مخطط الموضوع

  • حول المقياس

    • التعريف بالمقياس:

      إن لمادة المنهجية في العلوم القانونية جانبين أحدهما نظري يتمحور حول دراسة المناهج الأساسية كالمنهج الإستدلالي والمنهج التجريبي والمنهج التاريخي والمنهج الجدلي، وهذا قد تم دراسته في السداسي الأول أما الجانب الثاني فهو الجانب العملي ويتضمن كيفيات وطرق منهجية تحليل النصوص القانونية والتعليق على الأحكام والقرارات القضائية وكذلك إعداد الاستشارة القانونية والمذكرة الاسخلاصية.

      هذه الدروس موجهة لطلبة السنة الأولى ماستر قانون الأسرة، وهي تطور من مهارات الطلبة من الناحية العملية وتفيدهم مستقبلا في حياتهم المهنية، ذلك أن المعلومات النظرية وحدها غير كافية لتوضيح المسائل القانونية وإنما يحتاج الطالب إلى التدريب أيضا خلال مسيرته الدراسية، حيث أن التطبيقات في المنهجية القانونية لها من الأهمية:

      1.   وسيلة تربوية (بيداغوجية) تدرب الطالب على تعميق معارفه القانونية واستعمالها بشكل منطقي وعلمي ونقل معلوماته النظرية إلى الواقع العملي.

      2.   التعود على كيفية تحليل النصوص والتعليق على القرارات والأحكام القضائية وتقديم الاستشارة.

      3.   اكتساب الطالب معارف جديدة تسمح له بإبداء رأيه اتجاه أفكار النص أو القرار بالتأكيد أو المخالفة، مع تبرير موقفه الشخصي مما يسمح له بإظهار واستيعاب المعلومات والقدرة على توظيفها، أي تصبح له ملكة التحليل والتركيب.

      4.   إن الدراسات التطبيقية في القانون تعكس مستوى الطالب وتمكنه، فكلما كان لديه إلمام بالمعارف النظرية يسهل عليه التعليق، فمسألة التعليق والتحليل تجمع بين الدراسة النظرية والتطبيقية في آن واحد لمسألة قانونية، فالتعليق يرسخ المعلومات النظرية.

      5.   يتميز ميدان العلوم القانونية بعدة تقنيات وقواعد منهجية لا نجدها في غيرها من الأبحاث الأخرى في ميادين العلوم الإنسانية والاجتماعية التي تعد العلوم القانونية فرعا منها.

      6.   إن دراسة المنهجية تعزز من المهارات البحثية لدى الطالب وهو ما يؤهله ويعده على نحو ملائم لتقلد وظائف ومهن بحثية في مجال عمله مثل المحاماة والقضاء.

      7.   تكسب المنهجية الطالب مهارة بحثية في التحليل والإستنتاج وترتيب الأفكار والتقويم.

      الأهداف:

      1.   تسليط الضوء والوقوف على تقنيات تحليل النصوص القانونية والتعليق على الأحكام والقرارات القضائية، وكيفية تقديم الاستشارة القانونية مع التعرض إلى صياغة مذكرة استخلاصية.

      2.   التعود على تحليل النصوص القانونية والفقهية واستخراج العناصر المهمة فيها.

      3.   إدراك كيفية إعداد استشارة قانونية وطريقة إعداد مذكرة إستخلاصية.

      4.    إن طرق التحليل والتعليق وكذلك إعداد مذكرة استخلاصية وإعداد استشارة قانونية تعتبر طرقا تربوية لتدريب الطالب على توظيف المعلومات واستعمالها بشكل منطقي وعملي.

      5.   تزويد الطالب بأعمال تطبيقية تحوي أمثلة واقعية مقدمة من خلال تحليل نصوص قانونية والتعليق على أحكام وقرارات قضائية وتقديم استشارات قانونية.

      المصادر والمراجع:

      1.   عبد المنعم نعيمي، تقنيات إعداد الأبحاث العلمية القانونية المطولة والمختصرة، دار بلقيس للنشر-الجزائر.

      2.   حلمي محمد الحجار، المنهجية في القانون، ط2، بيروت، 2003.

      3.   غناي زكية، منهجية الأعمال الموجهة في القانون المدني، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2012.

      4.   تومي أكلي، مناهج البحث وتفسير النصوص في العلوم القانونية، ط2، برتي للنشر، الجزائر،2019.

      5.   فاطمة الزهرة جدو، المدخل إلى العلوم القانونية، نظرية القانون، نظرية الحق، دار بلقيس للنشر، الجزائر،2018.

      أسئلة التدريب:

      1.   ما المقصود بالتحليل والتعليق للنصوص القانونية؟ وكذلك للقرارات والأحكام القضائية؟ وماهي أهمية التحليل والتعليق؟

      2.   ماهي العناصر الواجبة لتحليل النصوص القانونية؟

      3.   ماهي الإجراءات والمراحل المتبعة للتعليق على القرارات والأحكام القضائية؟

      4.   كيف تتم المعالجة الحقيقية لتحليل النصوص القانونية؟

      5.   هل هناك فرق بين تحليل النص والتعليق عليه؟

      6.   من يقوم بالاستشارة القانونية وماهي خطواتها؟

      7.   لخص عناصر المذكرة الإستخلاصية.

      من خلال هذه الدروس سنعالج المحاور التالية:

       

       

       

       

       

      المحور الأول: تقنيات تحليل النصوص القانونية

      المطلب الأول: مفهوم تحليل النصوص

      المطلب الثاني: منهجية تحليل النصوص

      المحور الثاني: تقنيات التعليق على الأحكام والقرارات القضائية

      المطلب الأول: مفهوم التعليق على الأحكام والقرارات القضائية

      المطلب الثاني: منهجية التعليق عليها

      المحور الثالث: صياغة مذكرة استخلاصية

      المطلب الأول: مفهوم المذكرة الاستخلاصية

      المطلب الثاني: منهجية صياغة مذكرة استخلاصية

      المحور الرابع: تقنيات تقديم الاستشارة القانونية

      المطلب الأول: مفهوم الاستشارة القانونية

      المطلب الثاني: منهجية إعداد استشارة قانونية

       

       


