التحقيق القضائي/ د.العيساوي حسين/ السنة الجامعية 2021-2022
Aperçu des sections
-
-
Forum
-
-
-
الأستاذ/ العيساوي حسين
أستاذ بجامعة المسيلة
البريد الالكتروني : hocine.laissaou@univ-msila.dz
مقياس: التحقيق القضائي
السداسي الأول-السنة الأولى ماستر قانون جنائي
السنة الجامعية2021-2022
الرصيد:6
المعامل:3
الحجم الساعي الأسبوعي:3 س
مطبوعة موجهة إلى طلبة السنة الأولى ماستر قانون جنائي وتهدف إلى تعريف الطالب في هذه المرحلة التعليمية بمهام قاضي التحقيق على مستوى المحكمة الابتدائية كدرجة أولى ثم غرفة الاتهام على مستوى المجلس القضائي كجهة رقابة على أعمال قاضي التحقيق.
-
-
-
من هو قاضي التحقيق ؟وكيف يتم تعيينه ؟ وهل هو من قضاة القضاء الواقف أو الجالس ؟ هل يجوز له الحكم في قضايا حقق فيها ؟ ما هي مهامه وكيف يجمع الأدلة ويتصرف في حرية المتهم ؟ ثم كيف ينتهي التحقيق ؟ وما هي الأوامر التي يصدرها والتي تكون قابلة للاستئناف من عدمها وأي جهة تراقب عمله؟ مم تتكون وكيف تتصل بالملف وما هي صلاحياتها ؟ذلك ما تبينه محاور هذه المطبوعة
-
-
-
Fichier
-
-
-
المحور الأول/
توطئة تتضمن مهام الضبط القضائي.
مقدمة
الجريمة ظاهرة اجتماعية لا يخلو منها مجتمع في أي زمان و في أي مكان ، فمنذ خلق الله الإنسان وأنزله لعمارة الأرض وقعت أول جريمة تتمثل في قتل قابيل لأخيه هابيل ثم تواصل النسل البشري وما يحمله من نوازع الخير والشر ،فكلما تغلب الشر على الخير في الآدمي كلما تمظهر ذلك في الجريمة.
وما أن ظهرت الدولة للوجود حتى سنت القوانين لمكافحة الجريمة وأناطت مهمة مجازاة المجرمين لنخبة صالحة من المجتمع هم القضاة و تساعدهم في أداء مهمتهم النبيلة تلك ، هيئات أخرى تسمى الشرطة القضائية بكل أطيافها وهي التي تحمي المجتمع من الإجرام ليعيش الناس في طمأنينة وسعادة تمكنهم من بناء الحضارة وعمارة الأرض وتلك الغاية التي من أجلها أوجد ربنا بني البشر .
ولما كانت الإجراءات الجزائية في الدعوى العمومية تبدأ بمرحلة البحث والتحري أو مرحلة جمع الاستدلالات التي تقوم بها أجهزة مختصة في الدولة تسمى الشرطة القضائية أو الضبطية القضائية والتي حدد المشرع أحكامها في المواد من المادة 12 إلى المادة 28 ومن المادة 42 إلى المادة 55 ومن المادة 63 إلى المادتين 65 و65 مكرر وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية.
وتشمل الشرطة القضائية ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم وبعض الموظفين الموكولة إليهم بعضا من مهام الضبطية القضائية. ومن الممكن أيضا أن يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء وهم أعضاء النيابة وقضاة التحقيق والولاة في حالات خاصة. نشير انه بعدما ينتهي الضبط القضائي من مهمته يرسل محاضر التحقيق الأولي (les procès –verbaux d’enquête préliminaire ) إلى وكيل الجمهورية للتصرف فيها.فمن هم رجال الشرطة القضائية (الضبط القضائي كما كان يسمى قبل تعديل قانون الإجراءات الجزائية في 2017 ) ؟
الشرطة القضائية أداة بيد العدالة لمكافحة الجريمة
يقصد بالشرطة القضائية [1](La police judiciaire) ذلك الجهاز الذي يغلب عليه الطابع الأمني من درك وشرطة وأمن عسكري، فضلا عن بعض الهيئات التي منحها القانون صفة الشرطة القضائية مع أنها لا تنتمي إلى مصالح الأمن المعروفة ومنها رجال القضاء و الجمارك والضرائب وحراس الغابات ومفتشو البيئة ورؤساء البلديات والولاة ... كل في مجال اختصاصه .
الفصل الأول
مكونات الشرطة القضائية
تتكون الشرطة القضائية من فئتين هما:ضباط الشرطة القضائية وأعوان الشرطة القضائية ( ذوو الاختصاص العام ) والموظفون والأعوان المنوط بهم قانونا بعض مهام الشرطة القضائية ( ذوو الاختصاص الخاص )[2] .
1-ضباط الشرطة القضائية les officiers de la police judiciaire( OPJ) عددتهم المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية حصرا بقولها " يتمتع بصفة ضباط الشرطة القضائية رؤساء المجالس الشعبية البلدية وضباط الدرك الوطني والموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمراقبين [3]ومحافظي وضباط الشرطة للأمن الوطني وذوي الرتب في الدرك ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة .
-الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمفتشين وحفاظ وأعوان الشرطة للأمن الوطني الذين أمضوا ثلاث سنوات على الأقل بهذه الصفة والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجماعات المحلية بعد موافقة لجنة خاصة ."
إن هذه الفئة من الموظفين خصها المشرع بمهام ثقيلة للقيام بالإجراءات اللازمة في مجال البحث والتحري ،كتوقيف المشتبه بهم وحجزهم تحت النظر وتحرير محاضر ضدهم وتقديمهم أمام الجهات القضائية المختصة .كما أن هذه الصفة تمنحهم امتيازا للتقاضي عندما يكونون هم أنفسهم محلا للمتابعة الجزائية وهو الامتياز الذي نصت عليه المواد 576و 577 من قانون الإجراءات الجزائية .
2-أعوان الشرطة القضائية les agents de la police judiciaire( A P J )
وهم فئة من رجال الأمن ( شرطة و درك وأمن عسكري ) ليست لهم مؤهلات علمية كافية لكي تسند لهم صفة ضباط الشرطة القضائية ومع ذلك فهم عناصر مهمة يشاركون ضباط الشرطة القضائية وتحت إشراف هؤلاء في القيام بمهام البحث والتحري عن الجرائم ومعاينتها وجمع المعلومات الكافية عن مرتكبيها ( م 19 و 20 ق ا ج )
3-الموظفون والأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية
نصت المواد من 21 إلى 27 ق ا ج على هذه الفئات مبينة مهامها متمثلة في البحث والتحري وتحرير المحاضر و تقديم المشتبه فيهم أمام النيابة أو أمام أقرب ضابط شرطة لا سيما في حالة التلبس بالجريمة ما لم يشكل ذلك خطرا عليهم فيعفون حينها من اقتياد الشخص أمام هاتين الجهتين(م 23 إج ) ومن جهتهم يقوم ذوو الرتب (les gradés) في الشرطة البلدية بتحرير محاضر وإرسالها بواسطة ضباط الشرطة القضائية الأقرب إلى وكيل الجمهورية.( م 26 ق ا ج ).
أما الموظفون وأعوان الإدارات العمومية فيقومون بمهام الضبط القضائي الموكلة إليهم بموجب قوانينهم ومن هؤلاء رجال الجمارك لمعاينة الجرائم الجمركية وأعوان الضرائب في المادة الضريبية ومفتشو الأسعار و البيئة وشرطة المياه و مدير و ضباط إدارة السجون ضمن نطاق المؤسسة العقابية وخارجها في بعض الحالات كما تقضي بذلك المادة 171من القانون 05-04 المعدل والمتمم بالقانون 18-01[4] و حراس السواحل لمعاينة جرائم الهجرة السرية وتهريب البشر ...
4- فئات أخرى لها صفة الضبط القضائي
يعتبر كل من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق أشخاصا يتمتعون بصفة ضباط الشرطة القضائية. فالأول يجوز له أن يباشر بنفسه أو أن يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بالقانون الجزائي وليس قانون العقوبات فقط فضلا عن أن القانون منحه جميع الصلاحيات والسلطات المرتبطة بهذه الصفة( م 36 ق ا ج ) وعلى هذا يجوز له أن يتلقى أقوال المتهم مباشرة على محاضر لها طابع الرسمية فضلا عن قوتها في الإثبات دون المرور بمصالح الأمن كأن يرتكب موظف بالمحكمة جريمة رشوة أو سرقة وثائق من ملف قضائي أو تزوير حكم ...فيتم سماعه من طرف وكيل الجمهورية والتصرف بعد ذلك في محضر الإجراءات بتقديم طلب افتتاحي لقاضي التحقيق بناء على ذلك المحضر وتعتبر المتابعة صحيحة .
و أما الثاني ( قاضي التحقيق ) فقد منحه المشرع صلاحيات ضابط الشرطة القضائية للبحث والتحري عن الجرائم وكل محضر يحرره في هذا الخصوص يوافي به وكيل الجمهورية ليتخذ بشأنه ما يراه مناسبا، لأن تحركه في هذا الاتجاه أملته صفته كضابط للشرطة القضائية أما صفته كقاض للتحقيق فلا تعطيه صلاحية التحقيق إلا بناء على طلب افتتاحي من وكيل الجمهورية وحينذاك يعتبر عمله تحقيقا قضائيا بحصر المعنى لا مجرد جمع استدلالات.
كما يعتبر الوالي ضابطا للشرطة القضائية في حالة المساس بأمن الدولة أين خوله القانون صلاحية مباشرة الإجراءات الضرورية لإثبات الجنايات والجنح الماسة بأمن الدولة فقط ما لم تكن السلطة القضائية قد أخطرت بها.( م 28 ق ا ج )على أن يوافي وكيل الجمهورية بالمحاضر المثبتة للجرائم بعد 48 ساعة من بدئه للإجراءات .
مهام الشرطة القضائية واختصاصاتها
تقوم الشرطة القضائية بكل أطيافها بالبحث والتحري عن الجرائم وجمع الأدلة بصفة قانونية في كنف احترام قانون الإجراءات الجزائية وذلك من خلال المعاينات بالانتقال إلى مكان وقوع الجريمة وضبط أدلة الإقناع وسماع المشتبه فيهم وتوقيفهم للنظر لضرورة التحقيق الأولي ، وسماع الشهود وصولا إلى وضع الملف بين يدي وكيل الجمهورية المختص لاتخاذ الإجراء المناسب بشأنها.
غير أنه في حالة فتح تحقيق قضائي بخصوص أية جريمة فإن يد ضابط الشرطة القضائية ترفع، وعندها يتلقى التعليمات من النيابة أو من قاضي التحقيق.( م12/3 ق ا ج )
يباشر رجال الشرطة القضائية أعمالهم ضمن الحالات الخاصة( حالات التلبس بالجريمة ) أو ضمن الحالات العادية أو ما يطلق عليه عادة اسم إجراءات الاستدلال أو البحث الأولي وتكون في العادة عند وقوع الجريمة ( الاختصاص النوعي ) كل ذلك ضمن محيط عملهم الذي يعرف بـ ( (الاختصاص المحلي) وهو ما نراه في النقطتين المواليتين على أن نبدأ بالاختصاص المحلي .
أولا :الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية
يمارس ضباط الشرطة القضائية مهامهم ضمن دائرة اختصاص عملهم في الدائرة التي يعينون فيها ويمتد اختصاص محافظي ومراقبي وضباط الشرطة في المدن الكبرى المقسمة إلى عدة دوائر للشرطة إلى كافة المجموعة السكنية للمدينة ( ما يعرف بالأمن الحضري الأول والثاني والثالث ...) هذا في الحالات العادية. أما عندما يتعلق الأمر بحالات الاستعجال فيمكنهم التنقل للعمل ضمن دائرة اختصاص المجلس القضائي ( ضمن حدود الولاية ) وفي حالة ما إذا طلب منهم رجال القضاء القيام بمهام خارج دائرة الاختصاص فيجوز لهم حينذاك التنقل إلى أية نقطة عبر التراب الوطني وهنا يجب على ضباط الشرطة القضائية لمكان التنقل مد يد العون والمساعدة للضباط المتنقلين لإنجاز مهمة أو مهمات خاصة كلفوا بها من طرف القاضي مع وجوب إخبار وكيل الجمهورية للدائرة التي ينتقلون إليها لممارسة مهامهم خارج دائرة الاختصاص المحلي لعملهم (م16/3 من القانون06-22 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية.)
أما رجال الأمن العسكري( ضباط الشرطة القضائية منهم فقط ) فلهم اختصاص وطني يعملون في كافة التراب الوطني ولا يخبرون النيابة بتنقلاتهم كما تقضي بذلك المادة 16/4 ق ا ج )
كما يمتد الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية إلى كافة التراب الوطني عندما يتعلق الأمر بالبحث ومعاينة تلك الجرائم الستة وهي: جرائم المخدرات ، الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ، الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ، تبييض الأموال ، الإرهاب ، جرائم الصرف ويمارسون مهامهم تلك تحت إشراف النائب العام لدى المجلس القضائي المختص إقليميا مع إعلام وكيل الجمهورية المختص إقليميا بذلك في جميع الحالات ( م16/7 ، 8 ق ا ج )
ثانيا :الاختصاص النوعي لضباط الشرطة القضائية
لضباط الشرطة القضائية اختصاصات عادية وأخرى استثنائية. ويراد بالاختصاص الصلاحية التي منحها المشرع لضابط الشرطة القضائية لممارسة مهامه من خلال إجراءات جمع الأدلة لضبط الجرائم ومرتكبيها في الحدود التي تضمن للمجتمع سلامته وللمتهم حقوقه .[5] ومن وجهة نظر المشرع الجزائري يتحدد الاختصاص النوعي لضباط الشرطة القضائية وفقا لأحكام المادتين12 و17 ق ا ج . ولضباط الشرطة القضائية اختصاصات عادية تكون خارج حالات التلبس بالجريمة كما هو معرف بالمادة 41 ق ا ج وأخرى استثنائية تمنحهم صلاحيات أوسع في حالات التلبس بالجريمة على التوضيح الآتي .
1-الاختصاصات العادية( في غير حالات التلبس بالجريمة )
لما كانت الشرطة القضائية تقوم بمهمة البحث والتحري عن الجرائم بعد وقوعها لضبط مرتكبيها مع الأدلة المثبتة لها وتقديمهم أمام النيابة لملاحقتهم جزائيا فكان من اللازم منح رجالها صلاحيات من صميم عملهم وهي:
أ-سماع المشتبه فيه(l’audition du suspect) أو تحرير المحاضر
لضابط الشرطة القضائية أن يستدعي الشخص المشتكى منه و يتلقى أقواله ومواجهته بالوقائع التي تتعلق بالجريمة أو الجرائم التي اقترفها بصفته فاعلا أصليا أو شريكا. ولا يجوز له استجواب الشخص المسموع من خلال الأسئلة المعمقة والمناقشة التفصيلية حول التهمة .
تحرر محاضر السماع والمعاينات اللازمة حسب نوع الجريمة وترفق بالصور والمخططات إذا تطلب الأمر ذلك فضلا عن الشكوى المكتوبة من الضحية ومرفقاتها بعد أن تحرر في أصول (des originaux ) مصحوبة بنسخ مطابقة للأصل (des copies certifiées conformes)ثم ترسل إلى وكيل الجمهورية الذي يتبعه الضابط محرر المحضر كي يتصرف فيه بالطرق التي رسمها القانون وهو ما تقضي به المادة 18 ق ا ج .
كما يجوز لضابط الشرطة تفتيش المشتبه فيه أو ما يعرف بتفتيش الأشخاص[6]( la fouille, ou droit de visite des personnes ) لا سيما إذا تقرر حجزه تحت النظر لنزع الأشياء التي يمكنه استخدامها لإيذاء نفسه أو غيره ( نزع الأحزمة ، الأسلحة البيضاء ، والأدوية...)فيكون إجراء لازما وضروريا باعتباره من وسائل التَحوُّط الواجب توفيرها للتأمين من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون معه من سلاح. [7]
جدير بالذكر أن تفتيش الأنثى يتم بمعرفة أنثى مثلها ويمنع على الذكور منعا مطلقا تفتيش الإناث تحت طائلة التجريم والعقاب . وقد جرى العمل أنه في الأماكن التي لا توجد بها نساء عاملات في سلك الدرك الوطني أن يتم استعارة شرطية للقيام بتلك المهمة .كما نشير إلى أن رجال الجمارك يعملون على تفتيش كل الأشخاص لحظة عبورهم للنطاق الجمركي بقصد البحث عن الجرائم الجمركية والتأكد من صحة تصريحاتهم بخصوص ما يحملونه معهم من النقود و المجوهرات و القطع الأثرية والمواد المخدرة وكل ما يوجب قانون الجمارك التصريح به لحظة العبور دخولا أو خروجا من الإقليم الجمركي.( م 42 من القانون 79-07 المعدل والمتمم المتعلق بالجمارك )[8]
ب-تلقي الشكاوى و البلاغات
لم يعرف القانون الشكوى ( la plainte ) غير أنه يمكن تعريفها بأنها رفع المظلمة من مضرور نتيجة جرم جزائي لحقه من شخص معلوم أو من مجهول إلى المصالح المختصة وعادة ما تكون الشرطة القضائية أو النيابة العامة قصد متابعة المشتكى منه والقصاص منه بمعاقبته من طرف القضاء والحصول على التعويضات عن الضرر بأنواعه ( مادي – معنوي – جسماني ).
وليس للشكوى شكل معين و يمكن توجيهها مباشرة لقاضي التحقيق والانتصاب أمامه طرفا مدنيا لتحريك الدعوى العمومية في مادتي الجنح والجنايات فقط ( م 71 وما بعدها ق ا ج ) [9]
أما البلاغ (la dénonciation)فيقوم به شخص أجنبي عن الجريمة لا يكون هو ضحيتها بل شاهدها أو سمع عنها، يستوي في ذلك أن يكون المبلغ مجهولا أو معلوما وبأية وسيلة كانت، فيبادر بإخبار الشرطة القضائية أو النيابة العامة للتحرك قصد توقيف المشتبه بهم. ويمكن أن يكون التبليغ واجبا قانونيا على المبلِّغ كما هو شأن الموظف العام[10] أو حتى المواطن العادي[11] تحت طائلة المتابعة الجزائية لهؤلاء ومن ذلك جريمة عدم التبليغ عن وع جناية او الشروع فيها ( م 181 ق ع ج )
2-الاختصاصات غير العادية لضباط الشرطة القضائية
تكون الاختصاصات غير عادية لضباط الشرطة القضائية في حالات التلبس بالجناية أو الجنحة أو في الجرائم المستحدثة.
مفهوم التلبس
التلبس كما يفهم من ظاهر اللفظ يفيد أن الجريمة واقعة وأدلتها ظاهرة ومظنة احتمال الخطأ فيه طفيفة لذلك أطلق عليها بعض الفقهاء اسم الجريمة المشهودة. ولما كان ضبط الجناية أو الجنحة في حالة تلبس يبرر الخروج على القواعد العامة بالإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة وخشية من ضياع الأدلة عن قصد أو نتيجة إهمال وإفلات المجرم من يد العدالة ، جعل القانون للتلبس أحكاما خاصة حدد فيها صوره على سبيل الحصر بحيث لا يجوز للقاضي و لا لضابط الشرطة القضائية القياس عليها أو التوسع فيها بالزيادة كما هي محددة في المادة 41 ق ا ج.
وتعميما للفائدة نوضح حالات التلبس كما هي معرفة فقها وقضاء
- الحالة الأولى :ارتكاب الجريمة في الحال ويراد بذلك مشاهدة الجناية أو الجنحة أثناء وقوعها وفي وقت اقترافها ، وغالبا ما تكون المشاهدة بحاسة النظر إن كانت ليس شرطا لازما لثبوت حالة التلبس بل يكفي لثبوتها أن يكون الشاهد قد حضر ارتكاب الجريمة وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه كالبصر أو الشم أو السمع.
- الحالة الثانية :مشاهدة الجناية أو الجنحة عقب ارتكابها أي بعد مدة زمنية من وقوعها كمشاهدة القتيل يلفظ أنفاسه الأخيرة ومشاهدة النار تلتهم مالا مملوكا للغير. نشير إلى أن القانون لم يحدد المدة الزمنية الفاصلة بين وقت تنفيذ الركن المادي للجريمة ووقت اكتشافها.
- الحالة الثالثة : تتبع العامة للمجرم بالصياح إثر وقوع الجناية أو الجنحة ، ويقصد بالعامة الضحية أو ذووه أو جيرانه أو من أشخاص من المارة .
- الحالة الرابعة : مشاهدة علامات أو آثار الجناية أو الجنحة على مقترفها أو بالمكان الذي وقعت فيه مما يدل على أن هذا الشخص قد ساهم في ارتكاب الجريمة منذ زمن قصير جدا.
- الحالة الخامسة : اكتشاف صاحب المنزل بأن جناية أو جنحة قد ارتكبت في مسكنه ومبادرته حالا بإبلاغ ضابط الشرطة القضائية عنها لإثباتها، وهنا يفترض أن الجريمة قد وقعت في وقت غير معلوم داخل المنزل حال غياب صاحبه ودون علمه وعند عودته اكتشفها فسارع للإبلاغ عنها مطالبا معاينتها وإثباتها.
كما تتوسع صلاحيات ضابط الشرطة القضائية عند وقوع إحدى الجرائم التالية وهي : جرائم المخدرات[12] والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف ؛ والتي خصها المشرع بعناية خاصة نظرا لخطورتها على الأمن الاجتماعي. وتتمثل تلك الصلاحيات الاستثنائية لضابط الشرطة القضائية في الآتي :
أ- إخبار وكيل الجمهورية والانتقال إلى مكان الحادث بغير تمهل
بعد أن يخطر بها وكيل الجمهورية ينتقل ضابط الشرطة القضائية فورا إلى مكان ارتكاب الجناية المتلبس بها بمجرد إخباره بها لمعاينة مسرح الجريمة والتحفظ على ما به من آثار وضبط ما قد يوجد به من أشياء استعملت في ارتكاب الجريمة[13] حتى لا يتم العبث بالأدلة من طرف جناة محترفين ومن أمثلة هذه الأدلة ( مخدر ، سلاح ، بقايا الدم ، المني ، لباس ، مسروقات ، وثائق الهوية ، شريحة الهاتف النقال أو الهاتف ذاته ...) وعرضها على الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في ارتكابها للتعرف عليها بعد وضعها في أحراز مختومة تقدم لاحقا مع ملف الإجراءات كأدلة إقناع (م 42 ق ا ج)
ب- تفتيش المساكن[14] (La perquisition)
للمساكن حرمتها لذلك نص الدستور على حمايتها من أي انتهاك . ومع ذلك أجاز قانون الإجراءات الجزائية لضابط الشرطة القضائية وفقا للمادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية تفتيش المساكن[15] ومعاينتها لضبط الأشياء المثبتة للتهمة مع التفرقة بين حالتي التحريات العادية التي تتم بناء على شكوى أو بتكليف من النيابة أو على علم من ضابط الشرطة تلقائيا ( المادة 63 ق ا ج )وحالة التحقيق في الجرم المتلبس به حيث تتوسع صلاحيات الشرطة القضائية من حيث طابعها القسري والإلزامي وهذه الشروط هي :
-أن يكون بيد ضابط الشرطة إذن مكتوب للتفتيش صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق يستظهره قبل مباشرة العملية .
-وأن يتم في وقت محدد بين الخامسة صباحا و الثامنة ليلا ويستمر في حالة عدم انتهائه بعد هذه المدة.
-وأن يكون صاحب المنزل قد ساهم في جناية أو يحوز أوراقا أو أشياء لها علاقة بالأفعال الجنائية المرتكبة .
كما يجوز التفتيش في حالة الجنحة المتلبس بها وفي الجرائم الـ 6 المنصوص عليها في المادة 37 ق ا ج في كل الأوقات على أن تتم هذه العمليات تحت الإشراف المباشر للقاضي الذي أذن به و الذي يمكنه الانتقال شخصيا لمتابعة العملية عن كثب.
-أن يتم التفتيش بحضور صاحب البيت المساهم في الجريمة وإن تعذر ذلك كلف من ينوب عنه في العملية وإذا رفض الإجراءين السابقين قام الضابط بتعيين شاهدين من غير العاملين معه ( م 45/1). وإذا كانت الأشياء محل البحث لدى الغير اتبع بشأنها نفس الحكم ما لم يتعلق الأمر بالجرائم التالية ( المخدرات – الإرهاب – المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات- الجريمة العابرة للحدود – تبييض الأموال – جرائم الصرف )
ويضاف إلى تلك الشروط شرط وجوب موافقة صاحب المسكن وبرضا صريح منه وبخط يده ، وإذا كان لا يعرف الكتابة فمن شخص يختاره هو مع ذكر ذلك في المحضر في حالة التحريات العادية ما لم يكن التحقيق يخص إحدى الجرائم المبينة بالمادة 47/3 ق ا ج ( مخدرات ، إرهاب ، جرائم عابرة للحدود ...)فإن رضا صاحب الشأن أو عدمه سواء.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المحلات لها حماية خاصة مثل مكاتب المحامين وعيادات الأطباء وكل شخص ملزم بكتمان السر المهني حيث تجب مراعاة الأحكام القانونية الخاصة بكل فئة إذ تضمنت نصوصا خاصة كمكاتب المحامين[16] والموثقين والمحضرين القضائيين مع مراعاة نص م 45/3 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها " ...غير انه يجب عند تفتيش أماكن يشغلها شخص ملزم قانونا بكتمان السر المهني أن تتخذ مقدما جميع التدابير اللازمة لضمان احترام ذلك السر."
كما تجدر الإشارة إلى جواز تفتيش المحلات العمومية وكل مكان يرتاده الجمهور في كل الأوقات عندما يتعلق الأمر بجرائم منصوص عليها في المواد 342- 348 من قانون العقوبات ونعني بذلك الجرائم الأخلاقية.
وإذا ترتب عن التفتيش عثور ضابط الشرطة على أشياء محل بحث وتحقيق قام بجردها وتحرير محضر بحجزها ليرفق بملف الإجراءات الأخرى فضلا عن الإذن بالتفتيش الذي يشكل حماية إجرائية للضابط ولصحة الإجراءات إذ يتعين أن يكون مكتوبا وموقعا ومؤرخا تحت طائلة بطلان التفتيش.
جـ - مراقبة الهوية) (La vérification de l’identité
ونعني بها قيام ضابط الشرطة القضائية باستيقاف المشتبه فيه للتعرف عليه لضرورة التحقيق الأولي بمناسبة وقوع جريمة ما ويجب على الشخص حينذاك الامتثال وتقديم وثائق تثبت هويته مثل بطاقة تعريفه الوطنية أو جواز سفره عندما يتعلق الأمر بأجنبي أو أية وثيقة رسمية بها صورة ذلك الشخص. وإذا عجز الشخص عن إثبات هويته جاز لضابط الشرطة نقله إلى مقر الأمن للتحقيق في هويته مع الجهات الأخرى ومنها أخذ صور له أو رفع بصماته وإطلاق سراحه مباشرة بعدها. وإذا رفض الانصياع لهذه الإجراءات وقع تحت طائلة القانون.
في فرنسا نشير إلى أن هذا الإجراء يستوجب بعض الضمانات منها إخبار وكيل الجمهورية الذي يمكنه وضع حد لهذا الإجراء و أن لا تتجاوز مدة التحقيق في الهوية 4 ساعات مع تسليم المعني نسخة من المحضر عقب العملية وإخباره بحقوقه التي منحها القانون إياه.
د- اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور
وهي إجراءات استحدثها قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بموجب القانون 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 في المواد 65مكرر5 وما بعدها ؛يلجأ إليها ضابط الشرطة القضائية في حالة مباشرته للتحريات الأولية في الجريمة المتلبس بها (جناية أو جنحة ) أو عند التحقيق الابتدائي ( التمهيدي ) في الجرائم المستحدثة الستة مع جرائم الفساد أيضا حيث يأذن وكيل الجمهورية للضابط بالقيام باعتراض المراسلات السلكية واللاسلكية والتقاط وتثبيت وبث الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية في مكان خاص أو عمومي والتقاط الصور لأشخاص في مكان خاص .
نشير إلى أن الإذن المسلم بمعرفة القضاء ( وكيل الجمهورية او قاضي التحقيق ) للقيام بهذا الإجراء الخطير على حرمة الأشخاص ويمتد إلى مساكنهم أيضا للقيام بوضع تلك الترتيبات التقنية من خلال دخولها دون علم او حتى دون موافقة أصحابها وحتى خارج المواعيد المخصصة للتفتيش اي بين الساعة الثامنة مساء والخامسة صباحا كما تقتضيه المادة 47 ق ا ج وقد منح المشرع ضمانة واحدة بذلك تتمثل في الرقابة القضائية لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق.
على أن تتم هذه العمليات تحت مراقبة وكيل الجمهورية لما فيها من مساس بحرمة الحياة الخاصة للمواطن يأذن وكيل الجمهورية بهذا الإجراء لمدة لا تتجاوز أربعة( 04) أشهر قابلة للتجديد حسب مقتضيات التحري أو التحقيق ضمن نفس الشروط الشكلية والزمنية ( م65 مكرر 7).
ويسمح هذا الإذن لضابط الشرطة القضائية أن يسخر كل عون مؤهل لدى مصلحة أو وحدة أو هيئة عمومية أو خاصة مكلفة بالمواصلات السلكية أو اللاسلكية للتكفل بالجوانب التقنية للعمليات المذكورة أعلاه.
أخيرا يقوم الضابط بنسخ أو وصف المراسلات والصور والمحادثات المسجلة في محضر يودع بالملف وتترجم المحادثة إلى العربية من طرف مترجم رسمي مسخر.
ه- التسرب L’infiltration
إجراء مستحدث كسابقه جاء به القانون 06/22 ضمن مادته 65 مكرر 11 ومن خلاله يقوم ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية تحت مراقبة الأول بعد إذن قضائي صالح لمدة 4 أشهر قابلة للتجديد يكون مكتوبا ومسببا مع ذكر الجريمة التي تبرر الإجراء وهوية ضابط الشرطة القضائية[17] الذي تتم العملية تحت مسؤوليته والذي يرفق بملف الإجراءات القضائية .
ويسمح هذا الإذن بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة كما عددتها المادة 65 مكرر 5 ق ا ج بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خافٍ(un receleur ( لأشياء تحصلوا عليها من جريمة وذلك باستخدام الضابط أو العون هوية مستعارة. ويحق له أن يرتكب معهم جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالمادة 65 مكرر 14 من قانون الإجراءات الجزائية وهي :
-اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو متوجات أو وثائق متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو مستعملة في ارتكابها.
-استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي هذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي وكذا وسائل النقل أو التخزين أو الإيواء أو الحفظ أو الاتصال.
غير أنه لا يحوز له أن يحرضهم على ارتكابها. وعند قيام العنصر المتسرب بالأفعال المبينة بالمادة 65 مكرر 14 تنتفي مسؤوليته الجزائية عن الفعل المرتكب في إطار عملية التسرب .
و- أخذ العينات البيولوجية وإجراء التحاليل الوراثية
هو إجراء جديد جاء به المشرع الجزائري بموجب القانون 16-03 المؤرخ في 12/06/16 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص ؛ فرغم حرمة الحياة الخاصة للأشخاص وكرامتهم كآدميين ( مبدأ المعصومية ) ، فإن بعض الضرورات أباحت هذا المحظور عندما سمح القانون لضباط الشرطة القضائية أخذ عينات بيولوجية من جسم الإنسان قصد تحليلها واستعمالها في الإجراءات القضائية شريطة الإذن المسبق من السلطة القضائية .
وفي هذا الإطار ، أجاز نص المادة 4/2 من القانون المذكور لضابط الشرطة القضائية في نطاق التحريات الأولية بعد إذن قضائي أخذ تلك العينات البيولوجية وتحليلها للوصول إلى البصمة الوراثية من الأشخاص المشتبه فيهم بارتكابهم جرائم ضد أمن الدولة مثل جرائم الإرهاب أو ضد الأشخاص والآداب العامة كجرائم الدم ( القتل ، الضرب والجرح ) والجرائم الجنسية ؛ أو ضد الأموال ( السرقات والسطو والنهب بالقوة وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب ...) وعموما كل جناية أو جنحة عندما تقدر الجهة القضائية ضرورة اللجوء لهذه العملية.
وفي إطار مكافحة جريمة استفحلت في المجتمع الجزائري تمس فئة ضعيفة هي فئة الأطفال ( أقل من 18 سنة ) أباح المشرع اللجوء لهذه الوسيلة في الإثبات الجنائي.كما يجوز أخذ العينات البيولوجية من ضحايا الجرائم بكل أنواعها ، بل يمكن أن يمس هذا الإجراء الأشخاص المتواجدين بمسرح الجريمة لتمييز آثارهم عن آثار المشتبه فيهم ( م5/4 )
وعلى العموم يمكن أخذها من المحكوم عليهم نهائيا بالحبس النافذ الذي يتجاوز 03 سنوات في الجرائم المذكورة أعلاه مضاف إليها جرائم المخدرات. وفضلا عن هؤلاء يمكن اللجوء إلى هذا الإجراء من بعض الفئات الاجتماعية مثل الذين لا يستطيعون التعريف بهويتهم نتيجة التقدم في السن ( الخرف ) أو بسبب حادث أو مرض أو إعاقة أو خلل نفسي أو أي خلل عقلي، والمتوفين مجهولي الهوية والمفقودين أو أصولهم أو فروعهم ومن المتطوعين بإرادتهم الحرة لوضع عيناتهم البيولوجية في البنك .
وقد خص المشرع فئة الأطفال بعناية خاصة ملزما حضور أحد الوالدين أو الوصي أو الحاضن أو من ينوب عنهم قانونا عند أخذ عينات بيولوجية منهم ، وفي حالة تعذر ذلك بحضور أحد قضاة النيابة المختصة.
أخيرا يمكن أخذ العينات من مكان الجريمة والقصد بذلك ما يجده ضابط الشرطة القضائية من بقايا الإنسان الموجودة بمكان الجريمة كبقع الدم ، والمني واللعاب والشعر وسائر السوائل الأخرى أو الأنسجة البشرية قصد تحليلها والاستعانة بها في التحريات الأولية للكشف عن مرتكبي الجرائم .
نشير إلى أنه يجب على القائم بنزع العينات البيولوجية من الشخص أن يخبره بالشروط المتعلقة بتسجيل بصمته الوراثية بالقاعدة الوطنية للبصمات الوراثية وبمدة حفظها وبحقه في تقديم طلب إلغائها مع تحرير محضر عن هذا الإجراء ( م 13)وقد أنهى المشرع أحكام هذا القانون بعقوبات تخص الأشخاص الرافضين لأخذ العينات البيولوجية منهم والأشخاص الذين قد يستخدمون العينات والبصمات لغير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون.
م- التوقيف تحت النظر la garde à vue
أجاز المشرع لضابط الشرطة القضائية احتجاز الشخص الذي تقوم ضده دلائل على الاشتباه في ارتكابه جناية أو جنحة قرر لها القانون عقوبة سالبة للحرية ما عدا المخالفات ، للتحقيق معه بعد إبلاغه بذلك وإخبار وكيل الجمهورية بهذا القرار مع تقرير عن ذلك يوافيه به على أن لا تتجاوز المدة 48 ساعة قابلة للتجديد بإذن من وكيل الجمهورية لمدة أقصاها 5 مرات في الجرائم الإرهابية. وللموقوف تحت النظر حق الاتصال بذويه أو بمحاميه مع المحافظة على سرية التحقيق ، كما يجوز له تلقي زيارة أحدهم حسب اختياره ويجب أن يكون المكان الذي يعتقل فيه الشخص لائقا بالكرامة الإنسانية وعلى وكيل الجمهورية أن يقوم بزيارات فجائية لمراكز الشرطة والدرك لمراقبة أماكن التوقيف تحت النظر.
أما الموقوف من جنسية أجنبية فله الحق في الاتصال إما بمستخدمه أو بالممثلية الدبلوماسية أو القنصلية لدولته شريطة ألا يكون قد استفاد من الأحكام المذكورة في المادة 51مكرر فقرة 1 ( أي انه إما تلقى اتصالا أو زيارة من احد أصوله أو فروعه أو إخوته أو زوجه حسب اختياره ، بمعنى واحدا من هؤلاء فقط . كما يمكنه الاتصال بمحاميه.)
يستفاد من النص المذكور أن المشرع أعطى الموقوف للنظر من جنسية أجنبية حقا واحدا إما تلقي زيارة ممن ذكروا آنفا أو تمكينه من الاتصال بالمستخدم أو الممثلية الدبلوماسية أو القنصلية لدولته بالجزائر ولا يجوز الجمع بينهما .
وعند نهاية التحقيق الأولي يتم عرض الموقوف للنظر وجوبا على طبيب من اختياره إذا ما طلب ذلك . كما يجوز لوكيل الجمهورية ندب طبيب لفحص المشتبه به الموقوف لدى الشرطة القضائية بصفة تلقائية أو بناء على طلب أحد أفراد عائلته أو محاميه. ولم يبين القانون طريقة هذا الطلب ولا الجزاء المترتب عن رفض وكيل الجمهورية الاستجابة لذلك الطلب.[18]
أما الأشخاص الذين لا توجد أية دلائل تجعل ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم للجريمة مرجحا فلا يجوز توقيفهم سوى المدة اللازمة لأخذ أقوالهم .
وإذا قرر ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق تمديد الحجز للنظر يمكن للموقوف تلقي زيارة المحامي ( 51 مكرر 1 فقرة 3 ق ا ج ) كما يمكنه أن يتلقى زيارة المحامي في بعض الجرائم ذات الخطورة ونعني بها جرائم المتاجرة بالمخدرات و الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات.
وبعد انتهاء التحقيق مع الشخص الوقوف للنظر يقدم أمام وكيل الجمهورية المختص لاتخاذ الإجراء المناسب في حقه. ويمكن لمحاميه أن يحضر استجوابه أمام وكيل الجمهورية دون أن يكون له الحق في أخذ الكلمة أو التعقيب على الإجراء المتخذ في حق موكله.
الأحكام القانونية المتعلقة بتوقيف الأحداث للنظر
نصت المواد من 48 إلى 55 من القانون 15-12المؤرخ في 15/07/15 المتعلق بحماية الطفل على الأحكام المتعلقة بتوقيف القصر والضمانات الممنوحة لهم على النحو الآتي :
الأصل أن الحدث الذي لم يبلغ سن 13 سنة من العمر لا يمكن بأي حال من الأحوال توقيفه للنظر إنما إذا تجاوز هذه السن جاز لضابط الشرطة القضائية توقيفه للنظر لمدة 24 ساعة فقط ( نصف مدة البالغ ) قابلة للتجديد بنفس الإجراءات وبنفس المدة في حالة ارتكابه أو محاولة ارتكابه جناية أو إحدى الجنح المعاقب عليها بعقوبة حدها الأقصى 05 سنوات أو عندما تكون من الجرائم التي تشكل إخلالا ظاهرا بالنظام العام مع ضرورة تقديم تقرير لوكيل الجمهورية عن الأسباب الداعية لهذا الإجراء وفضلا عن ذلك يجب إخبار الولي الشرعي للطفل مع تمكينه من الاتصال بأسرته ومحاميه وتلقي زيارتهما وفقا للقانون مع وجوب إعلام الطفل بحقه في الفحص الطبي أثناء التوقيف للنظر وتضمين محضر سماعه هذه الحقوق ويتعين إجراء فحص طبي للحدث الموقوف في بداية التوقيف وفي نهايته أيضا من طرف طبيب يختاره الولي الشرعي وإن تعذر ذلك يختاره ضابط الشرطة القضائية. كما يمكن لوكيل الجمهورية ندب طبيب لفحص الطفل الموقوف للنظر بطلب منه أو من محاميه أو من وليه. ويجب إرفاق الشهادة الطبية بالملف وإلا كان الإجراء باطلا. وغني عن البيان أن أماكن التوقيف للنظر يجب أن تكون لائقة بالإنسان ويجب على وكيل الجمهورية وقاضي الأحداث زيارتها دوريا مرة في الشهر.
