Aperçu des sections

  • تنزيل المحاضرات كاملة

    •  

      الأستاذ/ العيساوي حسين

      أستاذ  محاضر أ بجامعة المسيلة

      البريد الالكتروني : hocine.laissaou@univ-msila.dz

      مقياس: القانون البحري

      السداسي السادس-السنة الثالثة ليسانس حقوق (القسم الخاص )

      السنة الجامعية2021-2022

      الرصيد:................

      المعامل:01

      الحجم الساعي الأسبوعي:3ساعات

      مطبوعة موجهة إلى طلبة السنة الثالثة ليسانس حقوق ، السداسي السادس ( القسم الخاص)  وتهدف إلى تعريف الطالب في هذه المرحلة التعليمية بذلك الفرع من فروع القانون الخاص المسمى القانون البحري الذي يتناول بالدراسة السفينة كأداة للملاحة البحرية وكل ما يميزها من اسم وحمولة وجنسية وميناء تسجيل  ودورها في عملية النقل البحري  ، والتعريف بسندات الشحن  ومشارطات الإيجار كأدلة لإثبات عمليات النقل البحري ، وأخيرا نعرج على البيوع البحرية الشهيرة وهي البيع سيف -فوب - فاص ، والبيع على سفينة معينة وغير معينة.

      التقويم التشخيصي والمكتسبات القبلية :

      تعريف القانون البحري  ومصادره القانونية وتمييزه عن قانون البحار وتصنيفه  وأنواعه وتعريف السفينة وخصائصها  كأداة للملاحة البحرية وعمليات النقل التجاري للبضائع ،كيفية تملكها والشيوع البحري  وضمان نجاح الرحلة البحرية ،

        ذلك ما تبينه محاور هذه المطبوعة

       

       

       

       

       

       

      تمهيد /

           إن أول ما يتبادر إلى الذهن لدى ذكر القانون البحري هو أنه لا يتحدد بنوع قواعده  كالقانون التجاري أو الجنائي و إنما يتحدد بالنظر إلى مكان تطبيقه ألا و هو البحر . هذا الأخير بحكم أن الإنسان لا يستقر عليه بل يستقر على اليابسة فإنه يمر  به عابرا على ظهر قطعة يابسة يبنيها   بفنه و تلك هي السفينة le navire أداته في  كوب البحر طورها منذ القدم ابتداء من المجذاف إلى الشراع إلى البخار إلى الذرة مستعملا إياها في أغراض مختلفة بين النزهة و الصيد و التجارة و الحرب ...الخ لذلك يقتصر  نطاقه في ذلك المجتمع العارض الذي يتخذ من السفينة أرضا خلال الرحلة البحرية.

         و لأجل ذلك فإن اهتمام كل دولة بالقانون البحري يرتبط بمدى حاجتها أو استفادتها من البحر فالدولة التي لا تطل على البحر و ليس لها أسطول تجاري لا تحس بضرورة تنظيم قواعد هذا القانون . غير أن أهمية هذا التنظيم تزداد في الدولة كلما ازداد فيها الاهتمام بالملاحة البحرية و تنمية أسطولها البحري .و على سبيل المثال نجد الريادة في ذلك لبريطانيا و مجموعة الدول الاسكندنافية.

           و لما كانت الجزائر دولة ساحلية تطل على  البحر المتوسط فإنها نظمت أحكام القانون البحري بمقتضى الأمر 76/80 المؤرخ في 23/10/1976 المعدل و المتمم بالقانون 98/05 المؤرخ في 25/01/1998.

       

      ارتأيت أن أقسم هذه المطبوعة التي تتضمن دروسا وفق المحاور التالية.

       


  • المحور الاول

    • المحور الأول

      فيه تعريف لهذا النوع من القانون وبيان خصائصه وصفته التي تميزه عن بقية القوانين الأخرى لأنه ينطبق في البحر على أداة معينة قابلة للإبحار ومواجهة أخطار البحر والمسماة السفينة.

       

      تعريف القانون البحري  وفروعه المختلفة

      I-تعريف القانون البحري : هو مجموعة القواعد القانونية التي تهتم بالعلاقات الخاصة الناشئة عن استغلال السفن في الملاحة البحرية .

      كما عرفه الفقيه الفرنسي René Rodière بأنه " مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالملاحة التي تتم فوق البحر.

      Le droit maritime est , au sens large , selon René Rodière , l’ensemble des règles juridiques relatives à la navigation qui se fait sur la mer.( droit maritime , René Rodière et Emmanuel du Pontavice , 2ème édition , Dalloz 1986.

      II-فروع القانون البحري

      1- القانون الدولي العام البحري : و يختص بالعلاقات البحرية الدولية فيشتمل على حرية الملاحة و تنظيم المواصلات البحرية و حقوق الاستيلاء و سلطات الدولة على مياهها الإقليمية و مدى حقها على أعماق البحار المحيطة بها باستغلال ما بها من ثروات ( نظرية الرصيف القاري )  .

      2- القانون الإداري البحري :و ينظم العلاقة بين المشتغلين بالملاحة من جانب و الإدارة  من جانب آخر فيبحث حق الدولة في توفر شروط جنسية السفينة و بالتأكد من سلامتها و إجراءات حفظ الأمن في الموانئ. 

      3-القانون المالي البحري :و يحدد الرسوم و العوائد المختلفة على السفن و طرق تحصيلها .

      4/القانون الدولي الخاص البحري : و يبحث مشكلات  تنازع القوانين البحرية عند وجود علاقات بحرية ذات عنصر أجنبي و هي كثيرة لأن البحار تصل و لا تفصل بين العديد من الدول مما يجعل فرص تنازع القوانين كثيرة  هي أيضا  ومن أمثلتها تنازع  القوانين في سندات الشحن ومشارطات إيجار  السفينة ( انظر  رسالة الدكتوراه لصلاح المقدم ،  الدار الجمعية للطباعة والنشر ،  بيروت ، دون سنة نشر )

      5- القانون الجزائي البحري :و يهتم بالجرائم المتعلقة بالملاحة البحرية و يشتمل المحافظة على النظام

      و التأديب في السفن و الجرائم البحرية بصفة عامة كالهجرة السرية و الإبحار بسفينة غير صالحة للملاحة.

       و أخيرا فإن السفينة تعتبر الأداة الرئيسية في الرحلة البحرية التي عادة ما تستعمل للتجارة البحرية بنقل الأشخاص و البضائع و هي أعمال تجارية بالإضافة إلى مقاولات بناء وصنع و إصلاح السفن التي تعتبر كذلك أعمالا تجارية بحسب موضوعها .

      تاريخيه و ذاتية مصادره :القانون البحري  بالغ القديم فهو معاصر لذلك الوقت البعيد الذي تجرأ فيه  الإنسان على ركوب البحر منذ قرون عديدة قبل الميلاد و أبعد ما نعرفه من آثاره هو ما تخلف من عادات بحرية ناشئة من الصلات بين "مصر الفرعونية"  و"  كريت اليونانية "  منذ حوالي 20 قرنا قبل الميلاد ، ثم  نظام الخسارات العمومية الذي عرفه الفنيقيون منذ 11 قرنا قبل الميلاد  ثم الإغريق الذين أوجدوا  قرض  المخاطر  الجسيمة (le prêt à la grosse ) و هو أصل عقد التأمين البحري منذ 6 قرون قبل الميلاد .

           و قد أخذت العادات البحرية تتضح أكثر فأكثر في العصر الوسيط إثر  تدوينها في مجموعات شهيرة خلال القرن الوسيط فلقي النقل البحري ازدهارا تابعا لازدهار التجارة في المدن الايطالية و لقيام الحرب الصليبية و هو  ما استدعى اتساع النقل البحري من الغرب إلى الشرق والعكس من الشرق إلى الغرب فاقتضى الأمر تجميع و تدوين بعض العادات البحرية في نصوص واضحة و لعل أهمها قواعد أوليرون les rôles d’Oléron)  ) في القرن 12 ميلادي و هي قواعد  مستمدة من القضاء البحري في الموانئ الفرنسية المطلة على المحيط الأطلسي و مجموعة قواعد قنصلية البحر ( consulat  de la mer)  و ترجع إلى ق 14 ميلادي و هي مستمدة من قضاء محكمة برشلونة التي كانت تحمل هذا الاسم و مجموعة مرشد البحر  le guidon de la mer ) ) و ترجع إلى قرن 16 و أصلها مدينة (Rouen ) الفرنسية و التي اهتمت بصفة خاصة بتحديد تفاصيل قواعد التأمين البحري .