  • الدرس الأول

    • الدرس الأول: تحليل النصوص القانونية

      المحور الأول: تقنيات تحليل النصوص القانونية

      هو من أشكال المعالجة القانونية للنصوص والتي تستوعب تحليل النصوص والتعليق عليها، مع ما قد تتطلبه هذه المعالجة من تفسير النصوص ونستعرض في هذا الدرس إلى مفهوم تحليل النصوص وما يتطلبه من التعرف على مدلول النص المستهدف بالتحليل ثم منهجية تحليله وما يتطلبه من خطوات منهجية ويتضمنه من قواعد تقنية [1]

       المطلب الأول: مفهوم تحليل النصوص

      نتناول تحديد النص المستهدف بعملية التحليل في عنصرين هما:

      أولاً: تعريف النص:

      يقصد بالنص هنا النص القانوني الوضعي الملزم، وهي نصوص التشريع بأنواعه ومراتبه ودرجاته وما يتفرع عنها وقد سبق وتم دراستها في مقياس المدخل للعلوم القانونية سابقا.

      إن النص بصفة عامة قد يكون فقرة أو أكثر، ويمكن أن يتكون من جملة أو أكثر، أو عبارة عن مقولة أو رأي يعبر عن اتجاه فقهي أو مدرسة فقهية، ما يتضمنه من أفكار مقصودة تتعلق بمسألة أو مسائل قانونية معينة تعرض على الطالب لمناقشتها[2]، حيث أن النص القانوني يعالج مسألة قانونية وهو إما:

      -       نص تشريعي: نص مادة من مواد تقنين معين.

      -       نص فقهي: مجموعة فقرات مأخوذة من مرجع قانوني لفقيه معين تعالج مسألة قانونية معينة[3].

      فالنص القانوني عبارة عن مجموعة أفكار تتعلق بمسألة قانونية معينة تعرض على الطالب لمناقشتها، والهدف من عرضها عن طريق النص القانوني هو إبعاد الطالب عن المناقشة التقليدية للمسائل القانونية التي تتم عن طريق التحليل النظري للمواضيع باستعمال أسلوب إنشائي حر، لا يسمح للطالب إلا بإعادة سرد ما حفظه عن ظهر قلب سردًا آليًا.

      أما تحليل النص فيحقق هدفين:

      -       الهدف الأول: تحديد إطار المناقشة بالتقيد بما جاء في النص من أفكار وهذا من أجل تفادي الخروج عن موضوع النص ولتفادي سرد المعلومات المحفوظة بطريقة آلية.

      -       الهدف الثاني: السماح للطالب بإبداء رأيه اتجاه أفكار النص سواء بالتأكيد أو بالمخالفة، مع تبرير موقفه الشخصي، مما يسمح له بإظهار استيعابه الجيد للمعلومات وقدرته على توظيفها، وهذا هو التعليق الحقيقي على النصوص.

      وبهذا يسمو الطالب من درجة الحفظ عن ظهر قلب للدروس والمحاضرات إلى درجة استيعاب أهم الأفكار والمفاهيم القانونية وترسيخها في ذهنه والاستعداد لمناقشتها كلما عرضت عليه دون اضطراره لحفظها[4].

      ثانيًا تعريف تحليل النصوص:

      التحليل والتعليق على نص قانوني، نستعمل أحيانا عبارة تحليل نص قانوني وأحيانا عبارة تعليق على نص قانوني، فهل يعني ذلك وجود فرق بين تحليله والتعليق عليه؟

      إن تحليل النص القانوني يعني كتحليل أي شيء، تفكيكه إلى العناصر التي يتألف منها، ومن ثم بيان أجزائه ومكوناته.

      أما التعليق على النص القانوني كالتعليق على أي موضوع، فهو عبارة عن محاولة لتفسير وتوضيح هذا الموضوع بقدر من الحرية وبأسلوب شخصي إلى حد معين، وذلك من خلال البحث في مكونات هذا الموضوع والعناصر التي يحتويها، ليخلص المعلق بالنهاية إلى إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع[5].

      هنا لاحظنا إشكالًا من حيث المدلول الاصطلاحي للتحليل حيث يلتبس مع مدلول التعليق فأحيانا نجد مصطلح تحليل نص وأحيانا أخرى استعمال مصطلح التعليق على النص لذا نستعرض تعريفهما:

      1-تعريف تحليل النص: هو دراسة مضمون النص دراسة مفصلة ومعمقة وفق قواعد منهجية، وذلك من خلال تفكيكه إلى العناصر التي يتألف منها بهدف بيان أجزائه وتوضيح مكوناته.

      2-تعريف التعليق على النص: هو الفحص الانتقادي لمضمون وشكل النص أو هو محاولة تفسير وتوضيح موضوع النص، إضافة إلى تقسيمه ونقده بقدر من الحرية وبأسلوب شخصي إلى حد معين، وذلك من خلال البحث في مكونات الموضوع واستخلاص العناصر التي يتضمنها، ليخلص الطالب المعلق إلى إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع[6].

      عند التدقيق نجد أن بينهما فرقا جوهريا لا ينفي ارتباطهما الوثيق فكلاهما وسيلة لدراسة النص القانوني والفقهي إلا أن:

      أ‌- التحليل: يعد بمثابة الصورة التي تعكس حالة النص ذاته والتي لا يسع المحلل إضافة شيء أو التغيير فيها.

      ب‌- التعليق: يعد بمثابة الصورة الطليقة التي تعكس رأي المعلق باختصار، والتي يمكن تقويمها وإبداء رأيه الشخصي فيها بحرية مطلقة.

      على الرغم من أنهما مختلفان مبدئيا، إلا أن تحليل النصوص القانونية والفقهية لا يستبعد التعليق عليها، لأن المحلل هو أيضا يحاول تفسير النصوص، لكن بتعمق أكبر وتوضيحها بقدر من الموضوعية بل ومن الحرية نسبيا، وهو بهذا المعنى يقترب كثيرا من مدلول التعليق على نص، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلق فإن عمله لا يكون محل ثقة واقتناع وقبول إلا بقدر ما يستند إلى تحليل مسبق وسليم للنص محل التعليق.

      فتحليل النص لا يستبعد التعليق عليه وإنما هو من أجل إقامة تعليق على أساس دقيق وسليم[7].