كما أحاط المشرع في قانون الطفل هذا الأخير بأهم الضمانات وهي وجوبية حضور المحامي عند سماع الطفل من طرف ضابط الشرطة أثناء توقيفه للنظر. وإذا لم يكن له محام أخبر الضابط وكيل الجمهورية المختص لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتعيين محام ويتم ذلك بالتنسيق مع نقابة المحامين لتعيين محام في إطار المساعدة القضائية . ويمكن للضابط الشروع في سماع الحدث بعد مرور ساعتين من التوقيف بعد إذن من وكيل الجمهورية حتى في غياب المحامي، وإذا وصل متأخرا تواصل سماع الحدث بحضور المحامي. وفي بعض الجرائم الخطيرة( الإرهاب -المتاجرة بالمخدرات -الجريمة المنظمة ) يجوز سماع الحدث البالغ من العمر بين 16 و18 سنة في غياب المحامي وبعد إذن وكيل الجمهورية لكن في حضور وليه الشرعي(م54-55 من قانون حماية الطفل )
[1] وقد كانت تسمى الضبطية القضائية قبل تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 17/07 المؤرخ في 27/07/17 المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 29/03/17 عدد 20
[2] انظر المادة 14 ق ا ج جزائرية .
[3] رتبة جديدة في سلك الأمن الوطني لم تكن معروفة قبل تعديل ق ا ج بموجب الأمر 15/02.
[4] يمارس مديرو ضباط إدارة السجون صلاحيات ضباط الشرطة القضائية بالنسبة للجرائم التي ترتكب داخل المؤسسة العقابية أو خارجها بمناسبة تطبيق احد الأنظمة العقابية المنصوص عليها في هذا القانون.
[5] سليمان بارش، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار الشهاب (باتنة ) 1986 ، ص 137 وما بعدها .
[6] تجيز المادة 41 من قانون الجمارك الجزائري تفتيش البضائع ووسائل النقل والاشخاص.
[7] حسن صادق المرصفاوي ، المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية ، منشأة المعارف ( الاسكندرية 2000) ص 355
[8] أجاز النص المذكور لرجال الجمارك في حالة الاشتباه في شخص يعبر الحدود الوطنية البرية ، البحرية أو الجوية انه يحمل مواد مخدرة مخبأة داخل جسمه أن يخضعوه للتفتيش الجسدي بعرضه على طبيب بناء بعد حصولهم على رضاه وفي حالة رفضه يكون بناء على طلب يوجهونه لرئيس المحكمة المختص إقليميا الذي يعين طبيبا يكلفه بتلك المهمة.
[9] لنا عودة لموضوع الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني أمام قاضي التحقيق في المباحث الموالية.
[10] عاقب المشرع الجزائري بمقتضى المادة 47 من القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته كل شخص يعلم بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة بوقوع جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون .
[12] ورد في النص العربي للموا 37 /2- 40/2 -74/3 عبارة ''جرائم المخدرات'' وهي كثيرة منها جنحة استهلاك وحيازة المخدرات والمؤثرات العقلية وجنحة عرقلة الأعوان المكلفين بمعاينة الجرائم أثناء ممارسة ووظائفهم والتسهيل للغير الاستعمال غير المشروع للمواد المخدرة ... بينما حصرتها نفس المواد المحررة باللغة الفرنسية في (trafic de drogue ) وتعني جرائم المتاجرة في المخدرات فقط دون بقية جرائم المخدرات وهذا في اعتقادي الأقرب للصواب نظرا لخطورة هذا الفعل مقارنة بالحيازة للاستهلاك الشخصي للمخدرات والمؤثرات العقلية لذلك وجب على المشرع تصحيح الوضع تفاديا للتفسير الموسع لهذه النصوص وما يترتب عنها من مساس بالحقوق والحريات والشرعية الإجرائية ذاتها .
انظر في تعريف اصطلاح trafic de stupéfiant وتعني حسب الاستاذ/ جيرار كورني commerce illicite de stupéfiants ; plus précisément , fait de diriger ou d’organiser un groupement ayant pour objet la production ,le transport , la détention , l’offre , la cession , l’acquisition ou l’emploie illicite , de produits classés comme stupéfiants. G cornu, vocabulaire juridique , puf quadrige , 4ème édition , 2002
نصت بعض القوانين الخاصة على وجوب التبليغ عن الجرائم ومنها قانون مكافحة التهريب الصادر بالأمر 06-05 في المادة 4 منه" يشارك المجتمع المدني في الوقاية من التهريب ومكافحته لا سيما عن طريق .... إبلاغ السلطات العمومية عن أفعال التهريب وشبكات توزيع وبيع البضائع المهربة." كما نصت المادة 47 من القانون 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته على معاقبة كل شخص يعلم بحكم ا مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة بوقوع جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون..."
[13] سليمان بارش ، مرجع سابق ، ص 142
[14] المسكن لغة يعني مكان السكون من الفعل سكن يسكن سكونا ضد الحركة ومن مرادفاته المنزل والبيت ومقر الإقامة والمأوى وبوجه عام يعرف المسكن بأنه كل مكان مسور يستخدم للسكنى بصفة دائمة أو مؤقتة وسواء كان ملكا لساكنه أو مؤجرا له أو يقيم فيه مجانا. أما في الاصطلاح القانوني فقد عرفه المشرع الجزائري في المادة 355 ق ع بأنه '' يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دارا أو غرفة أو كشكا ولو متنقلا متى كان معدا للسكن وإن لم يكن مسكونا وقتذاك وكافة توابعه مثل الاحواش وحظائر الدواجن ومخازن الغلال والإسطبلات والمباني التي توجد بداخلها مهما كان استعمالها حتى لو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي . انظر : احمد غاي ، الحماية القانونية لحرمة المسكن ، دار هومة ، الطبعة الاولى 2008 ، ص 27 وما يليها
[15] يقصد بالتفتيش البحث في مستودع السر عن أدلة تفيد إثبات الجريمة أو نسبتها إلى متهم معين . أو هو البحث في مسكن شخص ما أو في أي مكان آخر عن أشياء أو دلائل ذات علاقة بالجريمة . ويقصد بالمنزل كل مكان مسكونا فعلا أو معدا للسكنى سواء كان الشخص يقيم فيه بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة ويعتبر كذلك في حكم المسكن توابعه كالحدائق والمخازن وغيرهما ( م 355 ق ع ). انظر بغدادي الجيلالي ، التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية ، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الأولى 1999 ص 30.؛ جمال نجيمي ، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي دراسة مقارنة ، دار هومة 2012 ، ص 388.
[16] نصت المادة 22 من القانون 13-07 على انه " لا يمكن انتهاك حرمة مكتب المحامي ولا يتم أي تفتيش أو حجز في مكتب المحامي إلا من قبل القاضي المختص بحضور النقيب أو ممثله أو بعد إخطارهما قانونا.تعد باطلة الإجراءات المخالفة للأحكام المنصوص عليها في هذه المادة ."
نشير إلى أن المشرع الفرنسي مدد هذه الحرمة لمسكن المحامي كذلك بحصره التفتيش للقضاء فقط وبحضور النقيب وعدم جواز الاطلاع على الوثائق التي يتم اكتشافها خلال التفتيش إلا من طرف القاضي والنقيب فقط( م56-1 ق ا ج ف )
[17] لا يجوز إظهار هوية الحقيقية للضابط أو العون الذي نفذ عملية التسرب شخصيا تحت هوية مستعارة ولا تظهر خلال جميع مراحل الإجراءات تحت طائلة العقوبات الجزائية التي قررتها المادة 65مكرر 16 ق ا ج نظرا لخطورة العملية على شخص المتسرب وأفراد أسرته كذلك.
[18] انظر المواد 51 ، 51 مكرر ، 51 مكرر1 ، 52 ق ا ج
-
-
-
المحور الثاني
يعرف بالأنظمة القانونية للتحقيق ومهام قاضي التحقيق وخصائص التحقيق القضائي ضمن محتويات الفصل الثاني
****************************
الفصل الثاني
تطور أنظمة التحقيق والمحاكمة
لقد تطورت نظم الإجراءات الرامية إلى التحقيق والمحاكمة الجزائية وفق أنماط ثلاثة وهي :
1-النظام الاتهامي
في ظل هذا النظام ترفع الدعوى العمومية من المضرور مباشرة أمام القاضي شأنها شأن الدعوى المدنية دون أن يسبقها التحقيق ؛ و المدعي فيها هو المتضرر من الجريمة و المدعى عليه فيها هو المتهم و لكل منهما أن يدلي بما له من أدلة قصد إقناع القاضي الذي يقتصر عمله على ترجيح الأدلة ثم الحكم في النزاع.و الملاحظ على هذا النوع من الأنظمة الإجرائية هو تركه للضحية يواجه خصمه بمفرده و عليه يقع عبء الإثبات و جمع الأدلة فإن عجز خسر دعواه كما يتميز هذا النظام بالدور السلبي للقاضي و شفوية الإجراءات و علانيتها.
لقد كان هذا النظام سائدا في أوروبا منذ الحضارة اليونانية إلى غاية القرون الوسطى أين بدأ ظهور المحاكم الكنسية التي تعتنق النظام التنقيبي، بينما بقي النظام الاتهامي سائدا في النظم الأنجلوسكسونية مثل بريطانيا والولايات المتحدة.[1]
2-نظام التنقيب و التحري
ظهر هذا النظام في أوروبا خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر من خلال محاكم التفتيش البابوية وهو يهدف من حيث المبدأ إلى تضييق المجال على المتهمين كي لا يفلتوا من العقاب. و فيه تمر الدعوى العمومية بمرحلة تسبق المحاكمة و هي مرحلة التحقيق حيث تتولى الدولة جمع الأدلة بواسطة أجهزتها سريا في مواجهة الخصوم في بعض الحالات و كان لا يسمح فيها للمتهم بالاستعانة بالمحامي فضلا عن تعذيبه و إكراهه و الغش في مواجهته لحمله على الاعتراف.
وفي هذا النظام تغير دور القاضي من حكم حيادي إلى عضو فاعل يبحث عن الحقيقة.
3-النظام المختلط
أمام سلبيات كل من النظامي السابقين عمدت التشريعات الحديثة إلى الجمع بينهما و تفادي تلك العيوب و النقائص ضمانا للتوازن بين مراكز الخصوم و حرصا على السرعة و الفعالية في التحقيق و صون حقوق المتقاضي .
لقد اختلفت التشريعات المعاصرة في لأخذ بهذا النظام الأخير فمنها من يسعى إلى تحقيق عدالة ناجعة و فعالة بأقل تكلفة و في أسرع الآجال إما بتبرئة المتهم أو بمعاقبته على وجه العجلة تحقيقا للردع العام . بينما يرى اتجاه الأخر خلاف الأول و ذلك من خلال الوصول إلى الحقيقة لتوقيع الجزاء العادل حتى و لو طال الزمن للوصول إلى تلك النتيجة . وأخيرا يذهب اتجاه ثالث إلى محاولة التوفيق بين الطرفين السابقين لتحقيق تلك المصالح مع مراعاة الإمكانيات المادية و البشرية و المالية المتوفرة لدى كل دولة .
و من خلال الدراسات المقارنة تظهر لنا ثلاثة أنواع من أجهزة التحقيق فمن القوانين من يسنده إلى جهاز مستقل و منها من يلغيه و منها من يأخذ بالاتجاهين معا في شكل نظام مختلط ففي فرنسا مثلا أنشئ نظام قاضي التحقيق سنة 1808 و هو يقضي بالفصل بين سلطتي الاتهام ( النيابة ) و التحقيق ( قاضي التحقيق ) و كذلك أخذ المشرع المصري ضمن ما يعرف بقانون تحقيق الجنايات الصادر بعده في 1883 من خلال إيجاده لمنصب قاضي التحقيق يختص بالتحقيق وجوبا في مواد الجنايات واختياريا في الجنح و المخالفات لكنه ما لبث أن تراجع عن هذا الاختيار سنة 1895 مسندا التحقيق إلى جهة الاتهام ( النيابة ) و أعطاها الحق في انتداب قاض للتحقيق في بعض المواد و استقر أخيرا على إسناد التحقيق القضائي لقضاة النيابة العامة.
بعد الحرب العالمية الثانية ظهر تيار سياسي ينادي بصيانة حقوق الأفراد أدى إلى ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10/12/48 ثم الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في 1950 ونتج عنهما تسابق الدول الغربية في الأخذ بنظام قاضي التحقيق المستقل عن سلطة الاتهام و هو موقف المشرع الجزائري من خلال الأمر 66-155 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية و ظل الوضع على هذا الحال إلى اليوم علما و أن المشرع الجزائري فرق بين ثلاثة مراحل للتحقيق الأولى و تمر بمرحلة التحقيق الأولي أو الابتدائي (م 63 ق ا ج ) أو جمع الاستدلالات أو إجراءات التحري ( م 11 ق ا ج)La recherche و الثانية تسمى بالتحقيق L’instruction ou l’informationو يقوم به كل من قاضي التحقيق على مستوى المحكمة و غرفة الاتهام على مستوى المجلس القضائي كجهاز للمراقبة و الفصل في الأعمال القضائية الصادرة عن قضاة التحقيق بناء على استئناف من النيابة العامة، المتهم ، الضحايا حسب الحالات ووفق ما يسمح به قانون الإجراءات الجزائية لكل طرف في هذا الخصوص.[2] وفيه أخذ المشرع الجزائري بالنظامين حيث السرية في مرحلتي التحري والتحقيق والعلنية في مرحلة المحاكمة أمام جميع الجهات باستثناء محاكمة الأحداث التي تتم في كنف السرية على أن يتم النطق بالحكم في جلسة علنية .
وعلى ضوء ما تقدم نتناول التحقيق القضائي الذي يقوم به قاض مستقل من النظام القضائي ينتمي إلى القضاء الجالس مهمته التحقيق لصالح المتهم ولصالح الحق العام في كنف الحياد التام .
وقبل الخوض في هذه المهمة التي يتولاها قاضي التحقيق يجدر بنا أن نعرف المقصود من كلمة التحقيق، فالتحقيق لغة هو التصديق أو التأكيد أو التثبت، أما اصطلاحا فله معنيين الأول ضيق ويراد به مجموع الإجراءات التي يقوم بها الجهاز القضائي المكلف بالتحقيق قصد التثبت من الوقائع المعروضة عليه ، ومعرفة كل من ساهم في ارتكابها لإحالته على المحاكمة قصد توقيع الجزاء المناسب عليه .
أما الثاني فهو واسع ويراد به مجموع إجراءات البحث والتحري المنوطة بالشرطة القضائية ورجال القضاء بدءا بقاضي التحقيق أساسا وغرفة الاتهام استثناء .
يأخذ النظام القضائي الجزائري بنظام قاضي التحقيق كهيئة مستقلة تتولى مهمة التحقيق القضائي الابتدائي على مستوى المحكمة وهو يعين بقرار من وزير العدل لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد من بين قضاة القضاء الجالس ، الذي يمثل السلطة القضائية بحصر المعنى لانعدام علاقة التبعية ، إذ لا يخضع في عمله إلا لضميره وللقانون ، ولذلك فهو يحقق لصالح جهة الاتهام كما يحقق لصالح المتهم مثلما تمليه المادة 68 ق ا ج بقولها " يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام وأدلة النفي" وهو يستعين في أداء مهامه بالقوة العمومية مباشرة ، ولا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا نظرها بصفته قاضيا للتحقيق وإلا كان ذلك الحكم باطلا (المادة 38 ق ا ج ).كما أنه لا يباشر مهمته تلقائيا بل لا بد من أن يخطر إما من طرف النيابة بموجب طلب افتتاحي لإجراء التحقيق أو بناء على شكوى مصحوبة بادعاء مدني يقدمها الشخص المتضرر من الجريمة ضررا شخصيا ومباشرا ، إما بنفسه أو بواسطة محاميه ( م 38/3 ق ا ج )
خصائص التحقيق القضائي
يتميز التحقيق القضائي بخاصيتين :
أولا/ السرية في مواجهة الشعب( الجمهور ) بحيث لا يجوز اطلاع أي كان بالإجراءات الجارية أمام المحقق لتمكين القاضي من العمل في هدوء واطمئنان وتركه إلى ضميره للبحث عن حقيقة الاتهام وجودا وعدما ،ذلك أن اطلاع الجمهور على هذا العمل من شأنه أن يؤثر على حسن سيره وقد ينتهي بإفلات مجرمين من العقاب لمعرفتهم السابقة بسير العملية ومن هم الأشخاص الذين ينوي القاضي سماعهم لإفادة التحقيق وقد يتعرضون للضغط أو تملى عليهم الشهادة مع الملاحظ أن تلك السرية محمية بموجب القانون الجزائي والقانون الأساسي للقضاء والمرسوم التنفيذي المنظم لمهنة أمناء الضبط وقانون المحاماة ( م 11، 84 ، 85 ق ا ج ).[3]
ثانيا / علنية التحقيق بالنسبة للخصوم حيث يجوز لكل من وكيل الجمهورية ومحامي المتهم حضور التحقيق في كل مراحله و توجيه الأسئلة للمتهم بواسطة القاضي بالنسبة للمحامي، ومباشرة بالنسبة لوكيل الجمهورية مع الملاحظ أنه في الحضور الأول لا يمكن توجيه الأسئلة من أحد بمن فيهم القاضي المحقق نفسه .
ولإقامة التوازن بين المتهم وجهة الاتهام وجد قاضي التحقيق الذي يتميز كذلك بالخصائص التالية:
1-حياد قاضي التحقيق
مهمة قاضي التحقيق هي الفصل في النزاع القائم بين جهة الاتهام و المتهم ويجب أن يتم هذا الفصل بطريقة حيادية عن الخصوم وهذه الحيدة من أهم الضمانات في التحقيق ومن نتائجها التحقيق لصالح المتهم ولصالح جهة الاتهام وهو ما نصت عليه المادة 68 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها " يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام وأدلة النفي "وقد كرست المحكمة العليا هذا الاتجاه بقولها (( مهام قاضي التحقيق ليس دحض تصريحات الضحية وإنما البحث في أدلة الاتهام وأدلة النفي والسعي حثيثا لإظهار الحقيقة ومهام قضاة التحقيق ليس وصف الشكوى بالمزاعم أو افتراض أن الدليل مصطنع من لدن الشاكي وإنما البحث والتحري في حقيقة الشكوى والتصرف طبقا للقانون. ويتعين التذكير بان قضاء التحقيق بدرجتيه مخول له قانونا القيام بكافة الإجراءات القانونية لإظهار الحقيقة وأساسها التحقيق في أدلة الاتهام وأدلة النفي بواجب الحياد والعدالة))[4] . وقد أردفت المادة 69 مكرر من ذات القانون قائلة " يجوز للمتهم أو محاميه و/ أو الطرف المدني أو محاميه في أية مرحلة من مراحل التحقيق أن يطلب من قاضي التحقيق تلقي تصريحاته أو سماع شاهد أو إجراء معاينة لإظهار الحقيقة" .
يستفاد من النصين المذكورين سعي المشرع إلى إظهار مهام قاضي التحقي في البحث عن الحقيقة بوجهيها رغم أن قاضي التحقيق لم يوجد إلا لهذه المهمة ولكن مع ذلك يحرص المشرع على بيان مهمة هذا القاضي لتحقيق الغاية التي وجد من اجلها إلى درجة أن سمح للخصوم بتقديم طلب لسماعهم وسماع شهودهم وإجراء معاينة لإظهار الحقيقة وفي حالة رفضه للطلب وجب أن يكون بأمر مسبب قابل للاستئناف أمام غرفة الاتهام.
2- استقلال سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام
تبدو أهمية هذا المبدأ في تحقيق العدالة، فجمع النيابة العامة لسلطتي التحقيق والاتهام تجعلها خصمها وحكما في الوقت نفسه الأمر الذي يترتب عليه التشدد مع المتهم و عدم الاعتناء بدفاعه. وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ ذلك أن قاضي التحقيق بمجرد اتصاله بملف الإجراءات يقوم بمهامه دون التقيد بطلبات النيابية وهو ما يستشف من نص المادة 69/3 ق ا ج " و إذا رأى قاضي التحقيق أنه لا موجب لاتخاذ الإجراءات المطلوبة منه..." الشيء الذي يكرس تلك الاستقلالية والتجرد من أي تبعية لجهة الاتهام .
كما تتجلى الاستقلالية في عدم تقيد قاضي التحقيق بالتكييف الذي تأخذ به النيابة فمن حق القاضي أن يعيد تكييف الوقائع من الأشد إلى الأخف أو العكس شريطة إبلاغ النيابة لتأخذ موقفا بالموافقة إن اقتنعت أو باستئناف الأمر إن رأت خلاف ذلك.كما للنيابة أن تتصرف في حرية المتهم وفقا لقناعتها حتى وان خالفت طلبات النيابة التي تملك فقط استئناف الأمر.
3-استقلالية سلطة التحقيق عن قضاء الحكم
حرص المشرع على تكريس مبدأ الاستقلالية كذلك بأن منع قاضي التحقيق من الحكم في قضية حقق فيها تحت طائلة بطلان الحكم ( م 38/1 ق ا ج ).ومن مظاهرها عدم جواز إعادة الملف من طرف جهة الحكم لجهة التحقيق لاستكماله أو للقيام بأي إجراء ما ذلك أن جهة الحكم نفسها عندما تتصل بالدعوى للحكم فيها تملك صلاحية إجراء تحقيق تكميلي تقوم به بنفسها لا بواسطة قاضي التحقيق ولا بواسطة النيابة وهو ما جاءت به المادة 356 ق ا ج بقولها " إذا تبين انه من اللازم إجراء تحقيق تكميلي يجب أن يكون ذلك بحكم ويقوم بهذا الإجراء القاضي نفسه." وقد أكدت المحكمة العليا هذا الاتجاه .
نشير إلى أن التحقيق على هذا الوجه لا يسري عليه حكم المادة 38/1 ق ا ج التي تمنع قاضي التحقيق من النظر في قضية حقق فيها بنفسه.
4- عدم مسؤولية قاضي التحقيق
مثله مثل وكيل الجمهورية و أعضاء النيابة الآخرين لا يؤاخذ قاضي التحقيق عن الأعمال من صميم مهامه مثل إيداع متهم رهن الحبس المؤقت أثناء التحقيق وبقائه كذلك المدة القانونية ثم يصدر لصالحه أمرا بالا وجه للمتابعة ويفرج عنه فهذا لا يعد خطا مستوجبا للمسؤولية لكن الأخطاء العمدية كالغش و التدليس أو الإبقاء على المتهم رهن الحبس خارج الآجال التي يسمح بها القانون فهذه أخطاء ترتب مسؤولية القاضي المهنية وحتى الجزائية .
5- القابلية للرد (la récusation) والتنحية (le dessaisissement ) .
بخلاف عضو النيابة ، فإن قضاة التحقيق مثلهم مثل قضاة الحكم ( القضاء الجالس ) قابلون للرد متى توفرت إحدى شروطه المنصوص عليها حصرا في المادة 554 ق ا ج لأنهم يفصلون في خصومه بين جهة الاتهام و المتهم و الضحية.
كما يجوز لوكيل الجمهورية وللمتهم وللضحية طلب تنحية ملف القضية من القاضي لحسن سير العدالة [5] وذلك بتوجيه الطلب في شكل عريضة مسببة توجه إلى رئيس غرفة الاتهام وتبلغ إلى القاضي المعني لتقديم ملاحظته بشأنها و بعدها يصدر رئيس غرفة الاتهام قراره في خلال 30 يوما بعد سماع النائب العام حول المسألة فإما أن يقرر رفض طلب التنحية لعدم كفاية الأسباب وإما أن يستجيب للطلب وحينها يقرر الرئيس إسناد الملف لقاض آخر من قضاة التحقيق لمواصلته و لا يكون قرار رئيس غرفة الاتهام قابلا لأي طعن ( م 71 ق ا ج ).
6- انعدام التبعية التدرجية
بخلاف أعضاء النيابة العامة فإن قضاة التحقيق لا يخضعون لتعليمات رؤسائهم الشفوية أو الكتابية، مع أنه يمكن غرفة الاتهام أن تأمر قاضي التحقيق بإجراء تحقيق تكميلي و إعادة الملف إليها فيكون منتدبا من طرف الغرفة ولا يملك التصرف فيه من جديد لأنه خرج من حوزته بموجب أمر[6]، لكنها لا تملك أمره بأن يطلق سراح محبوس أو أن يودع متهما الحبس المؤقت أو أي إجراء آخر يخالف قناعته الذاتية لأنه مستقل لا يخضع إلا لضميره وللقانون. غير أننا نشير إلى أن رئيس المجلس القضائي يمارس على مكاتب التحقيق رقابة إدارية للسير الحسن لها فقط ، فإذا وجد الرئيس ملفات مكدسة لم يتم التصرف فيها أمكنه البحث عن الأسباب خاصة لما يتعلق الأمر بملفات المحبوسين ومع ذلك لا يمكنه أن يتدخل في عمل قاضي التحقيق وهي الصلاحيات التي تمليها المادة 203 من قانون الإجراءات الجزائية[7] و لا تعد بحال من الأحوال تدخلا في عمل القاضي.
ثالثا/ ازدواجية دور قاضي التحقيق
يقوم قاضي التحقيق بجمع الأدلة و فحصها للوصول إلى الحقيقة سواء لصالح جهة الاتهام أو لصالح المتهم نفسه. كما يقوم بالتصرف في التحقيق بإصدار أوامره المختلفة ، إن بانتفاء وجه الدعوى (لا وجه للمتابعة ) أو بإحالة المتهم على قسم الجنح أو المخالفات ليحاكم طبقا للقانون أو بإرسال الملف إلى النائب العام في مواد الجنايات بعد نهاية التحقيق لعرضه على غرفة الاتهام .
رابعا / ضمانات التحقيق
تحقيقها لغاية الشرعية الإجرائية ضمَّن المشرع قانون الإجراءات الجزائية العديد من المبادئ التي تعد ضمانات للتحقيق منها:
1-سرعة إجراء التحقيق :و هي التعجيل للمتهم من أجل إما إحالته لكي يحاكم ويتعرف على مصيره وحريته و إما إخلاء ساحته من الاتهام .غير أن السرعة لا تعني التسرع الذي قد يؤدي إلى هدر حقوق المتهم نفسه أو حق المجتمع ، بل يتعين التروي دائما والتصرف بحكمة وعن بصيرة.
2- تدوين التحقيق : وهي من العمليات التي تعد فيها الإجراءات التي تمت مكتوبة حجة على الأطراف، فلا يمكن الاعتماد على ذاكرة المحقق لإثبات الأدلة.[8]ويجب أن تتم كتابة المحاضر من طرف أمين الضبط الذي يساعد المحقق في أداء مهامه عند السماع والاستجواب والمواجهة وإعادة تمثيل الجريمة ويقوم هذا الأخير بتوقيع المحاضر تأكيدا لصحتها مع التأشير على مطابقة نسخها للأصل وعموما يعد بمثابة موثق جلسات التحقيق كما أنه مطالب بترتيب أوراق ملف القضية في أربع ملفات فرعية يتعلق الأول بالشكل والثاني بالاستعلامات والثالث بالحبس المؤقت والرابع بالأساس أو الموضوع وذلك ما نص عليه المنشور الوزاري رقم 314 المؤرخ في 12/04/1967 .[9]
[1] نجيمي جمال ، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي دراسة مقارنة ، دار هومة 2012 ، ص 32
[2] أنظر الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجزائية أي المادة 66 وما بعدها .
[3] بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 64 وما بعدها .
[4] قرار في 18/01/17 ملف رقم 11535991 غير منشور استشهد به الأستاذ أحسن بوسقيعة في كتابه المتضمن قانون الإجراءات الجزائية منشورات برتي الطبعة 15
[5] هذا السبب في حقيقة الأمر يتسم بعدم الوضوح لأن مفهوم حسن سير العدالة مفهوم غامض قابل للتفسير من شخص لآخر مما يجعل قاضي التحقيق عرضة لضغط معنوي ينتزع من بين يديه ملف ما بحجة حسن سير العدالة على خلاف حالات الرد التي تتسم بشيء من الوضوح.
[6] ما دامت غرفة الاتهام قد ألغت أمر قاضي التحقيق القاضي بانتفاء وجه الدعوى وأمرته من جديد بمواصلة التحقيق فان قاضي التحقيق هنا يكون منتدبا من غرفة الاتهام للقيام بمواصلة التحقيق فقط دون إصدار أمر التصرف . وبما أن قاضي التحقيق اصدر أمر التصرف مرة ثانية وان غرفة الاتهام صادقت على ذلك في قرارها المطعون فيه فان هذا يعتبر خطأ لمخالفته المادة 190 ق ا ج . قرار في 11/04/2000 ملف 240239 منشور بالمجلة القضائية 2001 العدد الأول ص 328.
[7] يراقب رئيس غرفة الاتهام ويشرف على مجرى إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجلس ويتحقق بالأخص من تطبيق شروط الفقرتين الخامسة والسادسة من المادة68 ويبذل جهده في ألا يطرأ على الإجراءات تأخير بغير مسوغ.
وتحقيقا لهذا الغرض تعد كل ثلاثة أشهر بكل مكتب تحقيق قائمة ببيان جميع القضايا المتداولة مع ذكر تاريخ اخر إجراء من إجراءات التحقيق تم تنفيذه في كل قضية منها. وتبين القضايا التي فيها محبوسون مؤقتا في قائمة خاصة وتقدم هذه القوائم المنصوص عليها في هذه المادة لرئيس غرفة الاتهام وللنائب العام.
[8] سليمان بارش ، مرجع سابق ، ص173
[9] بغدادي الجيلالي ، نفس المرجع ، ص 63
-
-
المحور الثالث يبين اختصاصات قاضي التحقيق وكيف يتصل بالدعوى العمومية من خلال الطلب الافتتاحي أو الشكوى المصحوبة بالإدعاء المدني
-
المحور الثالث
يبين اختصاصات قاضي التحقيق وكيف يتصل بالدعوى العمومية من خلال الطلب الافتتاحي أو الشكوى المصحوبة بالإدعاء المدني وهي محتويات الفصل الثالث
***********************************************
الفصل الثالث
اختصاص قاضي التحقيق وكيفية
اتصاله بالدعوى العمومية
يختص قاضي التحقيق إما محليا أو نوعيا أو شخصيا كما يمكن أن يمتد اختصاصه خارج دائرة المحكمة التي يعمل بها، بل قد يكون له اختصاص دولي كما سنرى .
ويمكننا تعريف الاختصاص بأنه الصلاحية التي يعطيها القانون للقاضي للفصل في نزاع ما؛ وتبعا لهذا يختص قاضي التحقيق اختصاصا شخصيا ومحليا ونوعيا.
أولا-الاختصاص المحلي
حدد المشرع القواعد العامة المتعلقة بالاختصاص المحلي أو الإقليمي لقاضي التحقيق[1] في المادة 40 من قانون الإجراءات الجزائية كما يلي :
إما في المكان الذي وقعت به الجريمة ( مكان تنفيذ الركن المادي فيها ) أو مكان إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها( مسكن المتهم ) أو محل القبض على أحد هؤلاء الأشخاص ولأي سبب كان حتى ولو لم يكونوا مقيمين به. تلك هي القاعدة العامة في بناء الاختصاص المحلي وهو من النظام العام لا يجوز مخالفته كما انتهت إلى ذلك المحكمة العليا . غير أن المشرع أجاز تمديد ( توسيع ) عمل قاضي التحقيق إلى جهات أخرى من التراب الوطني حسب الكيفيات المبينة بالمادة 40 مكرر وما بعدها ؛ويمكن تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق للأسباب التالية:
1-تمديد الاختصاص المحلي بسبب نوع الجريمة المرتكبة
يجوز تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى يحددها التنظيم( أي بموجب مرسوم تنفيذي ) وقد صدر بهذا الخصوص مرسوم تنفيذي رقم06-348 المؤرخ في 05/10/2006 وعدل في 2016 مدد بموجبه اختصاص قضاة تحقيق كل من محكمة سيدي امحمد التابعة لمجلس الجزائر إلى ولايات الوسط (ومنها مجلس قضاء المسيلة بكل محاكمه) ومدد اختصاص قاضي التحقيق بقسنطينة إلى ولايات الشرق الجزائري، ومدد اختصاص قاضي التحقيق بمحكمة ورقلة إلى ولايات الجنوب وأخيرا مدد اختصاص قاضي التحقيق بمحكمة وهران إلى ولايات الغرب و ذلك في بعض الجرائم فقط وهي :جرائم المخدرات ، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال و الإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف. فعندما تقع أية جريمة من هذا النوع بدائرة اختصاص محكمة تابعة لقاضي التحقيق بالجزائر فإن ضباط الشرطة القضائية يباشرون مهمتهم العادية فيحررون المحاضر بشأنها في أصل ونسختين ويقدمون الفاعل أمام وكيل الجمهورية المختص الذي يقرر ما يراه لازما من متابعات بشأنها. كما يقوم وكيل الجمهورية لمكان وقوع جريمة من النوع المبين في المادة 37/2 ق ا ج بإرسال النسخة الثانية من المحضر إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة ذات الاختصاص الإقليمي الموسع الذي يتبعه كما تقضي بذلك المادة 40 مكرر1 المعدلة بالأمر 20-04 .
و فور تلقي وكيل الجمهورية للجهة القضائية ذات الاختصاص الموسع للنسخة الثانية ، إذا ما رأى أن الجريمة تدخل ضمن اختصاص المحكمة المذكورة ، وبعد استشارة النائب العام الذي يتبعه وكيل الجمهورية ، يطالب بالتخلي عن الملف لصالح تلك المحكمة على أن يخضع ضباط الشرطة القضائية العاملون بتلك المحكمة أين تم تحرير المحاضر الأولية لتعليماته مستقبلا. كما يمكن لوكيل الجمهورية المطالبة بملف الإجراءات عندما يكون مختصا وفقا للمادة 40مكرر ق ا ج في أية مرحلة تكون عليها الإجراءات ودائما بعد أخذ رأي النائب العام .
وإذا كان ملف القضية بين يدي قاضي التحقيق وجب عليه إصدار أمر بالتخلي لصالح زميله بالجهة الموسعة وتصبح لهذا الأخير سلطة على ضباط الشرطة القضائية الذين حرروا الملف الأصلي للإجراءات ويتلقون منه التعليمات.
2-تمديد الاختصاص القضائي للقطب الجزائي الوطني المتخصص لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية.
أنشأ الأمر 20-04 بموجب مادته 211 مكرر قطبا جزائيا وطنيا يقع بمحكمة مقر مجلس قضاء الجزائر العاصمة يخضع فيه كل من قاضي التحقيق ورئيس القطب لسلطة رئيس مجلس قضاء الجزائر .
يهدف إنشاء هذا القطب إلى محاكمة مرتكبي الجرائم الاقتصادية والمالية بالنظر لخطورتهما الإجرامية على المجتمع، وأعطاه اختصاصا وطنيا يشمل كافة إقليم الجمهورية. كما أعطى النص المذكور صلاحيات قضائية مشتركة [2]يمارسها كل من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق ورئيس القطب من جهة مع وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق ورئيس الجهة القضائية ذات الاختصاص الموسع من جهة ثانية ورجح المشرع اختصاص القطب على حساب الجهة الموسعة عندما تتم المطالبة بالملف من طرف الجهتين في الوقت ذاته حيث تتخلى المحكمة ذات الاختصاص الموسع وجوبا عن ملف الإجراءات لصالح القطب الجزائي الوطني المتخصص.
مواد الاختصاص التابعة للجهتين :
يختص كل من القطب الجزائي الوطني والجهة القضائية ذات الاختصاص الموسع بالنظر في الجرائم التالية :
1- الإهمال الواضح -الذي يرتكبه موظف عمومي كما هو معرف بالمادة2 من قانون مكافحة الفساد - المؤدي إلى سرقة أو اختلاس أو تلف أو ضياع أموال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقود أو أموال منقولة وضعت تحت يده سواء بحكم وظيفته أو بسببها .
2- جرائم تبييض الأموال كما هي معرفة بالمواد 389مكرر ، مكرر 1 ، مكرر2 ، مكرر3 ق ع .
3-الجرائم المتعلقة بمكافحة الفساد ( الرشوة، اختلاس المال العام ، التبديد الغدر ، التمويل الخفي للأحزاب السياسية...)
4- الجرائم المنصوص عليها بالامر96-22 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج.
5- بعض الجرائم المتعلقة بمكافحة التهريب المنصوص عليها بالامر06-05 ( المواد من 11 إلى 15 )
6- الجريمة المالية والاقتصادية الأكثر تعقيدا؛ والتي عرفها الأمر 20-04 بالمادة 211مكرر3 /2 بأنها : الجريمة التي بالنظر إلى تعدد الفاعلين أو الشركاء أو المتضررين أو بسبب اتساع الرقعة الجغرافية لمكان ارتكاب الجريمة أو جسامة الأضرار المترتبة عليها أو لصبغتها المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو لاستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في ارتكابها ، تتطلب اللجوء إلى وسائل تحرٍ خاصة أو خبرة فنية متخصصة أو تعاون قضائي دولي.
"
* الاختصاص الحصري لقاضي التحقيق بمحكمة مقر مجلس قضاء الجزائر
لم يكتف المشرع بالجهات القضائية ذات الاختصاص الموسع والتي كانت تسمى سابقا بالأقطاب الجزائية الخمسة ، فأضاف لها قطبا جزائيا متخصصا في الجرائم المالية والاقتصادية ، كما أنشأ محكمة بمقر المجلس القضائي للجزائر العاصمة منحها اختصاصا حصريا للمتابعة والتحقيق والمحاكمة في جرائم الإرهاب والتخريب كما هي معرفة بالأمر 95-11 المعدل والمتمم لقانون العقوبات والتي تضمنتها المادة 87مكرر ؛المطات(les tirets) 6-9-10-12-13 والمادة 87 مكرر6 الفقرة 2 من نفس القانون ، والجرائم المنصوص عليها في القانون 05-01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما وخصوصا مادتيه 3 و3مكرر وكذا في الجريمة المنظمة عبر الوطنية ذات الوصف الجنائي والجرائم المرتبطة بها أيا كانت طبيعتها وأعطاها المشرع اختصاصا وطنيا و حصريا لا يمكن لأية جهة قضائية وطنية أن تزاحمها فيها .