         و إن هذه المجموعات لم تكن إلا تقنينا للقواعد السارية في ذلك الوقت و حتى قبله و هي تتصف بدقة في الصياغة و الوضوح لكي يفهمها المشتغلون بالملاحة البحرية بالإضافة إلى الفقهاء و القضاة .

      و تميزت العصور الحديثة بظهور أول تشريع بحري فرنسي في عهد لويس 14 عام 1681 تحت اسم  ordonnance de la marine) ) و هو مصدر القانون البحري الفرنسي الصادر عام 1807 والذي تاثر به المشرع الجزائري من خلال نصوص  القانون البحري الجزائري لعام 1976 .

      ذاتية القانون البحري

      تميز القانون البحري بذاتية خاصة فقد قيل بشأنه أنه يتمتع بصفة تقاليدية (caractère traditionnel)  جعلت قواعده خالدة مستقرة لا تكاد تتأثر بالزمن و هو ما جعل الفقيه الفرنسي pardessus يعلق قائلا " إن القانون البحري يجتاز القرون دون أن يصيبه الهرم "

      «  Il a traversé les âges sans vieillir »و لذلك فهو قانون رائد فأخطار البحر قدمت للبشرية كلها وسيلتين قانونيتين هما عقد التأمين و نظام الشركة و لا شك أن مجتمعا يحيطه البحر من كل جانب لشهور طويلة و معرض للهلاك في أي لحظة لابد أن يكون أقوى المجتمعات تضامنا للدفاع عن كيانه و أشده حرصا على تطبيق و احترام القانون الذي يهيئ له أسباب السلامة .و لعل فكرة المصلحة العامة أشد تطبيقا في النظام البحري من غيره فحتم القانون البحري ضرورة  طاعة القائد ( الربان ) لمصلحة الجماعة  و نظام الائتمان القوي بصورة متكاملة و حدد القواعد التي تكفل جذب هذا الائتمان ووضع تصفية دقيقة لتوزيع مكاسب مشروع منظم بعد توزيع الخسارات و التكاليف الناجمة عن التعرض لخطر مشترك .

      غير أن هذه الذاتية لا تعني استقلال قواعده عن القواعد العامة للقانون لاسيما عند نقص قواعده بشرط أن يقع التنسيق و تحدث الملاءمة لاحترام هذه الذاتية .

       

       

       


  • المحور الثاني

    • المحور الثاني

      يتضمن تلك المصادر التي يستقي منها المشرع والقاضي لسن القانون بالنسبة للأول ولتطبيقه على الوقائع البحرية بالنسبة للثاني.

      مصادر القانون البحري

      1-التشريع البحري : و يقصد به القانون المكتوب الذي يضعه مشرع كل دولة في شكل نصوص مثله مثل القانون المدني و القانون التجاري ويضاف إليه أحكام المعاهدات الدولية التي تنظم إليها الدولة البحرية و لما تحتويه كذلك من أحكام قانونية واجبة النفاذ و التطبيق بعد التصديق على اتفاقية قانونا.

      2- العرف (la coutume)  والعادات (les usages )  البحرية : نظرا لأهمية العرف البحري فقد استطاع أن ينسخ القاعدة القانونية البحرية عند التعارض فإذا كان نص البحري المتعلق بكتابة سند الشخص في4 نسخ وفقا للقانون المصري فان العرف هناك يكتفي بنسختين أو ثلاثة فقط ويحترم القضاء هذا العرف .في فرنسا يميل الفقه البحري إلى هذا الاتجاه .

      « Pour certains auteurs, la coutume peut arriver non seulement à suppléer la loi , mais même à l’abroger » voir R. Rodière et autres op. cit ; p22                     

      أما العادات وتسمى أيضا العادات الاتفاقية(les usages conventionnels) فتستمد قوتها من إرادة الأطراف خلافا للعرف الذي يطبق انطلاقا من قوته الذاتية كعنصر فيه ( العنصر المعنوي أو النفسي ) نشير إلى أن القضاء يعترف بالعادة الاتفاقية  ومن أمثلتها  انه في غياب اتفاق على ميعاد لشحن السفن  او لتفريغها فان عادة الميناء هي التي تكمل إرادة الطرفين المتعاقدين ( الشاحن والناقل ).

      3-القواعد العامة التجارية أو المدنية : و يلجأ إليها القاضي في حالة عدم وجود نص بحري أو عرف بحري.

      4- المصادر  التفسيرية  و التكميلية : و لعل أهما هي العادات البحرية وتستمد قوتها من اتجاه نية الأطراف إلى الأخذ بها و قد تكون محلية أو دولية و قد يحيل عليها النص البحري كما في صورة عدم الاتفاق على ميعاد معين للشحن أو التفريغ فيتبع حكم العادة في الميناء. و قد تزداد العادة وضوحا إذا ما كتبت في عقود نموذجية مطبوعة ( les contrats types )

      5- القضاء : يعد الاجتهاد القضائي في المادة البحرية  مصدرا مهما لا سيما في الدول التي تعطي  القانون المكتوب  مكانة تفوق العرف .لذلك يعمد القضاء إلى تفسير القانون البحري فيؤدي إلى ظهور قاعدة جديدة أو حتى يعدل القاعدة القديمة.وقد عمل القائمون على هذا الشأن بنشر الأحكام القضائية  والدراسات البحرية في فرنسا ضمن ما يعرف بالمجلة الدولية للقانون البحري(la revue internationale de droit maritime) التي أسسها  (Autran)والتي استبدلت بالمجلة البحرية للقانون المقارن (la revue maritime de droit comparé) التي أسسها السيد L.Dor))

        ثم توالى نشر هذه الأعمال ضمن   دالوز والأسبوع القانوني la gazette de paris et la semaine juridique  ونشرة النقل والمجلة الثلاثية للقانون التجاري والقانون الجوي...

      6-الفقه :  ويتزعمه في فرنسا كل من ليون -كان و رونو   ، جورج ريبار  تحت مسميات المطول في القانون التجاري  والمطول في القانون التجاري البحري والقانون البحري...

  • المحور الثالث

    • المحور الثالث

      ونتناول فيه محتوى القانون البحري والمجال الذي ينطبق فيه

       

      جوهر القانون البحري و نطاق تطبيقه

       ى لقد نشأت قواعد القانون البحري عادات و تبلورت أعرافا إلى أن دونت في مجموعات ثم في تقنينات مفصلة و لكنها عموما تدور حول وسيلة  غاية ، فالوسيلة هي السفينة و الغاية هي سلامة الرحلة البحرية . و لذلك فإن تطور قواعد القانون البحري مرهون بتطور الغاية و الوسيلة. لأجل ذلك اهتم القانون البحري بالوسيلة رغم كونها مالا كسائر الأموال الأخرى و مع ذلك نظمها و لم يحل إلى القواعد العامة المدنية التي تهتم بالأموال. فقد بين أهميتها و طبيعتها و طرق اكتسابها بالشراء أو البناء و جعل لها اسما و جنسية و أوراقا و بين طرق استغلالها و الأشخاص القائمين عليها كل ذلك لأن السفينة بالنسبة للقانون ليست مجرد شيء ترد عليه الحقوق بل هي أرض يعيش عليها المجتمع البحري خلال الرحلة و هي مناط تطبيقه ،و سلامتها هي ضمان سلامة ما تحمله من أرواح و أموال و هي الهدف .و لذلك فإنه من خلال الرحلة البحرية تتضافر قواعد و تنظم القانون البحري لتهيئة كل ما يمكن أن يصل بالسفينة  إلى شاطئ الأمان من خلال تنظيم مسائل الحجز على السفينة و أعمال المساعدة و الإنقاذ في حالة إشرافها على الهلاك و ما هي المكافأة لمن يقوم بهذا الالتزام .

