد مسألة التصرف لوارث مع الاحتفاظ  بالانتفاع و الحيازة فقد نصت المادة 777 على أنه :(يعتبر التصرف وصية وتجري عليه أحكامها إذا تصرف شخص لأحد ورثته وأستثني لنفسه بطريقة ما حيازة الشيء المتصرف فيه و الانتفاع به مدة حياته ما لم يكن هناك دليل يخالف ذلك)[7]

      -وبصدد هذا النص بات من الجلي أن التصرف الذي يقع من أي شخص في حالة صحته لا في مرضه يعتبر دائما وصية أيا كانت التسمية التي أطلقت عليه طالما احتفظ المتصرف لنفسه بشيئين هما:حيازة لشيء المتصرف فيه من حصة والانتفاع مدة حياته من جهة أخرى ،فهذا النص قد أتى بقرينة بسيطة تفيد أنه يعتبر وصية تصرف الشخص لورثته تصرفا مقترنا بشروط معينة وهذه القرينة ما كانت تقدم بشكل ملزم عند انعدام مثل هذا النص ،ذلك أن القضاء يشتق وجود هذه القرنية التي قد يثبتها صاحب المصلحة إلا أنه كان سيبقي حرا في الأخذ بها أو عدم الأخذ بها[8].

      من كل ما سبق يتضح لنا أنه إذا عمد المتصرف في حالة صحته لا في مرضه إلى إخفاء وصيته في شكل تصرف منجز كالبيع أو الهبة أو غيرها تصرفه وصية متى كان للوراث واحتفظ بموجبه لنفسه بحيازة الشيء المتصرف فيه من جهة الانتفاع به مدة حياته من جهة أخرى[9]

      المطلب الثاني :أحكام التصرفات الملحقة بالوصية

      نعالج من خلال هذا المطلب أحكام التصرفات الملحقة بالوصية من خلال حماية الوارث من التصرفات الملحقة بالوصية .

      الفرع الأول : حكم التصرف لوارث مع الاحتفاظ بالحيازة

      قد يعمد المتصرف إلى إخفاء وصيته في شكل تصرف منجز كالبيع أو الهبة لأحد ورثه ،وفي هذا تنص المادة 777 من القانون المدني:(يعتبر التصرف وصية وتجري عليه أحكامها إذا تصرف الشخص لأحد ورثته واستثنى لنفسه بطريقة ما حيازة الشيء المتصرف فيه والانتفاع به مدة حياته ما لم يكن هنالك  دليل يخالف ذلك) [10].

      ويشترط هذا النص في التصرف لكي يعتبر وصية فتجري عليه أحكامها الشروط الآتية :

      1-يجب أن يتم التصرف من المورث إلى أحد ورثته والعبرة في هذه الصفة هي بوقت وفاة المتصرف

      2-أن يحتفظ المورث(المتصرف)بحيازة العين التي تم التصرف فيها طوال حياته ،ويكفي مجرد وضع اليد ،وهذه واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات المخولة قانونا[11]

      3-أن يحتفظ المورث بحقه في الانتفاع بالعين مدى حياته بأي وجه من الوجوه.

      فإن توفرت هذه الشروط جمعيا قامت قرينة قانونية بسيطة أن التصرف وصية مستترة فتسري عليه أحكامها بغض النظر عن التسمية التي تعطى لهذا التصرف ،غير أنه يجوز للوارث المتصرف إليه إقامة الدليل على دفع الثمن أو أن يثبت أن الحيازة والتصرف في العين تستند إلى سبب آخر كعقد إيجار أو عارية أو غيرها ،وعلى أنه حال فإن الفصل في مدى إعتبار التصرف وصية مستترة من عدمها يخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع وقناعته وفق ما يقدم له من أدلة و دفوع[12]

       

       

      الفرع الثاني: : حكم تصرفات المريض مرض الموت

      نصت المادة 776 /1 (كل تصرف قانوني يصدر عن شخص في مرض الموت بقصد التبرع يعتبر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطى إلى هذا التصرف).