نشير إلى أن ضباط الشرطة القضائية عندما يعالجون قضايا من النوع المذكور بالمادة 211مكرر18 من الأمر 20-04 فإنهم يحررون الملفات المتعلقة بها ويوافون بها وكيل الجمهورية لدى محكمة مقر مجلس قضاء الجزائر العاصمة مباشرة دون المرور بوكيل الجمهورية الذي يتبعونه. فإذا افترضنا أن جريمة تتعلق بتبييض الأموال قد تمت وقائعها بمدينة بشار فإن ضباط الشرطة القضائية بهذه المدينة يعالجونها على مستواهم ويتواصلون مباشرة بوكيل الجمهورية بمحكمة الجزائر بداية من التقارير الإخبارية كما يتلقون منه التعليمات الضرورية ، وانتهاء بتقديم الأطراف أمامه وملف الإجراءات مع أدلة الإقناع ، ويتم التحقيق القضائي بهذه المحكمة كما يتلقون الإنابات القضائية من قاضي التحقيق لهذه المحكمة عندما يخطر بالملف وتتخذ بقية الإجراءات الأخرى كما هي معرفة في قانون الإجراءات الجزائية ضمن مجلس قضاء الجزائر ( غرفة الاتهام + محكمة الجنايات )
وإذا رأى وكيل الجمهورية بمحكمة مقر مجلس قضاء الجزائر أن الوقائع ليست من اختصاص محكمته فيصدر مقررا يتخلى بمقتضاه عن الملف لصالح وكيل الجمهورية المختص محليا وفي المثال السابق يعيد ملف الإجراءات لوكيل الجمهورية بمحكمة بشار لمواصلة السير في القضية بما يراه مناسبا.
كما يمكن قاضي التحقيق لمحكمة الجزائر أن يصدر أمرا بالتخلي عن القضية لصالح القاضي المختص بها محليا وفي المثال السابق قاضي التحقيق بمحكمة بشار، إذ بعد أن يصير الأمر بالتخلي نهائيا يحول الملف إلى ذلك القاضي بسعي من النيابة مع بقاء أوامر القبض أو الإيداع سارية المفعول.
3- تمديد الاختصاص القضائي للقطب الجزائي الوطني المتخصص لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال
أسند المشرع للقطب الجزائي المتخصص المنشأ على مستوى محكمة مقر مجلس الجزائر بموجب المادة 211 مكرر22 من الأمر 21/11 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية جرائم متصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال والجرائم المتصلة بها. وتتجلى مهمته في المتابعة والتحقيق والحكم في هذه الجرائم . وقد عرف القانون المذكور هذه الجرائم بقوله :'' يقصد بمفهوم هذا القانون ، بالجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ، أي جريمة ترتكب أو يُسهِّلُ ارتكابها استعمال منظومة معلوماتية أو نظام للاتصالات الالكترونية أو أي وسيلة أخرى أو آلية ذات صلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال.'' وقد منح القانون لكل من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بهذا القطب المتخصص في هذا النوع من جرائم المعلوماتية والجرائم المتصلة بها اختصاصا حصريا على كافة تراب الوطن خارج نطاق اختصاصهما التقليدي بالمحكمة التي يمارسون بها وظائفهم عادة. وجاءت المادة 211مكرر24 من ذات الأمر لبيان تلك الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال معددة إياها كالتالي :
-الجرائم الماسة بأمن الدولة أو بالدفاع الوطني( تاركا تفسير هذه الجرائم للفقه والقضاء )
-جرائم نشر وترويج أخبار كاذبة بين الجمهور من شأنها المساس بالأمن أو السكينة العامة أو استقرار المجتمع.
- جرائم نشر وترويج أنباء مغرضة تمس بالنظام والأمن العموميين ذات الطابع المنظم أو العابر للحدود الوطنية.
- جرائم المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات المتعلقة بالإدارات والمؤسسات العمومية[3].
- جرائم الاتجار بالأشخاص(303مكرر 4 وما بعدها من القانون 0901 المعدل لقانون العقوبات ) أو بالأعضاء البشرية ( 303مكرر 16 من القانون 09-01 أو تهريب المهاجرين( 303 مكرر 30 من القانون09-01)
- جرائم التمييز وخطاب الكراهية (القانون20-05 )
كما أضاف الأمر .../21 نوعا من الجرائم سماها بالجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال الأكثر تعقيدا على غرار الجرائم الاقتصادية الأكثر تعقيدا ، ثم عرفها في المادة 211مكرر 26 بأنها : '' يقصد بالجريمة المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال الأكثر تعقيدا بمفهوم هذا القانون ، الجريمة التي بالنظر إلى تعدد الفاعلين أو الشركاء أو المتضررين أو بسبب اتساع الرقعة الجغرافية لمكان ارتكاب الجريمة أو جسامة آثارها أو الأضرار المترتبة عليها أو لطابعها المنظم أو العابر للحدود الوطنية أو لمساسها بالنظام أو الأمن العموميين ، تتطلب استعمال وسائل تحر خاصة أو خبرة فنية متخصصة أو اللجوء إلى تعاون قضائي دولي.''
وأخيرا نزع القانون المذكور صلاحية المتابعة والتحقيق والمحاكمة من القطب المذكور ومنحها للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي إذا كانت الجريمة معلوماتية ولها طابع اقتصادي أو مالي.(م 211مكرر 28)
4-تمديد الاختصاص إلى بعض الجرائم المرتكبة من طرف بعض المسؤولين
ونعني بهم أحد قضاة المحكمة أو أحد ضباط الشرطة القضائية ( ورؤساء البلديات) الذين قد يرتكبون جنايات أو جنح . وحرصا على نزاهة التحقيق وتكريسا لاستقلالية القاضي وعدم وضعه في موقف محرج، فإن المشرع ارتأى عرض الملف على قاضٍ للتحقيق غير القاضي الذي وقعت الجريمة بدائرة اختصاصه، ويتم الإجراء بعرض الملف على النائب العام لدى المجلس القضائي الذي يقرر المتابعة ويعرض الملف على رئيس المجلس القضائي لاختيار قاضٍ للتحقيق يسند إليه ملف الإجراءات .[4]
أما إذا تعلق الاتهام بأحد أعضاء المجلس القضائي ونعني بهم نائب الرئيس ومساعدو النائب العام ورؤساء الغرف والمستشارون (ما عدا النائب العام والرئيس) أو رئيس محكمة أو وكيل جمهورية فإن الأمر يرفع إلى النائب العام لدى المحكمة العليا الذي يرفع القضية للرئيس الأول للمحكمة العليا لتعيين أحد قضاة التحقيق خارج دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يعملون بدائرة اختصاصه للتحقيق معهم( م 575 ق ا ج )تجدر الإشارة إلى أن التحقيق يمس كذلك الشركاء بصرف النظر عن صفاتهم ( م 578 ق ا ج )كما يجوز الادعاء بالحق المدني أمام جهة التحقيق التي تقوم بالإجراء.
وإذا كان مرتكب الجناية أو الجنحة أثناء مباشرة مهامه أو بمناسبتها أحد أعضاء الحكومة [5] ( وزير أو وزير منتدب أو كاتب دولة ) أو أحد قضاة المحكمة العليا[6] أو أحد قضاة مجلس الدولة أو محكمة التنازع أو أحد الولاة أو رئيس مجلس قضائي أو رئيس محكمة إدارية ، أو نائب عام لدى مجلس قضائي أو محافظ دولة بالمحكمة الإدارية فإن وكيل الجمهورية الذي يخطر بالقضية يحيل ملفها على النائب العام لدى المحكمة العليا بالطريق السلمي ، أي بواسطة النائب العام ثم هذا الأخير يرفعه إلى النائب العام بالمحكمة العليا الذي بدوره يخطر الرئيس الأول للمحكمة العليا الذي يعين محكمة لمباشرة إجراءات المتابعة والتحقيق والمحاكمة وبهذا يكون المشرع قد أزال ما يسمى بالامتياز القضائي الذي كان يخص هذه الفئات .
تجدر الملاحظة أن تحريك الدعوى العمومية تقوم به النيابة العامة لوحدها ولا يجوز للضحية تحريكها بموجب الشكوى المصحوبة بالإدعاء المدني وهنا يكون المشرع قد أغلق الباب في وجه المضرور من الجريمة في ملاحقة هذه الفئات .
من جهة أخرى فإن حكم الفقرة الأولى من المادة 573 ق ا ج لا يطبق إذا كانت الفئات المذكورة أعلاه قد ارتكبت إحدى الجرائم التي تدخل في اختصاص القطب الجزائي المالي والاقتصادي المنشأ بموجب المادة 211 مكرر وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائيــــة.
4-تمديد الاختصاص إلى الجنايات والجنح المرتكبة على ظهر المراكب أو متن الطائرات
تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجرائم الموصوفة جنايات والجنح المرتكبة على متن السفن التي تحمل الراية الجزائرية بصرف النظر عن جنسية مرتكبها عندما تقع في عرض البحر أو البحر العام [7]، أي خارج المياه الإقليمية الوطنية ( 12 ميلا بحريا ) كما تختص بها أيضا عند وقوعها على ظهر سفينة أجنبية راسية في ميناء جزائري( م590 ق ا ج )كما تختص هذه الجهات أيضا بنظر الجنايات والجنح المرتكبة على ظهر الطائرات الجزائرية مهما كانت جنسية مرتكبها ، وكذلك عندما يكون الفاعل جزائريا أو الضحية جزائريا ولو كانت الطائرة أجنبية أو في حالة هبوط الطائرة بمطار جزائري بعد وقوع الجريمة .وتختص بنظرها محكمة مكان هبوط الطائرة أو مكان القبض على الفاعل إذا غادر المطار وقبض عليه في دائرة اختصاص محكمة أخرى ( م 591 ق ا ج ).
5-تمديد الاختصاص بسبب الارتباط[8]
تكون الجرائم مرتبطة إما ارتباطا بسيطا أو ارتباطا وثيقا لا يقبل التجزئة. وقد نص المشرع على حالات الارتباط البسيط في المادة 188 ق ا ج معددا حالاتها الأربع وهي ليست على سبيل الحصر بل على سبيل البيان كما انتهت إليه المحكمة العليا في أحد قراراتها. [9] كما أنها تقوم على معايير منها وحدة الزمان والمكان أو اتحاد القصد ووحدة الغرض ( تدبير إجرامي واحد )[10] أو عندما تجمعهم رابطة السببية مثل قيامهم ببعض الجرائم لتسهيل ارتكاب أخرى كسرقة وسائل تستعمل في سرقات أخرى أو في حالة إخفاء متحصلات الجرائم وهذه تجمعها وحدة محل الجريمة ؛ لكنه مع ذلك لم يعرف الارتباط تاركا مجاله للفقه الذي عرفه بأنه : "الصلة التي تجمع عدة جرائم بعضها بعضا دون أن تمنع من بقاء كل جريمة مستقلة عن الأخرى "
أما الارتباط الوثيق فلم يعرفه المشرع و مع ذلك يمكن تعريفه بأنه الارتباط بين مجموعة من الجرائم لا يمكن الفصل بينها أو لا تقبل التجزئة فيقضى بضمها وتمديد الاختصاص. فعندما نكون أمام جريمة تزوير يتعدد فيها الفاعلون وتكون الأدلة مشتركة بينهم فيجب إحالتها على جهة واحدة تفاديا لصدور أحكام متعارضة ولحسن سير العدالة أيضا وهو ما يعرف بضم القضايا .
6 -تمديد الاختصاص لداعي الأمن العمومي أو لحسن سير القضاء أو لقيام شبهة مشروعة
ضمانا من المشرع لحياد القاضي وتحقيقا للعدالة فقد سمح للمحكمة العليا أن تأمر بتخلي أية جهة قضائية عبر الوطن عن التحقيق في قضية ما ( جناية – جنحة –وحتى المخالفة ) أو المحاكمة فيها لداعي الأمن العمومي وإحالتها على جهة قضائية من نفس الدرجة ( م 548 ق ا ج ) لمنع الجمهور من إحداث الشغب والاضطرابات الماسة بالنظام العام كما حدث مع قضايا وقعت بمدينة غرداية وتمت محاكمة المتورطين فيها بمجلس قضاء المسيلة و قسنطينة خلال سنة 2016 وكذلك في قضية قاتل الرئيس بوضياف بمدينة عنابة أين أمرت المحكمة العليا بتخلي مجلس قضاء عنابة عن نظر القضية لصالح مجلس الجزائر.ويتم تقديم عريضة التخلي لداعي الأمن العمومي من طرف النائب العام لدى المحكمة العليا أما إذا كان السبب هو الشبهة المشروعة فيجوز تقديمها من النائب العام لدى المحكمة العليا أو من النائب العام لدى المجلس القضائي أو من المتهم أو من المدعي المدني ( م549 ق ا ج ) وتبلغ العريضة في كل الحالات إلى أطراف الدعوى لإيداع مذكرة بأوجه دفاعهم لدى رئيس أمانة ضبط الغرفة في خلال 10 أيام ( م 551 ق ا ج )
7-تمديد الاختصاص إلى الجرائم الواقعة خارج التراب الوطني( الاختصاص الدولي )
تقضي القاعدة العامة أن القانون الجزائي يطبق على إقليم الدولة البري والبحري والجوي تطبيقا لمبدأ إقليمية النص العقابي ( م 3 ق ع ). غير أنه قد يحصل أن تقع جرائم تمس بسيادة الدولة الجزائرية أو بأمنها أو بعملتها الوطنية ، فيصبح قضاؤها مختصا عن طريق التمديد بعنوان المادة 582 ق ا ج على أن تتوفر الشروط التالية :
أن يكون مرتكبها جزائري الجنسية ولم تتم محاكمته في الخارج عن تلك الواقعة التي تشكل جناية أو جنحة في نظر القانون الجزائري ولا عبرة للتكييف القانوني الأجنبي أو لتكييف القاضي الأجنبي وأن يعود ذلك الجزائري لأرض الوطن وألا يكون قد حوكم من أجلها في البلد الأجنبي أو قضى العقوبة المحكوم بها عليه أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل العفو عنها.
أما الأجنبي الذي يرتكب جريمة بالخارج ضد أمن الدولة الجزائرية أو مصالحها الأساسية أو المحلات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية أو أعوانها أو تزييف لنقود أو أوراق مصرفية وطنية متداولة قانونا بالجزائر أو أي جناية أو جنحة ترتكب إضرارا بمواطن جزائري بالخارج فإن القضاء الجزائري يصبح مختصا بنظرها وهي الأحكام التي جاء بها تعديل المادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بالأمر 15/02 نظرا لوقوع اعتداءات على مصالح جزائرية بالخارج ولا سيما المقرات الدبلوماسية ( في المغرب و في العراق وفي مالي ومحاولات في ليبيا من طرف الجماعات الإرهابية المسلحة هناك)بل وصل الأمر إلى الاعتداء على مهاجرين جزائريين غير شرعيين ( حراقة ) إلى درجة القتل كما حصل مع المسمى ب – م الذي مات في أحد المعتقلات باسبانيا وتدخلت السلطات الجزائرية وعلى رأسها وزارة العدل التي أمرت نيابة الجمهورية بفتح تحقيق في الموضوع عملا بالمادة 588 المعدلة حديثا في 2015.
كما نص القانون 20-05 المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما في المادة 21 منه على منح الاختصاص للقضاء الجزائري في هذا النوع من الجرائم إذا ارتكبت بالخارج وكان ضحيتها جزائري أو أجنبي مقيم بالجزائر على أن تكون المحكمة المختصة هي محكمة محل إقامة المضرور أو موطنه المختار .
ثانيا - الاختصاص النوعي
الأصل أن قاضي التحقيق يختص بالتحقيق في جميع القضايا المحالة إليه بموجب طلب افتتاحي أو بشكوى مصحوبة بادعاء مدني أيا كانت طبيعتها أو نوعها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ويسند نظرها إلى جهات قضائية ذات طبيعة خاصة أو استثنائية كمحاكم الأحداث والمحاكم العسكرية والمجالس الخاصة بقمع الجرائم الاقتصادية المحدثة بالأمر الصادر في 21/06/1966 الملغاة بالقانون 90/22 في 18/08/90 ومحكمة أمن الدولة المنشأة بالمادتين 327-18 و 327-26 من قانون الإجراءات الجزائية الملغاة في 25/04/89 والمجالس الخاصة بمحاكمة جرائم الإرهاب والتخريب المنشأة بموجب المرسوم التشريعي 92/03 الملغى ، مع الملاحظ أن المشرع الجزائري أزال هذه التفرقة بين أنواع الجرائم وأبقى على اختصاص قضاء الأحداث والقضاء العسكري فقط كقضاء استثنائي.هذا وتعد قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام ويترتب على مخالفتها البطلان .
ثالثا-الاختصاص الشخصي
يختص قاضي التحقيق بالتحقيق مع جميع الأشخاص كأصل عام غير انه يصبح غير مختص شخصيا إذا كان مرتكب الجريمة عسكريا طبقا للمادة 25 من قانون القضاء العسكري أو إذا كانت الواقعة جنحة مرتكبة من متهم حدث أو جناية عندما لا يكون هو القاضي المعين والمكلف بالتحقيق في جنايات الأحداث مثلما أصبحت تنص عليه المادة 62/2 من قانون حماية الطفل رقم 15-12 .
طرق اتصال قاضي التحقيق بالدعوى
(La saisine du juge d’instruction )
إن اختصاص قاضي التحقيق بالتحقيق في القضية مرهون بإجراء ين هما :الطلب الافتتاحي[11] و الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني على التفصيل الآتي .
أولا: الطلب الافتتاحي
لا يمكن قاضي التحقيق أن يخطر نفسه بنفسه لمباشرة التحقيق القضائي بل عليه أن يقوم بذلك انطلاقا من أحد الإجراءين السابقين وهذا تطبيقا لمبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق( م1 مكرر ق ا ج والمادة 67و 68 ق ا ج )
وتكملة لذلك ،لا يمكن قاضي التحقيق اتخاذ المبادرة للتحقيق تلقائيا في الوقائع التي تصل إلى علمه، بل أن وكيل الجمهورية هو المختص أصلا بتحريك الدعوى العمومية والتماس التحقيق القضائي فيها وفقا لما يتمتع به من سلطة تقديرية ما لم يكن ملزما باتخاذ إجراءات التحقيق ( الجنيات وجنح الأحداث وفي الحالات الخاصة) مع الإشارة إلى أنه حتى إذا وجد كل من قاضي التحقيق و وكيل الجمهورية في مكان الحادث لا يمكن للأول أخذ المبادرة و الشروع في التحقيق إلا بطلب من وكيل الجمهورية الحاضر معه.
نشير إلى أنه لا يعتبر طلبا افتتاحيا لتحريك الدعوى العمومية ذلك الذي من خلاله يقوم وكيل الجمهورية بتوجيه الطلب لقاضي التحقيق من أجل البحث عن أسباب الوفاة طبقا للمادة 62 /4 ق ا ج ولأحكام قانون الحالة المدنية وإنما هو طلب استثنائي لا يعقبه إصدار قاضي التحقيق لأي أمر. وبمجرد نهاية مهمته يعيد الملف لوكيل الجمهورية للتصرف فيه بفتح تحقيق ضد شخص مسمى أو ضد مجهول أو لحفظه إذا توفرت شروط ذلك[12].
1- مضمون الطلب الافتتاحي
-الوثائق التي يستند عليها و المتمثلة في محاضر جمع الاستدلالات ( محاضر الشرطة القضائية ) مع الإشارة إلى رقمها وتاريخ تحريرها.
-تعيين القاضي المحقق باسمه الشخصي و الغرفة التي يشتغل بها ( غ 1، غ2...)ويجوز أن يشترك في التحقيق الواحد أكثر من قاض يلحق به على أن ينسق القاضي الأصلي العمل وهو المسؤول عن إجراءات الحبس المؤقت والرقابة القضائية و أوامر التصرف في القضية (م70 المعدلة بالقانون 06- 22 )
-تحديد هوية المتهم وتاريخ ميلاده - لمعرفة ما إذا كان بالغا أو حدثا - إذا كانت معروفة. و يجوز أن يوجه الطلب ضد شخص غير مسمى ( ضد مجهول ) وكل من يسفر عليه التحقيق .
-يجوز أن يوجه التحقيق إلى شخص معنوي محدد سواء بمفرده أو بمعية الشخص الطبيعي مرتكب الجريمة.
-الوقائع المنسوبة للمتهم ( السرقة ، القتل ، المتاجرة بالمخدرات .....) ويوم ومكان وقوعها و النصوص الجزائية التي تحكمها.
-التماسات النيابة مثل إيداع المتهم رهن الحبس المؤقت ، تسليط الرقابة القضائية عليه ، أو عبارة إصدار أمر مناسب، تعيين خبير ...الخ
-تأريخ الطلب(date) مع ختمه(cachet) والتوقيع الخطي (signature) لوكيل الجمهورية.
2- جزاء تخلف بعض البيانات
إذا لم يتم توقيع الطلب أو ختمه أو تأريخه ترتب على ذلك بطلانه وهو ما انتهى إليه القضاء الفرنسي في 23/01/1973)[13] معتبرا هذه الشكلية إجراء جوهريا و لا يمكن لطلب افتتاحي غير موقع وغير مختوم من طرف وكيل الجمهورية أن ينتج عنه إخطار صحيح (une saisine régulière ) لقاضي التحقيق لمباشرة هذا الإجراء بل إن ما يتبعه من إجراءات يكون باطلا أيضا.
3- آثار الطلب الافتتاحي
و من آثار هذا الطلب انقطاع التقادم بخصوص جميع الوقائع المشار إليها في الطلب وكذلك ينتج عنه اتصال قاضي التحقيق بالدعوى و خروجها من حوزة النيابة وينتج عن ذلك ما يلي .
أ-عينية الدعوى أو التقيد بالوقائع ([14] (La saisine in rem
و معنى ذلك أن قاضي التحقيق يحقق في الوقائع المنسوبة للمتهم من طرف النيابة العامة ( جهة الاتهام ) فقاضي التحقيق مطلوب منه تحقيق في وقائع فإذا ما توصل إلى وقائع أخرى لم يشر إليها الطلب الافتتاحي فعليه إخبار النيابة بها و التي يمكنها حينئذ تقديم طلب إضافي بالتحقيق في هذه الوقائع المستجدة ( م 67/4 ق ا ج ).و مع هذا فإن المبدأ لا يقيد قاضي التحقيق بخصوص إعادة تكييف الواقعة تكييفا مغايرا لوصف جهة الاتهام على ضوء دراسة الواقعة [15]لا سيما إذا علمنا أن له الصفة في التحقيق في جميع ظروف وملابسات القضية أو الوقائع التي تعدل أو ترفع من درجة خطورتها فضلا عن انه لا يملك مكنة عدم التحقيق فيها .
ويؤدي هذا المبدأ إلى نتيجة أخرى وهي إن قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق في واقعة السرقة تجاه متهم معين بذاته لا يمكنه أن يحقق في خيانة أمانة قام بها المتهم نفسه ولا في جريمة إخفاء أشياء مسروقة ولا يجوز له التحقيق أيضا في جرائم سرقات أخرى متزامنة مع الوقائع الواردة في الطلب الافتتاحي وإذا تضمن الطلب الافتتاحي جريمة الإجهاض ضد مجهول فلا يجوز للمحقق أن يحقق في وقائع مماثلة وصلت إلى علمه إلا إذا تلقى بشأنها طلبا إضافيا.[16]
ب-تنحية الملف من قاضي التحقيق
يمكن لوكيل الجمهورية طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق لحسن سير العدالة و إسناده لقاض آخر فيرفع الطلب إلى رئيس غرفة الاتهام للبت فيه بقرار غير قابل لأي طعن في خلال 30 يوما( م 71/4 ق ا ج ) بعد استطلاع رأي النائب العام مع الملاحظة أن لكل من الضحية والمتهم الحق في إتباع هذا المسلك.
ما يلاحظ على النص هو هلامية مصطلح " حسن سير العدالة dans l’intérêt d’une bonne administration de la justice » الذي يفتقد إلى الضوابط مما يجعل قاضي التحقيق محل اتهام بعدم قدرته على تسيير الملف الذي بين يديه وفقا لما يتطلبه النص .
ج- عدم تقيد قاضي التحقيق بالأشخاص (saisine in personam)
إذ ما تبين لقاضي التحقيق أثناء مجريات التحقيق وجود أشخاص آخرين ساهموا في ارتكاب الجريمة بصفتهم فاعلين أصليين أو شركاء ولم يشر إليهم وكيل الجمهورية في الطلب الافتتاحي جاز لقاضي التحقيق توجيه الاتهام لهؤلاء الأشخاص مع عرض الأمر على النيابة العامة ( م 67/3 ق إ ج والتي جاء فيها "ولقاضي التحقيق سلطة اتهام كل شخص ساهم بصفته فاعلا أو شريكا في الوقائع المحال تحقيقها إليه"
د- عدم جواز التراجع عن المتابعة الجزائية من طرف النيابة أو تغيير طريقها[17].
كما هو معلوم فالدعوى العمومية ملك للمجتمع إذا ما حركتها النيابة لا يجوز لها التنازل عنها أو التراجع مهما كانت الأسباب إلا إذا وجد نص قانوني مخالف لهذا المبدأ . كما أن متابعة أشخاص أمام التحقيق عن واقعة محددة تمنع النيابة من متابعتهم بموجب الاستدعاء المباشر عن الواقعة نفسها. و إذا ما استفاد الشخص المتابع بإجراءات التحقيق بأمر انتفاء وجه الدعوى فلا يمكن للنيابة متابعته بموجب إجراء آخر مثل الاستدعاء المباشر حول تلك الوقائع...وهو الشيء نفسه الذي ينطبق على الطرف المدني الذي يحرك الدعوى بموجب شكوى مصحوبة بادعاء مدني لا يمكنه اتخاذ سبيل آخر ويكون العكس صحيحا إذا ما قامت النيابة أو الطرف المدني بتحريك الدعوى بموجب إجراءات الاستدعاء المباشر أمام قسم الجنح ثم تهمله وتسلك طريق الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق.
أما الإجراء الثاني الذي يتصل بموجبه قاضي التحقيق بالدعوى العمومية فهو الشكوى المصحوبة بادعاء مدني.
ثانيا : الشكوى المصحوبة بادعــــاء مدني طبقا للمادة 72 وما بعدها ق ا ج
الأصل أن تحريك الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة لكن يجوز للمضرور بصفة استثنائية تحريكها ( م 1مكرر /2 ق ا ج )[18] بأن يسلك طريق الشكوى المشفوعة بادعاء مدني يقدمها بين يدي قاضي التحقيق ( المدني ) المختص نوعيا ، فلا يجوز الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق (العسكري ) لأن تحريك الدعوى العمومية موكول لوزير الدفاع وحده ولا يمكن للطرف المضرور أن يشاركه فيها على غرار القاضي المدني، والمختص محليا كذلك بالنظر لمقتضيات المادة 40 ق ا ج مع جواز إحالته على القاضي المختص عملا بالمادة 77 ق ا ج.
وتقدم الشكوى ضد الفاعل وشركائه في جناية أو جنحة فقط بينما استثنى المشرع مواد المخالفات من هذا الإجراء بعد أن كان مسموحا به، وهو ما يستفاد من نص المادة 72 ق ا ج المعدلة بموجب القانون 06/22 المؤرخ في 20/12/2006. ونشير هنا إلى أن قاضي التحقيق غير ملزم بتكييف المدعي المدني ، بل أنه مكلف بوضع الوصف القانوني للوقائع المشار إليها بالشكوى ، فضلا عن شرط يخص المضرور وهو أن يكون الضرر اللاحق به ضررا مباشرا ناتجا عن الجناية أو الجنحة المطلوب التحقيق فيها تحت طائلة عدم قبول الإدعاء[19] وألا يوجد هناك مانع يحول دون إقامة الدعوى العمومية كأن تكون الجريمة وقعت خارج التراب الوطني أين تختص النيابة العامة وحدها بحق الملاحقة طبقا للمادة 587 من قانون الإجراءات الجزائية أو أن يكون الفاعل ممن عددتهم المادة 573 ، وألا يصدر في الجريمة أمر أو قرار نهائي بألا وجه للمتابعة أين تصبح النيابة وحدها مختصة بحق تقديم طلب جديد بعنوان المادة 175 /3 ق ا ج ؛ وألا يوجد مانع من موانع تحريك الدعوى العمومية كالسرقة بين الأصول والفروع أو أن يتطلب القانون شرط الإذن كما هو الحال بالنسبة لأعضاء البرلمان ( م 126-127-128 من الدستور) أو عندما يتم التحقيق وفقا لإجراءات خاصة كما هو الشأن بالنسبة لأعضاء الحكومة والقضاة والولاة وضباط الشرطة القضائية (المواد من 573الى 577 ق ا ج ).وألا تكون الدعوى العمومية قد انقضت طبقا للمادة 6 ق ا ج أو أن الوقائع لا تحمل وصفا جزائيا، أو لوجود سبب من أسباب الإباحة بعنوان المواد 39-40 ق ع وقد عبر عنها المشرع وجمعها في المادة 73/3 ق ا ج
1-إجراءات الإدعاء المدني لتحريك الدعوى العمومية
يحرر المضرور شكوى مكتوبة [20]يودعها لدى أمانة ضبط قاضي التحقيق سواء بنفسه بعد أن يؤرخها ويوقعها أو بواسطة محاميه، يسرد فيها مختصرا للوقائع المطلوب التحقيق فيها ، ذاكرا تاريخ وقوعها ومكانه والأشخاص الذين يعتقد أنهم قاموا باقترافها مع تحديد عناوينهم إذا كانوا معروفين لديه لتمكين القاضي من استدعائهم؛ علما أنه يجوز للمدعي مدنيا أن يوجه شكواه ضد مجهول[21]،كما يجوز له أن يوجهها ضد الشخص المعنوي. كما يجب أن تتضمن فضلا عن ذلك اسم المدعي المدني ولقبه وموطنه فإن لم يكن له موطن بدائرة اختصاص المحكمة وجب عليه اختيار موطن له بدائرتها ويمكن أن يكون موطن المحامي هو الموطن المختار في هذه الحالة.وإذا لم يقم بتعيين موطن لا يمكنه الاحتجاج بعدم تبليغه بالإجراءات ويبقى ادعاؤه صحيحا .[22]كما يتعين على المدعي المدني أن يصرح بأنه ينتصب طرفا مدنيا للمطالبة بحقوقه قِبَلَ المشتكى منه صراحة ، لأن الأمر يتعلق بشكوى مع مطالبة مدنية وليس ببلاغ فقط كما يحصل أمام الضبطية القضائية وأمام النيابة العامة حتى وإن كانت محاضرهما تشير إلى أن الشخص يطالب بحقوقه المدنية مستقبلا وهو سؤال جوهري قد يترتب عنه حفظ القضية في غياب تأكيد الشكوى عندما تكون شرطا لازما للمتابعة.
أخيرا وجب على المحقق أن يحدد مبلغ الكفالة وهو مبلغ مالي نقدي يدفعه المدعي بالحق المدني من ماله الخاص [23]بين يدي أمين الضبط المكلف بالصندوق تحت طائلة رفض الإدعاء المدني إلا إذا استفاد من المساعدة القضائية.[24]
2-إجراءات الادعاء المدني أثناء سير التحقيق
في هذه الحالة يكون التحقيق قد بدأ إما بادعاء مدني من شخص وتدخل شخص ثان وثالث للانتصاب أطرافا مدنية كما يحصل عادة في جرائم السرقة حيث يفتتح التحقيق وما أن يعلم الضحايا المتأخرون بالقبض على الفاعل وملاحقته حتى يتوجهون إلى مكتب قاضي التحقيق وتنصيب أنفسهم أطرافا مدنية وإما في حالة فتح التحقيق بمعرفة النيابة بموجب طلب افتتاحي لإجراء التحقيق وفي الحالتين يكون الانضمام جائزا كما نصت عليه المادة 74 ق ا ج ما لم تتم المنازعة فيه من طرف النيابة أو المتهم أو تلقائيا من طرف قاضي التحقيق ( م74/2-3 ق ا ج ).
3-آثار الإدعاء المدني
يؤدي الإدعاء المدني إلى تحريك الدعوى العمومية ويصبح المدعي مدنيا مسئولا عن نتائجها عندما تنتهي إلى أمر بألا وجه للمتابعة.كما يؤدي قبول الادعاء المدني إلى وجوب عرض الشكوى على وكيل الجمهورية لإبداء الرأي في خلال 5 أيام ، إما بالموافقة وعندها يقدم طلبا افتتاحيا ضد شخص مسمى عندما تكون الشكوى حسب النيابة مؤسسة ولها ما يؤيدها ،وفي الحالة العكسية يقدم وكيل الجمهورية طلبا ضد شخص غير مسمى أو كل من يكشف عنه التحقيق ؛أو بالاعتراض على تحريك الدعوى العمومية عندما يرى مانعا من تحريكها أو أنها تكتسي الطابع المدني ...الخ وفي هذه الحالة إذا أراد قاضي التحقيق مع هذا مواصلة التحقيق صار ملزما بإصدار أمر مسبب مخالفا لطلبات النيابة التي يجوز لها أن تستأنفه أمام غرفة الاتهام.كما يجوز للمدعي مدنيا أن يستأنف أمر قاضي التحقيق الذي يرفض التحقيق في ادعائه.
نشير أخيرا إلى حق المدعي المدني في التنازل عن ادعائه وهنا تجب التفرقة بين حالتين ، عندما تكون الدعوى العمومية مرهونة بشكوى الضحية تنتهي المتابعة إلى الأمر بألا وجه للمتابعة ، أما في الحالة العكسية فإن المدعي المدني يفقد حقه في الانتصاب طرفا مدنيا ويجوز سماعه إذ ذاك شاهدا ، ويحق له مباشرة ادعائه أمام المحكمة المدنية المختصة.[25]
هذا ولا يجوز لقاضي التحقيق أن يرفض إجراءه بحجة عدم تمكنه من تحديد هوية المشتكى منه لأن القواعد العامة التي تنظم الادعاء المدني تفرض فتح تحقيق في الجريمة التي يدعي الشاكي أنه مضار منها ولو كان ذلك ضد شخص غير مسمى لأن للقاضي كل الصلاحيات للكشف عن مرتكبها. كما أن عدم حضور المدعي المدني لا يؤدي إلى رفض ادعائه طالما استوفت شروطها الشكلية والموضوعية .
ومن الآثار المترتبة عن قبول الادعاء المدني استفادة الطرف المدني بجميع الحقوق المقررة قانونا للخصوم من حيث الاستعانة بالمحامي والإعلان بالأوامر الصادرة وتقديم الطلبات و الدفوع اللازمة وحقه في مناقشة الشهود وحضور إجراءات التحقيق وحقه أيضا في الطعن بالاستئناف في الأوامر المضرة بمصلحته وحقه في التنازل عن شكواه وقتما شاء.[26]
4-سماع المشتكى منه في الادعاء المدني وضرورة تخييره بين مركزين قانونيين ( شاهدا[27] أو متهما )وفقا للمادة 89 ق ا ج
أوجبت المادة 89 ق ا ج على قاضي التحقيق عند سماعه للشاهد الموجهة ضده شكوى مع ادعاء مدني أن يحيط ذلك الشاهد بحقه في الخيار بين أن يسمع شاهدا أو يسمع متهما. وإذا اختار المركز الثاني وجب على المحقق أن يسمعه بهذه الصفة ولا يحلفه يمين الشاهد حتى لا يحبط حقه في الدفاع فيجد نفسه بين وضعين إما أن يحلف ويقول الحقيقة ضد نفسه فتصبح أقواله حجة عليه، وإما أن يحلف كاذبا وهنا يرتكب إثم الحلف الكاذب مع عدم الاعتداد بشهادته.وعند مخالفة المحقق لهذا الالتزام القانوني بإعلام الشخص المسموع بحقه في الخيار يترتب على ذلك الإجراء البطلان .[28]
[1] فيما مضى كان يجوز لقاضي التحقيق بمحكمة ما أن تسند له إدارة غرفتي تحقيق لمحكمتين مختلفتين بموافقة وزير العدل وذلك راجع إلى النقص في عدد القضاة أما اليوم فان كل محكمة تنفرد بقاض أو أكثر للتحقيق يشتغل في نطاق اختصاص المحكمة التي عين فيها .
[2] جاء في نص المادة المذكورة اصطلاح الاختصاص المشترك ويقابله في النص الفرنسي La compétence concurrente وأنا أتحفظ على الترجمة إلى العربية لأن كلمة مشترك تعني بالفرنسية (commun) بينما كلمة (La compétence concurrente) تعني الاختصاص التنافسي ، ويبدو أنه الأقرب إلى المعنى الصحيح ، مع أنه اصطلاح جديد أتى به المشرع الجزائري ولم يسبق للفقه أن تناوله من قبل ، وإن كان المشرع الفرنسي قد نص عليه في المادة 705 ق ا ج ف.
[3] حصر المشرع هذه الجريمة عندما تكون الضحية مؤسسة أو إدارة عامة علما وان هذا النوع من الجرائم سبق النص عليه في المادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية وجاء مطلقا واسند فيه المشرع الاختصاص للأقطاب الموسعة طبقا للمادة 40مكرر1 من الأمر 20-04 كما استحدث الأمر 21/11 نوعا جديدا من الاختصاص سماه الاختصاص المشترك منح بموجبه الاختصاص بنظر هذا النوع من الجرائم لكل من القطب الموسع والقطب الجزائي المتخصص ( م 211مكرر 27)
[4] يصبح التحقيق هنا لزوميا حتى في مادة الجنح مع انه في الأصل اختياري يخضع لتقدير وكيل الجمهورية عملا بالمادة 66/2 ق ا ج بسبب وجود نص خاص هو نص المادة 576 ق ا ج .
[5] هل الوزير الأول أو رئيس الحكومة مشمول بنص المادة 573 المعدلة بموجب القانون 20-04 أم غير معني بالمتابعة ؟ أم أن المشرع أخضعه لمتابعة خاصة أمام المحكمة العليا للدولة التي نص عليها الدستور ؟
[6] هل يعد كلا من الرئيس الأول والنائب العام والمحامون العامون قضاة بالمحكمة العليا ويخضعون لحكم المادة 573 التي عددت الفئات المعنية بتطبيقها ؟ في اعتقادي أنهم مشمولون بحكم هذه المادة لأنه لا أحد فوق القانون ، غير أنني أرى أن النص يستحق تفصيلا يزيل كل غموض ،فإذا افترضنا أن النائب العام لدى المحكمة العليا هو مرتكب الجناية أو الجنحة فمن يتولى نقل الملف إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا لتعيين إحدى المحاكم لمباشرة إجراءات المتابعة والتحقيق والمحاكمة ؟ وإذا كان الرئيس الأول محل اتهام فكيف يتم الإجراء ؟
[7] يخضع البحر العام كأصل عام للجماعة الدولية ... أما البحر الإقليمي فهو الجزء الذي يمتد بين إقليم الدولة والبحر العام.انظر ابراهيم احمد شلبي ، مبادئ القانون الدولي العام ، دار القلم ، بيروت ( لبنان ) ، دون سنة نشر ، ص 156 وما بعدها .
[8] La connexité.
[9] بغدادي الجيلالي ، نفس المرجع ، ص 115
[10]Soit par concert préalable et unité de dessein lorsqu’elles ont été accomplies en des temps et des lieux différents mais par plusieurs personnes agissant en parfait accord ( crimes commis par des bandes organisées qui agissent , après s’être concertées dans des régions différentes), voir Gaston Stefani et autres , op. cit., p 444 n°446.