           و ينظم  القانون البحري كذلك المسؤولية عند وقوع التصادم و يوزع الخسائر التي استهدفت السفينة توزيعها عادلا على جميع من استفاد من رحلتها البحرية .

      و أما نطاق القانون البحري فيتحدد بالسفينة و بالرحلة البحرية كذلك و السفينة le navire)) هي كما يعرفها فقهاء القانون البحري بأنها المنشأة التي تقوم بالرحلة البحرية و بذلك تختلف عن المركب الذي يقوم بالملاحة النهرية و الداخلية .

       أما الملاحة البحرية فهي الملاحة التي تتم بحرا و تنقسم إلى أنواع :

      1/الملاحة الرئيسية و تهدف إلى تنقل الأشخاص أو البضائع أو الصيد أو النزهة أو للعلم .

      2/ الملاحة المساعدة أو التبعية و تقوم  بها السفن المساعدة للسفن الأخرى كسفن القطر و سفن الإنقاذ   وسفن الإرشاد .

      3/ ملاحة أعالي البحار بين عدة دول ( معيار المسافة المقطوعة ) و ملاحة ساحلية بين الموانئ الوطنية.

      4/ الملاحة المختلطة و هي التي تتقدم بها السفن في البحر و النهر معا .


  • المحور الرابع

    • المحور الرابع

      نتعرض فيه  لتلك المحاولات الرامية لجمع شتات هذا القانون بين مختلف الأنظمة القانونية في العالم بالنظر للمصالح المشتركة للدول البحرية  التي تنجم عن عمليات التوحيد ، والصعاب التي خلقها اختلاف التشريعات البحرية

       

      محاولات و طرق توحيد القانون البحري

           من المعروف أن قواعد القانون البحري قواعد عالمية دولية غير أن موجة التقنين التي سادت في القرن 17 أعطت قواعده صبغة إقليمية تختلف من دولة لأخرى وفقا لنظامها الداخلي  الخاص و لمدى ما أدخلت في القواعد البحرية العرفية من تعديلات تتفق و المصلحة الوطنية و النظام العام  الداخلي و ترتب على ذلك أن اختلفت النظم البحرية التي يمكن تقديمها و جمعها في ثلاثة .

      أ) النظام الفرنسي: و الذي يستند إلى الأمر الملكي الصادر في 1681م تسير في إطاره دول مثل  الأراضي المنخفضة و مصر ، لبنان ، الجزائر و بعض بلدان أمريكا اللاتينية .

      ب) النظام الألماني : و يستند  إلى القانون التجاري الألماني لعام 1881 المعدل في 1897 و تتبعه البلدان الاسكندنافية، اليابان ،تركيا .

      ج) النظام الأنجلوسكسوني : إن الدول التي تأثرت بالقانون البريطاني لم تقنن القواعد البحرية و يستند إلى قانون الملاحة التجارية الصادرة عام 1894الذي تعرض للتعديل عديد المرات ويمثل جزء منه القانون الإداري بينما بقي القانون الخاص قانونا عرفيا .ومنذ ذلك بدا القانون المكتوب في التطور شيئا فشيئا فظهر قانون التامين في 1906 ثم قانون نقل البضائع بحرا ( Act carriage of goods by sea Act) . وفي 1958 صدر قانون ينظم المسؤولية مالكي السفن. وفي الولايات المتحدة بقي القانون عرفيا حتى وان وجدت بجانبه قواعد قانونية مكتوبة  ذات أهمية تخص النقل البحري.

      هذا إضافة إلى عدد كبير من البلاد الأوربية و الأسيوية التي حاولت الاقتباس من هذه الأنظمة الثلاثة و تعطي صبغة خاصة لقوانينها البحرية  وهي تشكل الفئة المعاصرة  أو القوانين المعاصرة التي نقلت عن  الاتفاقيات الدولية  ومنها بلجيكا التي عدلت قانونها في 1879 ثم في 1908

      عموما للقانون الفرنسي تأثير كبير على معظم تشريعات البحرية  في مختلف دول العالم الحديث و هو ما زاد في الاختلاف.

      و لأن الملاحة البحرية ذات طبيعة دولية في الغالب الأعم  فإن مشكلة تنازع القوانين تكون نتيجة حتمية لهذا الاختلاف في النظم القانونية  البحرية و هو ما دفع أغلب الفقه إلى إعمال قاعدة واحدة للإسناد هي تطبيق قانون دولة العلم الذي ترفعه السفينة (la loi du pavillon )حيث  تعطي تلك الدولة للسفينة جنسيتها .لكن المشكلة ليست بهذه السهولة ذلك أنه يمكن وقوع تصادم بين  سفينتين مختلفتي العلم فأي قانون يطبق في هذه الحالة ؟ فضلا عن حالة التنازع بين قوانين البوليس  والأمن وقانون دولة العلم أو عندما تكون السفينة على المياه الإقليمية لدولة أخرى فأي قانون يطبق على النزاع مع العلم أن مياه البحر  جزء من إقليم الدولة  تخضع لسيادتها التشريعية ؟؟.

      و لحل هذه المشكلات حاول العالم متجها إلى توحيد قواعد القانون البحري كما كان عليه منذ القدم و لكن المحاولات ليست سهلة بسبب ضخامة المصالح المتعارضة للدول البحرية .

      طرق التوحيد

       سارت محاولات التوحيد في اتجاهات ثلاثة :

      1- محاولات توحيد القواعد الاتفاقية بين ذوي الشأن  للأخذ بها في العقود البحرية لتحل محل  القواعد القانونية المفسرة أو المكملة ( غير الآمرة ) مثلها قواعد يورك و انفرس(les règles d’York et Anvers )  لعام 1864 -1877 في مادة الخسائر المشتركة و قواعد البيع البحري  - سيف - 1928 بفرصوفيا .

      2-محاولات توحيد القواعد الآمرة : و هي لا تتم إلا بواسطة الدول نفسها و هذا عن طريق المعاهدات المبرمة بينها و هي ملزمة بتطبيقها على العلاقات ذات العنصر الأجنبي .

      3- محاولات تهدف إلى إلغاء الازدواج و اعتبار التشريع الذي خلقته المعاهدة الدولية محل المصادقة ، تشريعا داخليا  في كل دولة عضو فيها .

      معاهدات بروكسل البحرية

      لقد غطت معاهدات بروكسل الستة عشر ( 16)  موضوعات القانون البحري و يعود الفضل الأكبر في ذلك إلى الهيئة الخاصة التي تكونت في مدينة أنفرس ببلجيكا سنة 1897 باسم اللجنة البحرية الدولية  و هي مؤلفة من بعض الفقهاء و المشتغلين بالأعمال البحرية و قد تبنت الحكومة البلجيكية هذه الأعمال و دعت الدولة البحرية الهامة إلى مؤتمرات دبلوماسية  في بروكسل حيث تدور المناقشات بين دول  الأنظمة المختلفة للحصول غلى اتفاق ثم تنظم إليها الدول الأخرى صاحبة المصلحة فيها و هذه المعاهدات هي الآتية .

      1/ معاهدة بروكسل لتوحيد  بعض قواعد المصادمات البحرية 23/09/1910..

      2/معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد المساعدة الإنقاذ البحري 23/09/1910.

      3/معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد مسؤولية ملاك السفن 25/08/2924 .

      4/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد سندات الشحن  25/08/1924

      5/ معاهدة بروكسل لتوحيد قواعد الامتيازات و الرهون 10/04/1926.

      6/ معاهدة بروكسل لتوحيد قواعد حصانة سفن الحكومات 10/04/1926.

      7/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد الاختصاص الجنائي في مادة التصادم وحوادث الملاحة الأخرى 10/05/1952.