      فالتحليل السليم والدقيق للنص القانوني يبدو كمشروع تعليق غير مكتمل لأنه لا يركز على الآراء الشخصية للمحلل وإنما يحاول إظهار صورة النص شكلا وموضوعا كما هو، وهذا هو المعنى الضيق الذي لا يصل فيه المحلل إلى فكرة تأليفية وإنما يقتصر على النتائج.

      وفي الإطار الأكاديمي، فإن عبارة تحليل النص القانوني لا يقصد منها بالضرورة الاقتصار على تحليل النص بالمعنى الضيق، بل يجب أن تفهم في إطارها التعليمي والتوجيهي، وذلك بتزويد الطالب بالأدوات اللازمة من أجل دراسة وفهم النص القانوني عبر منهج معين، أي أن تحليل النص لا يعني استبعاد التعليق عليه، بل جل ما يعنيه هو إقامة التعليق على أساس دقيق[8].

       

       

       

       

       

       

      ت‌- أهم الفروق بين التحليل والتعليق:

      التحليل

      التعليق

      -       يعني تفكيك النص القانوني إلى العناصر التي يتألف منها ومن ثم بيان أجزائه ومكوناته.

      -       التحليل يعد بمثابة الصورة التي تعكس حالة النص ذاته ولا يسع المحلل إضافة شيء أو التغيير فيها، ما عدا إمكانية ذكر الإيجابيات والسلبيات وهذا ضمن المعنى الضيق.

      -       تحليل النص بمعناه التعليمي والتوجيهي هو إقامة تعليق على أساس دقيق فالمحلل يحاول تفسير النصوص لكن بعمق أكبر وتوضيحها بقدر من الموضوعية بل ومن الحرية في نطاق البحث عن الموضوع وصولا لإعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع (هنا يقترب التحليل من مدلول التعليق في فكرة التأليف)

      -       يفتقر أو بالأحرى لا يركز على الآراء الشخصية وحريته نسبية.

      -       التحليل أوسع وأكثر دقة وعمقا في محاولة فهم النص (عمق الدراسة)

       

      -       محاولة تفسير وتوضيح الموضوع بقدر من الحرية وبأسلوب شخصي إلى حد معين والبحث في مكونات الموضوع والعناصر التي يحتويها فهو الفحص الانتقادي لمضمون وشكل النص.

      -       التعليق يعد بمثابة الصورة الطليقة التي تعكس رأي المعلق باختصار.

      -       إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع لأن المعلق يتعرض إلى مضمون النص بالنقد، فعمله يستند إلى تحليل مسبق وسليم للنص محل التعليق (هنا التعليق يستند على التحليل من أجل إعطاء فكرة التأليف).

      -       يركز على إبداء الآراء الشخصية (يتمتع المعلق بحرية النقد وإبداء الرأي الشخصي).

      -       يمتاز التعليق بالاختصار والإيجاز لأنه شكل من أشكال الفحص الانتقادي.

      -       على المعلق تبرير التعليق وتعليله علميا فيعرض من خلاله الدليل ويطرح البديل.

       

       

      -       كلاهما وسيلة لمعالجة النصوص.

      -       لكلاهما الحق في إعطاء فكرة تأليفية او تركيبية عن الموضوع.

      -       تحليل النص لا يستبعد التعليق عليه فهو يكتمل بالتعليق، تحليل النص: دراسة الموضوع شكلا وموضوعا + الحصول على النتائج وفي حالة الوصول إلى فكرة تأليفية هنا يكتمل مشروع التعليق.

      -       ارتباط التعليق على النصوص بعملية تحليلها مسبقا من أجل الحصول على نتائج ذات مصداقية، فيجب إقامة التعليق على أساس دقيق من التحليل.

      -       عمليا التعليق كفحص انتقادي ينطبق على الأحكام والقرارات القضائية، أما التحليل فمحله النصوص القانونية والفقهية، ولكن إن استعملنا أحد الصيغتين فالأمر سيان[9]

      المطلب الثاني: منهجية تحليل النصوص:

      إن المعالجة الحقيقية للنصوص القانونية تتم وفق منهجية دقيقة تلعب دورا في تنظيم عمل الطالب وتنسيقه، وهذه المنهجية تمر بعدة خطوات نوجزها في مرحلتين هما:

      أولاً المرحلة التحضيرية:

      في هذه المرحلة يقوم الطالب بالتحليل الشكلي للنص ثم التحليل الموضوعي، وهذان الإجراءان يفيدان في فهم النص فهما جيدا والتحضير لمناقشته في المرحلة القادمة[10].

      1- التحليل الشكلي:

      يبدأ تحليل النص القانوني بالتحليل الشكلي وذلك بعد قراءة أولية يستخرج منها الطالب العناصر التالية:

      أ‌- تحديد طبيعة النص (التعريف بالنص وهويته): إن الهدف من هذه الخطوة يتمثل في جمع وحشد المعلومات والوسائل التي تساعد على التعرف على النص، حيث يتعين على الطالب تصنيف النص القانوني، وذلك بتحديد وملاحظة ما إذا كان النص موضوع التحليل نصا تشريعيا أو فقهيا.

      فقد يكون نصا تشريعيا صادرا بموجب قانون أو أمر أو مرسوم أو قرار[11]، أو يكون في شكل مادة أو مجموعة مواد من تقنين معين، صادرة عن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية أو قد يكون نصا قانونيا دوليا كالمعاهدات

      والاتفاقيات الدولية[12]، كما يمكن أن يكون مجموعة فقرات مأخوذة من مرجع فقيه معين أي أن النص فقهي، فالطالب بعد هذه القراءة الأولية يستطيع تحديد طبيعة النص ما إذا كان تشريعيا أو فقهيا

      ب‌- موقع النص (المصدر الشكلي): يقصد به تحديد موقعه ضمن المنظومة الفكرية التي تم اقتباسه منها[13] حيث يتوجب على الطالب أن يشير إلى مصدر النص ورتبته ضمن سلم القواعد القانونية، وهل هو نص متكامل ورد ضمن قانون أو مرسوم أو قرار[14].

      إن المصدر الشكلي يقصد به شكل المصدر المقتبس منه النص محل التحليل سواء كان هذا المصدر تشريعيا أو فقهيا.