[11] M'hamed Abed ,La saisine du juge d'instruction , O P U – E N A L 1988 p 36 et s.
[12] انظر قرار المحكمة العليا رقم 7552250 في 21/07/11 منشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا العدد الأول ، 2012 ، ص404
[13] بغدادي الجيلالي مرجع سابق ص 80 وكذلك :
Pierre Chambon , op. cit., p 49
[14] G.Stefani et autres op. cit., p 507, M’hamed Abed , op . cit., p 157
[15] Pierre Chambon, op. cit ., p 51
[16] Ibidem.
[17] Irrévocabilité de la saisine du juge d’instruction et interdiction de changer de voie
[18] ينبغي التمييز بين مصطلحي تحريك الدعوى العمومية(la mise en mouvement de l’action publique) وهو بداية سيرها وتقديمها لقاضي التحقيق لإجراء بحث فيها وإما للمحكمة الجزائية المختصة للفصل فيها. وبمجرد اتصال أي منهما بها تبدأ مرحلة جديدة هي مباشرة الدعوى العمومية أي ممارستها(l’exercice de l’action publique ) وهي تشمل جميع الإجراءات اللازمة للوصول إلى معاقبة المتهم وتنفيذ الحكم ضده.أنظر بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 84.
Voir aussi M’hamed Abed , op. cit ., p 175 et s.
[19] يكون الادعاء المدني مقبولا حتى لو كان القضاء الجزائي غير مختص بنظر الدعوى المدنية لوجود الإدارة طرفا فيه كما هو الشأن بالنسبة للمستشفيات العمومية أين ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري . انظر :Gaston Stefani et autres , op. cit., p 506
[20] أجاز القضاء الفرنسي أن تكون الشكوى شفاهية أمام قاضي التحقيق .نقض جنائي فرنسي في 28/05/1968 أشار إليه الأستاذ Pierre Chambon في كتابه سالف الذكر ، ص 81.
[21] قد يعمد المدعي مدنيا أن لا يذكر أسماء المشتكى منهم ويترك للمحقق مهمة البحث عنهم بما له من صلاحيات تفاديا للرجوع عليه مستقبلا بعد انتهاء التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى ، أو ربما خوفا من الانتقام .
[22] انظر المادة 76 ق ا ج التي جاء فيها " على كل مدع مدني لا تكون إقامته بدائرة اختصاص المحكمة التي يجري فيها التحقيق أن يعين موطنا مختارا بموجب تصريح لدى قاضي التحقيق. فإذا لم يعين موطنا فلا يجوز للمدعي المدني أن يعارض في عدم تبليغه الإجراءات الواجب تبليغه إياها بحسب نصوص القانون" .
[23] يحق لنا أن نتساءل عن إلزام المدعي مدنيا بمبلغ الكفالة عندما تكون إدارة عمومية أو شخصا معفى قانونا من المصاريف القضائية أمام عموم نص المادة 75 الذي حصر الإعفاء من الكفالة بالنسبة لحالة المساعدة القضائية فقط.
[24] انظر المادة 75 ق ا ج ونشير هنا إلى حق المدعي المدني في استرجاع ما بقي من الكفالة بعد خصم المصاريف القضائية منها بعد صدور أمر بانتفاء وجه الدعوى لصالح المشتكى منه وهذا موقف المحكمة العليا في قرارها الصادر يوم 23/01/08رقم 457348.
[25]P. Chambon , op. cit., p94 et s.
[26] بغدادي الجيلالي ، نفس المرجع ، ص 147
[27] C’est le témoin assisté…le juge d’instruction devait informer la personne nommément visée par une plainte avec constitution de partie civile qu’elle pouvait sur sa demande être inculpée, de façon à bénéficier d’un avocat lequel pourrait prendre connaissance du dossier de la procédure… voir Gaston Stefani et autres , op. cit., p 518 n°528-1
[28] نقض جنائي فرنسي في 24/10/1988 أشار إليه P. Chambon نفس المرجع ، ص 91.
-
-
-
المحور الرابع
ويتناول كيفية جمع الأدلة من طرف المحقق
وهو ما يتضمنه الفصل الرابع.
*************************************************
الفصل الرابع
إجراءات جمع الأدلـــة
بعد تلقي قاضي التحقيق ملف الإجراءات إما بموجب طلب افتتاحي أو من خلال الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني ، يشرع في التحقيق مستعملا جملة الصلاحيات المخولة له قانونا .و يبدأ بالاستجوابات و إصدار الأوامر و إن دعت الضرورة انتقاله إلى مكان ارتكاب الجريمة بقصد المعاينة أو إعادة تمثيل الجريمة ثم التفتيش وحجز الأشياء المضبوطة وندب الخبراء و سماع الشهود وغيرها من الإجراءات الرامية إلى الوصول إلى الحقيقة من منطلق نص المادة 68 ق ا ج .
1-الاستجواب والمواجهة وسماع الطرف المدني
و يقصد بالاستجواب في معرض الإجراءات الجزائية ذو المدلول التقني بأنه : " محاورة المحقق للمتهم يتم من خلاله تلقي تصريحاته والإجابة على أسئلة القاضي.[1]كما عرفته محكمة النقض الفرنسية بأنه :" هو طريقة للتحقيق في القضية عن طريق أسئلة يطرحها قضاة معينون لهذا الغرض على متهمين (نقض جنائي فرنسي في 2مارس1972). أما المواجهة[2] فهي تقديم المتهم أمام الشاهد للتعرف عليه ومواجهته بما يعرفه عن الوقائع أو عن شخص المتهم ولنفي هذا الأخير ما جاء به الشاهد ، ويمكن أن تتم أيضا بين المتهمين[3] أنفسهم عند تعارض أقوالهم للبحث عن أيها يمكن اعتباره مطابقا للحقيقة من عدمها ولا يجوز مواجهة الشهود بعضهم ببعض. وأخيرا فإن الإجراء الذي يتم في مواجهة الطرف المدني يدعى سماعا لا استجوابا وهو لا يؤدي يمينا غير أن الذي يجمعه مع الاستجواب هو الحق في الاستعانة بمحام لكليهما في الحالتين ( م 105 ق ا ج )
1-1 الاستجواب عند الحضور الأول
يحصل هذا الإجراء بمناسبة حضور المتهم لأول مرة أمام قاضي التحقيق إثر تقديمة (une présentation) أو بناء على استدعاء لهذا الغرض عندما يكون حرا. وقد نص المشرع في المادة 100 ق ا ج على كيفية القيام بهذا الإجراء بداية من تحقق القاضي من هوية المتهم ثم إحاطته علما بالواقعة أو الوقائع المنسوبة إليه والنصوص القانونية التي تحكمها وهو ملزم بإعلامه بحقه في عدم التصريح بأي كلام مع ذكر ذلك في المحضر. وطالما أن المتهم حر في اختيار موقفه يمكنه التصريح للمحقق وعندها يقوم هذا الأخير بأخذ أقواله في المحضر .وفضلا عن هذا يجب عليه إخباره بحقه في اختيار محام للحضور معه قبل مباشرة الاستجواب مع وجوب الإشارة إلى هذا الإجراء بالمحضر ، وإن وافق ولم يتمكن من الاختيار قام القاضي مقامه في تعيين محام عنه بصفة تلقائية ما عدا في حالة الاستعجال المنصوص عليها بالمادة 101 التي تشكل استثناء من القاعدة المنصوص عليها بالمادة 100 .
كما يتعين عليه أن ينبه المتهم إلى وجوب إخطاره بكل تغيير يطرأ على عنوانه ويجوز للمتهم اختيار موطن له في دائرة اختصاص المحكمة .
وعند الاستجواب في الحضور الأول لا يمكن طرح الأسئلة على المتهم سواء من طرف المحقق أو عضو النيابة أو محامي المتهم . ولدى انقضاء الاستجواب سواء صرح المتهم أو لم يصرح يغلق المحضر ويوقعه كل من القاضي وكاتبه والمتهم، غير أنه إذا رفض ذلك وجبت الإشارة إلى هذا الرفض.وأخيرا يتصرف القاضي في حرية المتهم فإما أن يتركه حرا طليقا وإما أن يسلط عليه إجراء من إجراءات الرقابة القضائية وإما أن يقرر إيداعه الحبس المؤقت مع وجوب إعلامه بحقه في استئناف أمر الإيداع [4]شفاهة خلال 3 أيام من صدوره طبقا للمادة123مكرر ق ا ج وينوه عن ذلك في المحضر؛ مع الملاحظ أنه لا يجوز إيداع المتهم الحبس المؤقت ما لم يتم استجوابه(م 118 ق اج) فضلا عن إمكانية استبدال الحبس المؤقت بالسوار الالكتروني متى توفرت شروط ذلك. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر بوجوب مراعاة أحكام المواد 91 المتعلقة باستدعاء المترجم وتحليفه اليمين القانونية المنصوص عليها في المادة نفسها، لمعاونة الشخص المسموع من طرف القاضي إذا لم يكن يعرف اللغة العربية .
1-2 الاستجواب في الموضوع والاستجواب الإجمالي
يتمثل الاستجواب هنا في قيام القاضي بمواجهة المتهم بما نسب إليه وذلك من خلال طرح أسئلة فنية ودقيقة بغية الوصول إلى الحقيقة.وإذا كان المتهم موقوفا تم استخراجه بواسطة القوة العمومية قصد استجوابه، أما إذا كان حرا طليقا تم استدعاؤه بواسطة القوة العمومية أو المحضر القضائي وفي الحالتين يجب تبليغ محاميه بهذا الاستجواب بيومين على الأقل لتمكينه من الحضور مع وضع نسخة من الملف تحت تصرفه للاستنساخ عنها ويمكن المتهم التنازل عن حضور المحامي معه.
وعلى خلاف الاستجواب عند الحضور الأول فإنه بمناسبة الاستجواب في الموضوع يحق لمحامي المتهم طرح الأسئلة بعد أن يأذن له قاضي التحقيق بذلك ويكون سؤاله بواسطة القاضي الذي يعيد طرحه على المتهم للإجابة عنه ؛ ويمكن هذا الأخير رفض طرح السؤال على المتهم وفي هذه الحالة وجب تضمين السؤال بالمحضر ليرفق به( م107 ا ج )
في حين يملك ممثل النيابة العامة حق طرح الأسئلة مباشرة على المتهم دون المرور بالقاضي لكن بعد إذنه من باب الاحترام له كمشرف على التحقيق. (م 106 ق ا ج ).
أما الاستجواب الإجمالي[5] في مادة الجنايات فهو محل خلاف قضائي وتشريعي [6] من حيث وجوبيته في المادة الجنائية من عدمها ، وفيه يقوم القاضي بتلخيص جميع الإجراءات و التصريحات التي وردت على لسان المتهم اعترافات أو إنكار أو تراجع عن إقرارات سابقة تمت أمام الشرطة القضائية أو أمام المحقق نفسه مع طلب إبداء رأيه بخصوص الخبرة النفسية والعقلية وما إن كانت لدية ملاحظات حولها وينتهي بالعبارة هذا هو استجوابك الأخير فهل لديك ما تضيفه؟
** استعمال المحادثة المرئية أثناء التحقيق القضائي.[7]
بعد التعديل الذي أدخله المشرع على قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 20-04 أصبح بإمكان قاضي التحقيق وغرفة الاتهام أن يقوما باستجواب أو سماع شخص وإجراء المواجهة بين الأشخاص وكذلك القيام بالتبليغات التي يستوجبها القانون عند تحرير محاضر بشأنها.
ومن خلال هذا الإجراء يقوم القاضي باستعمال الوسائل التكنولوجية لمحاورة الشخص المراد التحقيق معه وهي وسيلة مرئية يرى من خلالها المتحادثان بعضهما بعضا من خلال شاشة تلفزية ( صوت وصورة ) .
و إذا كان الشخص المراد سماعه ليس موقوفا بمؤسسة عقابية ويقيم خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق يوجه هذا الأخير طلبا لوكيل الجمهورية للمحكمة الأقرب لمحل إقامته قصد استدعائه للموعد المحدد للقيام بذلك الإجراء الذي يجب أن يتم بمراعاة مقتضيات المادة 105 ق ا ج.
وعندما يصبح متعذرا استخراج متهم موقوف بمؤسسة عقابية بسبب كارثة طبيعية أو لدواعي احترام مبدأ الآجال المعقولة ( السرعة في الإجراءات ) أو لداعي حسن سير العدالة أو بسبب الحفاظ على الأمن أو الصحة العامة، يمكن اللجوء لهذه الوسيلة الحديثة في الاستجوابات والمحاكمات عن بعد بشرط احترام حقوق الدفاع وضمان السرية والأمانة والالتقاط الواضح والكامل لمجريات الإجراء المتخذ.
ويتم هذا الإجراء بحضور أمين ضبط المؤسسة العقابية بعد إخطار مديرها مسبقا.
2- الانتقال للمعاينة
أعطى المشرع لقاضي التحقيق سلطة تقديرية في مجال الانتقال إلى المكان الذي وقعت به الجريمة للوقوف على الحقيقة و إجراء المعاينات اللازمة.[8] ومع ذلك يجوز لكل من المتهم أو محاميه والطرف المدني أو محاميه أن يطلبوا من قاضي التحقيق إجراء المعاينات قصد إظهار الحقيقة، وعلى هذا الأخير أن يبت في الطلب خلال 20 يوما. وفي حالة سكوته يحق لصاحب الطلب رفع الأمر لغرفة الاتهام خلال 10 أيام للبت فيه خلال 30 يوما بقرار غير قابل للطعن (م69 مكرر ق ا ج )
و يمكن أن يتم الانتقال للمعاينة إما إلى دائرة اختصاصه حيث يعمل و هنا وجب عليه إخبار وكيل الجمهورية بذات المحكمة والذي يمكنه اصطحابه مع ضرورة الاستعانة بكاتب التحقيق و تحرير محضر بذلك.أما إذا كان المكان الذي يريد الانتقال إليه يقع خارج دائرة اختصاصه فيجب أولا أن تكون هناك ضرورة لهذا التنقل و إخبار وكيل الجمهورية العامل معه بنفس دائرة الاختصاص وكذلك وكيل الجمهورية للمكان الذي يريد الانتقال إليه و أن يحدد في المحضر الأسباب الداعية إلى الانتقال وهذا في الحالات العادية أي غير حالات التلبس( م79 و80 ق ا ج)
وفي حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بهما يباشر قاضي التحقيق السلطات المخولة له بموجب المادة 57 ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية فإذا كان المثال أن قاضي التحقيق العامل بمحكمة المسيلة يريد الانتقال إلى دائرة اختصاص محكمة بوسعادة لمواصلة تحرياته بصدد جناية أو جنحة متلبس بها محالة إليه للتحقيق فيها فيتعين عليه أن يعلم كلا من وكيل الجمهورية بمحكمة بوسعادة والنائب العام بمجلس قضاء المسيلة. ( م38/4 ق ا ج )
3-التفتيش والحجز
التفتيش هو الاطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع سر صاحبه لضبط ما قد يحتوى عليه من أدلة تفيد في كشف الحقيقة.ونظرا لخطورته على اعتباره يمس بحرمة المسكن[9] المحمي بأحكام الدستور الذي نص في مادته 47 على ما يلي : "تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن ، فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون ، وفي إطار احترامه . ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة . " كما أحاطه المشرع الإجرائي بضمانات تحفظ له تلك القدسية.[10] ولذلك وجب على قاضي التحقيق الالتزام بأحكام المواد من 45 إلى 47 ق ا ج . إلا أنه في مواد الجنايات يجوز لقاضي التحقيق أن يباشر التفتيش بنفسه وبحضور وكيل الجمهورية حتى خارج الساعات المنصوص عليها في المادة 47 اج، وأن يتم تفتيش مسكن المتهم فقط. كما يجوز لقاضي التحقيق أن يفتش مسكن غير المتهم بعد استدعاء هذا الأخير لحضور عملية التفتيش و في حالة غيابه أو امتناعه عن ذلك يتم التفتيش بحضور شاهدين من الأقارب أو الأصهار أو من الغير لا تربطهم بالقضاء علاقة تبعية مثل كتاب المحكمة أو أيا من موظفيها أو من رجال الأمن، وفي كل الحالات يتعين مراعاة ما يقتضيه سر المهنة وحقوق الدفاع .
كما أجازت المادة 47/4 ق ا ج لقاضي التحقيق القيام بالتفتيش والحجز في الليل والنهار وعلى امتداد التراب الوطني أو يأمر ضابط الشرطة القضائية المختص القيام بذلك نيابة عنه عندما يتعلق الأمر بالجرائم التالية " المتاجرة بالمخدرات ، الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية ، الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ، تبييض الأموال ، الإرهاب ، جرائم الصرف "
وتأخذ حكم المسكن الإقامات المختلفة وتوابعها كذلك وتقدير ذلك يختص به قاضي الموضوع باعتباره مسالة وقائع. كما يأخذ حكم المسكن مكتب رئيس غرفة الحرف والغرفة المستأجرة والغرفة بالفندق والخزانة الحديدية بالبنك(le coffre bancaire) تأخذ حكم مسكن الغير عند تفتيشه أما مقر الجمعية فلا يعد مسكنا لرئيس الجمعية وكذلك السيارة لا يعد تفتيشها كتفتيش المسكن مع أنه يجوز لمالكها الامتناع عن فتح صندوقها بمناسبة مراقبة مرورية إلا إذا تعلق الأمر بتحقيق في جريمة متلبس بها ( موقف القضاء في فرنسا من هذه المسألة ) بينما سكت القانون والقضاء في الجزائر عن تناول هذه المسالة وجرى العمل على تفتيش المركبات بمناسبة حواجز مرورية بتغطية قانونية يضمنها القانون الجمركي في مادته 41. وتفقد حرمتها كمسكن الدار التي تعرضت لحريق أتى عليها جزئيا وصارت غير قابلة للسكن.[11]
وإذا نتج عن التفتيش شيء له علاقة بالجريمة تعين إحصاؤه ووضعه في أحراز مختومة لا يمكن فتحها إلا في حضور المتهم مصحوبا بمحاميه أو بعد استدعائهما قانونا كما يستدعى أيضا كل من ضبطت لديه هذه الأشياء لحضور هذا الإجراء ( فتح الأحراز ) ولا يجوز للقاضي أن يضبط أو يحجز إلا الأشياء المفيدة في إظهار الحقيقة. ( م 84/3 ق ا ج )
4-ندب الخبراء
أجاز القانون لقاضي التحقيق الاستعانة بالخبراء في المسائل الفنية مثل تشريح الموتى و تحديد أسباب الوفاة و الأداة المستعملة فيها ، عرض الضحية على الطبيب في الجرائم الجنسية و جرائم الدم و على خبير محاسبي ف المواد المحاسبية و خبير في الميكانيك كما هو الحال في حوادث الطائرات والسكة الحديدية والحوادث البرية و المعادن و السيارات وعلى العموم كل ما يحتاج إلى يد فنية مختصة لا يستطيع القاضي أن يبدي رأيه فيها لأنه لا يملك علما فيها كالطب العقلي والشرعي و الأسلحة والمحاسبة و علم التسمم والكيمياء والبيولوجيا ...
و يتم ندب الخبراء إما تلقائيا أو بطلب من الخصوم أو من النيابة العامة ( م143 ) وتبلغ نتائج الخبرة إلى هؤلاء لإبداء ملاحظاتهم بشأنها غير أنه إذا طلبها أحد الأطراف ورفض القاضي طلبه وجب أن يكون رأيه مسببا مع قابليته للاستئناف أمام غرفة الاتهام ( م 154).
ويجب ألا تكون للخبير المنتدب صلة بالخصوم وليس له علم شخصي بالوقائع التي يكلف بالخبرة فيها تحت طائلة بطلانها .فضلا عن أن الواقعة التي يكلف بها تكون تقنية محض فلا يمكن القاضي أن يسند له مهمة من صميم اختصاصه أو مسؤوليته.[12]
بعد أن ينتهي الخبير من المهمة الموكولة إليه يحرر تقريره ويوقعه ثم يودعه أمانة ضبط كتابة التحقيق في كنف السرية مقابل محضر إيداع. وإذا سلمت للخبير أحراز للاستعانة بها في خبرته وجب عليه إعادتها للقاضي ويشار إليها في محضر الإيداع مع وجوب الإشارة في تقريره إلى عملية فتح أو إعادة فتح تلك الأحراز والتي يجب أن تتم في حضور المتهم مع العلم انه لا يجوز للخبير استجواب المتهم إلا بواسطة القاضي في حضور الخبير[13].ولا تعد التصريحات التي يقوم بها المتهم تلقائيا بمثابة استجواب ولا تؤدي إلى بطلان الخبرة لكن الأسئلة والأجوبة عليها التي تتم بواسطة رسائل متبادلة بين المتهم والخبير تعد في نظر القضاء الفرنسي استجوابا.وعلى العكس من ذلك يجوز للخبراء تلقي أقوال أشخاص غير المتهم في الحدود اللازمة لأداء مهمتهم وإذا رأوا محلا لاستجواب المتهم فيتم ذلك بحضور قاضي التحقيق أو القاضي المعين من المحكمة بالأوضاع والشروط المقررة في المادتين 105 و106 ق ا ج مع حق المتهم في التنازل عن هذه الحقوق بتصريح منه يتم أمام القاضي. كما يجوز له التنازل عن حضور محاميه بمناسبة استجوابه من طرف الخبير أما الخبراء والأطباء المكلفون بفحص المتهم فيجوز لهم توجيه الأسئلة اللازمة لأداء مهمتهم بغير حضور قاض ولا محام وهو ما تقضي به المادة 151 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية .
كما نشير كذلك إلى أن الخبرة الجزائية ليست وجاهية ولا تطبق عليها أحكام قانون الإجراءات المدنية عند انجازها لكن تطبق الوجاهية بتبليغ الخصوم بنتائجها لإبداء رأيهم بشأنها من طرف قاضي التحقيق الذي يستدعيهم ومحاميهم لإبلاغهم بالنتائج. وإذا كان المتهم موقوفا بلغ بواسطة المشرف رئيس المؤسسة العقابية نظير محضر يعاد إلى القاضي.
ويتلقى القاضي ملاحظات الأطراف أو طلباتهم الرامية لخبرة تكميلية أو خبرة مضادة علما وان عدم إبداء الملاحظات أمام قاضي التحقيق وتأخيرها إلى غاية المحاكمة سيؤثر من دون شك على اقتناع هيئة الحكم بتلك الملاحظات.
إذا تعدد الخبراء وجب توقيعهم جميعا على التقرير. نشير إلى أن أتعاب الخبراء يحددها القانون.
تجدر الملاحظة إلى أن المشرع قرر حماية للخبراء من خلال نص المادة 65مكرر 19 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية في جرائم الإرهاب والفساد و الجريمة المنظمة.
5-سماع الشهود
يأمر قاضي التحقيق في إطار سلطته التقديرية في اختيار الشهود بسماع كل من يرى شهادته مفيدة لإظهار الحقيقة لصالح المتهم أو لغير صالحه كما يجوز له إجراء مواجهة بين الشهود أو بين المتهم و الشهود علما وأن الشهادة شخصية يؤديها الشاهد بنفسه ولا تجوز الإنابة أو التوكيل فيها . كما أنها تنصب على ما أدركته حواس الشاهد ( سماع ، رؤية...) وليس على تفسيره للحوادث أو تعبيره عن أفكاره الخاصة ومعتقداته.[14]
يقوم قاضي التحقيق باستدعاء الشهود إلى مكتبه و بعد أخذ هويتهم يوجه لهم اليمين ما لم يكونوا معفيين منها بسبب قرابة أو علاقة عمل تبعية أو صغر سن ( 16 سنة فما دون )وتلك هي التزامات الشهود وإذا نسي القاضي توجيه اليمين للشاهد وتلقاها منه فان ذلك لا يعد سببا لبطلان الشهادة وهذا مذهب القضاء الفرنسي . ولا يجوز تلقي شهادة متهم تحت أداء اليمين على وقائع هو نفسه متهم بارتكابها وان كانت مقبولة شهادته على وقائع أخرى في ملف آخر.
يؤدي كل شاهد شهادته على انفراد في غير حضور أحد، كما يجوز للشاهد حضور عملية إعادة تمثيل الجريمة ( م 96 ) وتحرر محاضر بأداء الشهادة يوقعها القاضي والكاتب والشاهد والمترجم متى كان وجوده لازما وتتلى الشهادة عليه قبل التوقيع على المحضر.
و إذا رفض الشاهد الحضور جاز للمحقق استحضاره جبرا بالقوة العمومية بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية. و إذا حضر ورفض الإدلاء بالشهادة أو رفض أداء اليمين جاز لقاضي التحقيق أن يسلط عليه غرامة مالية تتراوح بين 200 إلى 2000دج بموجب حكم غير قابل لأي طعن، في حين يعتبره القضاء في فرنسا بمثابة عدم الحضور.
وإذا تعذر على الشاهد الحضور لمكتب القاضي جاز لهذا الأخير الانتقال إليه رفقة كاتبه لسماعه أو استعمال طريق الإنابة القضائية.
نشير أخيرا إلى شهادة أعضاء الحكومة وسفراء الجزائر بالخارج تتم وفقا للإجراءات المرسومة بالمواد 542 -544 ق ا ج .
ونظرا لأهمية الشهادة في الإثبات الجزائي فقد قرر المشرع للشاهد في مواد الإرهاب والفساد والجريمة المنظمة حماية قانونية جاء بها التعديل المقرر بالأمر 02 -15المؤرخ في 23/07/15 بإضافته فصلا سادسا تحت عنوان حماية الشهود والخبراء والضحايا في المواد 65مكرر 19 وما بعدها.ومن ضمن هذه التدابير وأخطرها إخفاء المعلومات المتعلقة بهوية الشاهد من خلال عدم ذكرها أو ذكر هوية مستعارة . ومن التدابير كذلك ضمان الحماية الجسدية المقربة له وحتى لإفراد عائلته وتسجيل المكالمات الهاتفية له بعد موافقته وتغيير مكان إقامته...( م 65 مكرر 20) وتتم هذه التدابير بقرار من وكيل الجمهورية بعد التشاور مع السلطات المختصة على أن تصبح من اختصاص قاضي التحقيق في حالة فتح تحقيق قضائي.
5-اعتراض المراسلات السلكية واللاسلكية والتقاط الصور وتسجيل الأصوات .
هي إجراءات مستحدثة جاء بها المشرع إثر التعديل الذي طال قانون الإجراءات الجزائية في 20/12/2006 بالقانون 06/22 يلجأ إليه ضباط الشرطة القضائية أثناء تحرياتهم الأولية ويتم العمل بها وفقا للشروط المنصوص عليها بالمواد 65 مكرر5 وما بعدها إلى 65مكرر10 ق ا ج كما يجوز لقاضي التحقيق استخدام هذه الإجراءات .
لقد سبقت دراسة هذه الإجراءات عند تناولنا للشرطة القضائية ومهامها في الفصل الأول ولا نحبذ تكرارها في هذا الفصل.
6-الإنابة القضائية[15] (La commission rogatoire)
الأصل في التحقيق أن يقوم به القاضي المكلف به ، غير أنه قد يتعذر عليه القيام بكل الإجراءات بسبب ضيق الوقت أو بعد المسافة أو تحت ضغط السرعة في إنهاء التحقيق وقفله مما يجعله في حاجة إلى ندب أحد القضاة للقيام ببعض المهام المحددة في موضوع الإنابة.
وتحرر الإنابة كتابة وتؤرخ وتوقع وتختم بختم القاضي المنيب مع ذكر موضوع التهمة محل المتابعة والأعمال المطلوبة من القاضي أو الضابط الذي يتولى تنفيذها اللذين يجب أن يكونا مختصين اختصاصا ماديا ومحليا (ratione materiae et ratione loci )[16] والمحكمة التي يقيم بها القاضي المنيب ويترتب عن تخلف التاريخ أو التوقيع بطلان الإنابة [17].
وحتى تكون الإنابة صحيحة وجب توفر بعض الشروط نص عليها القانون منها أن يكون القاضي المنيب مختصا بمباشرة هذا الإجراء فيصدر إنابة لأحد قضاة محكمته أو لأحد زملائه عبر الوطن أو لأحد ضباط الشرطة القضائية المختصين للقيام بتلك المهمة حصريا كسماع شاهد أو تفتيش مسكن . أما التفويض الكلي أو العام فهو غير جائز قانونا فضلا عن وجوب أن يكون الإجراء متصلا بالجريمة محل المتابعة الجزائية بموجب طلب افتتاحي أو شكوى مع ادعاء مدني .[18] و لا يجوز له تفويض غيره إلا بصدد جريمة محددة مرتكبة فعلا وتمت فيها الملاحقة الجزائية لا محتملة الارتكاب كما لا تشمل نوعا من الجرائم بذاتها تحت طائلة البطلان كما لا يمكن قاضي التحقيق إصدار إنابة قضائية للقيام بمهام الخبرة لاسيما إذا تعلقت بموضوع الدعوى العمومية [19] وكذلك لا يجوز قانونا تفويض ضابط الشرطة لاستجواب المتهم أو سماع أقوال الطرف المدني أو إجراء مواجهة بينهما ( م 139/2 ق ا ج ).ويخرج أيضا من موضوعات الإنابة القضائية إصدار الأوامر القضائية التي تبقى من اختصاص القاضي فقط لتعلقها بحرية الأفراد.أما اعتراض المراسلات السلكية واللاسلكية وتسجيل الأصوات فقد أجاز القانون للقاضي أن يكلف بها ضابط الشرطة القضائية الذي يقوم بها ويحرر محضرا بشأنها يوافي به القاضي عملا بالمادة 65 مكرر 9 ق ا ج .
تنفيذ الإنابة القضائية
عند تلقي ضابط الشرطة القضائية إنابة وجب عليه أولا أن يخبر وكيل الجمهورية حيث يتبع ثم التأكد من قانونية الإنابة و من اختصاصه المحلي والمادي materiae et ratione loci ratione ثم مباشرة مهامه المطلوبة منه.وإذا رأى اختلالا في هذه الشروط أعاد الإنابة من حيث جاءت مع بيان أسباب عدم التنفيذ. ويجوز للقاضي المناب أن يفوض ضابط الشرطة للقيام مقامة أو ما يعرف بإنابة الإنابة وفي هذه الحالة تكون لضابط الشرطة نفس صلاحيات قاضي التحقيق باستثناء الاستعانة بأمين ضبط كما يفعل قاضي التحقيق.وعند سماع الشاهد من طرف ضابط الشرطة القضائية تنفيذا للإنابة القضائية وإذا ما رأى وان شهادته يمكن أن تنقلب ضده أي وجود أمارات أو بتعبير المشرع دلالات قوية ومتوافقة يمكن أن تفضي لاتهامه وذلك من اجل عدم المساس بحق الدفاع .( م 89/3 ق ا ج )
ويمكن ضابط الشرطة القضائية أثناء تنفيذه للإنابة القضائية توقيف شخص للنظر مع وجوب تقديمه في اجل لا يتجاوز48 ساعة لقاضي التحقيق حيث يعمل ذلك الضابط وحيث يجري تنفيذ الإنابة وعند استماع هذا القاضي لذلك المتهم يجوز له تمديد الحجز لمدة لا تتجاوز 48 ساعة ممارسا بذلك صلاحيات وكيل الجمهورية المنصوص عليها بالمادتين 51مكرر و51 مكرر1 ق ا ج وهو ما تقضي به المادة 141/4 ق ا ج .
بعد الانتهاء من تنفيذ الإنابة تقوم الهيئة المنابة بإعادة الوثائق والمحاضر المنجزة إلى القاضي المنيب بغير تمهل وفي الأجل المحدد منه. وفي حالة عدم تحديد أجل كما هو الحال في القانون الجزائري وجب إعادة الإنابة للهيئة المنيبة في أجل 08 أيام التي تعقب نهاية الإنجاز .
على القاضي المنيب أن يتلقى الإنابة ويقوم بفحصها ومدى قانونية الأعمال المنجزة ويمكنه إما إعادة الأعمال المنجزة غير المكتملة بنفسه أو يعيدها إلى الجهة التي أنجزتها لإكمالها وتخضع رقابتها لغرفة الاتهام في القانون الفرنسي أما المشرع الجزائري فلم يتناول هذه الجزئيات رغم أهميتها ولذلك وجب تداركها.
أنواع الإنابة القضائيةالدولية
تنقسم إلى نوعين انابات قضائية ترد إلى الجزائر من الخارج وأخرى تصدر عن القضاء الجزائري وتوجه إلى الخارج للتنفيذ ونفصلها كالآتي:
1-الإنابات الواردة من الخارج:في حالة وقوع متابعة جزائية لشخص من طرف قضاء أجنبي في جريمة غير سياسية[20] تسلم تلك الإنابة من السلطات الأجنبية بالطريق الدبلوماسي ( وزارة الخارجية ) وترسل إلى وزارة العدل وفقا للأوضاع المنصوص عليها بالمادة 703 من قانون الإجراءات الجزائية كما تنفذ طبقا للقانون الجزائري شريطة المعاملة بالمثل[21] وهو ما نصت عليه المادة 721 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها :" في حالة المتابعات الجزائية غير السياسية في بلد أجنبي تسلم الانابات القضائية الصادرة من السلطة الأجنبية بالطريق الدبلوماسي وترسل إلى وزارة العدل بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 703 وتنفذ الانابات القضائية إذا كان لها محل وفقا للقانون الجزائري وكل ذلك بشرط المعاملة بالمثل."
2- الإنابات الصادرة من القضاء الوطني للتنفيذ بالخارج :وترسل عن طريق رؤساء القاضي بالطريق التدرجي إلى وزير العدل الجزائري الذي يحولها بدوره إلى وزير الخارجية الجزائري والذي بدوره يرسلها إلى السلطات الأجنبية المختصة للدولة الأجنبية للتنفيذ. غير أنه في حالة وجود اتفاقيات قضائية ثنائية وجب إعمالها وحينئذ ترسل الإنابة رأسا إلى القاضي المناب.
[1]L’interrogatoire , en procédure pénale , à une signification technique : il désigne l’entretien du juge avec la personne poursuivie , qu’il s’agisse de l’inculpé , du prévenu ou de l’accusé , entretien au cour duquel celui-ci fait sa déclaration et répond aux questions du magistrat .voir P. Chambon , Op.Cit., p 178n°290
[2] La confrontation ou l’affrontement ou l’accarement
[3] La confrontation entre coinculpés
[4] يجوز للمتهم أن يستأنف أمر إيداعه من داخل المؤسسة العقابية حيث يوجد على أن يقوم كاتب ضبط المؤسسة العقابية بتسجيل الاستئناف نيابة عنه أمام كاتب ضبط غرفة التحقيق كما يجوز تبليغ الاستئناف بواسطة الفاكس من المؤسسة العقابية إلى مكتب قاضي التحقيق ويعد الاستئناف صحيحا ، كما يمكن محامي المتهم أن يستأنف أمر الإيداع نيابة عنه.
[5] L’interrogatoire récapitulatif ou curriculum vitae
[6] النص العربي ( م 108 ق ا ج )يجعل منه جوازيا وكذلك قرار المحكمة العليا في 15/07/07 رقم 606449 المنشور بمجلة المحكمة العليا 2011 عدد1 ص 349 والتي غلبت النص العربي على النص المترجم إلى الفرنسية أين يستشف من قراءته طابع الإلزام"le juge d’instruction procède "" علما ان القضاء الفرنسي يجيزه .
[7] اعتبر المجلس الدستوري في فرنسا هذا الإجراء غير دستوري بقراره الصادر في 2020.
[8] أجاز المشرع للمحقق أن ينتقل إلى أي مكان كلما رأى ذلك ليثبت حالة الأمكنة والأشياء والأشخاص ووجود الجريمة ماديا وكل ما يلزم إثبات حالته ...وانتقاله ليس بإلزام عليه فقد ترك له المشرع حرية تقدير فائدة الانتقال في سبيل تحقيق الهدف الذي ينشده فان ارتأى ضرورة له قام به. المرصفاوي نفس المرجع ص 417
[9] تتمتع كذلك المراكز الدبلوماسية والقنصلية بحصانة ضد التفتيش تطبيقا لأحكام المعاهدات الدولية ذات الصلة وما يقضي به القانون الدولي العام في هذا الخصوص.
[10] أنظر في هذا المعنى ، Pierre Chambon ، مرجع سابق ، ص 110 وما بعدها .
[11] P. Chambon, op. cit ; p115
[12] Voir : Gaston Stefani et autres , op. cit ; p 599
[13] P. Chambon , op. cit ; p 323
[14] نجيمي جمال ، مرجع سابق ، ص 289 وما بعدها.
« Etre témoin , c’est attester la vérité d’un fait dont on a la connaissance personnelle , soit pour l’avoir vu , soit pour l’avoir entendu » voir P. Chambon , op. cit ; p131
[15] ويسميها الفقه المصري بالندب للتحقيق. انظر المرصفاوي، مرجع سابق ، ص 374 وما بعدها .
[16] Ibid, p 595 n °588
[17] P. Chambon op.cit; p 297
[18]P. Chambon , op. cit., p 300
[19] Gaston Stefani et autresة op .cit ; p 593n° 585
[20] الجريمة السياسية هي صورة للنشاط السياسي الذي دفعت العجلة بصاحبه لتحقيق أهدافه إلى الالتجاء إلى الأسلوب الذي يحظره القانون . فالجريمة السياسية هي في الأصل عدوان على الحقوق السياسية للدولة والباعث على ارتكابها يتصل بتوجيه النشاط السياسي للدولة على نحو معين وقد عرفت الجريمة السياسية منذ القدم ولكن فكرة إخضاع المجرمين السياسيين لنظام عقوبة يختلف عن نظام العقوبة في الجريمة العادية هي فكرة حديثة. وقد ترددت التشريعات المختلفة بين الأخذ بمذهبين في عقاب الجريمة السياسية فالمذهب الأول يرى أن الأضرار التي تترتب على الجريمة السياسية هي إضرار لا تقتصر على حقوق فرد أو مجموعة من الأفراد ولكنها تمتد إلى المجتمع بأكمله كما قد تلحق أضرارا بسيادة الدولة وتؤدي إلى إشاعة الفوضى والاضطراب في الداخل. لذلك يرى هذا المذهب ضرورة تغليظ العقاب على هذه الجرائم. ويرى المذهب الثاني إن الجريمة السياسية ليست إلا وسيلة وان كانت شاذة للنشاط السياسي وهو نشاط لا يجرمه القانون في ذاته.وقد يكون الانحراف وليد الرعونة لا النزعة الإجرامية الخطيرة كما قد يكون الباعث إلى الجريمة ليس تحقيق مصلحة خاصة ولكنه السعي إلى تطبيق مبادئ يؤمن بها صاحبها ويعتقد أن فيها الخير للمجتمع أو للإنسانية لذلك يرى أنصار هذا المذهب ضرورة التخفيف من عقاب الجريمة السياسية. وبين هذين المذهبين ترددت التشريعات المختلفة طبقا للظروف الاجتماعية والسياسية التي تمر بها الدولة... نشير إلى أن المشرع الجزائري يعاقب على الجرائم السياسية بعقوبات تصل الإعدام ومنها الجرائم الموجهة ضد امن الدولة كالخيانة والتجسس والتعدي على الدفاع الوطني وجرائم الإرهاب والمساهمة في حركات التمرد..انظر الدكتور رضا فرج ، شرح قانون العقوبات الجزائري ، الكتاب الأول، قانون العقوبات ، القسم العام ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، دون سنة نشر ، ص 193 وما بعدها ؛ احمد محمد عبد الوهاب ، الجريمة السياسية من نطاق التجريد القانوني إلى مجال التطبيق العملي ، دراسة مقارنة مركز الحضارة العربية ،دون سنة نشر ، ص33 وما بعدها
[21] بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 159 وما بعدها.=
= Les actes demandés sont exécutés selon les formes en vigueur dans l’Etat requis ; En vertu du double principe d’indépendance et de souveraineté des Etats , l’autorité judiciaire requise n’est jamais obligée d’exécuter la commission rogatoire. Pierre Chambon , op. cit., p304
-
-
المحور الخامس يتناول تلك الأوامر القضائية التي يصدرها المحقق سواء في بداية العملية أو أثناء سيرها أو عقب الانتهاء من التحقيق
-
المحور الخامس
يتناول تلك الأوامر القضائية التي يصدرها المحقق سواء في بداية العملية أو أثناء سيرها أو عقب الانتهاء من التحقيق وهي مفصلة ضمن الفصل الخامس أدناه
*********************************************
الفصل الخامس
الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق
تنقسم تلك الأوامر إلى أوامر تتم أثناء بداية التحقيق وأخرى أثناء سيره وأخرى تقفله وتنهيه وذلك على التفصيل التالي .