      8/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد الاختصاص المدني في مادة التصادم 10/05/1952

      9/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد الحجز التحفظي على السفن 10/05/1952.

      10/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد تحديد مسؤولية ملاك السفن 10/10/1957.

      11/ معاهدة بروكسل الخاصة الخاصة بالركاب المتسللين 10/10/1957.

      12/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض القواعد الخاصة بنقل الركاب عن طريق البحر 29/04/1961.

      13/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض القواعد الخاصة بمسؤولية مستغلي السفن الذرية 25/05/1962.

      14/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض قواعد نقل أمتعة نقل أمتعة المسافرين بحرا27/05/1967.

      15/ معاهدة بروكسل الخاصة بقيد الحقوق المتعلقة بالسفن27/05/1967 .

      16/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالامتيازات و الرهون البحرية 27/05/1967.

      17/ معاهدة بروكسل لتوحيد بعض القواعد الخاصة بالتدخل في البحر العالي في حوادث التلوث بالزيت 29/11/1969.

      18/معاهدة بروكسل لتوحيد بعض  قواعد بالمسؤولية المدنية عن الأضرار الناشئة عن التلوث بالمحروقات في 29/11/1969.

          إن هذه المعاهدات بشكلها الغزير تمثل في مجموعها ما يمكن أن يعتبر أساسا للقانون البحري الموحد أو القانون البحري العالمي .

      و توجد إلى جانب هذه المعاهدات ، معاهدات لندن لسلامة الأرواح في البحار في 17/06/1960 و معاهدات لندن لخطوط الشحن في 05/06/1930 و معاهدة جنيف الخاصة بمؤهلات ربانية السفن و ضباطها و مهندسيها  لعام 1936 .


  • المحور الخامس

    • المحور الخامس

      وفيه نتناول أهم وسيلة يقوم عليها هذا الفرع من القانون كأداة للملاحة البحرية التي تنقل البضائع والأشخاص  وما يميزها عن غيرها من الوسائل فضلا عن تشابهها مع الشخص الطبيعي في بعض الصفات

       

      الســــفــــينة le navire

       1/ تعريف السفينة و طبيعتها القانونية: يعرف الفقه والقضاء السفينة بأنها المنشأة التي تقوم أو تخصص للقيام بالملاحة البحرية على وجه الاعتياد .

      وقد عرفها المشرع الجزائري في المادة 13 من الأمر 76/80 الصادر في 23/10/1976 و المتضمن القانون البحري الجزائري بأنها " تعتبر سفينة في عرف هذا القانون كل عمارة بحرية أو آلية عائمة تقوم بالملاحة البحرية إما بوسيلتها الخاصة و إما عن طريق قطرها بسفينة أخرى و مخصصه لمثل هذه الملاحة" وقد عرفها الفقيهان

      Du Pontavice et Cordier  بأنها :

      Le navire est un engin flottant , de nature mobilière affecté à une navigation qui l’expose  habituellement  aux risques de la mer.

      وحتى تمنح هذه المنشأة العائمة اسم السفينة لابد أن تخصص للملاحة البحرية فيراعي في بنائها قدرتها على عبور البحر و تحمل مخاطره بغض النظر عن تخصصها و لا يهم حجمها و لا طراز إنشائها و متى فقدت قدرتها على الملاحة البحرية لا يمكن اعتبارها سفينة لأن هذه الصلاحية هي معيار السفينة .

      وقد اشترط الفقه كذلك ضرورة الاعتياد على الملاحة البحرية ، ذلك أن المركب النهري لا يعتبر سفينة و لو كان يقوم بملاحة بحرية مرتبة بين الحين و الآخر .و لا يعتبر كذلك سفنا الطائرات المائية و للسفينة

      شخصيتها التي تحدد من العناصر التالية :  اسمها –حمولتها و ميناء تسجيلها و جنسيتها و تشمل السفينة ملحقاتها  كالآلات و قوارب النجاة و الرافعات .

      يختار اسم السفينة مالكها (م 16/2 ق ب ج )و يوضع على مقدمتها و على كل طرف منه و يكتب تحته اسم ميناء تسجيلها و يخضع تغيره لموافقة السلطة الإدارية البحرية المختصة وتقاس الحمولة بالطن الحجمي( le tonneau= 100 قدم مكعب)  .علما و أن الحمولة و السعة الداخلية للسفينة يعدان من مكونات تنظيم السفينة طبقا للمادة 18بحري جزائري.

      و يجب على كل سفينة أن تكون ملزمة بحمل علامة مميزة تمكن من معرفتها كما يجب رفع العلم الجزائري على السفن الجزائرية و تكون السفينة كذلك متى كانت ملكا كاملا لشخص طبيعي من جنسية جزائرية أو ملكا لشخص اعتباري خاضع للقانون الجزائري ( م 28 بحري جزائري) و كل ما يكون لازما أو مفيدا لملاحة السفينة  و استغلالها سواء كان منفصلا أو متصلا .

      2/ الطبيعة القانونية للسفينة : لا جدال في أن السفينة مال منقول طالما أنها تنتقل من مكان إلى آخر دون تلف غير أنها تشبه العقار في كونها لا تخضع لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ، فالحائز للسفينة و لو توفرت لديه شروط الحيازة فلا يكتسب ملكية السفينة بل لابد من سبب قانوني كالشراء بسند رسمي من المالك أو بالبناء . كما أنها تشبه العقار في الرهن الرسمي الذي يقع عليها و ذلك بشهره عن طريق القيد في سجل السفن بمكتب ميناء تسجيل السفينة إلى جانب  حق التتبع من يد إلى يد لأجل ذلك أطلق عليها البعض عقارات البحر كما إنها تشبه الأشخاص الطبيعيين من حيث الاسم و الموطن و الجنسية و لأجل ذلك قيل أيضا أن السفينة منقول ذو طبيعة خاصة .

      3/أسباب كسب ملكية السفينة :

      أ) شراء السفينة :نصت المادة 49 من القانون البحري الجزائري  على ما يلي :" إن العقود المنشئة أو الناقلة أو المسقطة لحق الملكية و الحقوق العينية الأخرى المترتبة على السفن أو حصصها يجب أن تثبت تحت طائلة البطلان بسند رسمي صادر عن الموثق يتضمن نوع السفينة و سعتها و مداخلها و مخارجها و أسماء مالكيها السابقين و بقدر الإمكان طابع و تاريخ عمليات نقل الملكية المتعاقبة و يكون قيدها إلزاميا في سجل السفينة ".

      يستشف من النص أن عقد بيع السفينة هو من العقود رسمية و أن الشكلية ركن أساسي فيه مثلها مثل العقار و مخالفتها تؤدي إلى بطلان العقد لأنها من النظام العام . و بديهي أن الإثبات كذلك يتم باستظهار هذا العقد المكتوب ، و الشكلية ليست في البيع فقط كذلك في المقايضة و تقديم السفينة

      كحصة في الشركة .

      و هناك قيد على امتلاك السفينة بشرائها أو ببنائها إذ لابد من تصريح يقدم إلى السلطة الإدارية البحرية المختصة في ميناء التسجيل الذي سوف تسجل فيه السفينة و تسلم هذه السلطة رخصة مسبقة م 50 ب ج) و كذلك الحال في حالة التنازل عن ملكية سفينة جزائرية أو على جزء منها إلى شخص أجنبي ( م 51 ق ب ) .

      ب) بناء السفينة : و يمكن أن تكون ملكية السفينة للقائم بإنشائها إلى غاية نقل ملكيتها للمشتري و تتم عملة النقل بتسليم السفينة على أثر التجارب القانونية الايجابية ( م53).

      ج) التقادم :اختلف الفقه بشأن التقادم هل يكسب الملكية أم لا ؟ يرى جانب من الفقه أن التقادم يكسب الملكية في السفن شأنها شأن باقي المنقولات و حتى العقارات (بالنظر إلى عموم نص المادة 827  من القانون المدني الجزائري.