      فإن الطالب الباحث يذكر من أين اقتطف النص بطريقة مرتبة ومنتظمة، تختلف باختلاف طبيعة النص:

      -       إذا كان النص تشريعا: يذكر موقعه من التقنين الذي أخذ منه بطريقة مرتبة وذلك بترتيب العناوين التي جاء تحتها النص، كأن يذكر أن النص المشار إليه المادة 90 من القانون المدني، مأخوذ من القسم الثاني تحت عنوان "شروط العقد"، من الفصل الثاني تحت عنوان "العقد"، من الباب الأول تحت عنوان "مصادر الالتزام"، من الكتاب الثاني تحت عنوان "الالتزامات والعقود" من التقنين المدني الجزائري.

      كما ينبغي تحديد رقمه، تاريخ صدوره، ونشره في الجريدة الرسمية بكل دقة مع ذكر عدد الجريدة، سنة وتاريخ صدورها.

      -       إذا كان النص فقهيا لكاتب معين على سبيل المثال: فإنه من اللازم ذكر موقعه من المرجع الفقهي الذي أخذ منه، وذلك ببيان العناصر التالية بترتيب:

      اسم المؤلف، عنوان المرجع، دار النشر، الطبعة، البلد، السنة، الصفحة.

      مثال: محمود جلال حمزة، العمل غير المشروع مصرا للالتزام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1985، ص 276.

      إن استخراج المصدر الشكلي يجب أن يكون مختصرا ومركزا وشاملا، فهذه المعلومات تساعد على فهم النص ومعرفة الفكرة العامة فيه.

      ت‌- البحث في بنية النص: يتم البحث في بنية النص من الناحية الطوبوغرافية والناحية اللغوية مع ضرورة شرح أهم المصطلحات القانونية، فهذه الخطوة تتركز أساسا على فهم النص من خلال فهم معاني ألفاظه ومصطلحاته التي كتب بها.

      -      البنية الطوبوغرافية للنص: إن النص القانوني الذي يمكن أن يكون موضوعا للتحليل غير مقيد بحدود معينة، فالبنية الطوبوغرافية للنص تتمثل في طول النص أو قصره، عدد الفقرات التي تضمنها، حيث يمكن أن يكون نصا كاملا ورد في قانون أو مرسوم يتألف من عدد كبير من المواد، كما يمكن أن يكون النص موضوع التحليل هو مادة أو بعض مواد من قانون أو مرسوم أو عدة مواد وردت في قوانين مختلفة[15]. وقد يتكون من فقرة واحدة أو عدة فقرات كاملة أو جزء من فقرة.

      -      البنية اللغوية (البناء اللغوي والنحوي للنص): يتم التركيز من قبل الطالب المحلل على كيفية صياغة النص والألفاظ المستخدمة، ودلالاتها اللغوية والاصطلاحية، ومدى ملاءمتها للسياق وانسجامها معه من ناحية قواعد اللغة الغنية القانونية.

      كما يركز على الأسلوب المستخدم لأنه بوابة الدخول إلى فلسفته وروحه ومعناه[16]، وأيضا من خلال تحديد أهم المصطلحات القانونية التي تضمنها النص والتي تخدم عملية تحليله.

      -      تحديد وشرح المصطلحات الصعبة: ينبغي الفهم الصحيح للمصطلحات القانونية الأساسية المستعملة والتي قد تحمل معان مختلفة وذلك بتحديدها مع الحرص على شرحها بإيجاز من خلال تبيان دلالتها اللغوية ومدى ملاءمتها للسياق الموضوعي للنص ومدى انسجامها معه.

      بالإضافة إلى تقييم الأسلوب المستخدم الذي ينبغي أن يكون أسلوبا قانونيا دقيقا ومركز[17].

      حيث أن الفهم الصحيح للمصطلحات هو الذي يؤدي إلى التحديد الصحيح لموضوع المسألة القانونية محل التحليل وتفادي الخروج عنه[18].

      ث‌- المصدر المادي: هناك معلومات خاصة بالخلفية الفقهية والقانونية أو الفكرية والإيديولوجية التي تأثر بها كل من المقنن واضع النص التشريعي أو الفقيه واضع النص الفقهي، وتحديد اتجاهه الفكري وطبيعة القواعد والمناهج التي يخضع لها عند بحثه ودراسته، حيث أنه قد يتأثر صاحب النص بتشريعات قانونية لدول أخرى أو مذاهل ونظريات فقهية وأن العلم بها يسمح بكشف الانتماء الفكري والاتجاه الثقافي والسياسي له[19]، والإلمام بالظروف المحيطة به.

      فإذا كان النص تشريعا فالمشرع الجزائري متأثر بالمشرع المصري والفرنسي، فيذكر الطالب نص المادة محل التحليل والنص المقابل لها في كل من التقنين المصري والفرنسي، مثال: تقابل نص المادة 90من القانون المدني الجزائري المادة 127 من القانون المدني المصري، والمادة 117 من القانون المدني الفرنسي.

      فإذا كان النص فقهيا فشخصية الكاتب إذا كان معروفا ستبين المذهب الذي ينتمي إليه، ومن ثم نظريته والمقاصد العامة والخاصة التي يهدف إلى تحقيقها والمبدأ الذي يعتمد عليه في شرح المسألة القانونية محل التعليق[20].

       

      2-التحليل الموضوعي:

      بعد الاطلاع على النص وتحليله تحليلا شكليا تأتي الخطوة الموالية المتمثلة في التحليل الموضوعي الذي يتناول دراسة النص من حيث المضمون، وذلك بقراءة النص قراءة جيدة مع الفهم الصحيح للمصطلحات الموظفة فيه، وذلك بالتدقيق في أجزائه ومكوناته، حيث يقف الطالب عند كل فكرة يثيرها فيقوم بتسجيلها لتحضير مناقشتها فيما بعد[21]، فهذه الخطوة جوهرية لأن نتائجها سيبني عليه العمل في المرحلة التالية.