أولا :الأوامر الصادرة في بداية التحقيق
1-الأمر بعدم الاختصاص المحلي
يتصل قاضي التحقيق بالدعوى العمومية إما بناء على طلب افتتاحي أو من خلال شكوى مصحوبة بادعاء مدني و في كلتا الحالتين يجب عليه التأكد من اختصاصه طبقا للمادة 40 ق ا ج ، و ما بعدها ( مكان ارتكاب الجريمة ، مكان القبض على المتهم ، مكان إقامته ) فإذا لم تتوفر في الملف أي من هذه العناصر التي تمنحه اختصاصا محليا و الاختصاص المحلي من النظام العام ، أصدر أمرا بعدم الاختصاص المحلي .
ومتى تقرر عدم اختصاصه محليا لا يجوز له تعيين الجهة المختصة وإحالة ملف الإجراءات إليها، إنما يكتفي بصرف النيابة لاتخاذ ما تراه مناسبا. هذا في حالة اتصاله بالدعوى بموجب طلب افتتاحي لإجراء التحقيق، أما عندما يتصل بها بموجب شكوى مع الادعاء المدني فيتعين عليه تحديد الجهة المختصة طبقا لأحكام المادة 77 ق ا ج ، وإحالة المدعي مدنيا إليها وذلك بعد سماع طلبات النيابة حول هذا الإجراء المزمع اتخاذه مع تسبيب أمره في الحالتين .
2- الأمر بعدم الاختصاص النوعي
قد يخول المشرع لجهة قضائية غير عادية حق النظر في بعض الجرائم كما هو الشأن بالنسبة للجرائم العسكرية مثل جريمة التحريض على الفرار من الجيش و إخفاء الهاربين منه( م 271و 272 من قانون القضاء العسكري ) .فإذا عرضت على قاضي التحقيق العادي هذه الجرائم وجب عليه إصدار أمر بعدم اختصاصه النوعي حتى وان كان مرتكبوها مدنيون لأنه إذا كان مرتكبوها من العسكر فإن الأمر يأخذ توصيفا آخر وهو عدم الاختصاص الشخصي لا النوعي.
3-الأمر بعدم الاختصاص الشخصي
عندما يكون مرتكب الجريمة حدثا ( طفلا ) لم يبلغ سن الرشد الجزائي المقرر ب18 سنة كاملة فإن قاضي التحقيق العادي يكون غير مختص بالتحقيق فيها ويرجع التحقيق لقاض مؤهل لهذا الغرض هو قاضي الأحداث الموجود بكل محكمة. وإذا حدث أن تمت متابعة حدث بجنحة[1] أمام قاضي التحقيق غير المكلف بشؤون الأحداث تعين عليه إصدار أمر بعدم الاختصاص الشخصي .
4-الأمر بالامتناع عن إجراء التحقيق
إذا كانت شروط الأهلية ، المصلحة ، وشروط قبول الدعوى العمومية متوفرة تعين على قاضي التحقيق ألا يمتنع عن إجراء التحقيق .أما إذا تبين له أن هذه الدعوى غير مقبولة لانقضائها أو لعدم توفر شروط إقامتها أو لكون الواقعة لها طابع مدني محض أو لا تكون أية جريمة معاقب عليها قانونا أمر بعرض شكوى المدعي المدني على و كيل الجمهورية لإبداء طلباته بشأنها ( م 73 ق ا ج ) و يصدر بذلك أمرا بعدم إجراء التحقيق .
5- الأمر بالتخلي l’ordonnance de désistement
يحصل أن تعرض القضية الواحدة على عدة قضاة تحقيق يكونون فيها مختصين جميعا بنظرها الأول من حيث مكان ارتكابها و الثاني حيث مكان الإقامة و الثالث من حيث مكان القبض على المتهم.في هذه الفرضية وجب على القاضي الذي يعرض عليه الملف أخيرا أن يتخلى عنه لصالح زميله الأول ، ويجب التنسيق بين القضاة تفاديا لحدوث تنازع سلبي يحول دون سير الدعوى الجزائية.
وقد أحدث المشرع بموجب الأمر 20-04 ما يسمى بالجهات القضائية ذات الاختصاص الموسع وأناط بها صلاحيات النظر في بعض الجرائم ويتعلق الأمر هنا بخمسة مجالس جهوية مدد الاختصاص القضائي لمحاكمها الجزائية بمن فيهم قضاة التحقيق فيها. كما أنشأ هذا القانون محكمة جزائية متخصصة حصريا ببعض الجرائم وقطبا جزائيا وطنيا للنظر في جرائم أخرى ... وشاهد القول في هذا هو أنه يتعين على قضاة التحقيق غير المختصين بالنظر في تلك الجرائم النوعية أن يصدروا - بمجرد ما يطلب منهم - أمرا بالتخلي لصالح الجهة المختصة وبالمقابل يمكن لتلك الجهات أن تتخلى عن النظر في القضايا التي لا تدخل في اختصاصها لصالح جهات التحقيق العادية الموجودة بمختلف محاكم الجمهورية المختصة نوعيا ومحليا بها وكلتاهما تصدر أمرا يسمى الأمر بالتخلي.
ثانيا : الأوامر الصادرة أثناء التحقيق
لقاضي التحقيق أن يصدر الأوامر التالية أمر الإحضار وأمر الإيداع وأمر القبض وهي تشترك في البيانات التالية التي نصت عليها المادة 109 ق ا ج وهي ذكر نوع التهمة ومواد القانون التي تنطبق عليها وبيان هوية المتهم ثم تؤرخ هذه الأوامر وتوقع وتختم بختم القاضي الآمر مع عرضها على وكيل الجمهورية للتأشير عليها وختمها وإرسالها إلى القوة العمومية المختصة لتنفيذها علما وأن تنفيذها يكون عبر كامل التراب الوطني. وفيما يلي التعريف بكل نوع من هذه الأوامر :
1-الأمر بالإحضار le mandat d’amener
قد يكون المتهم المحال على التحقيق بموجب طلب افتتاحي أو المقدمة ضده شكوى مصحوبة بالادعاء المدني طليقا غير محبوس وحتى يتمكن قاضي التحقيق من استجوابه يقوم باستدعائه بالطرق القانونية للحضور إلى مكتبه في اليوم والساعة المحددين لذلك فإن حضر طواعية يتم سماعه . لكن قد يرفض المتهم المتابع بجريمة أيا كان وصفها الحضور طوعا وإذ ذاك أجاز المشرع للمحقق إصدار أمر ضده بالحضور أمامه بواسطة القوة العمومية يبلغ بنسخة منه من طرف ضابط أو عون الشرطة القضائية أو رئيس المؤسسة العقابية عندما يكون محبوسا لسبب آخر عملا بالمادة 110 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية. وهنا نفرق بين حالات تواجد المتهم بدائرة اختصاص القاضي حيث يتم تقديمه أمامه مباشرة لسماعه وإذا تعذر ذلك قدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق أو أحد قضاة المحكمة سماعه أو يخلى سبيله في الحين .
أما في حالة ضبطه خارج دائرة الاختصاص فيساق إلى وكيل الجمهورية لتلك الجهة فيقوم باستجوابه عن هويته وعن التهمة الموجهة له ويخبره بحرية الإجابة عليها ثم يحوله إلى القاضي الآمر ما لم يبد احتجاجات جدية ضد اتهامه حينها يقتاد إلى مؤسسة إعادة التربية مع إخبار القاضي الآمر بذلك على وجه العجلة لاتخاذ قراره بشأن تحويل المتهم إليه( م 114 ق ا ج )
2-الأمر بالإيداع le mandat de dépot
يمكن قاضي التحقيق إصدار أمر بإيداع المتهم رهن الحبس المؤقت في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك متى كانت التهمة معاقبا عليها بعقوبة جنحة بالحبس أو أية عقوبة أخرى أشد جسامة و يخطر به المتهم الذي يحق له استئناف ذلك الأمر أمام غرفة الاتهام خلال 3 أيام مع بقائه رهن الحبس لغاية فصل غرفة الاتهام في الاستئناف إن بتأييد أمر القاضي أو بإلغائه والإفراج عنه بقرار منها .
أما إذا رفض قاضي التحقيق إيداع المتهم استجابة لطلب النيابة جاز لهذه الأخيرة استئناف الأمر برفض الإيداع أمام غرفة الاتهام للفصل فيه في أقرب الآجال. ويبقى المتهم محبوسا إلى غاية أن تفصل غرفة الاتهام في المسألة.
3-الأمر بالقبض le mandat d’arrêt
يقول الفقيه فوستان هيلي "إن الأمر بالقبض يعتبر حكما حقيقيا تحضيريا بخصوص الاعتقال . أما في الوقت الحالي وتحت نظام الإجراءات الجزائية فهو سند للبحث لا يمكن إصداره في مواجهة متهم فار من العدالة أو يقيم خارج إقليم الجمهورية وهو يسمح بالإيداع بعد القبض على المتهم المتابع بجريمة عقوبتها الحبس أو بجريمة اخطر منها كما يمكن إصداره في مواجهة متهم تخلى عمدا عن التزامات الرقابة القضائية.
تعريف الأمر بالقبض: هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق [2]إلى القوة العمومية بموجبه يتم إلقاء القبض على المتهم واقتياده إلى المؤسسة العقابية لحبسه بها مدة لا تتجاوز 48 ساعة على أن يتم تقديمه وجوبا إلى القاضي الآمر بالقبض لاستجوابه وفي حالة تعذر ذلك يقدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق استجوابه وإذا كان غائبا فمن أي قاض آخر وإلا أطلق سراحه.للإشارة يوجه هذا الأمر إلى المتهم المقيم بالجزائر أو بالخارج أيضا .
ويخول الأمر بالقبض لضباط الشرطة القضائية الحق في الدخول إلى مسكن المطلوبين بموجب هذا الأمر لضبطهم وتقديمهم أمام الجهة التي أمرت بذلك لكن بعد الخامسة صباحا وقبل الثامنة مساء( م 122 ق ا ج ) وإذا تعذر القبض على المتهم فيبلغ الأمر بالقبض بتعليقه على مسكن المتهم مع تحرير محضر بتفتيش المسكن وذلك في حضور اثنين من اقرب جيران المتهم ويوقعان على محضر التفتيش وفي حالة امتناعهما عن التوقيع أو عدم تمكنهما من ذلك يذكر ذلك بالمحضر مع الطلب الموجه لهما . ثم يرفع الأمر و المحضر إلى القاضي بعد أن يؤشر عليه محافظ الشرطة أو قائد فرقة الدرك الوطني.
4- الحبس المؤقت والإفراج عن المتهم
نصت المادة 123 مكرر ق ا ج على ضرورة تأسيس أمر بالوضع في الحبس المؤقت على معطيات مستخرجة من ملف القضية تفيد بانعدام موطن مستقر للمتهم أو عدم تقديمه ضمانات كافية للمثول أمام القضاء أو إذا كانت الأفعال " جد خطيرة ".وقد جرى العمل القضائي على التعامل مع هذا الإجراء بشيء من الإفراط ذلك أن القاضي يلجأ إليه في أنواع معينة من الجرائم كجرائم المخدرات والتعدي على أمن الدولة والمتاجرة بالأسلحة وتهريب العملة وتزوير النقود والجرائم الجنسية وجرائم القتل وعموما كل الأفعال الخطيرة التي تمس النظام العام بصرف النظر عن تقديم المتهم لضمانات بالحضور وحتى إن كان له مسكنا معروفا وقارا لا يشفعان له خاصة أن المشرع أعطى قاضي التحقيق سلطة لتقدير متى تكون الوقائع جد خطيرة .
كما أباح القانون للمحقق اللجوء إلى هذا الإجراء إذا كان الهدف منه حماية الأدلة و الحجج من العبث بها من طرف المتهم بالضغط على الشهود أو الضحايا أو عرقلة كشف الحقيقة . وأحيانا يكون الحبس المؤقت ضروريا لا مفر من اللجوء إليه حماية للمتهم ذاته من الانتقام كما في جرائم الدم والعرض .وبعد أن يصدره القاضي يبلغ به المتهم شفاهة ويعلمه بحقه في الاستئناف خلال ثلاثة أيام من تاريخ التبليغ به مع وجوب الإشارة إلى ذلك في محضر الاستجواب.
مدد الحبس المؤقت
إذا كانت التهمة المتابع بها المتهم توصف بالجنحة فإن مدة الحبس المؤقت لا يجوز أن تتعدى 30 يوما لا تقبل التجديد. شريطة أن يكون المتهم مقيما بالجزائر بصرف النظر عن جنسيته ، وأن تكون عقوبة الفعل لا تتجاوز 3 سنوات حبسا أو تساويها وألا تكون الواقعة نتج عنها وفاة إنسان أو أدت إلى الإخلال بالنظام العام بشكل ظاهر( م 124 ق ا ج ).
أما إذا كانت الواقعة جنحة معاقبا عليها بعقوبة تفوق 3 سنوات حبسا أو فيها إخلال ظاهر بالنظام العام أو أدت إلى وفاة إنسان فإن المدة ترفع إلى 4 أشهر قابلة للتجديد وبنفس المدة مرة واحدة فقط أي أن مجموع مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح هذه لا تفوق 8 أشهر حبسا مؤقتا ( م125 ق ا ج ).
وفي مواد الجنايات فإن مدة الحبس المؤقت تكون أربعة أشهر قابلة للتجديد بأمر مسبب من قاضي التحقيق بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية الذي يجب أن يكون مسببا أيضا لتبرير هذا التجديد أو التمديد لمرتين أي: 4+4 بالإضافة إلى 04 أشهر الأولى فيكون مجموعها 12 شهرا . وترفع إلى 16 شهرا في حالة الجناية المعاقب عليها بعقوبات تتراوح بين السجن لمدة تعادل أو تتجاوز 20 سنة إلى المؤبد إلى الإعدام على أن تكون مدة التجديد كل مرة لا تفوق 04 أشهر .
ويجوز لقاضي التحقيق أن يطلب التمديد مباشرة من غرفة الاتهام في اجل شهر قبل نهاية المدد القصوى المذكورة أعلاه وذلك بإرساله طلبه المسبب وأوراق الإجراءات إلى النيابة العامة لتهيئة القضية وجدولتها أمام غرفة الاتهام في خلال 05 أيام على الأكثر من تاريخ استلام الملف.ويبلغ النائب العام الخصوم ومحاميهم في اجل لا يقل عن اليومين قبل انعقاد الجلسة. وإذا قرر غرفة الاتهام تمديد الحبس المؤقت فيجب ألا تتجاوز مدته 04 أشهر.إما إذا كان القاضي قد أمر بإجراء خبرة أو اتخذ إجراء لجمع الأدلة أو تلقي شهادات خارج الوطن وكانت نتائجها تبدو حاسمة لإظهار الحقيقة ( سلطة تقديرية للقاضي ) يمكنه في أجل شهر قبل انتهاء مدة الحبس المؤقت أن يلجأ لنفس الأسلوب قصد تمديد الحبس المؤقت لمدة 4 أشهر قابلة للتجديد أربع مرات أي إضافة 16 شهر .
إن هذا الإجراء خطير على حرية المتهم الماكث بالمؤسسة العقابية في انتظار محاكمته ليجد نفسه يقضي مدة طويلة في الحبس المؤقت دون محاكمة وهذا في اعتقادي يمس بحرية الفرد بشكل مناف لحقوق الإنسان خاصة أن هذه التدابير جاءت بموجب أمر رئاسي وليست بقانون فضلا عن الفترة التي صدر فيها وهي معروفة لدى جميع الناس.
5- الأمر بتسليط الرقابة القضائية[3] على المتهم
الحبس المؤقت إجراء استثنائي لا يلجأ إليه إلا في حالة عدم كفاية الرقابة القضائية. ولذلك كرس المشرع هذا المبدأ من خلال عدة تعديلات لأحكام الحبس المؤقت منذ شروع الحكومة في إصلاح العدالة وتشريعاتها و آخر هذه التعديلات ما جاء به الأمر 15-02 المؤرخ في 23/07/15 بقوله في المادة 123 " بأن المتهم يبقى حرا أثناء إجراءات التحقيق القضائي..." ثم تأتي الرقابة القضائية كإجراء مقيد لحرية المتهم لضمان مثوله أمام القضاء، غير أنه إذا تبين عدم كفاية هذه الإجراءات يلجأ المحقق إلى الحبس المؤقت كإجراء استثنائي ، وتبقى الرقابة القضائية سارية المفعول بعد صدور أمر بالإحالة .
ويعتبر من الرقابة القضائية وضع السوار الالكتروني أو ما يسمى بالرقابة الالكترونية بدلا من فرض الحضور الدوري لدى مصالح الأمن أو لدى قاضي التحقيق لتمكين المتهم من التحرك بحرية وممارسة حياته الطبيعية لا سيما إذا كان يزاول تعليما أو حرفة أو صاحب مؤسسة وهي الإجراءات التي نصت عليها المادة125مكرر1 من الأمر 15-02 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية .
ثالثا -أوامر أخرى أثناء سير التحقيق
في إطار صلاحياته القانونية في جمع الأدلة يقوم قاضي التحقيق بإصدار الأوامر التالية وهي : الأمر بندب خبير ، الأمر بالانتقال للمعاينة ، الأمر بإجراء تفتيش مسكن المتهم ، الأمر بحجز الأشياء المضبوطة أو الأمر بردها...
رابعا - الأوامر الصادرة بعد إقفال التحقيق
في نهاية التحقيق يجب على قاضي التحقيق تصفية الملف و إخراجه من مكتبة بإحدى الصور التالية .
1-أمر الإحالة على قسم الجنح أو المخالفات
عندما ينتهي قاضي التحقيق من التحقيق في القضية ويتوصل إلى وجود أعباء كافية و متماسكة على ارتكاب المتهم للجرم المسند إليه يقوم بإصدار أمر بإحالته على قسم الجنح إذا كانت الواقعة أو الوقائع تشكل جنحا لوحدها أو مرتبطة بمخالفة أو بمخالفات أو بالإحالة على قسم المخالفات في حالة كون الواقعة تحمل وصف مخالفة أو مجموعة من المخالفات فقط .وبمجرد اطلاعه على الملف يقوم وكيل الجمهورية بإرساله إلى كتابة الضبط لجدولته واستدعاء الأطراف بالطرق القانونية ومنها الرسائل النصية (SMS) مع مراعاة الاستعجال عندما يكون المتهم محبوسا حيث لا تتعدى جدولة الملف 30 يوما ( م 164 ق ا ج )
2-الأمر بإرسال المستندات إلى النائب العام
إذا توصل القاضي المحقق بأن الفعل يكتسي الصبغة الجنائية و انتهى من التحقيق فيه و توفرت ضد المتهم أعباء كافية قام بإصدار الأمر المنصوص عليه بالمادة 166 ق ا ج، و هو عبارة عن ملخص لجميع الإجراءات التي قام بها قاضي التحقيق من يوم المتابعة ثم الاستجوابات والمواجهات ونتائج الخبرات بما فيها الخبرة العقلية والنفسية ونتائج البحث الاجتماعي وينتهي ذلك الأمر بمنطوق مبني على أسباب قوية تعزز الاتهام الجنائي و يحال الملف على النيابة للاطلاع و إبداء الرأي و التنفيذ بإرساله إداريا إلى النيابة العامة بالمجلس القضائي لتقديم طلباتها بشأن الإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية بواسطة غرفة الاتهام التي لها صلاحية إعادة تكييف الواقعة إلى جنحة أو إلى مخالفة أو بإصدار أمر بانتفاء وجه الدعوى لأحد المتهمين و يكون قرارها قابلا للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا .
و إذا كان المتهم محبوسا ظل كذلك ، كما يبقى أمر القبض ساري المفعول في حقه إلى غاية الفصل في القضية من طرف الجهة المحال إليها ملف المتهم أو صدور قرار بانتفاء وجه الدعوى من طرف غرفة الاتهام .
3-الأمر بانتفاء وجه الدعوى أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى أو الأمر بألا وجه للمتابعة [4]
إذا تبين لقاضي التحقيق أن الأدلة المسندة للمتهم غير كافية أو أن الواقعة لا تتعلق بجناية أو جنحة أو مخالفة لعدم توفر ركن من أركانها أو لوجود سبب من أسباب الإباحة كقيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاء المسؤولية الجزائية عن المتهم أو عندما تكون الدلائل غير كافية في حقه أصدر قاضي التحقيق أمرا بانتفاء وجه الدعوى لصالحه و يكون هذا الأمر كليا عندما يخص جميع المتهمين أو جميع التهم ويكون جزئيا عندما يخص إحدى التهم فقط أو أحد المتهمين فقط .
ما مدى حجية الأمر بألا وجه للمتابعة ؟
تقضي القاعدة العامة بأنه لا تجوز متابعة الشخص ذاته عن الفعل الواحد مرتين تحت طائلة البطلان وهو المبدأ الذي كرسه المشرع الإجرائي بمناسبة تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 17-07 في 27/03/17 ( المادة 1 ق ا ج ) وعلى هذا منع المشرع العودة إلى التحقيق ومتابعة المتهم مرة ثانية من أجل الواقعة ذاتها التي صدر فيها أمر بانتفاء وجه الدعوى لصالح المتهم ما لم تطرأ أدلة جديدة قبل انتهاء مدة التقادم، حتى لا يكتسب الأمر قوة الشيء المحكوم فيه بصفة قطعية ونهائية وهو ما نصت عليه المادة 175 ق ا ج . غير أنه إذا ظهرت أدلة جديدة بمفهوم المادة 175/2 جاز للنيابة العامة وحدها طبقا للمادة 175/3[5] الرجوع في التحقيق.
الشروط الواجب توفرها في أوامر التصرف والآثار المترتبة عنها
تعتبر أوامر التصرف في التحقيق بمثابة الأحكام القضائية لذلك وجب بشأنها مراعاة القواعد التالية: أن تكتب وتوقع وتمهر بختم المحقق وأن تتضمن الهوية الكاملة للمتهم وأخيرا يتعين تسبيبها تسبيبا كافيا وتبليغها للخصوم لتمكينهم من ممارسة حقهم في الاستئناف.
أما آثارها القانونية فهي الفصل بين البالغين والأحداث وإحالة الجرائم المرتبطة أو غير القابلة للتجزئة إلى جهة حكم واحدة والفصل في التدابير المؤقتة كالحبس المؤقت ورد الأشياء المضبوطة .
استئناف أوامر قاضي التحقيق
يعد الاستئناف من الطرق العادية التي يمارسها أطراف الخصومة الجزائية برفع القضية من جديد أمام الدرجة الثانية للتحقيق وهي غرفة الاتهام الموجودة على مستوى كل مجلس قضائي. ويهدف المستأنف إلى إلغاء الأمر المستأنف الذي لا يخدم مصالحه. ومع هذا فإن هذا الباب ليس مفتوحا على مصراعيه أمام جميع الخصوم على قدم المساواة؛ إذ أفاد المشرع النيابة بامتياز بموجبه يحق لها استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق ، بينما قصر الاستئناف على بعض الأوامر فقط بالنسبة للمتهم وفي درجة أقل الطرف المدني وأخيرا أجاز للغير الذي ليس طرفا أن يتظلم من أمر واحد يخص الفصل في المحجوزات لمن له حقا عليها عند رفض ردها له ( م86 ق ا ج )
وحتى يسري أجل الاستئناف وجب تبليغ الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق لكل أطراف الخصومة باستثناء تلك الأوامر البسيطة التي لا يتم تسبيبها لعدم جواز استئنافها مثل الأمر بالتفتيش والانتقال للمعاينة وإعادة تمثيل الجريمة وتحديد مبلغ الكفالة ...أما الأوامر القضائية الفاصلة في موضوع الدعوى أو في مسألة قانونية أو واقعية وجب تسبيبها وتكون في أغلبيتها قابلة للاستئناف .[6]لذلك أوجبت المادة 168 ق ا ج تبليغها للمتهم و محاميه و المدعي المدني و محاميه في خلال 24 ساعة من صدورها بموجب رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام .كما توجب ذات المادة تبليغ النيابة بالأوامر المخالفة لطلباتها في نفس اليوم الذي صدرت فيه بمعرفة كاتب التحقيق.
الأوامر القابلة للاستئناف من طرف النيابة
أجازت المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية لوكيل الجمهورية استئناف جميع الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق بما فيها أمر الإحالة[7] على المحكمة الجزائية وهو نفس الحق المخول للنائب العام مع الاختلاف في الأجل إذ الأول له مهلة ثلاثة أيام تسري من يوم التبليغ بينما الثاني له مهلة أطول ب20 يوما ( م 171 ق ا ج )
الأوامر القابلة للاستئناف من طرف المتهم
أجازت المادة 172 ق ا ج للمتهم حق استئناف الأوامر المنصوص عليها في المواد 74 -125 -127 و الأوامر الصادرة في اختصاصه بنظر القضية .كما أجازت للمتهم التظلم من أمر المحقق الذي رفض رد الأشياء المضبوطة لصالحه ( م 86 ق ا ج )وعموما فإن هذه الأوامر هي التالية :الأمر بقبول الادعاء المدني والأمر بتمديد الحبس المؤقت والأمر بالإيداع والأمر برفض الإفراج والأمر برفض طلب رفع الرقابة القضائية .
أما الأوامر الأخرى مثل أمر الإحالة فلا يقبل الاستئناف لعلة عدم إخلاله بحق الدفاع الذي يمكن أن يتم أمام جهة الحكم .كما لا يجوز له استئناف الأمر بألا وجه للمتابعة لانعدام المصلحة وأخيرا لا تقبل الأوامر البسيطة الاستئناف .
الأوامر القابلة للاستئناف من طرف المدعي المدني
يحق للمدعي المدني استئناف الأوامر التي تمس بحقوقه المدنية ومنها الأمر بعدم قبول الادعاء المدني أو بقبول ادعاء مدني لشخص آخر بجانبه ، أو بعدم إجراء التحقيق أو بانتفاء وجه الدعوى والأوامر الصادرة في الاختصاص وعموما تلك الأوامر المنظمة بالمادة 173/2-3 ق ا ج ، كما يحق له التظلم من الأمر الفاصل في طلب رد المحجوزات ( م 86 ق ا ج ) أما أمر الإحالة والمسائل المتعلقة بالحبس الاحتياطي فهي غير قابلة للاستئناف.و لا يفوتني في هذا المقام أن أشير إلى أثري الاستئناف الموقف والناقل أيضا ، فهو موقف يعطل الأمر المستأنف[8] فلا ينفذ إلا بعد الفصل في الاستئناف من طرف غرفة الاتهام وهو ناقل ينقل الخصومة كاملة في الجزء محل الخصام للنظر فيه أمام الدرجة الثانية دون سواه.أما الأمر بألا وجه للمتابعة فإن استئنافه من طرف المدعي المدني لوحده يحدث الأثر الناقل ويعاد النظر في الدعوى العمومية .
الآثار المترتبة على أوامر التصرف في التحقيق
تترتب على أوامر التصرف في التحقيق آثار عديدة أهمها الفصل بين المتهمين البالغين والمتهمين الأحداث وإحالة الجرائم المرتبطة أو غير القابلة للتجزئة إلى جهة حكم واحدة والفصل في التدابير المؤقتة والأشياء المضبوطة والمصاريف .
1-الفصل بين البالغين والأحداث
الأصل في ملف القضية الموصوفة جنحة أو مخالفة و التي يوجد فيها متهمون بالغون ومتهمون أحداثا أن يقوم وكيل الجمهورية بفصل الملف فيلاحق البالغين أمام قاضي التحقيق بينما يرفع أمر الأحداث لقاضي الأحداث في المادتين.
ومن المتصور أيضا أن يرفع وكيل الجمهورية بصفة استثنائية و بناء على طلب من قاضي الأحداث ملفا على أساس أن الوقائع تشكل جنحة وفيها بالغون وأحداث عند تشعب ملفها إلى قاضي التحقيق المكلف بالبالغين ليجري تحقيقا بالنسبة للجميع وفي هذه الحالة عندما ينتهي المحقق من التحقيق فيها يحيل البالغين أمام قاضي الجنح بينما يحيل الحدث أمام قاضي الأحداث.
أما إذا كانت الوقائع محل التحقيق جناية اشترك فيها بالغون وأحداث فإن قاضي التحقيق يحقق في الملف وعند الانتهاء من التحقيق يفصل ملف الأحداث فيحيله على قاضي الأحداث بمحكمة مقر المجلس عملا بالمادة 79 من القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل؛ بينما يرسل الملف إلى النائب العام بخصوص البالغين لجدولته أمام غرفة الاتهام وهي إجراءات من النظام العام ما لم يكن هناك أمر آخر بانتفاء وجه الدعوى لأحد الفريقين . وأثناء محاكمة البالغين يكون القصر شهودا بينما عند محاكمة الأحداث في نفس الملف يحضر البالغون أيضا بصفتهم شهودا .
2-الجرائم المرتبطة
من مصلحة العدالة والخصوم أن تنظر الجرائم المرتبطة أمام جهة حكم واحدة ربحا للوقت وتسهيلا للعمل وتفاديا لصدور أحكام متعارضة وعقوبات متعددة .لذلك إذا اشتمل التحقيق على جريمتين فأكثر من نفس النوع ومن اختصاص عدة محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة بعضها ببعض فإنه يجوز للمحقق أن يحيلها كلها إلى جهة الحكم التي ينتمي إليها.وإذا كانت الجرائم من أنواع مختلفة أحالها إلى المحكمة المختصة بالنظر في الجريمة الأشد لأن من يملك النظر في الأكثر يملك في الأقل. على أنه في حالة الارتباط البسيط فإن ضم الجرائم وإحالتها إلى محكمة واحدة أمر اختياري لا وجوبي . ويكون هناك ارتباط بسيط إذا قام بين الجرائم التي تناولها التحقيق عنصر مشترك لا يؤثر على عناصر الإثبات أو سير التحقيق ومثال ذلك أن يكون المتهم واحدا فيها أو تكون قد وقعت جميعها على مجني عليه واحد دون أن ترتبط بوحدة الغرض أو التعاصر الزمني في اقترافها . أما إذا كانت الجرائم مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة وكانت الجرائم مسندة إلى نفس المتهم فان الإحالة على الجهة المختصة بالنظر في الجريمة الأشد واجبة لأنها تسمح بتوقيع عقوبة واحدة سالبة للحرية لا تتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا وفقا لأحكام المادة 34 من قانون العقوبات. فالارتباط غير القابل للتجزئة بين جنحة ومخالفة يؤدي حتما إلى إحالة الجريمتين معا إلى محكمة الجنح المختصة كما يؤدي الارتباط بين جناية وجنحة إلى الإحالة على محكمة الجنايات . ويعتبر الارتباط غير قابل للتجزئة إذا ارتكبت عدة جرائم تنفيذا لغرض إجرامي واحد أو أحاطت بها ظروف موضوعية أو شخصية تجعل من الصعوبة بمكان الفصل بين الدعاوى الناشئة عنها . وتقدير الارتباط وعدم قابليته للتجزئة أمر موكول لاجتهاد قضاة الموضوع ولا يخضع لرقابة المحكمة العليا طالما أن ما أوردوه في حكمهم يتفق منطقيا وقانونا إلى ما انتهوا إليه من قيام الارتباط.
3-التدابير المؤقتة
قد يتخذ قاضي التحقيق خلال مرحلة البحث تدابير وقتية ضد المتهم كوضعه تحت الرقابة القضائية أو إيداعه الحبس المؤقت أو إصدار أمر بالقبض عليه . وفي كل هذه الحالات ما مصي هذه التدابير المؤقتة عند انتهاء التحقيق والتصرف فيه.
إذا ما اصدر قاضي التحقيق أمرا بالا وجه للمتابعة وكان المتهم موقوفا وجب الإفراج عنه ما لم يكن محبوسا لسبب آخر ، وإذا كان محل أمر بالقبض وجب إصدار إخطار بالكف عن البحث عنه يوزع عبر التراب الوطني بواسطة مصالح الدرك والشرطة من اجل عدم توقيفه لان العدالة لم تعد في حاجة إلى ذلك. ويملك المحقق إصدار أمر بوضع المتهم بمؤسسة علاجية إذا كان مصابا بعاهة عقلية عملا بالمادة21 ق ع .
وأما الرقابة القضائية التي تسلط على المتهم وتسري من تاريخ إقرارها في حقه فإنها تنتهي بصدور الأمر بالا وجه للمتابعة وعلى قاضي التحقيق أن يأمر برفعها شريطة أن يصبح أمره بانتفاء وجه الدعوى نهائيا أي إذا لم يطعن فيه بالاستئناف وعليه أن يخبر السلطات القائمة بتنفيذ تدابير الرقابة القضائية للكف عن التنفيذ.
أما في حالة ما إذا اصدر المحقق أمرا بالإحالة على قسم الجنح أو المخالفات فان تدابير الحبس المؤقت تبقى سارية في حقه شريطة أن تكون عقوبة الفعل هي الحبس مع مراعاة المادة 124 ق ا ج المعدلة بالامر15-02 والتي جاء فيها " لا يجوز في مواد الجنح أن يحبس المتهم المقيم بالجزائر حبسا مؤقتا إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة في القانون هو الحبس لمدة تساوي أو تقل عن ثلاث سنوات باستثناء الجرائم التي نتجت عنها وفاة إنسان أو التي أدت إلى إخلال ظاهر بالنظام العام و في هذه الحالة لا تتعدى مدة الحبس المؤقت شهرا واحدا غير قابل للتجديد."
وكذلك الحال عند صدور أمر بإرسال المستندات إلى النائب العام فإن التدابير المؤقتة المتخذة ضد المتهم تبقى قائمة إلى غاية صدور قرار غرفة الاتهام تطبيقا للمادة 166/2 ق ا ج المعدلة بالقانون 17-07 المؤرخ في 27/03/17 بقولها "يستمر أمر الإيداع أو القبض الصادر عن جهة التحقيق منتجا لأثره إلى حين الفصل في القضية من طرف الجهة المحال عليها أو القضاء بانتفاء وجه الدعوى من طرف غرفة الاتهام ما لم يفرج عن المتهم قبل ذلك."
كما تبقى الرقابة القضائية سارية لغاية الفصل في القضية من طرف جهة الحكم وذلك ما تقضي بذلك المادة 125مكرر3 فقرة 1 ق ا ج
4-رد المحجوزات
القاعدة العامة هي أن الأشياء التي ضبطت في مرحلة التحقيق الأولي أو التحقيق القضائي لا ترد لأصحابها إلى غاية الفصل في موضوع الدعوى.إلا انه استثناء أجاز القانون ردها واسترجاعها قبل الحكم عند مطالبة المتهم أو المدعي المدني أو من له حقا عليها طبقا للشروط المذكورة بالمادة 86 ق ا ج. ويتم الاسترداد بناء على طلب مكتوب يبلغه قاضي التحقيق بمعرفة أمين الضبط إلى وكيل الجمهورية ولبقية الأطراف لإبداء الملاحظات في خلال 03 أيام من التبليغ وبعد نهاية الأجل يفصل قاضي التحقيق إما بالقبول ورد الأشياء المضبوطة لصاحب الطلب أو برفضه وفي الحالتين يجوز التظلم من هذا الأمر أمام غرفة الاتهام[9] بموجب عريضة في اجل 10 أيام من تاريخ التبليغ. وإذا ما اصدر القاضي أمرا بانتفاء وجه الدعوى وسها عن الفصل في رد المحجوزات فان صلاحية البت في هذا الطلب تنتقل لوكيل الجمهورية الذي يمكنه أن يقرر ذلك تلقائيا إلا إذا كانت ملكية تلك الأشياء محل نزاع جدي.
نشير هنا إلى أن الرد مرهون بشروط وهي أن يكون الشيء محل المطالبة غير مستعمل في جريمة أو متحصلا منها أو قابل للمصادرة أو أن حفظ تلك الأشياء غير مفيد في إظهار الحقيقة.
5- الفصل في المصاريف
ألزمت المادة 163/4 ق ا ج قاضي التحقيق بتصفية المصاريف التي يلزم بها المدعي المدني الذي يبادر إلى تحريك الدعوى العمومية عندما تنتهي بأمر بالا وجه لإقامة الدعوى . أما المدعي المدني الذي يتدخل فيها أثناء سير التحقيق فهو غير مشمول بنص المادة المذكورة.
ونعني بها مصاريف التحقيق فقط أما تلك التي تستلزمها المحاكمة فتبقى غير معروفة وقد جرى العمل القضائي على تأخيرها لغاية الفصل النهائي في الدعوى العمومية ويحكم بها دون أي تفصيل على أن يتولى أمين الضبط تحديدها لاحقا في الحكم مع الغرامات المحكوم بها التي تتولى تحصيلها مصلحة خاصة استحدثت لهذا الغرض على مستوى الجهات القضائية بعد صيرورة الحكم نهائيا.
[1] إذا كان الفعل المرتكب من متهم حدث بمفرده أو بمعية متهمين بالغين يشكل جناية فإن الاختصاص يعود لقاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث وليس لقاضي الأحداث الذي يختص بالتحقيق والمحاكمة في مواد الجنح والمخالفات فقط .أنظر المواد 62 و64 من القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[2] يمكن لقضاة الحكم في المادة الجزائية إصدار أوامر بالقبض كما يجوز لغرف الاتهام كذلك إصدار هذا الأمر ضد المتهمين الفارين أثناء سير التحقيق وبعد إحالتهم على محكمة الجنايات بقرار الإحالة أيضا.