      و يرى جانب آخر عدم قابلية السفينة للتملك بالتقادم فما دامت صالحة للملاحة و مسجلة و تحمل علم الدولة فإن هذه الأخيرة تشرف عليها و من ثم لا تأخذ حكم العقار أو المنقول عند تطبيق أحكام التقادم بشأنها .

      صور ملكية السفينة

            بتطور قيمة السفن في الحياة الاقتصادية للإنسان و المجتمع أيضا تطورت أيضا  ملكيتها . فبعد أن كانت ملكا لفرد واحد صارت ملكا لجماعة على سبيل الشيوع ثم أصبحت الشركات هي القادرة على شراء السفن أو بنائها و تجهيزها للملاحة و أخيرا فإن الدولة تتولى اليوم تجهيز السفن ليس للأغراض العامة فقط  ( السفن الحربية  ) و إنما للاستغلال التجاري في الصيد و النقل البحري .

           إن الملكية الفردية للسفينة لا تطرح إشكالات قانونية كذلك الشأن بالنسبة للشركات التجارية أو الدولة للسفن. إلا أن الإشكال يبدو في حالة اشتراك عدد من الأشخاص في ملكية  سفينة واحدة فهل هذا الاشتراك هو شركة تجارية متى توافرت نية المشاركة و تحقيق الربح باستثمار السفينة في المحل التجاري أم أنها تبقى مجرد ملكية شائعة تحكمها قواعد القانون المدني في المواد 713 و ما يليها منه؟ .

      1-الشيوع البحري : يعتبر شيوعا بحريا تملك اثنان  فأكثر لسفينة أو أكثر دون أن يفرز نصيب كل منهما فيها فهم شركاء على الشيوع .و يطرح الشيوع البحري مشكلة في تسيير المال الشائع و إدارته فهل يؤخذ بالأغلبية العددية للملاك أم بأغلبية مالكي رأس المال فيها ؟ و تترتب على ذلك النتائج

      الآتية :

      أ-يحق لكل مالك على الشيوع التصرف في حصته بالبيع أو الرهن أو الهبة ....الخ .

      ب- تكون إدارة السفينة باعتبارها مالا منقولا مملوكا على الشيوع للأغلبية المالكة لثلاثة أرباع(3/4 ) السفينة.و ينقضي الشيوع البحري لا بوفاة أحد الملاك أو إفلاسه أو إعساره و إنما بانقضاء حق الملكية إما بهلاك السفينة أو باتفاق  االمشتاعين  على بيعها .

      2- ملكية الدولة للسفينة : يمكن للدولة أن تملك أسطولا بحريا بعدد كبير من السفن و تعتبر حينئذ مجهزة إلا أنها متى كانت هي المالكة فتكون لسفنها حصانة و بالتالي تكون الدولة نفسها متمتعة بهذه الحصانة و هو ما انتهت إليه اتفاقية بروكسل لعام 1926.

       

       

       

       

       

       

       


  • المحور السادس

    • المحور السادس

      وفيه نتعرف عن أهم غاية لصناعة السفينة وهي عمليات النقل البحري للبضائع والمسافرين  ووسائل اثبات النقل

       

      النقل البحري Le transport maritime

            تستغل السفينة تجاريا إما باستعمالها من قبل مالكها كما تفعل عادة شركات نقل البترول العملاقة بواسطة ناقلاتها الضخمة و هي حالة قيام نقل  بحري تجاري دون عقد .

         ويمكن أن يتم النقل البحري و هي الصورة الغالبة في المعاملات التجارية البحرية بواسطة رباط تعاقدي عندما يؤجر المالك سفينة عارية location à coque nue)) إلى شخص آخر هو المجهز(l’armateur) الذي يبرم عقود الربان و الطاقم و يقوم هو بتجهيز السفينة و إعدادها لعمليات نقل البضائع و الأشخاص بالتعاقد مع الشاحنين ، فيعتبر المجهز إذا بمثابة الناقل في عقد النقل في مواجهة من تعاقد معهم و هم أصحاب البضائع التي يرسلونها عبر البحر . و هذا العقد الذي يجمع المالك و المجهز هو عقد إيجار بحري affrètement)) يخضع أساسا لأحكام القانون المدني في تأجير المنقولات ( السفينة ) فهو الذي يقوم بإصلاح ملكه في حالة العطب و الضرر الناجم عن القوة القاهرة ما لم يتفق على خلاف ذلك في العقد ( عقد تأجير السفينة ) كما يلتزم المستأجر بالمحافظة على السفينة و الصيانة اللازمة لها لتحقق لغرض المنشود . و عند انتهاء مدة الإيجار يتعهد بإعادة السفينة ( أي المجهز ) إلى المؤجر ( أي المالك) على الحالة التي كانت عليها وقت العقد مع مراعاة الاهتلاك الناجم عن استعمالها استعمالا عاديا .

          و أما الصورة الثالثة فهي تلك التي يؤجر فيها مالك السفينة سفينته مجهزة إما لرحلة واحدة أو لعدد من الرحلات و إما لفترة زمنية معينة و في هذه الحالة يعد المالك مجهزا للسفينة و هو الذي يبرم عقد الربان و الطاقم .

           و أما عقود النقل فتتم عادة على نوعين : عقود نقل تتم بمشارطة الإيجار (la charte partie)و أخرى تتم بمقتضى سند شحن أو وثيقة شحن (contrat sous connaissement)  .و يجمع هذين النوعين أن المجهز فيها هو الذي يقوم بإدارة السفينة ملاحيا و تجاريا و تحتفظ بحيازتها غير أن النوع الأول يكون في العقود الكبرى التي تحتل فيها بضاعة الشاحن كل السفينة أو جزء محدد منها لذلك سمي هذا العقد مشارطة إيجار مع أنه في الحقيقة عقد نقل و ينصب العقد فيه لا على تحديد نوع البضاعة المشحونة بل على السفينة الناقلة و مقدار ما تخصص منها للبضاعة.

         و أما النوع الثاني و هو الأكثر انتشارا- النقل بمقتضى سند الشحن- و فيه يسلم الشاحن بضاعته إلى الناقل لينقلها على سفينته مع البضائع الأخرى إلى ميناء الوصول مقابل أجرة معلومة و هذا النوع هو الذي يتسم بالإذعان حيث يذعن ( يخضع ) الشاحن لشروط يمليها الناقل باعتباره الطرف القوي في العقد لذلك ثار نزاع قوي بين الناقلين و الشاحنين الذين  عندما  أخذ الناقلون يضمنون ستندات الشحن شروطا اتفاقية يفرضونها على الشاحنين الذين لا يسعهم إلا قبولها دون مناقشة مما جعل الشاحنين و انضم إليهم المؤمنون ( شركة التأمين ) و البنوك يطالبون بالحد من هذه الشروط الباهظة لاسيما شرط إعفاء الناقل من المسؤولية و انتهى النزاع إلى معاهدة هامة هي معاهدة برروكسل لسندات الشحن في 25/08/1924 .

      تعريف عقد النقل البحري :عرفه الفقه بأنه " عقد رضائي بين طرفين هما الشاحن و الناقل يلتزم فيه هذا الأخير بأن يقوم بنقل البضاعة لحساب الشاحن من مكان لآخر بحرا لقاء أجر محدد " .

      كما عرفه المشرع الجزائري في المادة 738 بحري جزائري بقوله  " يتعهد الناقل بموجب عقد  نقل البضائع عن طريق البحر بإيصال بضاعة معينة من ميناء إلى آخر و يتعهد الشاحن بدفع المكافأة له و المسماة أجرة الحمولة " .

      يتميز عقد النقل البحري بما يلي :

      1- عقد رضائي لا يشترط لانعقاده شكل خاص .

      2 - عقد ملزم للجانبين الشاحن و الناقل فالأول يسلم البضاعة و الأجرة و الثاني يتعهد بنقلها و ضمان سلامتها و تسليمها إلى المرسلة إليه .