      إن التحليل الموضوعي يقتضي تتبع العناصر التالية:

      أ‌- استخراج الفكرة العامة: إن الفكرة العامة يقصد بها المعنى الإجمالي للنص، ويستخرجها الطالب بعد قراءة متأنية للنص وفهمه فهما جيدا، فيتبين موضوع المسألة القانونية التي يتعلق بها، وحيث يفيد استخراج الفكرة العامة في تحديد الإطار العام وحدود المسألة المراد مناقشتها حتى لا يخرج الطالب عن الموضوع[22].

      ب‌- استخراج الأفكار الرئيسية: لاستخراج الأفكار الرئيسية من النص ينبغي قراءة النص وتلخيصه وذلك بتقسيم النص تقسيما منطقيا، ويكون مبنيا على عدد الفقرات حسب الفكرة، بحيث تتعلق كل فقرة بفكرة أو بعدد من الأفكار المتقاربة بينها، يسجلها الطالب ويجمع بينها إن أمكن لتحديد أهمها، ثم يذكرها مراعيا التسلسل المنطقي لها بتصنيفها وتنظيمها وترتيبها لأنها ستساعده في التحضير لوضع خطة مناسبة لأن هرم الأفكار سيتطابق مع بناء فكري يأتي فيما بعد[23].

      ت‌- طرح الإشكالية: بعد تمكن الطالب من استخراج الفكرة المحورية والأفكار الأساسية ينتهي إلى تحديد المسألة القانونية المراد مناقشتها عبر النص، وهنا عليه صياغة هذه المسألة في صورة إشكالية علمية تتضمن تساؤلات تستحق بذل ما في وسعه للإجابة عليها وإيجاد نتائج تمثل حلا مقبولا للإشكالية المطروحة وفق خطة أو بناء يتم إحكامه من طرف الطالب.

      ثانيا المرحلة التحريرية:

      هي مرحلة هامة من العمل، يقوم الطالب بتقويم النص من الوجهة القانونية وذلك عبر مناقشة المسألة القانونية في إطار بنا فني منهجي متكون من مقدمة وصلب موضوع وخاتمة.

      إن هذه المرحلة تتم عبر خطوتين هما: 1: الخطة / 2: المناقشة

      1-الخطة:

      لقد سبق وقمنا بتنظيم الأفكار شكلا وموضوعا، هذه الأخيرة التي يجب أن تتطابق مع بناء تقني، يشرع الطالب قبل إعداده في فرز وتصنيف وترتيب الأفكار وتبيان ما هو أساسي وثانوي وطرح مالا يخدم دراستنا[24]، وأن المراد منه وضع هياكل لموضوع التحليل يكون مظهره الخارجي مجموعة العناوين والتقسيمات والتفريعات التي سيعتمدها الطالب في إيصال نتائج بحثه وتقديم حصيلة عمله بدقة وإعلان النتائج المتوصل إليها.

      ويجب أن تكون هندسة هذا البناء التقني وهيكل الموضوع متوازنا ومتسلسلا ودقيقا من أجل أن يكون العمل ناجحا[25].

      فإن الهدف من وضع الخطة هو مناقشة النص مناقشة تحليلية، حيث لا يكتفي الطالب بمجرد شرح النص، بل عليه بالإضافة إلى توضيح أفكار النص مناقشتها ويبدي رأيه، وبهذا سينجح في اقتراح خطته الشخصية والتي تكون مغايرة لخطة الكاتب تحمل بصمته الشخصية، وفي نفس الوقت ملائمة لمناقشة المسألة القانونية محل التحليل.

      وينبغي أن تتماشى والنص محل التحليل، أما مسألة تقسيمها فالغالب يتم تقسيم النص إلى جزئين رئيسين، كالشروط والآثار-المبدأ والاستثناء-الطبيعة والخصائص.

      فهذا التقسيم غير إجباري فكل طالب حسب درجة فهمه للنص، وإنما عليه التأكد من موافقة الخطة لموضوع النص وشاملة لكامل الأفكار مع عدم تكرار الأفكار[26].

      2-المناقشة:

      مناقشة المسألة القانونية التي يطرحها النص، تبدأ بتحرير ما جاء في عناوين الخطة واحدة تلو الأخرى، من المقدمة مرورا بصلب الموضوع وفي الأخير الخاتمة.

      أ‌- مقدمة: إن المقدمة يبتدأ الطالب بعرض المسألة القانونية المراد مناقشتها ثم يطرح إشكاليته بصورة سليمة وفي جملة وجيزة، بعدها يشير إلى أهمية الموضوع ويفتح شهية القارئ إلى المسائل التي يستعد لمناقشتها[27].

      ب‌- صلب الموضوع: يتم عرض صلب الموضوع عبر المباحث والمطالب والفروع والنقاط التي يتضمنها الهيكل التقني للخطة، وذلك بمناقشة المسائل القانونية والإشكالية، حيث يبتعد الطالب عن السرد الآلي للمعلومات بطريقة سطحية وإنما بضرورة البحث عن علاقة النص بغيره من النصوص القانونية السائدة وبالأخص تلك التي تعتبر مبادئ عامة ومستقرة، فقد يتشكل النص مثلا خروجا عن مبدأ عام وقد يكون موافقا للمبادئ والقواعد العامة[28]، ولا تتحقق تلك المناقشة إلا إذا كان الطالب ملما بالمعلومات إما من المحاضرة أو المراجع أو ما يستحضره من ثقافة عامة من وسائل التواصل الاجتماعي أو البحث في مواقع الانترنيت.

      على الطالب التقيد بالإطار العام للموضوع والحرص على التقيد بأفكاره مع تجنب إعادة كتابة ما جاء في النص وتكراره، بل عليه المناقشة وإبداء الرأي وتدعيمه بالنصوص المؤيدة لرأيه وذلك بالدليل والبرهان مع تقييمه وتقويمه لتسجيل ما انتهى إليه من نتائج في الخاتمة.

      ت‌- الخاتمة: يحرص الطالب على تلخيص موضوع المسألة القانونية في فقرة وجيزة تتضمن الإجابة عن الإشكالية مع عرض النتائج المتوصل إليها مبينا موقفه من رأي الكاتب مع عرض البديل إن وجد وكان له موقف مخالف[29].


      [1] عبد المنعم نعيمي، تقنيات إعداد الأبحاث العلمية القانونية المطولة والمختصرة، دار بلقيس للنشر-الجزائر، ص191.