[3] يقصد بها مجموع الالتزامات التي يتعين على المتهم الذي صدرت ضده أن يحترمها قبل استبدالها بالحبس المؤقت ومن بينها عدم مغادرة التراب الوطني والحضور أمام مصالح الأمن للتوقيع أمامها يوما في الأسبوع وسحب دفتر الصكوك البريدية أو البنكية و تسليم جواز السفر أو الختم الرسمي ... وعموما فهي التزامات نصت عليها المادة 125 مكرر 1 ق ا ج
[4] درج الفقه على استعمال المصطلحين معا في النصوص العربية مع أنهما يفيدان نفس المعنى ، في حين لا نجد هذه التفرقة في النص الفرنسي ( ordonnance de non- lieu) يؤسس الأمر بانتفاء وجه الدعوى على أسباب إما قانونية وهي التي عبر عنها المشرع بان الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة وصورها ألا تكون الواقعة أية جريمة أو تخلف احد أركان الجريمة أو قيام سبب من أسباب الإباحة أو الأفعال المبررة كالدفاع الشرعي والحصانة العائلية وموانع العقاب أو احد الأسباب المحددة في أحكام المادة 6 ق ا ج وإما موضوعية كبقاء المتهم مجهولا أو عدم وجود الدلائل الكافية ضده.انظر قرار المحكمة العليا غير المنشور المؤرخ في 20/02/14 رقم 0850955 وآخر في 20/03/17 رقم0877878 وآخر في 17/09/17 رقم 1045761 .
[5] ... وتعد أدلة جديدة أقوال الشهود والأوراق والمحاضر التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شانها تعزيز الأدلة التي سبق أن وجدها ضعيفة ا وان من شانها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة .
[6] بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 258
[7] الأمر بنقل المستندات إلى النائب العام لا جدوى من استئنافه ما دام سيعرض حتما على غرفة الاتهام وللنيابة أن تبدي ما تشاء من طلبات رغم أن القانون لم يستثنه من الاستئناف. كما تعد قابلة للاستئناف تلك الأوامر البسيطة التي يصدرها المحقق بل الأكثر من ذلك يجوز له استئناف الأوامر التي تطابق طلباته .
[8] بعض الأوامر لا تتأثر بالاستئناف حيث يواصل قاضي التحقيق عمله رغم أن القضية معروضة أمام غرفة الاتهام والبعض الآخر يتوقف تنفيذه إلى ما بعد الفصل في الاستئناف مثل الأمر بالإيداع أما رفض الإيداع فينفذ رغم الاستئناف
[9] إن رفع أمر قاضي التحقيق الفاصل في طلب استرداد إلى غرفة الاتهام لا يشكل في حد ذاته استئنافا في أمر يفصل في الموضوع وإنما يعد تظلما ضد قرار ولائي لا يمس بأصل الحق ونتيجة لذلك فلا يجوز الطعن فيه بالنقض بصفة مستقلة عن الأمر الفاصل في الموضوع . قرار المحكمة العليا رقم 127743 في 23/05/1995 منشور بالمجلة القضائية 1995 عدد1 ص 245.
-
المحور الأخير
ويتناول غرفة الاتهام بالمجلس القضائي كجهة تحقيق عليا وكهيئة رقابة على أعمال قضاة التحقيق بدائرة اختصاص المجلس القضائي التابعين لها
الفصل السادس
غرفة الاتهام كجهة تحقيق عليا
نص التنظيم القضائي على مكونات المجالس القضائية التي تتكون من غرف مهمتها الفصل في الأحكام والأوامر الصادرة عن الجهات الدنيا تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين ويوجد ضمن هذه الغرف ما يسمى بغرفة الاتهام[1] والتي صارت تسمى في القانون الفرنسي la chambre d’instruction
نصت المادة 176 من قانون الإجراءات الجزائية على الآتي : " تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل ويعين رئيسها ومستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل "
جرى العمل القضائي على وجود غرفة اتهام واحدة فقط في كل مجلس قضائي كما جرى العمل أيضا على أن يترأسها رئيس المجلس القضائي شخصيا بالنظر لحساسيتها على اعتبارها تراقب الحبس المؤقت والإفراج فضلا عن اختصاصها بإحالة الأفعال التي توصف بالخطورة وهي الجنايات على محكمة الجنايات الابتدائية وتراقب عمل ضباط الشرطة القضائية ...
تنعقد غرفة الاتهام مرة واحدة كل أسبوع على الأقل كما جرى به العمل القضائي حتى وان كان نص المادة 178 لا يقيدها بموعد محدد اخضع انعقادها لداعي الضرورة بناء على استدعاء من رئيسها أو بناء على طلب من النائب العام . وبالإضافة إلى قضاتها يوجد ضمن التشكيلة أيضا النائب العام أو احد مساعديه لتمثيل النيابة أمامها وأمين ضبط يمسك السجلات والملفات .
تعتبر غرفة الاتهام جهة تحقيق عليا تراقب و تشرف على جهات التحقيق القضائي الابتدائي ، و تمارس غرفة الاتهام صلاحياتها في مراقبة التحقيق إذا ما اتصلت بالدعوى بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون . و تبدو سلطة غرفة الاتهام في المراقبة و الإشراف على التحقيق في المظاهر التالية :
1-حق التصدي أو الإحالة
و معناه قيام غرفة الاتهام بتدارك الأخطاء و السهو الذي وقع فيه قاضي التحقيق و بذلك فهي تسلك في تصديها للموضوع مسلك قاضي التحقيق في مباشرة جميع الإجراءات التي تفيدها في إظهار الحقيقة و تتصدى غرفة الاتهام بمناسبة نظر الطعون ضد أوامر قاضي التحقيق و يترتب على تلك الطعون بالاستئناف الأثر الناقل لملف الدعوى إلى غرفة الاتهام فتقوم بفحص ادعاءات الخصوم حول المسائل محل الاستئناف وفحص الأسباب التي يستندون إليها و إذا ما تبين لها صحة هذه المزاعم ألغت الأمر المطعون فيه و تصدت بنفسها للمسألة إن بالإحالة كما في حالة الطعن ضد أمر بانتقاء وجه الدعوى أو بإجراء تحقيق تكميلي أو بالإفراج عن المتهم أو بإيداعه الحبس المؤقت بعد الإفراج عنه من طرف قاضي التحقيق.
2-التحقيق التكميلي والأمر بإيداع الملف ( الوضع )
تلجا غرفة الاتهام إلى هذه الإجراءات لما ترى بان عمل قاضي التحقيق ناقص لم يمس كل جوانب الملف أو عند بقاء زاوية فيه مظلمة تحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء عليها فتصدر قرارا بإجراء تحقيق تكميلي تتولاه بنفسها بواسطة احد مستشاريها أو تكلف به ذات القاضي مع توضيح المهام التي يجب عليه القيام بها ويعد ذلك بمثابة الإنابة إذ لا يملك التصرف في نتيجة التحقيق من جديد وإنما تنتهي مهمته بانجاز العمل المطلوب منه والعمل على إرجاع الملف إلى غرفة الاتهام للتصرف فيه .وقبل ذلك وما أن تتصل بالملف بعد نهاية التحقيق تأمر بإيداع ملف التحقيق لدى أمانة الضبط على أن يقوم النائب العام حالا بإخطار أطراف الدعوى ومحاميهم بهذا الإيداع بموجب رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام على أن يبقى هذا الإيداع مدة خمسة أيام مهما كان نوع القضية( جناية أو جنحة أو مخالفة ) ثم يستأنف السير في الإجراءات بعد نهاية هذا الأجل وتنعقد الغرفة للنظر فيه من جديد وذلك ما نصت عليه المادة 193 ق ا ج .
3-حق النظر في بطلان الإجراءات
تختص غرفة الاتهام بنظر الطعون ببطلان الإجراءات المشوبة بهذا العيب، علما وأن قاضي التحقيق هو الذي له الصفة في رفع الأمر إلى هذه الغرفة كما يجوز لوكيل الجمهورية القيام بذات العمل دون الأطراف الأخرى للخصومة ( المتهم أو الضحية ) و هنا يجوز لغرفة الاتهام التصدي لموضوع الإجراء الباطل أو إحالة الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو إلى قاضٍ غيرِه لمواصلة إجراءات التحقيق كما تنص على ذلك المادة 191 من قانون الإجراءات الجزائية[2]. أما المتهم والمدعي المدني فلا يجوز لهما الطعن بالبطلان استقلالا بل يتم ذلك بمناسبة نظر غرفة الاتهام في أمر التسوية [3].
4- فحص التحقيقات القضائية الابتدائية و إصدار القرارات بشأنها
عندما ينتهي قاضي التحقيق من جمع الأدلة حول واقعة تشكل جناية يقوم بإرسال ملفها مع أدلة الإثبات بمعرفة وكيل الجمهورية إلى النائب العام بالمجلس لجدولته و إحالة مشفوعا بطلباته على غرفة الاتهام لإصدار قرار بشأنها إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية أو بإعادة تكييف الوقائع أو حتى بانتقاء وجه الدعوى الكلي أو الجزئي. كما يقوم رئيسها بمراقبة الحبس المؤقت وتوجيه الملاحظات الضرورية لقضاة التحقيق قصد الإسراع في تصفية ملفات المحبوسين إلى درجة حق رئيسها في إخطار غرفة الاتهام للانعقاد قصد النظر في استمرار حبس متهم مؤقتا ( م 204/4 ق ا ج ).وتتميز الإجراءات أمام غرفة الاتهام بالسرعة ( م 179 )كما أنها إجراءات تنقيبية بمقتضاها يجوز لها توجيه الاتهام إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها إلا إذا سبقت لهم الاستفادة من أمر نهائي بألا وجه للمتابعة[4] ولعل هذا ما أصبغ عليها تسمية غرفة الاتهام .
5- العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة
قدر يصدر أمر بالا وجه لمتابعة المتهم يتحصن إما بعدم الاستئناف من النيابة أو من الضحية كما قد يقع استئنافه منهما أو من احدهما ويصدر قرار عن غرفة الاتهام يؤيده فهل يجوز ملاحقة المتهم نفسه عن الوقائع ذاتها مرة ثانية .
الأصل أن الملاحقة غير جائزة إلا إذا ظهرت أدلة جديدة بعنوان المادة 175 /2 وتعد كذلك أقوال الشهود والمحاضر والأوراق التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شانها تعزيز الأدلة التي سبق وان وجدها ضعيفة أو من شانها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة. فالأدلة الجديدة هي التي لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق ومن شانها تعزيز وتقوية الدلائل التي كانت ضعيفة وغير كافية أو إعطاء الوقائع تطورات مفيدة لكشف الحقيقة ومعرفة الجناة. وليس من اللازم أن يكون الدليل الجديد غير موجود قبل صدور الأمر بأن لا وجه للمتابعة لكي يصلح أن يكون أساسا لإعادة التحقيق ، وإنما يشترط فقط أن يكون مجهولا لدى المحقق ولم يعرض عليه من قبل . ولم يفرق قانون الإجراءات الجزائية بين الأوامر المبنية على أسباب موضوعية والتي بنيت على أسباب قانونية . فما دامت الأدلة الجديدة لم تعرض على المحقق من قبل ومن شأنها تقوية الدلائل السابقة أو معرفة الأشخاص الذين ساهموا في اقتراف الجريمة ا واثبات أن الواقعة المنسوبة للمتهم لها صفة قانونية لم تؤد الدلائل القديمة كشفها فإنها تصلح أن تكون أساسا للعودة إلى التحقيق . فإذا كان الأمر مبنيا على موضوعي كعدم وجود دلائل كافية ضد المتهم فظهور أدلة جديدة تعزز القرائن الضعيفة السابقة يسمح بالعودة إلى التحقيق. وإذا بني الأمر على سبب قانوني كعدم توفر القصد الجنائي المكون لجريمة خيانة الأمانة مثلا ثم ظهرت أدلة جديدة على توفر هذا القصد صار من الممكن العودة إلى التحقيق. وكذلك الحال إذا بني الأمر على أساس تقادم جنحة السرقة ثم ظهرت بعد ذلك أدلة جديدة تثبت أن السرقة ارتكبت ليلا وبالتسلق والكسر ، أي في ظروف تجعل الواقعة جناية وبالتالي تتطلب مدة أطول لانقضاء الدعوى العمومية فيها .
لم يحدد القانون كيفية الحصول على الأدلة الجديدة وإعادة التحقيق في الدعوى مكتفيا في الفقرة 3 من المادة 175 بإعطاء هذا الحق للنيابة العامة .[5]
وبناء على ما سبق إذا كان انتفاء وجه الدعوى قد صدر بأمر من قاضي التحقيق فإن وكيل الجمهورية بصفته ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة هو من يأخذ بزمام المبادرة ويطلب العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة ، لكن قاضي التحقيق يستطيع أن يرفض الطلب شريطة أن يكون أمره مسببا . أما إذا كان القرار بألا وجه للمتابعة قد صدر من الدرجة الثانية ( غرفة الاتهام ) فإن المبادرة ستكون بلا شك من طرف النائب العام عملا بالمادة 175/3 ق ا ج وفي هذه الحالة المذكورة أعلاه وريثما تنعقد غرفة الاتهام ، يجوز لرئيسها بناء على طلب النائب العام أن يصدر أمرا بالقبض ضد المتهم وإيداعه المؤسسة العقابية تطبيقا لأحكام المادة 181 ق ا ج .[6]
6- النظر في تنازع الاختصاص
تختص غرفة الاتهام بالفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة. ويعد كذلك بتعبير المشرع الجزائري في المادة 545 ق ا ج عندما تكون المجالس القضائية أو المحاكم أو- مع مراعاة الاستثناء الوارد بالفقرة الأخيرة من هذه المادة – قضاة التحقيق المنتمون لمحاكم مختلفة قد أخطرت أو رفع الأمر إليها في جريمة واحدة بعينها . وإما عندما تكون عدة جهات قضائية قد قضت بعدم اختصاصها بنظر واقعة معينة بأحكام أصبحت نهائية وإما أن يكون قاضي التحقيق قد اصدر أمرا بإحالة الدعوى إلى جهة من جهات الحكم وقضت تلك الجهة بعدم اختصاصها بنظرها بحكم أصبح نهائيا مع مراعاة ما نصت عليه المادة 363 و437 من هذا القانون وإما عندما يكون قضاة التحقيق منتمون لمحاكم مختلفة قد اخطروا بتحقيق قضية واحدة بعينها ولا يكون ثمة مجال لوجود تنازع بين القضاة إذا كان احدهم قد اصدر بناء على طلبات النيابة قرارا بالتخلي عن نظر الدعوى.
أما عن موقف القضاء من المسالة فقد قررت المحكمة العليا بان التنازع في الاختصاص النوعي يستوجب تحقق الشروط التالية ":
-أن تطرح دعوى عن واقعة معينة على قاضي التحقيق فيأمر بإحالتها بوصف جنحة إلى محكمة الجنح .
- أن تقضي هذه الجهة بعدم اختصاصها لان الواقعة تشكل جناية.
- أن يكتسب هذا الحكم قوة الشيء المقضي فيه لعدم وقوع الطعن فيه بالاستئناف وان ينشا عن الأمر بالإحالة والحكم بعدم الاختصاص تعطيل سير الدعوى.[7]
أما عن الجهات المختصة بالفصل في تنازع الاختصاص فقد حددتها المادة 546 ق ا ج فإذا كانت الجهات المتنازعة تنتمي لنفس المجلس القضائي وجب عرض التنازع على غرفة الاتهام لذات المجلس متى كان هو الأعلى درجة المشتركة بينهما كالنزاع القائم بين قاضيي تحقيق ينتميان لمحكمتين مختلفتين تتبعان ذلك المجل ساو بين قاض تحقيق ومحكمة تابعة لنفس الجعل ساما اذا كان لا يمثل الجهة المشتركة بينهما والأعلى درجة عرض النزاع على الغرفة الجنائية للمحكمة العليا كذلك الصادر عن غرفة الاتهام وغرفة الأحداث.
يرفع الطلب من النيابة العامة أو المتهم أو المدعي المدني ويحرر الطلب في شكل عريضة تودع لدى كتابة ضبط الجهة القضائية المطلوب منها الفصل ( غرفة الاتهام أو الغرفة الجنائية للمحكمة العليا حسب الأحوال ) وتبلغ تلك العريضة لباقي الأطراف لإيداع مذكرات بهذا الشأن لدى كتابة الضبط عملا بالمادة 547/2.[8]
7-النظر في طلبات رد الاعتبار
للمحكوم عليه الحق في أن يطلب من القضاء رد الاعتبار لشخصه متى توافرت فيه الشروط المقررة في المواد من679 إلى 693 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
يقدم الطلب إلى وكيل الجمهورية المختص مشفوعا بالوثائق المطلوبة لهذا الغرض فيحول وكيل الجمهورية طلب المعني إلى الضبطية القضائية المختصة لإجراء بحث اجتماعي حول سيرة وسلوك المعني وما أن استقام وابتعد عن مخالطة الأشرار والمجرمين وإبداء رأيهم بخصوص الطلب وبانتهائهم من البحث يعيدون الملف لوكيل الجمهورية الذي يرفعه مباشرة إلى النائب العام قصد جولته أمام غرفة الاتهام للنظر فيه في أجل لا يتعدى شهرين بقرار يكون قابلا للطعن بالنقض من طرف النيابة أو الطالب .
8-مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية
أعطى القانون لغرفة الاتهام صلاحية مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان ى المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي وتتم هذه الرقابة بشكل تلقائي بمناسبة نظر قضية مطروحة عليها تمت معالجتها من طرف مصالح الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاصها بحيث تعاين خرقا فادحا للقانون عند انجاز الملف الإجرائي لا يمكن تجاوزه أو السكوت عليه فيقوم رئيسها بإخطار الغرفة تلقائيا وهذه حالات نادرة الوقوع عمليا .
كما يمكن النائب العام أن يرفع إلى الغرفة ملفا يتعلق بضابط أو ضباط أنجزوا ملفا جزائيا مشوبا بإخلالات جسيمة ولا سيما عند تكرار الخطأ أو لفضاعته كاستعمال التعذيب عند سماع المتهم لانتزاع الإقرار منه عن فعل منسوب إليه أو تفتيش مسكنه دون إذن قضائي إلى غير ذلك من صور الأخطاء غير المغتفرة.
يجب على غرفة الاتهام أن تقوم بتحقيق في المسألة [9] وتسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن مع وجوب تمكين هذا الأخير من الاطلاع مسبقا على ملفه المحفوظ لدى النيابة العامة للمجلس مع حق الضابط في الاستعانة بمحام للدفاع عنه وهو ما قضت به المادة 208ق ا ج .
وإذا ما توصلت الغرفة إلى ثبوت تلك الإخلالات المنسوبة للضابط حتى وإن لم ترق إلى درجة الجريمة [10]، جاز لها أن توجه له ملاحظات أو تقرر إيقافه مؤقتا عن مباشرة مهامه كضابط للشرطة القضائية أو إسقاط صفة الضبطية القضائية عنه بصفة نهائية تبعا لجسامة الخطأ المرتكب فلا يمكنه مستقبلا القيام بأي تحقيق أولي دون المساس بوضعيته المهنية في السلك الذي ينتمي إليه حيث وجب تبليغ قرار الغرفة بطلب من النائب العام إلى الجهة التي يتبعها الضابط.
أما إذا كانت الإخلالات المنسوبة للضابط ترقى لدرجة الجريمة هنا وجب على الغرفة أن تأمر بإرسال الملف إلى النائب العام الذي يقرر ما يجب تجاهه وإذا كان الضابط منتميا لسلك الأمن العسكري رفع أمره إلى وزير الدفاع لاتخاذ الإجراء اللازم بشأنه ( م210 ق ا ج )
وإذا تعلق الأمر بضابط شرطة قضائية تابع لسلك الدرك الوطني وجب إعلام النائب العام العسكري المختص إقليميا .
هذا و تختص غرفة الاتهام بالجزائر العاصمة بالنظر في الإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن العسكري و تحال إليها القضية من طرف النائب العام لدى نفس المجلس بعد استطلاع رأي النائب العام العسكري المختص إقليميا ( م 207 /2 ق ا ج ).
جلسات غرفة الاتهام
يقوم النائب العام بتهيئة ملف الإجراءات و يبلغ الأطراف و محاميهم برسائل مضمنة مع الإشعار بالاستلام مع احترام الآجال المقررة في المادة 182 ق ا ج ( 48 ساعة في مادة الحبس المؤقت و 5 أيام في الأحوال الأخرى ) . كما يقوم النائب العام بتقديم مذكرة مكتوبة بطلباته ليطلع عليها الخصومُ و محامُوهم . و يجوز للخصوم أو لدفاعهم إلى غاية اليوم المحدد للجلسة تقديم مذكرات مكتوبة بطلباتهم تودع أمانة ضبط غرفة الاتهام و يؤشر عليها أمين الضبط مع ذكر يوم و ساعة الإيداع ( م 183 ق ا ج ) .
و تنعقد الجلسة برئاسة رئيس غرفة الاتهام و مساعدة المستشارين و بحضور عضو النيابة و أمين الضبط أما المداولات فتكون سرية بين قضاة الغرفة فقط دون إشراك النائب العام أو أمين الضبط وتنتهي بقرارات .
تجدر الإشارة إلى أنه من حق محاميي الأطراف أن يقدموا ملاحظات شفوية لتدعيم مذكراتهم المكتوبة بعد تلاوة المستشار المقرر لتقريره المكتوب و مرافعات النيابة العامة وفضلا عن هذا يمكن لغرفة الاتهام استثناءً استحضار الخصوم ولا سيما المتهمين منهم لتلقي توضيحاتهم مع محاميهم ( م 184 ق ا ج )
قرارات غرفة الاتهام
بعد الانتهاء من فحص التحقيقات القضائية سواء بإضافة تحقيقات تكميلية أو إضافية إليها أو بالاكتفاء بها متى كانت مكتملة فإن غرفة الاتهام تصدر قرارا بمقتضاه تقفل التحقيق كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.ويجب أن تتضمن بيان الوقائع موضوع الاتهام ( جناية السرقة مع توفر ظرف الليل والتعدد والكسر واستحضار مركبة – جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد- جنحة خيانة الأمانة...الخ )
و لا تختلف قرارات غرفة الاتهام عن تلك الأوامر الصادرة عن قضاة التحقيق إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية إذا كانت الوقائع تشكل جناية أو جنايات أو جنايات وجنح ومخالفات متى وجد بينها ارتباط طبقا للمادة 194 من قانون الإجراءات الجزائية ، كما تصدر قرارا بالإحالة على محكمة الجنح عندما تكون الوقائع جنحا مع بقاء المتهم محبوسا احتياطيا إذا كان موضوع الدعوى معاقبا عليه بالحبس مع مراعاة المادة 124 ق ا ج وإذا كانت الوقائع تشكل مخالفة أفرجت عن المتهم وكذلك عندما تكون الوقائع معاقبا عليها بعقوبة مالية فقط. وأخيرا إذا كانت الوقائع بوصف مخالفة أحالت المتهم على محكمة المخالفات.
غير أنها قد تنتهي إلى قناعة مفادها أن الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو لا تتوفر أدلة كافية لإدانة المتهم أو أن مرتكب الفعل لا يزال مجهولا عندها تصدر قرارا بانتفاء وجه الدعوى وتأمر بالإفراج عن المتهمين الحب وسين ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.
وإذا كان الاستئناف منصبا على أمر برفض الإيداع أو بالإفراج عن متهم محبوس واستأنفت النيابة أمر قاضي التحقيق فان غرفة الاتهام إما أن تلغي الأمر وفي هذه الحالة تأمر بإيداع المتهم على أن تقوم النيابة العامة بتنفيذ القرار بواسطة القوة العمومية وإما أن تؤيد أمر قاضي التحقيق.
بيانات قرار الإحالة :
يتضمن قرار الإحالة ديباجة تحمل اسم الجمهورية الجزائرية و باسم الشعب الجزائري و أسماء القضاة و أمين الضبط و اسم ممثل النيابة العامة ثم بيان الوقائع موضوع التهمة و وصفها القانوني والنصوص الجزائية المعاقبة عليها و ينتهي بمنطوق يحال بمقتضاه المتهم على جهة المحاكمة أو بالا وجه لإقامة الدعوى أو برد الاعتبار القضائي متى كان موضوعه كذلك ، و يوقع من الرئيس و أمين الضبط .كما تفصل غرفة الاتهام في رد المحجوزات لصاحب الحق فيها وتظل كذلك عند الاقتضاء بعد صدور قرارها.( م 195 ) .
يكون قرار غرفة الاتهام قابلا للطعن بالنقض في مواد الجنايات وعند تأييدها للأمر بانتفاء وجه الدعوى ،شريطة أن تكون النيابة قد استأنفته . وفي قراراتها الناطقة بعدم قبول دعوى المدعي المدني أو برفض التحقيق وفي حالة قبولها دفعا ينهي الدعوى العمومية مثل التقادم والعفو الشامل ووفاة المتهم ..وفي حالة السهو عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام وعموما في كل الحالات التي نصت عليها المادتان (496 و 497 ق ا ج )
تفصل غرفة الاتهام في المصاريف القضائية ولا يجوز لها الحكم بمصادرة مبلغ الكفالة في حالة صدور قرار بالا وجه للمتابعة وإلا عد قرارها باطلا قابلا للنقض.
ويجب أن يبلغ القرار لأطراف الدعوى وإذا لم تتم المنازعة في صحته أمام المحكمة العليا يصبح نهائيا( م201 ق ا ج )
انتهى
قائمة المراجع
أولا/ الكتب باللغة العربية
1-ابراهيم احمد شلبي ، مبادئ القانون الدولي العام ، دار القلم بيروت ( لبنان ) د ون سنة نشر.
2- الشافعي احمد ، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية (دراسة مقارنة )، دار هومة (الجزائر) ، 2005
3- بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار الشهاب ( باتنة ) 1986.
4- بغدادي الجيلالي ، التحقيق ، دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية ، الطبعة الأولى 1999.
5-حسن صادق المرصفاوي ، المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية ، منشأة المعارف ( الاسكندرية ) 2000
6- نجيمي جمال ، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي ، دراسة مقارنة ، دار هومة ( الجزائر ) 2012.
7- محمد عبد الوهاب احمد ، الجريمة السياسية من نطاق التجريد القانوني إلى مجال التطبيق العملي ( دراسة مقارنة ) مركز الحضانة العربية ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 2002
8- غاي احمد ، الحماية القانونية لحرمة المسكن ، دار هومة ( الجزائر ) الطبعة الأولى 2008
ثانيا/ المجلات
1-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1989 ، العدد 2
2-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1996 ، العدد1
3-المجلة القضائية للمحكمة العليا ،2001، العدد 1
4-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 2012 ، العدد 1
ثالثا/ الكتب بالفرنسية
1-Gaston Stefani, Georges Levasseur,Bernard Bouloc,Procédure pénale , 16ème édition, Delta- Dalloz 1996.
2-M’hamed Abed, la saisine du juge d’instruction, O P U – E N A L ,
3- Pierre Chambon, le juge d’instruction ( théorie et pratique de la procédure, Delta- Dalloz . 4ème édition 1997.
4- Gérard Cornu ,vocabulaire juridique, PUF quadrige , 3ème édition , 2002
رابعا / القوانين
1-الأمر 66-155 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم المتضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
2-الامر66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم والمتضمن قانون العقوبات الجزائري.
3-القانون 17-07 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية الصادر في 27/03/17 المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 29/03/17 العدد 20.
4-القانون 16-03 المؤرخ في 19/06/2016 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص ، المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 22/06/16 العدد37.
5- الأمر20-04 المؤرخ في 30/08/20 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية
6- القانون 15-12 المؤرخ في 15/07/15 المتعلق بحماية الطفل
-code de procédure pénale ( Français) , Dalloz, 56ème édition 2015
[1] La chambre d’accusation
[2] وقد قضت المحكمة العليا في ذلك بقرارها الصادر في 15/04/1986 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1989 العدد الثاني ص 265 بقولها : "ما دامت غرفة الاتهام قضت ببطلان إجراءات التحقيق وأمرت النيابة العامة باتخاذ ما تراه مناسبا بشأنها دون أن تتصدى للإجراءات بإحالة المتهمين أمام المحكمة المختصة أو بإتمام الإجراءات سواء بمعرفة نفس قاضي التحقيق أو غيره من القضاة فإنها بذلك تكون قد تركت الدعوى معلقة وأخطأت في تطبيق القانون." أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 215
[3] فبمجرد أن يتخلى أو يتنحى قاضي التحقيق عن الملف وذلك بإصداره لأحد أوامر التصرف فيه فإن الحالة تتغير تماما وتجد غرفة الاتهام نفسها مدعوة للفصل في مجموع الإجراءات المطروحة عليها مباشرة وعندئذ يمكنها بل ويحب عليها أيضا ممارسة سلطاتها الخاصة بالمراجعة التي تستمدها من المادة 191 ق ا ج والتي تقابلها المادة 206 ق ا فرنسية. ويتعلق الأمر هنا بالحالات التي تفصل فيها غرفة الاتهام في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق الخاص بإرسال المستندات في مادة الجنايات لإحالتها على محكمة الجنايات أو استئناف أوامر التصرف كحالة استئناف النيابة لأمر بالا وجه للمتابعة . ففي جميع هذه الحالات تلعب غرفة الاتهام دورها كاملا كمنظم ومراقب للإجراءات السابقة المحالة عليها حسب ما تنص عليه بكل وضوح المادة 191 ق ا ج .وهنا يجب على غرفة الاتهام دراسة صحة الإجراءات وإثارة كل المخالفات التي تكون قد لحقت بها وتحديد آثارها . وهي تقوم بهذه المهمة تحت رقابة المحكمة العليا. فغرفة الاتهام مكلفة قانونا بممارسة مهمة الرقابة على سير التحقيق. أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 216
[4] م 189 ق ا ج جاء فيها " يجوز أيضا لغرفة الاتهام بالنسبة للجرائم الناتجة من ملف الدعوى أن تأمر بتوجيه التهمة طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة 190 إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها ما لم يسبق بشأنهم صدور أمر نهائي بالا وجه للمتابعة . ولا يجوز الطعن في هذا الأمر بطريق النقض.
[5] المرحوم الأستاذ/ بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 199-201
[6] ما يلاحظ على الإجراء هو تلك الخطورة التي تمس بحرية متهم استفاد من أمر بألا وجه للمتابعة صار نهائيا فيعاد أخذه من جديد بنفس الوقائع لظهور أدلة جديدة كما أن المشرع أعطى صلاحية إصدار أمر الإيداع لرئيس غرفة الاتهام وحده دون التداول في القرار وليس لغرفة الاتهام بتشكيلتها الجماعية وهنا تكمن الخطورة.
[7] المرحوم بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 228
[8] بغدادي الجيلالي ، ص123-125
[9] قرار المحكمة العليا رقم 246742 في 14/07/2000 منشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 2001 عدد2 ص 332 والذي جاء فيه "تقتضي المادة 208 ق ا ج أن تأمر غرفة الاتهام بإجراء تحقيق وان تسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن ومن ثم تعرض قرارها للنقض غرفة الاتهام التي اعتمدت على تصريحات مدلى بها أمام وكيل الجمهورية واستبعدت إجراءات التحقيق المقررة قانونا."
[10] قرار المحكمة العليا رقم 641478 في 16/06/11 المنشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا 2012 عدد2 ص 290 والذي جاء فيه " يجوز لغرفة الاتهام إسقاط صفة الضبطية القضائية بمجرد معاينتها اخلالات مرتكبة من ضباط أو أعوان الضبطية القضائية بمناسبة مباشرة مهامهم . ولا يتوقف إسقاط صفة الضبطية القضائية على ارتكاب جريمة من جرائم قانون العقوبات "
المحور الأخير
ويتناول غرفة الاتهام بالمجلس القضائي كجهة تحقيق عليا وكهيئة رقابة على أعمال قضاة التحقيق بدائرة اختصاص المجلس القضائي التابعين لها
الفصل السادس
غرفة الاتهام كجهة تحقيق عليا
نص التنظيم القضائي على مكونات المجالس القضائية التي تتكون من غرف مهمتها الفصل في الأحكام والأوامر الصادرة عن الجهات الدنيا تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين ويوجد ضمن هذه الغرف ما يسمى بغرفة الاتهام[1] والتي صارت تسمى في القانون الفرنسي la chambre d’instruction
نصت المادة 176 من قانون الإجراءات الجزائية على الآتي : " تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل ويعين رئيسها ومستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل "
جرى العمل القضائي على وجود غرفة اتهام واحدة فقط في كل مجلس قضائي كما جرى العمل أيضا على أن يترأسها رئيس المجلس القضائي شخصيا بالنظر لحساسيتها على اعتبارها تراقب الحبس المؤقت والإفراج فضلا عن اختصاصها بإحالة الأفعال التي توصف بالخطورة وهي الجنايات على محكمة الجنايات الابتدائية وتراقب عمل ضباط الشرطة القضائية ...
تنعقد غرفة الاتهام مرة واحدة كل أسبوع على الأقل كما جرى به العمل القضائي حتى وان كان نص المادة 178 لا يقيدها بموعد محدد اخضع انعقادها لداعي الضرورة بناء على استدعاء من رئيسها أو بناء على طلب من النائب العام . وبالإضافة إلى قضاتها يوجد ضمن التشكيلة أيضا النائب العام أو احد مساعديه لتمثيل النيابة أمامها وأمين ضبط يمسك السجلات والملفات .
تعتبر غرفة الاتهام جهة تحقيق عليا تراقب و تشرف على جهات التحقيق القضائي الابتدائي ، و تمارس غرفة الاتهام صلاحياتها في مراقبة التحقيق إذا ما اتصلت بالدعوى بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون . و تبدو سلطة غرفة الاتهام في المراقبة و الإشراف على التحقيق في المظاهر التالية :
1-حق التصدي أو الإحالة
و معناه قيام غرفة الاتهام بتدارك الأخطاء و السهو الذي وقع فيه قاضي التحقيق و بذلك فهي تسلك في تصديها للموضوع مسلك قاضي التحقيق في مباشرة جميع الإجراءات التي تفيدها في إظهار الحقيقة و تتصدى غرفة الاتهام بمناسبة نظر الطعون ضد أوامر قاضي التحقيق و يترتب على تلك الطعون بالاستئناف الأثر الناقل لملف الدعوى إلى غرفة الاتهام فتقوم بفحص ادعاءات الخصوم حول المسائل محل الاستئناف وفحص الأسباب التي يستندون إليها و إذا ما تبين لها صحة هذه المزاعم ألغت الأمر المطعون فيه و تصدت بنفسها للمسألة إن بالإحالة كما في حالة الطعن ضد أمر بانتقاء وجه الدعوى أو بإجراء تحقيق تكميلي أو بالإفراج عن المتهم أو بإيداعه الحبس المؤقت بعد الإفراج عنه من طرف قاضي التحقيق.
2-التحقيق التكميلي والأمر بإيداع الملف ( الوضع )
تلجا غرفة الاتهام إلى هذه الإجراءات لما ترى بان عمل قاضي التحقيق ناقص لم يمس كل جوانب الملف أو عند بقاء زاوية فيه مظلمة تحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء عليها فتصدر قرارا بإجراء تحقيق تكميلي تتولاه بنفسها بواسطة احد مستشاريها أو تكلف به ذات القاضي مع توضيح المهام التي يجب عليه القيام بها ويعد ذلك بمثابة الإنابة إذ لا يملك التصرف في نتيجة التحقيق من جديد وإنما تنتهي مهمته بانجاز العمل المطلوب منه والعمل على إرجاع الملف إلى غرفة الاتهام للتصرف فيه .وقبل ذلك وما أن تتصل بالملف بعد نهاية التحقيق تأمر بإيداع ملف التحقيق لدى أمانة الضبط على أن يقوم النائب العام حالا بإخطار أطراف الدعوى ومحاميهم بهذا الإيداع بموجب رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام على أن يبقى هذا الإيداع مدة خمسة أيام مهما كان نوع القضية( جناية أو جنحة أو مخالفة ) ثم يستأنف السير في الإجراءات بعد نهاية هذا الأجل وتنعقد الغرفة للنظر فيه من جديد وذلك ما نصت عليه المادة 193 ق ا ج .
3-حق النظر في بطلان الإجراءات
تختص غرفة الاتهام بنظر الطعون ببطلان الإجراءات المشوبة بهذا العيب، علما وأن قاضي التحقيق هو الذي له الصفة في رفع الأمر إلى هذه الغرفة كما يجوز لوكيل الجمهورية القيام بذات العمل دون الأطراف الأخرى للخصومة ( المتهم أو الضحية ) و هنا يجوز لغرفة الاتهام التصدي لموضوع الإجراء الباطل أو إحالة الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو إلى قاضٍ غيرِه لمواصلة إجراءات التحقيق كما تنص على ذلك المادة 191 من قانون الإجراءات الجزائية[2]. أما المتهم والمدعي المدني فلا يجوز لهما الطعن بالبطلان استقلالا بل يتم ذلك بمناسبة نظر غرفة الاتهام في أمر التسوية [3].
4- فحص التحقيقات القضائية الابتدائية و إصدار القرارات بشأنها
عندما ينتهي قاضي التحقيق من جمع الأدلة حول واقعة تشكل جناية يقوم بإرسال ملفها مع أدلة الإثبات بمعرفة وكيل الجمهورية إلى النائب العام بالمجلس لجدولته و إحالة مشفوعا بطلباته على غرفة الاتهام لإصدار قرار بشأنها إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية أو بإعادة تكييف الوقائع أو حتى بانتقاء وجه الدعوى الكلي أو الجزئي. كما يقوم رئيسها بمراقبة الحبس المؤقت وتوجيه الملاحظات الضرورية لقضاة التحقيق قصد الإسراع في تصفية ملفات المحبوسين إلى درجة حق رئيسها في إخطار غرفة الاتهام للانعقاد قصد النظر في استمرار حبس متهم مؤقتا ( م 204/4 ق ا ج ).وتتميز الإجراءات أمام غرفة الاتهام بالسرعة ( م 179 )كما أنها إجراءات تنقيبية بمقتضاها يجوز لها توجيه الاتهام إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها إلا إذا سبقت لهم الاستفادة من أمر نهائي بألا وجه للمتابعة[4] ولعل هذا ما أصبغ عليها تسمية غرفة الاتهام .
5- العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة
قدر يصدر أمر بالا وجه لمتابعة المتهم يتحصن إما بعدم الاستئناف من النيابة أو من الضحية كما قد يقع استئنافه منهما أو من احدهما ويصدر قرار عن غرفة الاتهام يؤيده فهل يجوز ملاحقة المتهم نفسه عن الوقائع ذاتها مرة ثانية .
الأصل أن الملاحقة غير جائزة إلا إذا ظهرت أدلة جديدة بعنوان المادة 175 /2 وتعد كذلك أقوال الشهود والمحاضر والأوراق التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شانها تعزيز الأدلة التي سبق وان وجدها ضعيفة أو من شانها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة. فالأدلة الجديدة هي التي لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق ومن شانها تعزيز وتقوية الدلائل التي كانت ضعيفة وغير كافية أو إعطاء الوقائع تطورات مفيدة لكشف الحقيقة ومعرفة الجناة. وليس من اللازم أن يكون الدليل الجديد غير موجود قبل صدور الأمر بأن لا وجه للمتابعة لكي يصلح أن يكون أساسا لإعادة التحقيق ، وإنما يشترط فقط أن يكون مجهولا لدى المحقق ولم يعرض عليه من قبل . ولم يفرق قانون الإجراءات الجزائية بين الأوامر المبنية على أسباب موضوعية والتي بنيت على أسباب قانونية . فما دامت الأدلة الجديدة لم تعرض على المحقق من قبل ومن شأنها تقوية الدلائل السابقة أو معرفة الأشخاص الذين ساهموا في اقتراف الجريمة ا واثبات أن الواقعة المنسوبة للمتهم لها صفة قانونية لم تؤد الدلائل القديمة كشفها فإنها تصلح أن تكون أساسا للعودة إلى التحقيق . فإذا كان الأمر مبنيا على موضوعي كعدم وجود دلائل كافية ضد المتهم فظهور أدلة جديدة تعزز القرائن الضعيفة السابقة يسمح بالعودة إلى التحقيق. وإذا بني الأمر على سبب قانوني كعدم توفر القصد الجنائي المكون لجريمة خيانة الأمانة مثلا ثم ظهرت أدلة جديدة على توفر هذا القصد صار من الممكن العودة إلى التحقيق. وكذلك الحال إذا بني الأمر على أساس تقادم جنحة السرقة ثم ظهرت بعد ذلك أدلة جديدة تثبت أن السرقة ارتكبت ليلا وبالتسلق والكسر ، أي في ظروف تجعل الواقعة جناية وبالتالي تتطلب مدة أطول لانقضاء الدعوى العمومية فيها .