      -نستنتج من هذه المادة ما يلي:

      أن العبرة في هذه المادة بالقصد أي النية وليس بظاهر العقد وشكله والمعروف أن هذه المسألة خاضعة  لسلطة وتقدير قاضي الموضوع.

      أن التصرف إذا انطوى صراحة على معنى التبرع ،فلا صعوبة في ذلك إذ تسري عليه أحكام الوصية ومثال ذلك الهبة

      إن التصرف إذا كان في ظاهره معاوضة وادعى أحد الورثة أنه تبرع واثبت ذلك بالطرق المخولة قانونا سرت أحكام الوصية ولا تسري أحكام المعاوضات التي تبرم فيمرض الموت [13]

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       



      [1]-شيخ نسيمة ،مرجع سابق،ص182 .

      [2]-زهدور محمد ،مرجع سابق ،ص38

      [3]-المرجع نفسه ،ص38 .

      - المرجع نفسه،ص39 .[4]

      -المرجع نفسه ،ص40 .[5]

      -القانون المدني الجزائري .[6]

      -القانون المدني الجزائري .[7]

      -زهدور محمد، المرجع السابق ،ص41 .[8]

      -شيخ تسمية ،المرجع السابق ،ص187 .[9]

      [10]-حمدي بالشاعر:(عقود التبرعات –الهبة –الوصية –الوقف -)،د،ط،دار هومة للطباعة للنشر والتوزيع ،الجزائر ،204 ،ص63

      -المرجع نفسه ،ص63 .[11]

      - المرجع نفسه ،ص63 .[12]

      -حمدي باشا عمر ،المرجع السابق ص65 .[13]


  • الموضوع 8

    • الدرس الثامن: علاقة الشهر بالوصايا في نصوص الشهر العقاري

      أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى تمكين الطالب من الإلمام بموضوع شهر بالوصايا نظرا لأهميتها من جهة وما تطرحه من إشكالات ومنازعات قضائية متصلة بنصوص الشهر العقاري ولا أدل على ذلك من الاختلافات الفقهية والقضائية حول الموضوع.

      نحاول التعرف على الإشكالات القانونية والفقهية حول شهر الوصية

      -نصت المادة 16 من الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتعلق بإعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري على أن:

      العقود الإدارية أو الاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو تصريح أو تعديل حق عيني لا تكون لها أثر بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية [1].

      -فهذا النص يقصر عملية الشهر في مجموعة البطاقات العقارية إلا على العقود والاتفاقات التي تشمل حقا عينيا لذلك تستثنى الوصية باعتبارها تصرف انفرادي في التركة يضاف إلى ما بعد الموت ،ولو أن النص قد جاء عاما فاستبدل كلمة العقود بمصطلح التصرفات لكان من الممكن إدراج الوصية باعتبارها تصرفا من جانب واحد في مفهوم النص[2]

      -وتجدر الإشارة أن النصوص التطبيقية لقانون الشهر العقاري والمرسوم التنفيذي المتعلق بتأسيس السجل العقاري لم يأتينا بأي جديد فيما يخص إشهار الوصية وخلاصة القول أن حق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة على عقار التي تكسب عن طريق الوصية لا يجب شهرها في القانون الجزائري وذلك لانعدام النص الخاص ولعدم إمكان استخلاصه ما يخالف ذلك سواء في أحكام القانون المدني وأحكام الشهر العقاري والمراسيم التنظيمية المتخذة لتطبيقه[3].

       

       

       

       

       



      [1]- الأمر 75-74 المؤرخ في 08 ذي القعدة عام 1395هـ الموافق 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري، جريدة رسمية عدد 92.

      -حسن باشا عمر ،المرجع السابق ،ص69 .[2]

      -المرجع نفسه ص69 .[3]


    • فتحت: Sunday، 24 December 2023، 12:00 AM
      تستحق: Friday، 5 January 2024، 1:05 AM

      تحدث عن شهر الوصية


  • الموضوع 9

  • الموضوع 10

  • المحاضرات الكاملة