      [2] عبد المنعم نعيمي، المرجع نفسه، ص192.

      [3] غناي زكية، منهجية الأعمال الموجهة في القانون المدني، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2012، ص12.

      [4] -غناي زكية، المرجع السابق، ص73-74.

      [5] - حلمي محمد الحجار، المنهجية في القانون، ط2، بيروت، 2003، ص31.

      [6] عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص192.

      [7] عبد المنعم نعيمي، المرجع نفسه، ص193.

      [8]- محمد حلمي الحجار، المرجع السابق، ص 432.

      [9]- عبد المنعم نعيمي، مرجع سابق، ص195.

      [10]- غناي زكية، المرجع السابق، ص75.

      [11]- عبد المنعم نعيمي، مرجع سابق، ص 196.

      [12]- عبد المنعم نعيمي، مرجع سابق، ص 196.

      [13]- تومي أكلي، مناهج البحث وتفسير النصوص في العلوم القانونية، ط2، برتي للنشر، الجزائر،2019، ص232.

      [14]- حلمي محمد الحجار، مرجع سابق، ص433.

      [15]- حلمي محمد الحجار، مرجع سابق، ص433.

      [16]- تومي أكلي، المرجع السابق، ص233.

      [17]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 198.

      [18]- غناي زكية، المرجع السابق، ص79.

      [19]-عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 198.

      [20]- غناي زكية، المرجع السابق، ص 77.

      [21]- غناي زكية، المرجع نفسه، ص78.

      [22]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 199.

      [23]- غناي زكية، المرجع السابق، ص80.

      [24]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص200.

      [25]- تومي أكلي، المرجع السابق، ص236.

      [26]- غناي زكية، المرجع السابق، ص82.

      [27]- غناي زكية، الرجع نفسه، ص83.

      [28]- حلمي محمد الحجار، المرجع السابق، ص 437.

      [29]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص202-204.


    • assign icon
      الواجب
      فتحت: Sunday، 12 November 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 19 November 2023، 12:00 AM

      المطلوب تلخيص الدرس في سبعة أسطر

  • الدرس الثاني

    • الدرس الثاني: التعليق على الأحكام والقرارات القضائية

      المحور الثاني: منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية

      نعالج في هذا المطلب جزئيتين هما مفهوم التعليق ثم منهجية التعليق عليها.

      المطلب الأول: مفهوم التعليق على الأحكام والقرارات القضائية:

      سنتطرق إلى مفهوم الحكم والقرار القضائي ثم إلى التعليق على الأحكام والقرارات القضائية.

      أولا: مفهوم الحكم والقرار القضائي:

      أ‌- تعريف الحكم والقرار القضائي: إن الأحكام والقرارات القضائية تصدر عن جهات القضاء بمختلف درجاتها بمناسبة الفصل في النزاعات التي تثور بين الأشخاص، ويتم عرضها على القضاء لإصدار حكم القانون بشأنها أو ما يسمى بتطبيق القانون أو القاعدة القانونية على مختلف الوقائع التي يتضمنها كل نزاع على حدى أو تصرفات قانونية أو أفعال مادية تثور بمناسبة علاقات الأفراد فيما بينهم أو في علاقاتهم مع مختلف الهيئات الإدارية والسياسية والقضائية وحتى التشريعية

      إن المتفحص للحكم أو القرار القضائي يجد أنه يتضمن أجزاء ومكونات يمكن تقسيمها إلى مجموعات تكاد تكون مستقلة، إلا أن جميعها كون الحكم أو القرار، ولا يمكن غض الطرف عن أي منها عند الدراسة أو التحليل، لأن هذه الأخيرة تمثل وحدة كاملة، إلا أن هناك فروقات جوهرية شكلية وموضوعية فيما بينهم .

      حيث من المسلمات القانونية أن الحكم القضائي في معناه الخاص التشريعي يفرق بين الحكم والقرار، ويستند إلى معيار الهيئة القضائية المصدرة للحكم أو القرار القضائيين .

      فالمحرر الذي يصدره قاضي الدرجة الأولى للفصل في النزاع يسمى حكما قضائيا سواء المحكمة الابتدائية في القضاء العادي أو المحكمة الإدارية في القضاء الإداري، أما المحرر الذي يصدره قاضي كل من الدرجة الثانية والمحكمة العليا فيسمى قرارا قضائيا .

      حيث أن كل من الحكم والقرار القضائي يعتبران تطبيقا للقانون وهي من الأعمال القضائية الحقيقية ومن صلب مهام السلطة القضائية في تطبيق القانون على المنازعات التي تثور بين الأفراد، فهي تعكس خلاصة الحكم القانوني في أي نزاع جدي بين طرفين أو عدة أطراف، كما أنها فصل في مدى صحة ادعاءات ودفوع كل طرف في نزاع ما لحماية مركزه القانوني في المجتمع.

      وأنه قبل صدورهما بالفصل في أي نزاع يكون قد خضعا لإجراءات قانونية محددة مثل إجراء انعقاد الخصومة وتحضير الدعوى للفصل فيها وإصدار الحكم أو القرار بشأنها .

      ب‌- مدلول الجهات القضائية: الجهات القضائية ثلاث، درجتين للتقاضي ومحكمة عليا، فدرجة التقاضي الأولى تسمى المحكمة وهي التي تنظر في موضوع القضية للفصل فيها لأول مرة.

      درجة التقاضي الثانية تسمى المجلس القضائي والتي تعيد النظر في موضوع القضية لإعادة الفصل فيها من جديد.

      الجهة القضائية الثالثة وتسمى المحكمة العليا وهي تعيد النظر في القضية لا من حيث موضوعها وإنما فقط من حيث سلامة تطبيق القانون بشأنها، وبذلك فلا تعيد الفصل في القضية من جديد، وإنما تحيلها على المجلس القضائي لإعادة الفصل فيها للمرة الثالثة والنهائية وفقا للقانون، ولهذا لا تعتبر المحكمة العليا درجة للتقاضي بل محكمة قانون .

      ت‌- خصائص الأحكام والقرارات القضائية: تتمثل أهم الخصائص والمزايا فيما يلي:

          وحدة الشكل.