      3-عقد تجاري دائما بالنسبة للناقل و تجاري بالتبعية في أغلب الأحيان بالنسبة للشاحن .غير أن إثباته لا يتم إلا بالكتابة بالنظر كما تضمنه من شروط و مواعيد تسليم و بيانات تفصيلية عن البضاعة و مقدار الأجرة و مكان التوزيع .

      4- أنه يقترب من عقود الإذعان بالنظر لما يتضمنه سند الشحن من شروط مكتوبة موضوعة مسبقا على العقد و على الطرف المذعن أن يسلم لها دون مناقشتها ألا و هو الشاحن ( في عقد النقل بسند الشحن .

      إثبات عقد النقل لبحري

      أولا /مشارطة الإيجار : و هي وثيقة تحرر لإثبات اتفاق الطرفين في عقد النقل الضخم الذي توضع فيه السفينة كلها أو بعضها تحت تصرف الشاحن و يتضمن جملة من البيانات هي :

      *اسم السفينة و مقدار حمولتها و جنسيتها و اسم الربان و ما إذا كان الشحن شاملا لجميع السفينة أو جزء منها.

      *اسم المؤجر و المستأجر ( الناقل –الشاحن) و توقيع كل منها على العقد .

      *زمان و مكان الشحن و التفريغ .

      *مقدار الأجرة و نوع البضائع المحمولة.

      *التعويض الاتفاقي على التأخير في الشحن و التفريغ.    

      ثــــانيــــا/ سند الشحن : أو وثيقة الشحن هو الورقة التي تكتب عند شحن البضاعة على السفينة بالفعل الإثبات واقعة الشحن ذاتها و تظل وظيفة سند الشحن قاصرة على أداء هذا الدور إذ كان العقد قد سبق إثباته بمشارطة إيجار أما في غير هذه الحالة فإن سند الشحن يتجاوز ذلك إلى إثبات العقد ذاته يضاف إليه دور خاص في تمثيل البضاعة المشحونة ، كما أنه يمثل حيازة البضاعة التي تم نقلها على السفينة  بمقتضاه .و لذلك فإن تحويل سند الشحن إلى الغير بينما لا تزال البضاعة في الطريق يتضمن نقل حيازة البضاعة إليه فيحق له استلامها بمقتضى سند الشحن في ميناء الوصول (المادة 749بحري جزائري  والتي جاء فيها " تشكل وثيقة الشحن الإثبات على استلام الناقل للبضائع التي ذكرت فيها بقصد نقلها عن طريق البحر وتعتبر أيضا كسند لحيازة البضائع واستلامها."

      بيانات سند الشحن

      نصت المادة 752 بحري جزائري قولها " يجب أن تتضمن وثيقة الشحن من جملة ما يجب أن تشتمل عليه :

      ا- العلامات الرئيسية الضرورية للتعريف بالبضائع على الحالة المقدمة فيها كتابيا من قبل الشاحن قبل البدء بتحميل هذه البضائع إذا كان طبع وختم هذه العلامات واضحا وبأي شكل كان وعلى كل قطعة من البضاعة أو تحزيمها .

      ب- عدد الطرود و الأشياء و كميتها و وزنها كما قدمت كتابة من قبل الشاحن وذلك حسب كل حالة.

      ج- الحالة و التكييف (أي تغليف البضاعة ) الظاهران للبضاعة .

      و تدرج هذه البيانات المتعلقة بالبضائع ضمن وثيقة الشحن على أساس التصريح الكتابي للشاحن على أنه يعد ضامنا للناقل تصريحه فيما يخص العلامات و عدد و كمية و وزن البضائع و يكون مسئولا أمام الناقل عن كل المصاريف الناتجة عن الأخطاء المتعلقة بهذه النواحي (م  753  بحري جزائري ) و يمكن

      للناقل رفض تسجيل تصريحات الشاحن على وثيقة الشحن إذا كانت لديه مبررات كافية و قوية للشك فيها أو إذا لم يستطع التحقق منها  كما يمكنه عدم تسجيل علامات التعريف المتعلقة بالبضائع متى كانت ستصبح غير مقروءة عند نهاية الرحلة البحرية (م 755 بحري جزائري ).

      و أما فيما يتعلق بكتابة اسم الناقل في وثيقة الشحن فهو بيان غير ضروري ذلك انه في غياب هذا البيان يعد مجهز السفينة هو الناقل .غير أنه إذا تم تسليم البضاعة و هي محزمة جاز له أن يشير في سند الشحن إلى أنه على غير علم بمحتواها و يكون سند الشحن في هذه  الحالة غير نظيف و يصعب تداوله . و لكي يتجنب الشاحن هذه الملاحظة يصدر خطاب ضمان يوجهه للناقل فيصدر هذا الأخير  سند شحن نظيف .

      هذا ويمكن وضع وثيقة الشحن  إما :

      -اسم المرسل إليه المعين  في وثيقة شحن اسمية  .nominatif

      - وثيقة شحن لحاملها au porteur.

      -وثيقة شحن  لأمر الشاحن à l’ordre du chargeur .

      و يملك الشخص الذي نقلت وثيقة الشحن باسمه حق التصرف في البضاعة المعينة و استلامها.

      و أخيرا فإنه يقع على عاتق الناقل أو ممثله القانوني بأن يزود الشاحن بنسخ مماثلة عن وثيقة الشحن مع ضرورة ذكر عدد النسخ المستخرجة عنها و عندما يتم نقل البضاعة على سفينة غير محددة باسمها و حمولتها و جنسيتها فتسمى حينئذ " السند برسم الشحن " و هنالك سند الشحن النظيف الذي يتفق فيه الشاحن مع الناقل على إصداره من غير تحفظات تعوق تداوله .

      فيما يلي تعريف كل نوع من الأنواع المذكورة أعلاه:

      سند الشحن الاسمي : و هو الذي يصدره الناقل باسم شخص معين و في هذه الحالة لا يتم نقل ملكية البضاعة إلا باتباع إجراءات حوالة الحق المدينة  و بهذه الصورة فإن المرسل إليه هو الذي ينبغي أن يسلم البضاعة شخصيا عند وصولها .

      سند الشحن الإذني :و يذكر فيه اسم المرسل إليه مسبوقا بصيغة الإذن أو الأمر فيحق لهذا الأخير  أن يقوم  بتحويل سند الشحن  وبالتالي نقل ملكية البضاعة  ذاتها بمجرد تظهيره تظهيرا ناقلا للملكية .

      سند الشحن لحامله : و هو السند الذي لا يحمل اسم المرسل إليه أو لأمر فلان و حينئذ يصبح سند الشحن شأنه شأن سائر السندات لحاملها و هو البضاعة ذاتها بمجرد تسليم السند علما أنه نادر عملا

      لتعرض صاحبه لمخاطر الضياع أو السرقة و قد نص عليه المشرع الجزائري في المادتين 758 ، 759 بحري جزائري

      التزامات الشاحن

      1- الالتزام بدفع أجرة النقل في ميناء القيام و يمكن أن يتم في ميناء الوصول باتفاقهما .

      2- الالتزام بالشحن و التفريغ  كأصل عام و استثناء يجوز أن يكونا على عاتق الناقل .

      3- الالتزام باحترام ميعاد تقديم البضاعة لشحنها و تحديد الشرط الجزائي عند مخالفة هذا الميعاد . و عند قيام الشاحن بإتمام عملية الشحن في الميعاد فإن الاتفاقية أو عرف الميناء يحدد ميعادا ثانيا إضافيا و يدفع الشاحن عن هذا الميعاد  الإضافي  تعويضا للناقل .

      4- يحق للناقل حبس البضاعة إذا لم يحصل على الأجرة .   