لم يحدد القانون كيفية الحصول على الأدلة الجديدة وإعادة التحقيق في الدعوى مكتفيا في الفقرة 3 من المادة 175 بإعطاء هذا الحق للنيابة العامة .[5]
وبناء على ما سبق إذا كان انتفاء وجه الدعوى قد صدر بأمر من قاضي التحقيق فإن وكيل الجمهورية بصفته ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة هو من يأخذ بزمام المبادرة ويطلب العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة ، لكن قاضي التحقيق يستطيع أن يرفض الطلب شريطة أن يكون أمره مسببا . أما إذا كان القرار بألا وجه للمتابعة قد صدر من الدرجة الثانية ( غرفة الاتهام ) فإن المبادرة ستكون بلا شك من طرف النائب العام عملا بالمادة 175/3 ق ا ج وفي هذه الحالة المذكورة أعلاه وريثما تنعقد غرفة الاتهام ، يجوز لرئيسها بناء على طلب النائب العام أن يصدر أمرا بالقبض ضد المتهم وإيداعه المؤسسة العقابية تطبيقا لأحكام المادة 181 ق ا ج .[6]
6- النظر في تنازع الاختصاص
تختص غرفة الاتهام بالفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة. ويعد كذلك بتعبير المشرع الجزائري في المادة 545 ق ا ج عندما تكون المجالس القضائية أو المحاكم أو- مع مراعاة الاستثناء الوارد بالفقرة الأخيرة من هذه المادة – قضاة التحقيق المنتمون لمحاكم مختلفة قد أخطرت أو رفع الأمر إليها في جريمة واحدة بعينها . وإما عندما تكون عدة جهات قضائية قد قضت بعدم اختصاصها بنظر واقعة معينة بأحكام أصبحت نهائية وإما أن يكون قاضي التحقيق قد اصدر أمرا بإحالة الدعوى إلى جهة من جهات الحكم وقضت تلك الجهة بعدم اختصاصها بنظرها بحكم أصبح نهائيا مع مراعاة ما نصت عليه المادة 363 و437 من هذا القانون وإما عندما يكون قضاة التحقيق منتمون لمحاكم مختلفة قد اخطروا بتحقيق قضية واحدة بعينها ولا يكون ثمة مجال لوجود تنازع بين القضاة إذا كان احدهم قد اصدر بناء على طلبات النيابة قرارا بالتخلي عن نظر الدعوى.
أما عن موقف القضاء من المسالة فقد قررت المحكمة العليا بان التنازع في الاختصاص النوعي يستوجب تحقق الشروط التالية ":
-أن تطرح دعوى عن واقعة معينة على قاضي التحقيق فيأمر بإحالتها بوصف جنحة إلى محكمة الجنح .
- أن تقضي هذه الجهة بعدم اختصاصها لان الواقعة تشكل جناية.
- أن يكتسب هذا الحكم قوة الشيء المقضي فيه لعدم وقوع الطعن فيه بالاستئناف وان ينشا عن الأمر بالإحالة والحكم بعدم الاختصاص تعطيل سير الدعوى.[7]
أما عن الجهات المختصة بالفصل في تنازع الاختصاص فقد حددتها المادة 546 ق ا ج فإذا كانت الجهات المتنازعة تنتمي لنفس المجلس القضائي وجب عرض التنازع على غرفة الاتهام لذات المجلس متى كان هو الأعلى درجة المشتركة بينهما كالنزاع القائم بين قاضيي تحقيق ينتميان لمحكمتين مختلفتين تتبعان ذلك المجل ساو بين قاض تحقيق ومحكمة تابعة لنفس الجعل ساما اذا كان لا يمثل الجهة المشتركة بينهما والأعلى درجة عرض النزاع على الغرفة الجنائية للمحكمة العليا كذلك الصادر عن غرفة الاتهام وغرفة الأحداث.
يرفع الطلب من النيابة العامة أو المتهم أو المدعي المدني ويحرر الطلب في شكل عريضة تودع لدى كتابة ضبط الجهة القضائية المطلوب منها الفصل ( غرفة الاتهام أو الغرفة الجنائية للمحكمة العليا حسب الأحوال ) وتبلغ تلك العريضة لباقي الأطراف لإيداع مذكرات بهذا الشأن لدى كتابة الضبط عملا بالمادة 547/2.[8]
7-النظر في طلبات رد الاعتبار
للمحكوم عليه الحق في أن يطلب من القضاء رد الاعتبار لشخصه متى توافرت فيه الشروط المقررة في المواد من679 إلى 693 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
يقدم الطلب إلى وكيل الجمهورية المختص مشفوعا بالوثائق المطلوبة لهذا الغرض فيحول وكيل الجمهورية طلب المعني إلى الضبطية القضائية المختصة لإجراء بحث اجتماعي حول سيرة وسلوك المعني وما أن استقام وابتعد عن مخالطة الأشرار والمجرمين وإبداء رأيهم بخصوص الطلب وبانتهائهم من البحث يعيدون الملف لوكيل الجمهورية الذي يرفعه مباشرة إلى النائب العام قصد جولته أمام غرفة الاتهام للنظر فيه في أجل لا يتعدى شهرين بقرار يكون قابلا للطعن بالنقض من طرف النيابة أو الطالب .
8-مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية
أعطى القانون لغرفة الاتهام صلاحية مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان ى المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي وتتم هذه الرقابة بشكل تلقائي بمناسبة نظر قضية مطروحة عليها تمت معالجتها من طرف مصالح الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاصها بحيث تعاين خرقا فادحا للقانون عند انجاز الملف الإجرائي لا يمكن تجاوزه أو السكوت عليه فيقوم رئيسها بإخطار الغرفة تلقائيا وهذه حالات نادرة الوقوع عمليا .
كما يمكن النائب العام أن يرفع إلى الغرفة ملفا يتعلق بضابط أو ضباط أنجزوا ملفا جزائيا مشوبا بإخلالات جسيمة ولا سيما عند تكرار الخطأ أو لفضاعته كاستعمال التعذيب عند سماع المتهم لانتزاع الإقرار منه عن فعل منسوب إليه أو تفتيش مسكنه دون إذن قضائي إلى غير ذلك من صور الأخطاء غير المغتفرة.
يجب على غرفة الاتهام أن تقوم بتحقيق في المسألة [9] وتسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن مع وجوب تمكين هذا الأخير من الاطلاع مسبقا على ملفه المحفوظ لدى النيابة العامة للمجلس مع حق الضابط في الاستعانة بمحام للدفاع عنه وهو ما قضت به المادة 208ق ا ج .
وإذا ما توصلت الغرفة إلى ثبوت تلك الإخلالات المنسوبة للضابط حتى وإن لم ترق إلى درجة الجريمة [10]، جاز لها أن توجه له ملاحظات أو تقرر إيقافه مؤقتا عن مباشرة مهامه كضابط للشرطة القضائية أو إسقاط صفة الضبطية القضائية عنه بصفة نهائية تبعا لجسامة الخطأ المرتكب فلا يمكنه مستقبلا القيام بأي تحقيق أولي دون المساس بوضعيته المهنية في السلك الذي ينتمي إليه حيث وجب تبليغ قرار الغرفة بطلب من النائب العام إلى الجهة التي يتبعها الضابط.
أما إذا كانت الإخلالات المنسوبة للضابط ترقى لدرجة الجريمة هنا وجب على الغرفة أن تأمر بإرسال الملف إلى النائب العام الذي يقرر ما يجب تجاهه وإذا كان الضابط منتميا لسلك الأمن العسكري رفع أمره إلى وزير الدفاع لاتخاذ الإجراء اللازم بشأنه ( م210 ق ا ج )
وإذا تعلق الأمر بضابط شرطة قضائية تابع لسلك الدرك الوطني وجب إعلام النائب العام العسكري المختص إقليميا .
هذا و تختص غرفة الاتهام بالجزائر العاصمة بالنظر في الإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن العسكري و تحال إليها القضية من طرف النائب العام لدى نفس المجلس بعد استطلاع رأي النائب العام العسكري المختص إقليميا ( م 207 /2 ق ا ج ).
جلسات غرفة الاتهام
يقوم النائب العام بتهيئة ملف الإجراءات و يبلغ الأطراف و محاميهم برسائل مضمنة مع الإشعار بالاستلام مع احترام الآجال المقررة في المادة 182 ق ا ج ( 48 ساعة في مادة الحبس المؤقت و 5 أيام في الأحوال الأخرى ) . كما يقوم النائب العام بتقديم مذكرة مكتوبة بطلباته ليطلع عليها الخصومُ و محامُوهم . و يجوز للخصوم أو لدفاعهم إلى غاية اليوم المحدد للجلسة تقديم مذكرات مكتوبة بطلباتهم تودع أمانة ضبط غرفة الاتهام و يؤشر عليها أمين الضبط مع ذكر يوم و ساعة الإيداع ( م 183 ق ا ج ) .
و تنعقد الجلسة برئاسة رئيس غرفة الاتهام و مساعدة المستشارين و بحضور عضو النيابة و أمين الضبط أما المداولات فتكون سرية بين قضاة الغرفة فقط دون إشراك النائب العام أو أمين الضبط وتنتهي بقرارات .
تجدر الإشارة إلى أنه من حق محاميي الأطراف أن يقدموا ملاحظات شفوية لتدعيم مذكراتهم المكتوبة بعد تلاوة المستشار المقرر لتقريره المكتوب و مرافعات النيابة العامة وفضلا عن هذا يمكن لغرفة الاتهام استثناءً استحضار الخصوم ولا سيما المتهمين منهم لتلقي توضيحاتهم مع محاميهم ( م 184 ق ا ج )
قرارات غرفة الاتهام
بعد الانتهاء من فحص التحقيقات القضائية سواء بإضافة تحقيقات تكميلية أو إضافية إليها أو بالاكتفاء بها متى كانت مكتملة فإن غرفة الاتهام تصدر قرارا بمقتضاه تقفل التحقيق كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.ويجب أن تتضمن بيان الوقائع موضوع الاتهام ( جناية السرقة مع توفر ظرف الليل والتعدد والكسر واستحضار مركبة – جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد- جنحة خيانة الأمانة...الخ )
و لا تختلف قرارات غرفة الاتهام عن تلك الأوامر الصادرة عن قضاة التحقيق إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية إذا كانت الوقائع تشكل جناية أو جنايات أو جنايات وجنح ومخالفات متى وجد بينها ارتباط طبقا للمادة 194 من قانون الإجراءات الجزائية ، كما تصدر قرارا بالإحالة على محكمة الجنح عندما تكون الوقائع جنحا مع بقاء المتهم محبوسا احتياطيا إذا كان موضوع الدعوى معاقبا عليه بالحبس مع مراعاة المادة 124 ق ا ج وإذا كانت الوقائع تشكل مخالفة أفرجت عن المتهم وكذلك عندما تكون الوقائع معاقبا عليها بعقوبة مالية فقط. وأخيرا إذا كانت الوقائع بوصف مخالفة أحالت المتهم على محكمة المخالفات.
غير أنها قد تنتهي إلى قناعة مفادها أن الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو لا تتوفر أدلة كافية لإدانة المتهم أو أن مرتكب الفعل لا يزال مجهولا عندها تصدر قرارا بانتفاء وجه الدعوى وتأمر بالإفراج عن المتهمين الحب وسين ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.
وإذا كان الاستئناف منصبا على أمر برفض الإيداع أو بالإفراج عن متهم محبوس واستأنفت النيابة أمر قاضي التحقيق فان غرفة الاتهام إما أن تلغي الأمر وفي هذه الحالة تأمر بإيداع المتهم على أن تقوم النيابة العامة بتنفيذ القرار بواسطة القوة العمومية وإما أن تؤيد أمر قاضي التحقيق.
بيانات قرار الإحالة :
يتضمن قرار الإحالة ديباجة تحمل اسم الجمهورية الجزائرية و باسم الشعب الجزائري و أسماء القضاة و أمين الضبط و اسم ممثل النيابة العامة ثم بيان الوقائع موضوع التهمة و وصفها القانوني والنصوص الجزائية المعاقبة عليها و ينتهي بمنطوق يحال بمقتضاه المتهم على جهة المحاكمة أو بالا وجه لإقامة الدعوى أو برد الاعتبار القضائي متى كان موضوعه كذلك ، و يوقع من الرئيس و أمين الضبط .كما تفصل غرفة الاتهام في رد المحجوزات لصاحب الحق فيها وتظل كذلك عند الاقتضاء بعد صدور قرارها.( م 195 ) .
يكون قرار غرفة الاتهام قابلا للطعن بالنقض في مواد الجنايات وعند تأييدها للأمر بانتفاء وجه الدعوى ،شريطة أن تكون النيابة قد استأنفته . وفي قراراتها الناطقة بعدم قبول دعوى المدعي المدني أو برفض التحقيق وفي حالة قبولها دفعا ينهي الدعوى العمومية مثل التقادم والعفو الشامل ووفاة المتهم ..وفي حالة السهو عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام وعموما في كل الحالات التي نصت عليها المادتان (496 و 497 ق ا ج )
تفصل غرفة الاتهام في المصاريف القضائية ولا يجوز لها الحكم بمصادرة مبلغ الكفالة في حالة صدور قرار بالا وجه للمتابعة وإلا عد قرارها باطلا قابلا للنقض.
ويجب أن يبلغ القرار لأطراف الدعوى وإذا لم تتم المنازعة في صحته أمام المحكمة العليا يصبح نهائيا( م201 ق ا ج )
انتهى
قائمة المراجع
أولا/ الكتب باللغة العربية
1-ابراهيم احمد شلبي ، مبادئ القانون الدولي العام ، دار القلم بيروت ( لبنان ) د ون سنة نشر.
2- الشافعي احمد ، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية (دراسة مقارنة )، دار هومة (الجزائر) ، 2005
3- بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار الشهاب ( باتنة ) 1986.
4- بغدادي الجيلالي ، التحقيق ، دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية ، الطبعة الأولى 1999.
5-حسن صادق المرصفاوي ، المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية ، منشأة المعارف ( الاسكندرية ) 2000
6- نجيمي جمال ، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي ، دراسة مقارنة ، دار هومة ( الجزائر ) 2012.
7- محمد عبد الوهاب احمد ، الجريمة السياسية من نطاق التجريد القانوني إلى مجال التطبيق العملي ( دراسة مقارنة ) مركز الحضانة العربية ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 2002
8- غاي احمد ، الحماية القانونية لحرمة المسكن ، دار هومة ( الجزائر ) الطبعة الأولى 2008
ثانيا/ المجلات
1-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1989 ، العدد 2
2-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1996 ، العدد1
3-المجلة القضائية للمحكمة العليا ،2001، العدد 1
4-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 2012 ، العدد 1
ثالثا/ الكتب بالفرنسية
1-Gaston Stefani, Georges Levasseur,Bernard Bouloc,Procédure pénale , 16ème édition, Delta- Dalloz 1996.
2-M’hamed Abed, la saisine du juge d’instruction, O P U – E N A L ,
3- Pierre Chambon, le juge d’instruction ( théorie et pratique de la procédure, Delta- Dalloz . 4ème édition 1997.
4- Gérard Cornu ,vocabulaire juridique, PUF quadrige , 3ème édition , 2002
رابعا / القوانين
1-الأمر 66-155 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم المتضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
2-الامر66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم والمتضمن قانون العقوبات الجزائري.
3-القانون 17-07 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية الصادر في 27/03/17 المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 29/03/17 العدد 20.
4-القانون 16-03 المؤرخ في 19/06/2016 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص ، المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 22/06/16 العدد37.
5- الأمر20-04 المؤرخ في 30/08/20 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية
6- القانون 15-12 المؤرخ في 15/07/15 المتعلق بحماية الطفل
-code de procédure pénale ( Français) , Dalloz, 56ème édition 2015
[1] La chambre d’accusation
[2] وقد قضت المحكمة العليا في ذلك بقرارها الصادر في 15/04/1986 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1989 العدد الثاني ص 265 بقولها : "ما دامت غرفة الاتهام قضت ببطلان إجراءات التحقيق وأمرت النيابة العامة باتخاذ ما تراه مناسبا بشأنها دون أن تتصدى للإجراءات بإحالة المتهمين أمام المحكمة المختصة أو بإتمام الإجراءات سواء بمعرفة نفس قاضي التحقيق أو غيره من القضاة فإنها بذلك تكون قد تركت الدعوى معلقة وأخطأت في تطبيق القانون." أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 215
[3] فبمجرد أن يتخلى أو يتنحى قاضي التحقيق عن الملف وذلك بإصداره لأحد أوامر التصرف فيه فإن الحالة تتغير تماما وتجد غرفة الاتهام نفسها مدعوة للفصل في مجموع الإجراءات المطروحة عليها مباشرة وعندئذ يمكنها بل ويحب عليها أيضا ممارسة سلطاتها الخاصة بالمراجعة التي تستمدها من المادة 191 ق ا ج والتي تقابلها المادة 206 ق ا فرنسية. ويتعلق الأمر هنا بالحالات التي تفصل فيها غرفة الاتهام في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق الخاص بإرسال المستندات في مادة الجنايات لإحالتها على محكمة الجنايات أو استئناف أوامر التصرف كحالة استئناف النيابة لأمر بالا وجه للمتابعة . ففي جميع هذه الحالات تلعب غرفة الاتهام دورها كاملا كمنظم ومراقب للإجراءات السابقة المحالة عليها حسب ما تنص عليه بكل وضوح المادة 191 ق ا ج .وهنا يجب على غرفة الاتهام دراسة صحة الإجراءات وإثارة كل المخالفات التي تكون قد لحقت بها وتحديد آثارها . وهي تقوم بهذه المهمة تحت رقابة المحكمة العليا. فغرفة الاتهام مكلفة قانونا بممارسة مهمة الرقابة على سير التحقيق. أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 216
[4] م 189 ق ا ج جاء فيها " يجوز أيضا لغرفة الاتهام بالنسبة للجرائم الناتجة من ملف الدعوى أن تأمر بتوجيه التهمة طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة 190 إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها ما لم يسبق بشأنهم صدور أمر نهائي بالا وجه للمتابعة . ولا يجوز الطعن في هذا الأمر بطريق النقض.
[5] المرحوم الأستاذ/ بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 199-201
[6] ما يلاحظ على الإجراء هو تلك الخطورة التي تمس بحرية متهم استفاد من أمر بألا وجه للمتابعة صار نهائيا فيعاد أخذه من جديد بنفس الوقائع لظهور أدلة جديدة كما أن المشرع أعطى صلاحية إصدار أمر الإيداع لرئيس غرفة الاتهام وحده دون التداول في القرار وليس لغرفة الاتهام بتشكيلتها الجماعية وهنا تكمن الخطورة.
[7] المرحوم بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 228
[8] بغدادي الجيلالي ، ص123-125
[9] قرار المحكمة العليا رقم 246742 في 14/07/2000 منشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 2001 عدد2 ص 332 والذي جاء فيه "تقتضي المادة 208 ق ا ج أن تأمر غرفة الاتهام بإجراء تحقيق وان تسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن ومن ثم تعرض قرارها للنقض غرفة الاتهام التي اعتمدت على تصريحات مدلى بها أمام وكيل الجمهورية واستبعدت إجراءات التحقيق المقررة قانونا."
[10] قرار المحكمة العليا رقم 641478 في 16/06/11 المنشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا 2012 عدد2 ص 290 والذي جاء فيه " يجوز لغرفة الاتهام إسقاط صفة الضبطية القضائية بمجرد معاينتها اخلالات مرتكبة من ضباط أو أعوان الضبطية القضائية بمناسبة مباشرة مهامهم . ولا يتوقف إسقاط صفة الضبطية القضائية على ارتكاب جريمة من جرائم قانون العقوبات "
المحور الأخير
ويتناول غرفة الاتهام بالمجلس القضائي كجهة تحقيق عليا وكهيئة رقابة على أعمال قضاة التحقيق بدائرة اختصاص المجلس القضائي التابعين لها
الفصل السادس
غرفة الاتهام كجهة تحقيق عليا
نص التنظيم القضائي على مكونات المجالس القضائية التي تتكون من غرف مهمتها الفصل في الأحكام والأوامر الصادرة عن الجهات الدنيا تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين ويوجد ضمن هذه الغرف ما يسمى بغرفة الاتهام[1] والتي صارت تسمى في القانون الفرنسي la chambre d’instruction
نصت المادة 176 من قانون الإجراءات الجزائية على الآتي : " تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل ويعين رئيسها ومستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل "
جرى العمل القضائي على وجود غرفة اتهام واحدة فقط في كل مجلس قضائي كما جرى العمل أيضا على أن يترأسها رئيس المجلس القضائي شخصيا بالنظر لحساسيتها على اعتبارها تراقب الحبس المؤقت والإفراج فضلا عن اختصاصها بإحالة الأفعال التي توصف بالخطورة وهي الجنايات على محكمة الجنايات الابتدائية وتراقب عمل ضباط الشرطة القضائية ...
تنعقد غرفة الاتهام مرة واحدة كل أسبوع على الأقل كما جرى به العمل القضائي حتى وان كان نص المادة 178 لا يقيدها بموعد محدد اخضع انعقادها لداعي الضرورة بناء على استدعاء من رئيسها أو بناء على طلب من النائب العام . وبالإضافة إلى قضاتها يوجد ضمن التشكيلة أيضا النائب العام أو احد مساعديه لتمثيل النيابة أمامها وأمين ضبط يمسك السجلات والملفات .
تعتبر غرفة الاتهام جهة تحقيق عليا تراقب و تشرف على جهات التحقيق القضائي الابتدائي ، و تمارس غرفة الاتهام صلاحياتها في مراقبة التحقيق إذا ما اتصلت بالدعوى بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون . و تبدو سلطة غرفة الاتهام في المراقبة و الإشراف على التحقيق في المظاهر التالية :
1-حق التصدي أو الإحالة
و معناه قيام غرفة الاتهام بتدارك الأخطاء و السهو الذي وقع فيه قاضي التحقيق و بذلك فهي تسلك في تصديها للموضوع مسلك قاضي التحقيق في مباشرة جميع الإجراءات التي تفيدها في إظهار الحقيقة و تتصدى غرفة الاتهام بمناسبة نظر الطعون ضد أوامر قاضي التحقيق و يترتب على تلك الطعون بالاستئناف الأثر الناقل لملف الدعوى إلى غرفة الاتهام فتقوم بفحص ادعاءات الخصوم حول المسائل محل الاستئناف وفحص الأسباب التي يستندون إليها و إذا ما تبين لها صحة هذه المزاعم ألغت الأمر المطعون فيه و تصدت بنفسها للمسألة إن بالإحالة كما في حالة الطعن ضد أمر بانتقاء وجه الدعوى أو بإجراء تحقيق تكميلي أو بالإفراج عن المتهم أو بإيداعه الحبس المؤقت بعد الإفراج عنه من طرف قاضي التحقيق.
2-التحقيق التكميلي والأمر بإيداع الملف ( الوضع )
تلجا غرفة الاتهام إلى هذه الإجراءات لما ترى بان عمل قاضي التحقيق ناقص لم يمس كل جوانب الملف أو عند بقاء زاوية فيه مظلمة تحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء عليها فتصدر قرارا بإجراء تحقيق تكميلي تتولاه بنفسها بواسطة احد مستشاريها أو تكلف به ذات القاضي مع توضيح المهام التي يجب عليه القيام بها ويعد ذلك بمثابة الإنابة إذ لا يملك التصرف في نتيجة التحقيق من جديد وإنما تنتهي مهمته بانجاز العمل المطلوب منه والعمل على إرجاع الملف إلى غرفة الاتهام للتصرف فيه .وقبل ذلك وما أن تتصل بالملف بعد نهاية التحقيق تأمر بإيداع ملف التحقيق لدى أمانة الضبط على أن يقوم النائب العام حالا بإخطار أطراف الدعوى ومحاميهم بهذا الإيداع بموجب رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام على أن يبقى هذا الإيداع مدة خمسة أيام مهما كان نوع القضية( جناية أو جنحة أو مخالفة ) ثم يستأنف السير في الإجراءات بعد نهاية هذا الأجل وتنعقد الغرفة للنظر فيه من جديد وذلك ما نصت عليه المادة 193 ق ا ج .
3-حق النظر في بطلان الإجراءات
تختص غرفة الاتهام بنظر الطعون ببطلان الإجراءات المشوبة بهذا العيب، علما وأن قاضي التحقيق هو الذي له الصفة في رفع الأمر إلى هذه الغرفة كما يجوز لوكيل الجمهورية القيام بذات العمل دون الأطراف الأخرى للخصومة ( المتهم أو الضحية ) و هنا يجوز لغرفة الاتهام التصدي لموضوع الإجراء الباطل أو إحالة الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو إلى قاضٍ غيرِه لمواصلة إجراءات التحقيق كما تنص على ذلك المادة 191 من قانون الإجراءات الجزائية[2]. أما المتهم والمدعي المدني فلا يجوز لهما الطعن بالبطلان استقلالا بل يتم ذلك بمناسبة نظر غرفة الاتهام في أمر التسوية [3].
4- فحص التحقيقات القضائية الابتدائية و إصدار القرارات بشأنها
عندما ينتهي قاضي التحقيق من جمع الأدلة حول واقعة تشكل جناية يقوم بإرسال ملفها مع أدلة الإثبات بمعرفة وكيل الجمهورية إلى النائب العام بالمجلس لجدولته و إحالة مشفوعا بطلباته على غرفة الاتهام لإصدار قرار بشأنها إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية أو بإعادة تكييف الوقائع أو حتى بانتقاء وجه الدعوى الكلي أو الجزئي. كما يقوم رئيسها بمراقبة الحبس المؤقت وتوجيه الملاحظات الضرورية لقضاة التحقيق قصد الإسراع في تصفية ملفات المحبوسين إلى درجة حق رئيسها في إخطار غرفة الاتهام للانعقاد قصد النظر في استمرار حبس متهم مؤقتا ( م 204/4 ق ا ج ).وتتميز الإجراءات أمام غرفة الاتهام بالسرعة ( م 179 )كما أنها إجراءات تنقيبية بمقتضاها يجوز لها توجيه الاتهام إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها إلا إذا سبقت لهم الاستفادة من أمر نهائي بألا وجه للمتابعة[4] ولعل هذا ما أصبغ عليها تسمية غرفة الاتهام .
5- العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة
قدر يصدر أمر بالا وجه لمتابعة المتهم يتحصن إما بعدم الاستئناف من النيابة أو من الضحية كما قد يقع استئنافه منهما أو من احدهما ويصدر قرار عن غرفة الاتهام يؤيده فهل يجوز ملاحقة المتهم نفسه عن الوقائع ذاتها مرة ثانية .
الأصل أن الملاحقة غير جائزة إلا إذا ظهرت أدلة جديدة بعنوان المادة 175 /2 وتعد كذلك أقوال الشهود والمحاضر والأوراق التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شانها تعزيز الأدلة التي سبق وان وجدها ضعيفة أو من شانها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة. فالأدلة الجديدة هي التي لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق ومن شانها تعزيز وتقوية الدلائل التي كانت ضعيفة وغير كافية أو إعطاء الوقائع تطورات مفيدة لكشف الحقيقة ومعرفة الجناة. وليس من اللازم أن يكون الدليل الجديد غير موجود قبل صدور الأمر بأن لا وجه للمتابعة لكي يصلح أن يكون أساسا لإعادة التحقيق ، وإنما يشترط فقط أن يكون مجهولا لدى المحقق ولم يعرض عليه من قبل . ولم يفرق قانون الإجراءات الجزائية بين الأوامر المبنية على أسباب موضوعية والتي بنيت على أسباب قانونية . فما دامت الأدلة الجديدة لم تعرض على المحقق من قبل ومن شأنها تقوية الدلائل السابقة أو معرفة الأشخاص الذين ساهموا في اقتراف الجريمة ا واثبات أن الواقعة المنسوبة للمتهم لها صفة قانونية لم تؤد الدلائل القديمة كشفها فإنها تصلح أن تكون أساسا للعودة إلى التحقيق . فإذا كان الأمر مبنيا على موضوعي كعدم وجود دلائل كافية ضد المتهم فظهور أدلة جديدة تعزز القرائن الضعيفة السابقة يسمح بالعودة إلى التحقيق. وإذا بني الأمر على سبب قانوني كعدم توفر القصد الجنائي المكون لجريمة خيانة الأمانة مثلا ثم ظهرت أدلة جديدة على توفر هذا القصد صار من الممكن العودة إلى التحقيق. وكذلك الحال إذا بني الأمر على أساس تقادم جنحة السرقة ثم ظهرت بعد ذلك أدلة جديدة تثبت أن السرقة ارتكبت ليلا وبالتسلق والكسر ، أي في ظروف تجعل الواقعة جناية وبالتالي تتطلب مدة أطول لانقضاء الدعوى العمومية فيها .
لم يحدد القانون كيفية الحصول على الأدلة الجديدة وإعادة التحقيق في الدعوى مكتفيا في الفقرة 3 من المادة 175 بإعطاء هذا الحق للنيابة العامة .[5]
وبناء على ما سبق إذا كان انتفاء وجه الدعوى قد صدر بأمر من قاضي التحقيق فإن وكيل الجمهورية بصفته ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة هو من يأخذ بزمام المبادرة ويطلب العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة ، لكن قاضي التحقيق يستطيع أن يرفض الطلب شريطة أن يكون أمره مسببا . أما إذا كان القرار بألا وجه للمتابعة قد صدر من الدرجة الثانية ( غرفة الاتهام ) فإن المبادرة ستكون بلا شك من طرف النائب العام عملا بالمادة 175/3 ق ا ج وفي هذه الحالة المذكورة أعلاه وريثما تنعقد غرفة الاتهام ، يجوز لرئيسها بناء على طلب النائب العام أن يصدر أمرا بالقبض ضد المتهم وإيداعه المؤسسة العقابية تطبيقا لأحكام المادة 181 ق ا ج .[6]
6- النظر في تنازع الاختصاص
تختص غرفة الاتهام بالفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة. ويعد كذلك بتعبير المشرع الجزائري في المادة 545 ق ا ج عندما تكون المجالس القضائية أو المحاكم أو- مع مراعاة الاستثناء الوارد بالفقرة الأخيرة من هذه المادة – قضاة التحقيق المنتمون لمحاكم مختلفة قد أخطرت أو رفع الأمر إليها في جريمة واحدة بعينها . وإما عندما تكون عدة جهات قضائية قد قضت بعدم اختصاصها بنظر واقعة معينة بأحكام أصبحت نهائية وإما أن يكون قاضي التحقيق قد اصدر أمرا بإحالة الدعوى إلى جهة من جهات الحكم وقضت تلك الجهة بعدم اختصاصها بنظرها بحكم أصبح نهائيا مع مراعاة ما نصت عليه المادة 363 و437 من هذا القانون وإما عندما يكون قضاة التحقيق منتمون لمحاكم مختلفة قد اخطروا بتحقيق قضية واحدة بعينها ولا يكون ثمة مجال لوجود تنازع بين القضاة إذا كان احدهم قد اصدر بناء على طلبات النيابة قرارا بالتخلي عن نظر الدعوى.
أما عن موقف القضاء من المسالة فقد قررت المحكمة العليا بان التنازع في الاختصاص النوعي يستوجب تحقق الشروط التالية ":
-أن تطرح دعوى عن واقعة معينة على قاضي التحقيق فيأمر بإحالتها بوصف جنحة إلى محكمة الجنح .
- أن تقضي هذه الجهة بعدم اختصاصها لان الواقعة تشكل جناية.
- أن يكتسب هذا الحكم قوة الشيء المقضي فيه لعدم وقوع الطعن فيه بالاستئناف وان ينشا عن الأمر بالإحالة والحكم بعدم الاختصاص تعطيل سير الدعوى.[7]
أما عن الجهات المختصة بالفصل في تنازع الاختصاص فقد حددتها المادة 546 ق ا ج فإذا كانت الجهات المتنازعة تنتمي لنفس المجلس القضائي وجب عرض التنازع على غرفة الاتهام لذات المجلس متى كان هو الأعلى درجة المشتركة بينهما كالنزاع القائم بين قاضيي تحقيق ينتميان لمحكمتين مختلفتين تتبعان ذلك المجل ساو بين قاض تحقيق ومحكمة تابعة لنفس الجعل ساما اذا كان لا يمثل الجهة المشتركة بينهما والأعلى درجة عرض النزاع على الغرفة الجنائية للمحكمة العليا كذلك الصادر عن غرفة الاتهام وغرفة الأحداث.
يرفع الطلب من النيابة العامة أو المتهم أو المدعي المدني ويحرر الطلب في شكل عريضة تودع لدى كتابة ضبط الجهة القضائية المطلوب منها الفصل ( غرفة الاتهام أو الغرفة الجنائية للمحكمة العليا حسب الأحوال ) وتبلغ تلك العريضة لباقي الأطراف لإيداع مذكرات بهذا الشأن لدى كتابة الضبط عملا بالمادة 547/2.[8]
7-النظر في طلبات رد الاعتبار
للمحكوم عليه الحق في أن يطلب من القضاء رد الاعتبار لشخصه متى توافرت فيه الشروط المقررة في المواد من679 إلى 693 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
يقدم الطلب إلى وكيل الجمهورية المختص مشفوعا بالوثائق المطلوبة لهذا الغرض فيحول وكيل الجمهورية طلب المعني إلى الضبطية القضائية المختصة لإجراء بحث اجتماعي حول سيرة وسلوك المعني وما أن استقام وابتعد عن مخالطة الأشرار والمجرمين وإبداء رأيهم بخصوص الطلب وبانتهائهم من البحث يعيدون الملف لوكيل الجمهورية الذي يرفعه مباشرة إلى النائب العام قصد جولته أمام غرفة الاتهام للنظر فيه في أجل لا يتعدى شهرين بقرار يكون قابلا للطعن بالنقض من طرف النيابة أو الطالب .
8-مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية
أعطى القانون لغرفة الاتهام صلاحية مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان ى المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي وتتم هذه الرقابة بشكل تلقائي بمناسبة نظر قضية مطروحة عليها تمت معالجتها من طرف مصالح الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاصها بحيث تعاين خرقا فادحا للقانون عند انجاز الملف الإجرائي لا يمكن تجاوزه أو السكوت عليه فيقوم رئيسها بإخطار الغرفة تلقائيا وهذه حالات نادرة الوقوع عمليا .
كما يمكن النائب العام أن يرفع إلى الغرفة ملفا يتعلق بضابط أو ضباط أنجزوا ملفا جزائيا مشوبا بإخلالات جسيمة ولا سيما عند تكرار الخطأ أو لفضاعته كاستعمال التعذيب عند سماع المتهم لانتزاع الإقرار منه عن فعل منسوب إليه أو تفتيش مسكنه دون إذن قضائي إلى غير ذلك من صور الأخطاء غير المغتفرة.
يجب على غرفة الاتهام أن تقوم بتحقيق في المسألة [9] وتسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن مع وجوب تمكين هذا الأخير من الاطلاع مسبقا على ملفه المحفوظ لدى النيابة العامة للمجلس مع حق الضابط في الاستعانة بمحام للدفاع عنه وهو ما قضت به المادة 208ق ا ج .
وإذا ما توصلت الغرفة إلى ثبوت تلك الإخلالات المنسوبة للضابط حتى وإن لم ترق إلى درجة الجريمة [10]، جاز لها أن توجه له ملاحظات أو تقرر إيقافه مؤقتا عن مباشرة مهامه كضابط للشرطة القضائية أو إسقاط صفة الضبطية القضائية عنه بصفة نهائية تبعا لجسامة الخطأ المرتكب فلا يمكنه مستقبلا القيام بأي تحقيق أولي دون المساس بوضعيته المهنية في السلك الذي ينتمي إليه حيث وجب تبليغ قرار الغرفة بطلب من النائب العام إلى الجهة التي يتبعها الضابط.
أما إذا كانت الإخلالات المنسوبة للضابط ترقى لدرجة الجريمة هنا وجب على الغرفة أن تأمر بإرسال الملف إلى النائب العام الذي يقرر ما يجب تجاهه وإذا كان الضابط منتميا لسلك الأمن العسكري رفع أمره إلى وزير الدفاع لاتخاذ الإجراء اللازم بشأنه ( م210 ق ا ج )
وإذا تعلق الأمر بضابط شرطة قضائية تابع لسلك الدرك الوطني وجب إعلام النائب العام العسكري المختص إقليميا .
هذا و تختص غرفة الاتهام بالجزائر العاصمة بالنظر في الإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن العسكري و تحال إليها القضية من طرف النائب العام لدى نفس المجلس بعد استطلاع رأي النائب العام العسكري المختص إقليميا ( م 207 /2 ق ا ج ).
جلسات غرفة الاتهام
يقوم النائب العام بتهيئة ملف الإجراءات و يبلغ الأطراف و محاميهم برسائل مضمنة مع الإشعار بالاستلام مع احترام الآجال المقررة في المادة 182 ق ا ج ( 48 ساعة في مادة الحبس المؤقت و 5 أيام في الأحوال الأخرى ) . كما يقوم النائب العام بتقديم مذكرة مكتوبة بطلباته ليطلع عليها الخصومُ و محامُوهم . و يجوز للخصوم أو لدفاعهم إلى غاية اليوم المحدد للجلسة تقديم مذكرات مكتوبة بطلباتهم تودع أمانة ضبط غرفة الاتهام و يؤشر عليها أمين الضبط مع ذكر يوم و ساعة الإيداع ( م 183 ق ا ج ) .
و تنعقد الجلسة برئاسة رئيس غرفة الاتهام و مساعدة المستشارين و بحضور عضو النيابة و أمين الضبط أما المداولات فتكون سرية بين قضاة الغرفة فقط دون إشراك النائب العام أو أمين الضبط وتنتهي بقرارات .