          وحدة الموضوع: هو الفصل في المنازعات سواء في الدرجة الدنيا على مستوى قاضي الموضوع أو على المستوى الأعلى لدى قاضي مراقبة تطبيق القانون.

          وحدة الإجراءات مثل العلنية وانعقاد الخصومة وسير الدعوى والتحضير لها والفصل فيها.

          وحدة القانون الواجب التطبيق.

          أن كل الأحكام والقرارات تتمتع بنفس حجية الشيء المحكوم فيه ونفس حجية الأمر المقضي به، بتوفر شروط معينة.

          اعتبار الحكم أو القرار نصا واحدا متكاملا وأي تعليق يجب أن يتناوله برمته.

          لا يجوز تأويل معنى الحكم أو القرار بغير ما توصل إليه القاضي إلا بدليل من نص أو رأي مجمع عليه أو اجتهاد قضائي مستقر .

      ث‌- أهمية التعليق على القرارات القضائية:

          إن التعليق على القرار القضائي يشكل وسيلة لترسيخ المعلومات النظرية عند الطالب وتمرينه على استعمال تلك المعلومات بمعرض القضايا المطروحة عليه أي تطبيق القاعدة القانونية على العناصر الواقعية.

          إن القرار القضائي يجسد العمل الذهني للقاضي في فصل النزاع، مختصرا المراحل التي مر بها هذا العمل من استثبات العناصر الواقعية إلى تكييفها وإعطائها الوصف القانوني، ومن ثم تحديد المسائل القانونية المطروحة، إلى تحديد القاعدة القانونية الواجبة التطبيق ثم إلى تطبيق تلك القاعدة ذات الصيغة العامة والمجردة على عناصر واقعية محددة في القضية المطروحة، من أجل استخراج النتائج القانونية، ومن ثم تكريس تلك النتائج في منطوق الحكم.

          يشكل التعليق تمرينا عمليا من أجل تقويم مدى جدارتهم ومعارفهم وقدرتهم على استيعاب المعلومات النظرية والتحليل والفكر القانوني .

          إن منهجية التعليق على الأحكام والقرارات تمثل أحد الأساليب الناجعة لتدريب الطالب على المنهج العلمي في المناقشة والبحث واتخاذ مواقف إيجابية من الأفكار والأحكام وذلك بطريقة منهجية منظمة ودقيقة ومضبوطة.

          تعود الطالب على أساليب التفكير العلمي واكتساب قدرات التعليق والبحث مما يجعله يستوعب ما درسه بفكر نقدي موضوعي .

      ثانيا: تعريف التعليق على الأحكام والقرارات القضائية:

      إن التعليق هو تلخيص للتحليل الدقيق للحكم او القرار القضائي، فيكون هناك جمع بين المعارف النظرية الشخصية وأساليب المنهجية القانونية التي تسمح بتقييم الحكم أو القرار، وما سيكون له من أثر أو انعكاس على الفقه والاجتهاد القضائي وعلى التشريع في بعض الأحيان، فالتعليق هو دراسة نظرية

      وتطبيقية في آن واحد لمسألة قانونية معينة، وقد تشمل أحكام وقرارات كل من هيئات القضاء الوطني وهيئات القضاء الدولي .

      حيث أن التعليق على الأحكام والقرارات القضائية يجب مراعاة والالتزام بتحليل كافة أجزائها ومكوناتها واستخراج معانيها ومقاصدها، بالإضافة إلى وجوب اتباع خطوات متطابقة في التعليق، تؤدي في النهاية إلى استخراج مكونات هذه الأحكام بهدف الوصول إلى طبيعة أو حقيقة الحكم في التعبير عن الحقائق القانونية المعبر عنها في النصوص القانونية التي ترمي إلى تحقيق العدل والمساواة في المجتمع .

      المطلب الثاني: منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية:

      ينطلق وضع التعليق على القرار القضائي من تحليل هذا القرار تمهيدا لتبيان النقاط القانونية التي طرحت على المحكمة والحلول التي اعتمدتها المحكمة لتلك النقاط ومن ثم مناقشة تلك الحلول وتقويمها.

      فهناك عناصر أساسية تتمثل في:

      -    تعريف النزاع المطروح من خلال الوقائع التي تدل عليه وتثيرها طلبات الخصوم والأطراف.

      -    الحيثيات وهي عادة ما تمثل المسائل التي يراها القاضي جوهرية وتمثل تحليل القاضي للوقائع والطلبات والدفوع.

      -    منطوق الحكم أو القرار وهو حل قضائي بتطبيق القانون على النزاع المطروح أو المشكل المثار في النزاع.

      هذا يدل على أن التعليق يمر بخطوات تتجسد في مرحلتين أساسيتين هما:

      أولا: المرحلة التحضيرية:

      ينصب عمل الطالب في هذه المرحلة على تحليل عناصر الحكم أو القرار، فهو يتضمن بيانات محددة ويعرض عناصر النزاع ومراحله القضائية ليبني عليها الأسباب التي اعتمدها للوصول إلى الحل الذي خلص إليه، فالعرض هنا وصفي بشكل واضح لعناصر القرار القضائي وذلك من أجل فهم النزاع والإحاطة بعناصره ومن ثم فهم الحل القانوني الوارد في القرار.

      هنا يقتصر دور الطالب على تحليل القرار إلى عناصره الأولية والحلول التي اعتمدها .

      وهذا العرض المتمثل في استخراج قائمة وعناصر تحتوي بالترتيب وبالتسلسل على: الوقائع ثم الإجراءات وبعدها الادعاءات ثم المشكل القانوني وأخيرا الحل القانوني.

      1- التحليل الشكلي: (العناصر الشكلية)

      -    أطراف النزاع: تحديد أطراف النزاع بحيث:

      -    إذا كانت القضية على مستوى المحكمة أو المحكمة الإدارية يكون الأطراف المدعي والمدعى عليه.

      -    إذا كانت القضية على مستوى المجلس القضائي يكون الأطراف المستأنف والمستأنف عليه.

      -    إذا كانت القضية على مستوى المحكمة العليا يكون الأطراف الطاعن والمطعون ضده .