       

       

       


  • المحور السابع

    •  

      المحور السابع

       وخصصناه لدراسة الشروط التعاقدية التي يتضمنها سند الشحن  والتي تطبق على أطرافه وتمتد للغير للالتزام بها أيضا

      شروط سندات الشحن

      سندات الشحن وثائق مطبوعة تصدرها شركات الملاحة البحرية فتضع عليها شعارها .ويتضمن وجه السند جملة البيانات التي سبق ذكرها وتتعلق بنوع البضاعة المحمولة ، كميتها ، وزنها الخ.. في حين يتضمن ظهر السند ( من الخلف ) مجموعة من الشروط التعاقدية المطبوعة أيضا مسبقا و عادة ما تكتب بأحرف صغيرة جدا تصعب حتى قراءتها  ومع ذلك فهي ملزمة للجانبين ما لم تكن مخالفة للنظام العام  أو للقانون أو لمعاهدة  بروكسل. ولذلك يجوز الاتفاق على مخالفتها  أو تعديلها بالزيادة أو الإنقاص منها .

      نكتفي هنا بذكر أهم هذه الشروط :

      1-شرط بارامونت :إذا وجد هذا الشرط في ظهر سند الشحن فإنه يفيد تطبيق أحكام معاهدة بروكسل لسندات الشحن  على كل نزاع ينشأ بين الأطراف بصرف النظر عن كون الدولة التي ينتمون إليها مصادقة على هذه الاتفاقية أو غير مصادقة.

      أجازت المادة 747 بحري جزائري للأطراف أن يشترطوا تطبيق أحكام الاتفاقية الدولية التي تتناول هذا الميدان والتي انضمت إليها الجزائر وذلك في النقل البحري المتمم بين الموانئ الجزائرية والموانئ الأجنبية ومن ثم استبعاد أحكام الباب الثالث من القانون البحري الجزائري الذي ينظم عقد النقل بموجب سند الشحن.

      2- شرط كاسبيانا :عندما يفرض حصار على ميناء التفريغ المقصود في العقد أو عندما توجد بضائع مكدسة به أو اضطرابات تحول دون دخول السفينة الناقلة فإنه يحق للناقل أن يتصرف كالآتي :

      إما أن يغير الميناء إلى ميناء مناسب يخضع لتقدير الناقل( الربان )  ولمطلق اختياره ، وإما أن يحتفظ بالبضاعة إلى أن يعود بها على السفينة ذاتها أو على سفينة أخرى  بديلة لها إلى ميناء  التفريغ على مخاطر ونفقة الشاحن ( مرسل البضاعة )  أو المرسلة إليه أو المالك.

      نفس الحكم نصت عليه المادة 781 بحري جزائري إلا فيما يخص الإرسال الثاني للبضاعة بسبب هذه الاعذار حيث تكون النفقات على عاتق الناقل باستثناء  القوة القاهرة  .

      3-شرط الحاويات :يعطي هذا الشرط للناقل الحق في فتح الحاويات المعبأة بواسطة الشاحن لفحص محتوياتها حتى يمكنه رفض نقلها إذا اعتبرت غير آمنة لأي سبب وللوقوف عليها  وما إن كانت قد نظفت قبل العودة  حتى يتفق ذلك مع شروط الحاويات وما يتطلبه تجهيزها.

      4- شرط تغيير السفينة : وفيه يحق للناقل  إعادة تفريغ السفينة الأصلية إلى سفينة أخرى قبل الإبحار أو بعده أو أن يخزن البضائع على الشاطئ أو عائمة ثم يعيد شحنها على سفينة أو سفن أخرى  تتوجه بها إلى الميناء المقصود. ونشير إلى أن المشرع الجزائري يأخذ بهذا الشرط في المادة 771.

      5- شرط البضائع الخطرة أو القابلة للالتهاب أو الانفجار: بمقتضى هذا الشرط يجب على الشاحن أن يخبر الناقل مسبقا  وكتابة بنوع البضاعة وخطورتها وأنه مسؤول عن الأضرار التي يمكن أن تحدثها . ويتحمل  الشاحن أي ضرر تحدثه هذه البضائع إذا لم يخبر بها الناقل مسبقا. وإذا حدث غش من هذا النوع اكتشفه الناقل بعد ذلك قام بإعدام البضائع أو إتلافها أو رميها في البحر دون تعويض .

          لقد أخذ المشرع الجزائري بهذا في المادتين 778و779.

      6-شرط جاسون الجديد : وهو شرط يبين كيفية تسوية الخسائر المشتركة أو العمومية  بما يتفق و قواعد يورك و أنفرس لسنة 1974.

      أجاز المشرع الجزائري بموجب نص المادة 299 للأطراف أن يتفقوا على شروط  لتسوية الخسائر البحرية ،  عمومية كانت أو خاصة(les avaries communes ou particulières) مما يفيد أخذه بهذا الشرط التعاقدي.

      7-شرط هيمالايا :الأصل في العقد أن يكون له أثره النسبي بين طرفيه فقط  فهو شريعة للمتعاقدين و لا يمتد إلى الغير ، لكن بموجب شرط هيمالايا يستفيد الربان وأفراد الطاقم  ومقاولي السفن من شرط تحديد المسؤولية  الذي يبرمه  الناقل ( المجهز )  والشاحن وبهذا يجوز لتابعي الناقل الاستفادة من هذه الإعفاءات.

      8-شرط الاختصاص القضائي: بمقتضاه تتحدد الجهة القضائية المختصة في حالة نشوب نزاع بين أطراف عقد النقل البحري بعد أن كانت محددة  بجهة أخرى عادة هي محكمة ميناء التفريغ.

      9- شرط التحكيم:  التحكيم هو اتفاق الأطراف على إسناد حل النزاع أمام محكمة تحكيمية للفصل فيه  دون المحكمة المختصة أصلا بذلك مع إمكانية اختيار قانون على هديه يتم الفصل في النزاع.

      10- الشروط لخاصة بالشحن والتفريغ:الأصل في الشحن أن يتم على عاتق الشاحن أما التفريغ فيكون على عاتق المرسلة إليه البضاعة  غير أنه في وجود هذا الشرط فإن مصاريف العمليتين تكون على عاتق الشاحن  ويتولاها الناقل بنفسه .

      المحور الثامن والأخير

      ونتناول فيه بالدراسة ما يعرف بالبيوع البحرية  وقد خصصناه لأهمها مع بيان شروط كل نوع  منها

      البيوع البحريةles ventes maritimes

      اذا كان النقل البحري يتم بواسطة السفينة فانه يسبقه بالضرورة عقد بيع ينصب على البضاعة المنقولة التي يتولى مالكها الجديد مهمة نقلها من مكان الشراء إلى المكان المتوجهة إليه بعد أن تقطع البحر.

      والبيع البحري نوعان بيع عند القيام (vente au départ ) وبيع عند الوصول (vente à l’arrivée) فالبيع عند القيام ملكية البضاعة تكون على حساب المشتري قبل تحميلها على ظهر السفينة  او حتى اثناء ذلك وبالنتيجة تكون مخاطر عملية النقل  على حساب المشتري لان مهمة البائع انتهت .بل ان المشتري ملزم بابرام عقد النقل البحري بنفسه . وللقضاء على هذه المهمة الشاقة والمكلفة للمشتري ابتدع المشتغلون بالتجارة البحرية انواعا من البيع يسمى البيع [ سيف CIFأو البيع كافCAF ] ونوعا آخر يسمى البيع [ فوبFOB] والبيع [فاصFAS ] وهي مسميات تتكون من الأحرف الأولى لعناصر العقد الجوهرية . أما البيوع عند الوصول فهي اقل أهمية من الأولى ومنها البيع بسفينة معينة والبيع بسفينة غير معينة.

      ( انظر كلا من علي البارودي ، مبادئ القانون البحري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية  وكذلك René Rodière et Emmanuel du Pontavice, 2ème édition ? Dalloz 1986)

       وفيما يلي نتناول باختصار أنواع تلك البيوع على أهميتها .

      أولا/ البيع البحري "سـيف":وهو ذلك البيع الذي يتفق فيه البائع مع المشتري على أن يلتزم الأول بتسليم البضاعة محل البيع في ميناء القيام ثم يشحنها على سفينة من اختياره هو  بعد أن يبرم عقد تأمينها لدى إحدى شركات التأمين على أن يدفع المشتري الثمن الإجمالي لهذه العمليات الثلاث المركبة وهي ثمن البضاعة + أجرة نقلها + مبلغ تأمينها وهو ما يعرف باللغة الانجليزي ب :cost + insurance + freight .