تجدر الإشارة إلى أنه من حق محاميي الأطراف أن يقدموا ملاحظات شفوية لتدعيم مذكراتهم المكتوبة بعد تلاوة المستشار المقرر لتقريره المكتوب و مرافعات النيابة العامة وفضلا عن هذا يمكن لغرفة الاتهام استثناءً استحضار الخصوم ولا سيما المتهمين منهم لتلقي توضيحاتهم مع محاميهم ( م 184 ق ا ج )
قرارات غرفة الاتهام
بعد الانتهاء من فحص التحقيقات القضائية سواء بإضافة تحقيقات تكميلية أو إضافية إليها أو بالاكتفاء بها متى كانت مكتملة فإن غرفة الاتهام تصدر قرارا بمقتضاه تقفل التحقيق كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.ويجب أن تتضمن بيان الوقائع موضوع الاتهام ( جناية السرقة مع توفر ظرف الليل والتعدد والكسر واستحضار مركبة – جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد- جنحة خيانة الأمانة...الخ )
و لا تختلف قرارات غرفة الاتهام عن تلك الأوامر الصادرة عن قضاة التحقيق إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية إذا كانت الوقائع تشكل جناية أو جنايات أو جنايات وجنح ومخالفات متى وجد بينها ارتباط طبقا للمادة 194 من قانون الإجراءات الجزائية ، كما تصدر قرارا بالإحالة على محكمة الجنح عندما تكون الوقائع جنحا مع بقاء المتهم محبوسا احتياطيا إذا كان موضوع الدعوى معاقبا عليه بالحبس مع مراعاة المادة 124 ق ا ج وإذا كانت الوقائع تشكل مخالفة أفرجت عن المتهم وكذلك عندما تكون الوقائع معاقبا عليها بعقوبة مالية فقط. وأخيرا إذا كانت الوقائع بوصف مخالفة أحالت المتهم على محكمة المخالفات.
غير أنها قد تنتهي إلى قناعة مفادها أن الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو لا تتوفر أدلة كافية لإدانة المتهم أو أن مرتكب الفعل لا يزال مجهولا عندها تصدر قرارا بانتفاء وجه الدعوى وتأمر بالإفراج عن المتهمين الحب وسين ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.
وإذا كان الاستئناف منصبا على أمر برفض الإيداع أو بالإفراج عن متهم محبوس واستأنفت النيابة أمر قاضي التحقيق فان غرفة الاتهام إما أن تلغي الأمر وفي هذه الحالة تأمر بإيداع المتهم على أن تقوم النيابة العامة بتنفيذ القرار بواسطة القوة العمومية وإما أن تؤيد أمر قاضي التحقيق.
بيانات قرار الإحالة :
يتضمن قرار الإحالة ديباجة تحمل اسم الجمهورية الجزائرية و باسم الشعب الجزائري و أسماء القضاة و أمين الضبط و اسم ممثل النيابة العامة ثم بيان الوقائع موضوع التهمة و وصفها القانوني والنصوص الجزائية المعاقبة عليها و ينتهي بمنطوق يحال بمقتضاه المتهم على جهة المحاكمة أو بالا وجه لإقامة الدعوى أو برد الاعتبار القضائي متى كان موضوعه كذلك ، و يوقع من الرئيس و أمين الضبط .كما تفصل غرفة الاتهام في رد المحجوزات لصاحب الحق فيها وتظل كذلك عند الاقتضاء بعد صدور قرارها.( م 195 ) .
يكون قرار غرفة الاتهام قابلا للطعن بالنقض في مواد الجنايات وعند تأييدها للأمر بانتفاء وجه الدعوى ،شريطة أن تكون النيابة قد استأنفته . وفي قراراتها الناطقة بعدم قبول دعوى المدعي المدني أو برفض التحقيق وفي حالة قبولها دفعا ينهي الدعوى العمومية مثل التقادم والعفو الشامل ووفاة المتهم ..وفي حالة السهو عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام وعموما في كل الحالات التي نصت عليها المادتان (496 و 497 ق ا ج )
تفصل غرفة الاتهام في المصاريف القضائية ولا يجوز لها الحكم بمصادرة مبلغ الكفالة في حالة صدور قرار بالا وجه للمتابعة وإلا عد قرارها باطلا قابلا للنقض.
ويجب أن يبلغ القرار لأطراف الدعوى وإذا لم تتم المنازعة في صحته أمام المحكمة العليا يصبح نهائيا( م201 ق ا ج )
انتهى
قائمة المراجع
أولا/ الكتب باللغة العربية
1-ابراهيم احمد شلبي ، مبادئ القانون الدولي العام ، دار القلم بيروت ( لبنان ) د ون سنة نشر.
2- الشافعي احمد ، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية (دراسة مقارنة )، دار هومة (الجزائر) ، 2005
3- بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار الشهاب ( باتنة ) 1986.
4- بغدادي الجيلالي ، التحقيق ، دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية ، الطبعة الأولى 1999.
5-حسن صادق المرصفاوي ، المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية ، منشأة المعارف ( الاسكندرية ) 2000
6- نجيمي جمال ، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي ، دراسة مقارنة ، دار هومة ( الجزائر ) 2012.
7- محمد عبد الوهاب احمد ، الجريمة السياسية من نطاق التجريد القانوني إلى مجال التطبيق العملي ( دراسة مقارنة ) مركز الحضانة العربية ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 2002
8- غاي احمد ، الحماية القانونية لحرمة المسكن ، دار هومة ( الجزائر ) الطبعة الأولى 2008
ثانيا/ المجلات
1-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1989 ، العدد 2
2-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1996 ، العدد1
3-المجلة القضائية للمحكمة العليا ،2001، العدد 1
4-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 2012 ، العدد 1
ثالثا/ الكتب بالفرنسية
1-Gaston Stefani, Georges Levasseur,Bernard Bouloc,Procédure pénale , 16ème édition, Delta- Dalloz 1996.
2-M’hamed Abed, la saisine du juge d’instruction, O P U – E N A L ,
3- Pierre Chambon, le juge d’instruction ( théorie et pratique de la procédure, Delta- Dalloz . 4ème édition 1997.
4- Gérard Cornu ,vocabulaire juridique, PUF quadrige , 3ème édition , 2002
رابعا / القوانين
1-الأمر 66-155 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم المتضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
2-الامر66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم والمتضمن قانون العقوبات الجزائري.
3-القانون 17-07 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية الصادر في 27/03/17 المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 29/03/17 العدد 20.
4-القانون 16-03 المؤرخ في 19/06/2016 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص ، المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 22/06/16 العدد37.
5- الأمر20-04 المؤرخ في 30/08/20 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية
6- القانون 15-12 المؤرخ في 15/07/15 المتعلق بحماية الطفل
-code de procédure pénale ( Français) , Dalloz, 56ème édition 2015
[1] La chambre d’accusation
[2] وقد قضت المحكمة العليا في ذلك بقرارها الصادر في 15/04/1986 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1989 العدد الثاني ص 265 بقولها : "ما دامت غرفة الاتهام قضت ببطلان إجراءات التحقيق وأمرت النيابة العامة باتخاذ ما تراه مناسبا بشأنها دون أن تتصدى للإجراءات بإحالة المتهمين أمام المحكمة المختصة أو بإتمام الإجراءات سواء بمعرفة نفس قاضي التحقيق أو غيره من القضاة فإنها بذلك تكون قد تركت الدعوى معلقة وأخطأت في تطبيق القانون." أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 215
[3] فبمجرد أن يتخلى أو يتنحى قاضي التحقيق عن الملف وذلك بإصداره لأحد أوامر التصرف فيه فإن الحالة تتغير تماما وتجد غرفة الاتهام نفسها مدعوة للفصل في مجموع الإجراءات المطروحة عليها مباشرة وعندئذ يمكنها بل ويحب عليها أيضا ممارسة سلطاتها الخاصة بالمراجعة التي تستمدها من المادة 191 ق ا ج والتي تقابلها المادة 206 ق ا فرنسية. ويتعلق الأمر هنا بالحالات التي تفصل فيها غرفة الاتهام في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق الخاص بإرسال المستندات في مادة الجنايات لإحالتها على محكمة الجنايات أو استئناف أوامر التصرف كحالة استئناف النيابة لأمر بالا وجه للمتابعة . ففي جميع هذه الحالات تلعب غرفة الاتهام دورها كاملا كمنظم ومراقب للإجراءات السابقة المحالة عليها حسب ما تنص عليه بكل وضوح المادة 191 ق ا ج .وهنا يجب على غرفة الاتهام دراسة صحة الإجراءات وإثارة كل المخالفات التي تكون قد لحقت بها وتحديد آثارها . وهي تقوم بهذه المهمة تحت رقابة المحكمة العليا. فغرفة الاتهام مكلفة قانونا بممارسة مهمة الرقابة على سير التحقيق. أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 216
[4] م 189 ق ا ج جاء فيها " يجوز أيضا لغرفة الاتهام بالنسبة للجرائم الناتجة من ملف الدعوى أن تأمر بتوجيه التهمة طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة 190 إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها ما لم يسبق بشأنهم صدور أمر نهائي بالا وجه للمتابعة . ولا يجوز الطعن في هذا الأمر بطريق النقض.
[5] المرحوم الأستاذ/ بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 199-201
[6] ما يلاحظ على الإجراء هو تلك الخطورة التي تمس بحرية متهم استفاد من أمر بألا وجه للمتابعة صار نهائيا فيعاد أخذه من جديد بنفس الوقائع لظهور أدلة جديدة كما أن المشرع أعطى صلاحية إصدار أمر الإيداع لرئيس غرفة الاتهام وحده دون التداول في القرار وليس لغرفة الاتهام بتشكيلتها الجماعية وهنا تكمن الخطورة.
[7] المرحوم بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 228
[8] بغدادي الجيلالي ، ص123-125
[9] قرار المحكمة العليا رقم 246742 في 14/07/2000 منشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 2001 عدد2 ص 332 والذي جاء فيه "تقتضي المادة 208 ق ا ج أن تأمر غرفة الاتهام بإجراء تحقيق وان تسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن ومن ثم تعرض قرارها للنقض غرفة الاتهام التي اعتمدت على تصريحات مدلى بها أمام وكيل الجمهورية واستبعدت إجراءات التحقيق المقررة قانونا."
[10] قرار المحكمة العليا رقم 641478 في 16/06/11 المنشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا 2012 عدد2 ص 290 والذي جاء فيه " يجوز لغرفة الاتهام إسقاط صفة الضبطية القضائية بمجرد معاينتها اخلالات مرتكبة من ضباط أو أعوان الضبطية القضائية بمناسبة مباشرة مهامهم . ولا يتوقف إسقاط صفة الضبطية القضائية على ارتكاب جريمة من جرائم قانون العقوبات "
المحور الأخير
ويتناول غرفة الاتهام بالمجلس القضائي كجهة تحقيق عليا وكهيئة رقابة على أعمال قضاة التحقيق بدائرة اختصاص المجلس القضائي التابعين لها
الفصل السادس
غرفة الاتهام كجهة تحقيق عليا
نص التنظيم القضائي على مكونات المجالس القضائية التي تتكون من غرف مهمتها الفصل في الأحكام والأوامر الصادرة عن الجهات الدنيا تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين ويوجد ضمن هذه الغرف ما يسمى بغرفة الاتهام[1] والتي صارت تسمى في القانون الفرنسي la chambre d’instruction
نصت المادة 176 من قانون الإجراءات الجزائية على الآتي : " تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل ويعين رئيسها ومستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل "
جرى العمل القضائي على وجود غرفة اتهام واحدة فقط في كل مجلس قضائي كما جرى العمل أيضا على أن يترأسها رئيس المجلس القضائي شخصيا بالنظر لحساسيتها على اعتبارها تراقب الحبس المؤقت والإفراج فضلا عن اختصاصها بإحالة الأفعال التي توصف بالخطورة وهي الجنايات على محكمة الجنايات الابتدائية وتراقب عمل ضباط الشرطة القضائية ...
تنعقد غرفة الاتهام مرة واحدة كل أسبوع على الأقل كما جرى به العمل القضائي حتى وان كان نص المادة 178 لا يقيدها بموعد محدد اخضع انعقادها لداعي الضرورة بناء على استدعاء من رئيسها أو بناء على طلب من النائب العام . وبالإضافة إلى قضاتها يوجد ضمن التشكيلة أيضا النائب العام أو احد مساعديه لتمثيل النيابة أمامها وأمين ضبط يمسك السجلات والملفات .
تعتبر غرفة الاتهام جهة تحقيق عليا تراقب و تشرف على جهات التحقيق القضائي الابتدائي ، و تمارس غرفة الاتهام صلاحياتها في مراقبة التحقيق إذا ما اتصلت بالدعوى بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون . و تبدو سلطة غرفة الاتهام في المراقبة و الإشراف على التحقيق في المظاهر التالية :
1-حق التصدي أو الإحالة
و معناه قيام غرفة الاتهام بتدارك الأخطاء و السهو الذي وقع فيه قاضي التحقيق و بذلك فهي تسلك في تصديها للموضوع مسلك قاضي التحقيق في مباشرة جميع الإجراءات التي تفيدها في إظهار الحقيقة و تتصدى غرفة الاتهام بمناسبة نظر الطعون ضد أوامر قاضي التحقيق و يترتب على تلك الطعون بالاستئناف الأثر الناقل لملف الدعوى إلى غرفة الاتهام فتقوم بفحص ادعاءات الخصوم حول المسائل محل الاستئناف وفحص الأسباب التي يستندون إليها و إذا ما تبين لها صحة هذه المزاعم ألغت الأمر المطعون فيه و تصدت بنفسها للمسألة إن بالإحالة كما في حالة الطعن ضد أمر بانتقاء وجه الدعوى أو بإجراء تحقيق تكميلي أو بالإفراج عن المتهم أو بإيداعه الحبس المؤقت بعد الإفراج عنه من طرف قاضي التحقيق.
2-التحقيق التكميلي والأمر بإيداع الملف ( الوضع )
تلجا غرفة الاتهام إلى هذه الإجراءات لما ترى بان عمل قاضي التحقيق ناقص لم يمس كل جوانب الملف أو عند بقاء زاوية فيه مظلمة تحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء عليها فتصدر قرارا بإجراء تحقيق تكميلي تتولاه بنفسها بواسطة احد مستشاريها أو تكلف به ذات القاضي مع توضيح المهام التي يجب عليه القيام بها ويعد ذلك بمثابة الإنابة إذ لا يملك التصرف في نتيجة التحقيق من جديد وإنما تنتهي مهمته بانجاز العمل المطلوب منه والعمل على إرجاع الملف إلى غرفة الاتهام للتصرف فيه .وقبل ذلك وما أن تتصل بالملف بعد نهاية التحقيق تأمر بإيداع ملف التحقيق لدى أمانة الضبط على أن يقوم النائب العام حالا بإخطار أطراف الدعوى ومحاميهم بهذا الإيداع بموجب رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام على أن يبقى هذا الإيداع مدة خمسة أيام مهما كان نوع القضية( جناية أو جنحة أو مخالفة ) ثم يستأنف السير في الإجراءات بعد نهاية هذا الأجل وتنعقد الغرفة للنظر فيه من جديد وذلك ما نصت عليه المادة 193 ق ا ج .
3-حق النظر في بطلان الإجراءات
تختص غرفة الاتهام بنظر الطعون ببطلان الإجراءات المشوبة بهذا العيب، علما وأن قاضي التحقيق هو الذي له الصفة في رفع الأمر إلى هذه الغرفة كما يجوز لوكيل الجمهورية القيام بذات العمل دون الأطراف الأخرى للخصومة ( المتهم أو الضحية ) و هنا يجوز لغرفة الاتهام التصدي لموضوع الإجراء الباطل أو إحالة الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو إلى قاضٍ غيرِه لمواصلة إجراءات التحقيق كما تنص على ذلك المادة 191 من قانون الإجراءات الجزائية[2]. أما المتهم والمدعي المدني فلا يجوز لهما الطعن بالبطلان استقلالا بل يتم ذلك بمناسبة نظر غرفة الاتهام في أمر التسوية [3].
4- فحص التحقيقات القضائية الابتدائية و إصدار القرارات بشأنها
عندما ينتهي قاضي التحقيق من جمع الأدلة حول واقعة تشكل جناية يقوم بإرسال ملفها مع أدلة الإثبات بمعرفة وكيل الجمهورية إلى النائب العام بالمجلس لجدولته و إحالة مشفوعا بطلباته على غرفة الاتهام لإصدار قرار بشأنها إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية أو بإعادة تكييف الوقائع أو حتى بانتقاء وجه الدعوى الكلي أو الجزئي. كما يقوم رئيسها بمراقبة الحبس المؤقت وتوجيه الملاحظات الضرورية لقضاة التحقيق قصد الإسراع في تصفية ملفات المحبوسين إلى درجة حق رئيسها في إخطار غرفة الاتهام للانعقاد قصد النظر في استمرار حبس متهم مؤقتا ( م 204/4 ق ا ج ).وتتميز الإجراءات أمام غرفة الاتهام بالسرعة ( م 179 )كما أنها إجراءات تنقيبية بمقتضاها يجوز لها توجيه الاتهام إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها إلا إذا سبقت لهم الاستفادة من أمر نهائي بألا وجه للمتابعة[4] ولعل هذا ما أصبغ عليها تسمية غرفة الاتهام .
5- العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة
قدر يصدر أمر بالا وجه لمتابعة المتهم يتحصن إما بعدم الاستئناف من النيابة أو من الضحية كما قد يقع استئنافه منهما أو من احدهما ويصدر قرار عن غرفة الاتهام يؤيده فهل يجوز ملاحقة المتهم نفسه عن الوقائع ذاتها مرة ثانية .
الأصل أن الملاحقة غير جائزة إلا إذا ظهرت أدلة جديدة بعنوان المادة 175 /2 وتعد كذلك أقوال الشهود والمحاضر والأوراق التي لم يمكن عرضها على قاضي التحقيق لتمحيصها مع أن من شانها تعزيز الأدلة التي سبق وان وجدها ضعيفة أو من شانها أن تعطي الوقائع تطورات نافعة لإظهار الحقيقة. فالأدلة الجديدة هي التي لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق ومن شانها تعزيز وتقوية الدلائل التي كانت ضعيفة وغير كافية أو إعطاء الوقائع تطورات مفيدة لكشف الحقيقة ومعرفة الجناة. وليس من اللازم أن يكون الدليل الجديد غير موجود قبل صدور الأمر بأن لا وجه للمتابعة لكي يصلح أن يكون أساسا لإعادة التحقيق ، وإنما يشترط فقط أن يكون مجهولا لدى المحقق ولم يعرض عليه من قبل . ولم يفرق قانون الإجراءات الجزائية بين الأوامر المبنية على أسباب موضوعية والتي بنيت على أسباب قانونية . فما دامت الأدلة الجديدة لم تعرض على المحقق من قبل ومن شأنها تقوية الدلائل السابقة أو معرفة الأشخاص الذين ساهموا في اقتراف الجريمة ا واثبات أن الواقعة المنسوبة للمتهم لها صفة قانونية لم تؤد الدلائل القديمة كشفها فإنها تصلح أن تكون أساسا للعودة إلى التحقيق . فإذا كان الأمر مبنيا على موضوعي كعدم وجود دلائل كافية ضد المتهم فظهور أدلة جديدة تعزز القرائن الضعيفة السابقة يسمح بالعودة إلى التحقيق. وإذا بني الأمر على سبب قانوني كعدم توفر القصد الجنائي المكون لجريمة خيانة الأمانة مثلا ثم ظهرت أدلة جديدة على توفر هذا القصد صار من الممكن العودة إلى التحقيق. وكذلك الحال إذا بني الأمر على أساس تقادم جنحة السرقة ثم ظهرت بعد ذلك أدلة جديدة تثبت أن السرقة ارتكبت ليلا وبالتسلق والكسر ، أي في ظروف تجعل الواقعة جناية وبالتالي تتطلب مدة أطول لانقضاء الدعوى العمومية فيها .
لم يحدد القانون كيفية الحصول على الأدلة الجديدة وإعادة التحقيق في الدعوى مكتفيا في الفقرة 3 من المادة 175 بإعطاء هذا الحق للنيابة العامة .[5]
وبناء على ما سبق إذا كان انتفاء وجه الدعوى قد صدر بأمر من قاضي التحقيق فإن وكيل الجمهورية بصفته ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة هو من يأخذ بزمام المبادرة ويطلب العودة إلى التحقيق لظهور أدلة جديدة ، لكن قاضي التحقيق يستطيع أن يرفض الطلب شريطة أن يكون أمره مسببا . أما إذا كان القرار بألا وجه للمتابعة قد صدر من الدرجة الثانية ( غرفة الاتهام ) فإن المبادرة ستكون بلا شك من طرف النائب العام عملا بالمادة 175/3 ق ا ج وفي هذه الحالة المذكورة أعلاه وريثما تنعقد غرفة الاتهام ، يجوز لرئيسها بناء على طلب النائب العام أن يصدر أمرا بالقبض ضد المتهم وإيداعه المؤسسة العقابية تطبيقا لأحكام المادة 181 ق ا ج .[6]
6- النظر في تنازع الاختصاص
تختص غرفة الاتهام بالفصل في تنازع الاختصاص بين القضاة. ويعد كذلك بتعبير المشرع الجزائري في المادة 545 ق ا ج عندما تكون المجالس القضائية أو المحاكم أو- مع مراعاة الاستثناء الوارد بالفقرة الأخيرة من هذه المادة – قضاة التحقيق المنتمون لمحاكم مختلفة قد أخطرت أو رفع الأمر إليها في جريمة واحدة بعينها . وإما عندما تكون عدة جهات قضائية قد قضت بعدم اختصاصها بنظر واقعة معينة بأحكام أصبحت نهائية وإما أن يكون قاضي التحقيق قد اصدر أمرا بإحالة الدعوى إلى جهة من جهات الحكم وقضت تلك الجهة بعدم اختصاصها بنظرها بحكم أصبح نهائيا مع مراعاة ما نصت عليه المادة 363 و437 من هذا القانون وإما عندما يكون قضاة التحقيق منتمون لمحاكم مختلفة قد اخطروا بتحقيق قضية واحدة بعينها ولا يكون ثمة مجال لوجود تنازع بين القضاة إذا كان احدهم قد اصدر بناء على طلبات النيابة قرارا بالتخلي عن نظر الدعوى.
أما عن موقف القضاء من المسالة فقد قررت المحكمة العليا بان التنازع في الاختصاص النوعي يستوجب تحقق الشروط التالية ":
-أن تطرح دعوى عن واقعة معينة على قاضي التحقيق فيأمر بإحالتها بوصف جنحة إلى محكمة الجنح .
- أن تقضي هذه الجهة بعدم اختصاصها لان الواقعة تشكل جناية.
- أن يكتسب هذا الحكم قوة الشيء المقضي فيه لعدم وقوع الطعن فيه بالاستئناف وان ينشا عن الأمر بالإحالة والحكم بعدم الاختصاص تعطيل سير الدعوى.[7]
أما عن الجهات المختصة بالفصل في تنازع الاختصاص فقد حددتها المادة 546 ق ا ج فإذا كانت الجهات المتنازعة تنتمي لنفس المجلس القضائي وجب عرض التنازع على غرفة الاتهام لذات المجلس متى كان هو الأعلى درجة المشتركة بينهما كالنزاع القائم بين قاضيي تحقيق ينتميان لمحكمتين مختلفتين تتبعان ذلك المجل ساو بين قاض تحقيق ومحكمة تابعة لنفس الجعل ساما اذا كان لا يمثل الجهة المشتركة بينهما والأعلى درجة عرض النزاع على الغرفة الجنائية للمحكمة العليا كذلك الصادر عن غرفة الاتهام وغرفة الأحداث.
يرفع الطلب من النيابة العامة أو المتهم أو المدعي المدني ويحرر الطلب في شكل عريضة تودع لدى كتابة ضبط الجهة القضائية المطلوب منها الفصل ( غرفة الاتهام أو الغرفة الجنائية للمحكمة العليا حسب الأحوال ) وتبلغ تلك العريضة لباقي الأطراف لإيداع مذكرات بهذا الشأن لدى كتابة الضبط عملا بالمادة 547/2.[8]
7-النظر في طلبات رد الاعتبار
للمحكوم عليه الحق في أن يطلب من القضاء رد الاعتبار لشخصه متى توافرت فيه الشروط المقررة في المواد من679 إلى 693 مكرر 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
يقدم الطلب إلى وكيل الجمهورية المختص مشفوعا بالوثائق المطلوبة لهذا الغرض فيحول وكيل الجمهورية طلب المعني إلى الضبطية القضائية المختصة لإجراء بحث اجتماعي حول سيرة وسلوك المعني وما أن استقام وابتعد عن مخالطة الأشرار والمجرمين وإبداء رأيهم بخصوص الطلب وبانتهائهم من البحث يعيدون الملف لوكيل الجمهورية الذي يرفعه مباشرة إلى النائب العام قصد جولته أمام غرفة الاتهام للنظر فيه في أجل لا يتعدى شهرين بقرار يكون قابلا للطعن بالنقض من طرف النيابة أو الطالب .
8-مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية
أعطى القانون لغرفة الاتهام صلاحية مراقبة أعمال ضباط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان ى المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي وتتم هذه الرقابة بشكل تلقائي بمناسبة نظر قضية مطروحة عليها تمت معالجتها من طرف مصالح الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاصها بحيث تعاين خرقا فادحا للقانون عند انجاز الملف الإجرائي لا يمكن تجاوزه أو السكوت عليه فيقوم رئيسها بإخطار الغرفة تلقائيا وهذه حالات نادرة الوقوع عمليا .
كما يمكن النائب العام أن يرفع إلى الغرفة ملفا يتعلق بضابط أو ضباط أنجزوا ملفا جزائيا مشوبا بإخلالات جسيمة ولا سيما عند تكرار الخطأ أو لفضاعته كاستعمال التعذيب عند سماع المتهم لانتزاع الإقرار منه عن فعل منسوب إليه أو تفتيش مسكنه دون إذن قضائي إلى غير ذلك من صور الأخطاء غير المغتفرة.
يجب على غرفة الاتهام أن تقوم بتحقيق في المسألة [9] وتسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن مع وجوب تمكين هذا الأخير من الاطلاع مسبقا على ملفه المحفوظ لدى النيابة العامة للمجلس مع حق الضابط في الاستعانة بمحام للدفاع عنه وهو ما قضت به المادة 208ق ا ج .
وإذا ما توصلت الغرفة إلى ثبوت تلك الإخلالات المنسوبة للضابط حتى وإن لم ترق إلى درجة الجريمة [10]، جاز لها أن توجه له ملاحظات أو تقرر إيقافه مؤقتا عن مباشرة مهامه كضابط للشرطة القضائية أو إسقاط صفة الضبطية القضائية عنه بصفة نهائية تبعا لجسامة الخطأ المرتكب فلا يمكنه مستقبلا القيام بأي تحقيق أولي دون المساس بوضعيته المهنية في السلك الذي ينتمي إليه حيث وجب تبليغ قرار الغرفة بطلب من النائب العام إلى الجهة التي يتبعها الضابط.
أما إذا كانت الإخلالات المنسوبة للضابط ترقى لدرجة الجريمة هنا وجب على الغرفة أن تأمر بإرسال الملف إلى النائب العام الذي يقرر ما يجب تجاهه وإذا كان الضابط منتميا لسلك الأمن العسكري رفع أمره إلى وزير الدفاع لاتخاذ الإجراء اللازم بشأنه ( م210 ق ا ج )
وإذا تعلق الأمر بضابط شرطة قضائية تابع لسلك الدرك الوطني وجب إعلام النائب العام العسكري المختص إقليميا .
هذا و تختص غرفة الاتهام بالجزائر العاصمة بالنظر في الإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن العسكري و تحال إليها القضية من طرف النائب العام لدى نفس المجلس بعد استطلاع رأي النائب العام العسكري المختص إقليميا ( م 207 /2 ق ا ج ).
جلسات غرفة الاتهام
يقوم النائب العام بتهيئة ملف الإجراءات و يبلغ الأطراف و محاميهم برسائل مضمنة مع الإشعار بالاستلام مع احترام الآجال المقررة في المادة 182 ق ا ج ( 48 ساعة في مادة الحبس المؤقت و 5 أيام في الأحوال الأخرى ) . كما يقوم النائب العام بتقديم مذكرة مكتوبة بطلباته ليطلع عليها الخصومُ و محامُوهم . و يجوز للخصوم أو لدفاعهم إلى غاية اليوم المحدد للجلسة تقديم مذكرات مكتوبة بطلباتهم تودع أمانة ضبط غرفة الاتهام و يؤشر عليها أمين الضبط مع ذكر يوم و ساعة الإيداع ( م 183 ق ا ج ) .
و تنعقد الجلسة برئاسة رئيس غرفة الاتهام و مساعدة المستشارين و بحضور عضو النيابة و أمين الضبط أما المداولات فتكون سرية بين قضاة الغرفة فقط دون إشراك النائب العام أو أمين الضبط وتنتهي بقرارات .
تجدر الإشارة إلى أنه من حق محاميي الأطراف أن يقدموا ملاحظات شفوية لتدعيم مذكراتهم المكتوبة بعد تلاوة المستشار المقرر لتقريره المكتوب و مرافعات النيابة العامة وفضلا عن هذا يمكن لغرفة الاتهام استثناءً استحضار الخصوم ولا سيما المتهمين منهم لتلقي توضيحاتهم مع محاميهم ( م 184 ق ا ج )
قرارات غرفة الاتهام
بعد الانتهاء من فحص التحقيقات القضائية سواء بإضافة تحقيقات تكميلية أو إضافية إليها أو بالاكتفاء بها متى كانت مكتملة فإن غرفة الاتهام تصدر قرارا بمقتضاه تقفل التحقيق كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.ويجب أن تتضمن بيان الوقائع موضوع الاتهام ( جناية السرقة مع توفر ظرف الليل والتعدد والكسر واستحضار مركبة – جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد- جنحة خيانة الأمانة...الخ )
و لا تختلف قرارات غرفة الاتهام عن تلك الأوامر الصادرة عن قضاة التحقيق إما بالإحالة على محكمة الجنايات الابتدائية إذا كانت الوقائع تشكل جناية أو جنايات أو جنايات وجنح ومخالفات متى وجد بينها ارتباط طبقا للمادة 194 من قانون الإجراءات الجزائية ، كما تصدر قرارا بالإحالة على محكمة الجنح عندما تكون الوقائع جنحا مع بقاء المتهم محبوسا احتياطيا إذا كان موضوع الدعوى معاقبا عليه بالحبس مع مراعاة المادة 124 ق ا ج وإذا كانت الوقائع تشكل مخالفة أفرجت عن المتهم وكذلك عندما تكون الوقائع معاقبا عليها بعقوبة مالية فقط. وأخيرا إذا كانت الوقائع بوصف مخالفة أحالت المتهم على محكمة المخالفات.
غير أنها قد تنتهي إلى قناعة مفادها أن الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو لا تتوفر أدلة كافية لإدانة المتهم أو أن مرتكب الفعل لا يزال مجهولا عندها تصدر قرارا بانتفاء وجه الدعوى وتأمر بالإفراج عن المتهمين الحب وسين ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر كما تفصل في رد الأشياء المضبوطة.
وإذا كان الاستئناف منصبا على أمر برفض الإيداع أو بالإفراج عن متهم محبوس واستأنفت النيابة أمر قاضي التحقيق فان غرفة الاتهام إما أن تلغي الأمر وفي هذه الحالة تأمر بإيداع المتهم على أن تقوم النيابة العامة بتنفيذ القرار بواسطة القوة العمومية وإما أن تؤيد أمر قاضي التحقيق.
بيانات قرار الإحالة :
يتضمن قرار الإحالة ديباجة تحمل اسم الجمهورية الجزائرية و باسم الشعب الجزائري و أسماء القضاة و أمين الضبط و اسم ممثل النيابة العامة ثم بيان الوقائع موضوع التهمة و وصفها القانوني والنصوص الجزائية المعاقبة عليها و ينتهي بمنطوق يحال بمقتضاه المتهم على جهة المحاكمة أو بالا وجه لإقامة الدعوى أو برد الاعتبار القضائي متى كان موضوعه كذلك ، و يوقع من الرئيس و أمين الضبط .كما تفصل غرفة الاتهام في رد المحجوزات لصاحب الحق فيها وتظل كذلك عند الاقتضاء بعد صدور قرارها.( م 195 ) .
يكون قرار غرفة الاتهام قابلا للطعن بالنقض في مواد الجنايات وعند تأييدها للأمر بانتفاء وجه الدعوى ،شريطة أن تكون النيابة قد استأنفته . وفي قراراتها الناطقة بعدم قبول دعوى المدعي المدني أو برفض التحقيق وفي حالة قبولها دفعا ينهي الدعوى العمومية مثل التقادم والعفو الشامل ووفاة المتهم ..وفي حالة السهو عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام وعموما في كل الحالات التي نصت عليها المادتان (496 و 497 ق ا ج )
تفصل غرفة الاتهام في المصاريف القضائية ولا يجوز لها الحكم بمصادرة مبلغ الكفالة في حالة صدور قرار بالا وجه للمتابعة وإلا عد قرارها باطلا قابلا للنقض.
ويجب أن يبلغ القرار لأطراف الدعوى وإذا لم تتم المنازعة في صحته أمام المحكمة العليا يصبح نهائيا( م201 ق ا ج )
انتهى
قائمة المراجع
أولا/ الكتب باللغة العربية
1-ابراهيم احمد شلبي ، مبادئ القانون الدولي العام ، دار القلم بيروت ( لبنان ) د ون سنة نشر.
2- الشافعي احمد ، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية (دراسة مقارنة )، دار هومة (الجزائر) ، 2005
3- بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، دار الشهاب ( باتنة ) 1986.
4- بغدادي الجيلالي ، التحقيق ، دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية ، الطبعة الأولى 1999.
5-حسن صادق المرصفاوي ، المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية ، منشأة المعارف ( الاسكندرية ) 2000
6- نجيمي جمال ، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي ، دراسة مقارنة ، دار هومة ( الجزائر ) 2012.
7- محمد عبد الوهاب احمد ، الجريمة السياسية من نطاق التجريد القانوني إلى مجال التطبيق العملي ( دراسة مقارنة ) مركز الحضانة العربية ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 2002
8- غاي احمد ، الحماية القانونية لحرمة المسكن ، دار هومة ( الجزائر ) الطبعة الأولى 2008
ثانيا/ المجلات
1-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1989 ، العدد 2
2-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 1996 ، العدد1
3-المجلة القضائية للمحكمة العليا ،2001، العدد 1
4-المجلة القضائية للمحكمة العليا ، 2012 ، العدد 1
ثالثا/ الكتب بالفرنسية
1-Gaston Stefani, Georges Levasseur,Bernard Bouloc,Procédure pénale , 16ème édition, Delta- Dalloz 1996.
2-M’hamed Abed, la saisine du juge d’instruction, O P U – E N A L ,
3- Pierre Chambon, le juge d’instruction ( théorie et pratique de la procédure, Delta- Dalloz . 4ème édition 1997.
4- Gérard Cornu ,vocabulaire juridique, PUF quadrige , 3ème édition , 2002
رابعا / القوانين
1-الأمر 66-155 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم المتضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
2-الامر66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المعدل والمتمم والمتضمن قانون العقوبات الجزائري.
3-القانون 17-07 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية الصادر في 27/03/17 المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 29/03/17 العدد 20.
4-القانون 16-03 المؤرخ في 19/06/2016 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص ، المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية في 22/06/16 العدد37.
5- الأمر20-04 المؤرخ في 30/08/20 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية
6- القانون 15-12 المؤرخ في 15/07/15 المتعلق بحماية الطفل
-code de procédure pénale ( Français) , Dalloz, 56ème édition 2015
[1] La chambre d’accusation
[2] وقد قضت المحكمة العليا في ذلك بقرارها الصادر في 15/04/1986 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1989 العدد الثاني ص 265 بقولها : "ما دامت غرفة الاتهام قضت ببطلان إجراءات التحقيق وأمرت النيابة العامة باتخاذ ما تراه مناسبا بشأنها دون أن تتصدى للإجراءات بإحالة المتهمين أمام المحكمة المختصة أو بإتمام الإجراءات سواء بمعرفة نفس قاضي التحقيق أو غيره من القضاة فإنها بذلك تكون قد تركت الدعوى معلقة وأخطأت في تطبيق القانون." أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 215
[3] فبمجرد أن يتخلى أو يتنحى قاضي التحقيق عن الملف وذلك بإصداره لأحد أوامر التصرف فيه فإن الحالة تتغير تماما وتجد غرفة الاتهام نفسها مدعوة للفصل في مجموع الإجراءات المطروحة عليها مباشرة وعندئذ يمكنها بل ويحب عليها أيضا ممارسة سلطاتها الخاصة بالمراجعة التي تستمدها من المادة 191 ق ا ج والتي تقابلها المادة 206 ق ا فرنسية. ويتعلق الأمر هنا بالحالات التي تفصل فيها غرفة الاتهام في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق الخاص بإرسال المستندات في مادة الجنايات لإحالتها على محكمة الجنايات أو استئناف أوامر التصرف كحالة استئناف النيابة لأمر بالا وجه للمتابعة . ففي جميع هذه الحالات تلعب غرفة الاتهام دورها كاملا كمنظم ومراقب للإجراءات السابقة المحالة عليها حسب ما تنص عليه بكل وضوح المادة 191 ق ا ج .وهنا يجب على غرفة الاتهام دراسة صحة الإجراءات وإثارة كل المخالفات التي تكون قد لحقت بها وتحديد آثارها . وهي تقوم بهذه المهمة تحت رقابة المحكمة العليا. فغرفة الاتهام مكلفة قانونا بممارسة مهمة الرقابة على سير التحقيق. أنظر : احمد الشافعي ، مرجع سابق ، ص 216
[4] م 189 ق ا ج جاء فيها " يجوز أيضا لغرفة الاتهام بالنسبة للجرائم الناتجة من ملف الدعوى أن تأمر بتوجيه التهمة طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة 190 إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا إليها ما لم يسبق بشأنهم صدور أمر نهائي بالا وجه للمتابعة . ولا يجوز الطعن في هذا الأمر بطريق النقض.
[5] المرحوم الأستاذ/ بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 199-201
[6] ما يلاحظ على الإجراء هو تلك الخطورة التي تمس بحرية متهم استفاد من أمر بألا وجه للمتابعة صار نهائيا فيعاد أخذه من جديد بنفس الوقائع لظهور أدلة جديدة كما أن المشرع أعطى صلاحية إصدار أمر الإيداع لرئيس غرفة الاتهام وحده دون التداول في القرار وليس لغرفة الاتهام بتشكيلتها الجماعية وهنا تكمن الخطورة.
[7] المرحوم بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 228
[8] بغدادي الجيلالي ، ص123-125
[9] قرار المحكمة العليا رقم 246742 في 14/07/2000 منشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 2001 عدد2 ص 332 والذي جاء فيه "تقتضي المادة 208 ق ا ج أن تأمر غرفة الاتهام بإجراء تحقيق وان تسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن ومن ثم تعرض قرارها للنقض غرفة الاتهام التي اعتمدت على تصريحات مدلى بها أمام وكيل الجمهورية واستبعدت إجراءات التحقيق المقررة قانونا."
[10] قرار المحكمة العليا رقم 641478 في 16/06/11 المنشور بالمجلة القضائية للمحكمة العليا 2012 عدد2 ص 290 والذي جاء فيه " يجوز لغرفة الاتهام إسقاط صفة الضبطية القضائية بمجرد معاينتها اخلالات مرتكبة من ضباط أو أعوان الضبطية القضائية بمناسبة مباشرة مهامهم . ولا يتوقف إسقاط صفة الضبطية القضائية على ارتكاب جريمة من جرائم قانون العقوبات "
-