      إن هذا النوع من البيوع الذي ابتدعه الأمريكيون  خلال الحرب العلمية الأولى سنة 1914 تفاديا  لعبور البحر فضلا عن تسهيل العملية التجارية مع زبائنهم في أوروبا أين يعفونهم من عبء التنقل والبحث عن السفينة الناقلة وشركة التامين . إنه بيع يحقق مصالح الطرفين فالبائع يتخلص من المسؤولية عن البضاعة بعد تسليمها للناقل ويستحق الثمن بعد إرساله المستندات المتفق عليها مع المشتري ليتسلمها هذا الأخير ، كما يصبح مالكا للبضاعة ويحق له أن يتصرف فيها للغير فضلا عن إعفائه من إبرام عقدي النقل والتأمين.

      1-التزامات البائع

      -الالتزام بتسليم البضاعة المتفق عليها صنفا ومقدارا ويستطيع أن يثبت ذلك باستصداره شهادة من الخبراء تسمى شهادة النوعية (certificat de qualité) ويظل ضامنا لسلامتها إلى أن يتسلمها الناقل فتنتقل تبعة الهلاك  إلى المشتري.

      -الالتزام بشحن البضاعة في الموعد المتفق عليه على السفينة التي يختارها المصدر مقابل حصوله على سند الشحن الذي يتضمن البيانات المتفق عليها وكذلك  الالتزام بتأمينها  والحصول على شهادة المنشأ عندما تكون الدولة المصدرة ذات سمعة تجارية معروفة  عالميا.

      - يلتزم البائع بإرسال المستندات المتعلقة بالبضاعة لفائدة المشتري الذي يصبح مرسلا اليه يحق له فضلا عن استلام البضاعة مساءلة الناقل عن أخطائه والأضرار التي تلحق بالبضاعة، كما يحق له طلب التعويض من شركة التأمين .

      2- التزامات المشتري

      يلتزم المشتري بدفع الثمن الإجمالي المكون من ثمن البضاعة وأجرة نقلها التي سددها الشاحن البائع ومبلغ التأمين الذي دفعه .

      غير أن ما يجب الاتفاق عليه هو كيفية الوفاء بالثمن لأن المشتري لم يعاين بضاعته ولا المستندات التي أرسلت إليه لذلك يتدخل البنك وسيطا بينهما بواسطة ما يعرف بالاعتمادات  المستندية (les crédits documentaires)

      ثانيا/ البيع فوب والبيع فاص FOB et FAS     

      معناه براءة البائع من التزامه بتسليمه البضاعة على ظهر السفينة وهو معنى الأحرف الأولى لعبارة Free on Board

      تعريفه : هو ذلك البيع الذي بمقتضاه يسلم البائع البضاعة للمشتري على ظهر السفينة التي يحددها هذا الأخير، مقابل دفعه الثمن .

      كما قد يأخذ هذا البيع صورة أخرى(FAS) ومعناها بالانجليزية   Free along side  مفادها براءة البائع بوضعه  البضاعة على رصيف ميناء الشحن المتفق عليه في العقد ، علما أن مصاريف الشحن في الحالتين( فوب و فاص ) على عاتق المشتري، فضلا عن عدم التزامه بتأمين البضاعة ولا بدفع مصاريف نقلها بصفته وكيلا عن المشتري كما في النموذج الأول بيع سيف ، وإن كان جائزا توكيله بعقد مستقل لينوب عنه بصفته وكيلا وليس هذا من خصائص البيع فوب.لذلك توصي الدول رعاياها بأن يبيعوا سيف ويشتروا فوب تشجيعا لأسطولها البحري الذي ينقل ذهابا وإيابا.

      البيع عند الوصولLa vente à l’arrivée 

      وهو البيع الذي يلتزم فيه البائع بتسليم البضاعة في ميناء الوصول ، فلا تنتقل البضاعة إلا بوصولها ألى الميناء فيتحمل البائع مخاطر الطريق وأجرة النقل وإذا أمن عليها فإنه يؤمنها لنفسه ، ويلتزم المشتري بدفع الثمن بوصول البضاعة إليه سليمة.

      وهذا النوع من البيوع صنفان ، بيع بسفينة معينة أين يتفق الطرفان على تحديد السفينة الناقلة أثناء العقد أو حتى بعده  وتظل المخاطر على عاتق البائع إلى غاية التسليم واستلام الثمن  وإذا ما هلكت البضاعة بسبب قوة قاهرة انفسخ العقد وتحرر المشتري من الثمن كالتزام مقابل تطبيقا للقواعد العامة للالتزامات.

      اما البيع بسفينة غير معينة ففيها يختار البائع تلك السفينة لنقل البضاعة خلال مدة محددة.

      انظر كلا من علي البارودي ، مبادئ القانون البحري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية  وكذلك René Rodière et Emmanuel du Pontavice, 2ème édition ? Dalloz 1986)

       وأيضا :احمد محمود حسني – عقد النقل البحري – منشأة المعارف الإسكندرية .

      وكذلك :محمد عبد الفتاح ترك – عقد النقل البحري – الدار الجامعية الجديدة للنشر – الإسكندرية  2005


  • الخاتمة

    • الخاتمة

           دراسة القانون البحري  ذات أهمية قصوى لرجل القانون بدءا من طلبة الحقوق ، فهو قانون على علاقة وطيدة بالتجارة الدولية التي تعد عصب الحياة الاقتصادية بالأمس واليوم وغدا أيضا ووسيلته في ذلك هي السفينة .

          نشير كذلك إلى أن طلبة العلوم التجارية يدرسون هذا الفرع من العلوم القانونية لعلاقته بالاقتصاد والتجارة  .

           إن المنازعات التي تنجم عن  استخدامات السفينة كثيرة، إذ يعيش على ظهرها مجتمع بحري لعدة أيام بل لشهور أحيانا وعلى ظهرها يولد الأطفال ويحتاجون إلى تسجيلهم في سجلات الحالة المدنية ، كما تقع  على ظهرها الجرائم فيقوم الربان بدور ضباط الشرطة القضائية ويجوز لهم سماع مرتكبيها واحتجازهم قانونا إلى غاية تقديمهم أمام أقرب محكمة للنظر في قضاياهم ، كما يمكن للسفينة أن تتعطل فتحتاج إلى قاطرة وتخضع عملية القطر لنظام قانوني للإسعاف وقد تتصادم السفن في عرض البحر فينجم عن ذلك نوعان من المسؤولية مدنية وجزائية  لها خصوصيتها .

           إن لهذا الفرع من فروع القانون خصوصيته لأنه لا يطبق على اليابسة كبقية القوانين الأخرى بل يطبق على السفينة منذ صناعتها إلى غاية التنازل عنها في شكل حطام .

           وأمام خطورة الملاحة البحرية قد يضطر  الربان إلى التضحية بالبضائع  لتنجو السفينة ومن فوقها من الأشخاص وبعض البضائع التي تصل سالمة ولهذا النظام أحكامه القانونية وهو ما يعرف بالخسائر العمومية .

       

       

       

       

       

       

       

       

      قائمة المراجع

      اولا : بالعربية

      1-احمد محمود حسني – عقد النقل البحري – منشأة المعارف الإسكندرية .

      2-علي البارودي ، مبادئ القانون البحري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية 

      3-محمد عبد الفتاح ترك – عقد النقل البحري – الدار الجامعية الجديدة للنشر – الإسكندرية  2005

      4-صلاح محمد المقدم ، تنازع القوانين في سندات الشحن ومشارطات إيجار السفينة ( دراسة مقارنة في القانون البحري )، الدار الجامعية بيروت ( لبنان )

      5- القانون البحري الجزائري الصادر بالأمر 76-80 في 23/10/1976 المعدل بالقانون98-05 في 25/06/1998

      ثانيا: بالفرنسية

      René Rodière et Emmanuel du Pontavice, 2ème édition , Dalloz 1986.