      2- العناصر الموضوعية:

      أ‌- الوقائع: يقصد بها مجموع الأحداث والأفعال المادية أو القانونية  التي أدى تتابعها إلى تكوين موضوع النزاع، أي أنها تلخيص للخصومة وصف للنزاع قبل وصوله إلى القضاء فهي تشمل الأسباب التي دفعت بالأطراف لرفع الدعوى أمام القضاء مثل نزع الملكية، طرد من المسكن، حيث يدلي الأطراف الخصوم بالعناصر الواقعة التي ولدت النزاع وهم ملزمون بالإدلاء بتلك العناصر لأنها من مهمتهم، بحيث أن النزاع يطرح على المحكمة من خلال عرضهم.


      ب‌- شروط استخراج الوقائع:

      -    استخراج الوقائع التي تهم في حل النزاع.

      -    ترتيبها بحسب حدوثها زمنيا.

      -    تجنب افتراض وقائع لم تذكر في القرار.

      -    تكييف الوقائع تكييفا قانونيا صحيحا.

      -    فرز الوقائع بذكر الوقائع الثابتة المتفق على حدوثها كل من طرفي النزاع .

      ت‌- الإجراءات: نعني بالإجراءات مسار النزاع عبر مختلف المراحل القضائية وترتيبها زمنيا وحسب درجة التقاضي.

      حيث تبدأ برفع الدعوى أمام المحكمة مع تحديدها ثم صدور حكم من المحكمة وذكر ما قضى به، وبعدها الاستئناف أمام المجلس القضائي ثم صدور قرار عن المجلس القضائي، وذكر ما قضى به، وبع ذلك الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا ثم صدور قرار من المحكمة العليا وما قضى به .

      شروط استخراج الإجراءات:

      -    تنقل وترتب بحسب تسلسلها الزمني كاملة وبدقة.

      -    تعيين الجهة القضائية التي تم أمامها الإجراء (هل هو على مستوى المحكمة أو المجلس القضائي أو المحكمة العليا)، ويذكر إجراءين (نوع العريضة/ يتعلق بالحكم أو القرار الفاصل في النزاع)

      -    ذكر كل إجراء بدقة مع الإلمام بجميع النقاط المتعلقة به، مثلا (يذكر طرفي الدعوى/ نوع العريضة/ الجهة القضائية التي يمثل أمامها/ الطلبات" ماذا يطالب؟"/ نوع محرر الحكم أو القرار-الجهة التي أصدرته-تاريخه).

      مثل:

      -    رفع محمد دعوى ضد عمر أمام محكمة سيدي أمحمد يطالب فيها بإبطال العقد المبرم بينهما.

      -    صدور حكم من محكمة سيدي أمحمد بتاريخ 26 جانفي 2003 يقضي برفض الدعوى.

      -    الالتزام بالإجراءات المحررة المار بها النزاع دون زيادة أو نقصان.

      مثلا: إذا كان القرار محل التعليق صادر من المجلس القضائي فإن الإجراءات ستنتهي بصدور القرار من المجلس القضائي ولا يمكن افتراض أن أحد الأطراف سيطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا ، فلا يجوز الاستنتاج والاحتمال في هذه المرحلة.

      ث‌- الادعاءات: يدلي الخصوم بالطلبات وبالقواعد القانونية التي تؤيد طلباتهم وتبرر برأيهم الحكم لهم بما يطلبون . وبما أن ادعاءاتهم تكون متضاربة فإن هذا التناقض سيطرح مشكلا قانونيا يلتزم القاضي بحله للفصل في النزاع.

      إذا فالادعاءات مساعدة لاستخراج المشكل القانوني من طرف الطالب المعلق وذلك من خلال البحث في ثنايا القرار موضوع التعليق.

      شروط استخراج الادعاءات:

      -    ذكر الادعاءات مع شرح الحجج والأسانيد القانونية المستند عليها من كل طرف.

      مثل: يدلي المدعي بأن النزاع يجب أن يحل على ضوء القاعدة القانونية الفلانية في حين أن المدعى عليه أدلى بأن النزاع يجب أن يحل على ضوء مادة أو قاعدة قانونية أخرى ، فهنا لابد من ذكر النص القانوني أي الأساس القانوني.

          ترتيب الادعاءات:

      مثلا: إذا كان القرار صادر من المحكمة العليا فيبدأ الطالب بذكر ادعاءات الطاعن أولا ثم ادعاءات المطعون ضده وعليه ذكرها في شكل نقاط وكل ادعاء على حدى .

      -    الاقتصار على الادعاءات المذكورة دون زيادة أو نقصان يعني بدون استنتاج أو افتراض.

      -    الاكتفاء بالبراهين المقدمة منهم.

      ج‌- المشكل القانوني: يستخرج الطالب المعلق المشكل القانوني كما سبق وذكرنا من خلال التمعن في ادعاءات الأطراف فهي ستساعده بالإضافة إلى اعتماده على الحل القانوني الوارد في حيثيات القاضي، حيث أن الحل القانوني يتضمن قاعدة قانونية رجع إليها القاضي للفصل في النزاع.

      شروط استخراج المشكل القانوني:

      -    طرح المشكل القانوني في شكل تساؤل أو مجموعة تساؤلات.

      -    طرح المشكل القانوني بصيغة قانونية.

      -    طرح المشكل القانوني بدقة مع تفادي الطرح العام.

      -    هنا يظهر مدى تمكن الطالب من استعمال المصطلحات القانونية والأسلوب القانوني.

      -    طرح الشكل طرحا تطبيقيا.

      -    لا يفترض الطالب مشكلة لا وجود لها أو غير مطروحة أصلا.

      ح‌- الحل القانوني: هو القاعدة المعتمدة من طرف القاضي في حل النزاع والذي أجاب من خلالها على المشكل القانوني المطروح، ويجده المعلق في نص القرار ومنطوق الحكم، وعليه كتابته كما جاء في النص .

      فيراعي الأمانة والموضوعية في بيان الحل القانوني الذي أعطته المحكمة واعتمدته بغض النظر عن رأي المعلق الشخصي أو عن صحة الحل على ضوء القانون الوضعي أو الآراء الفقهية لأن مناقشته الحل وتقويمه يأتي في المرحلة التالية.


      ثانيا: المرحلة التحريرية: (التحليل الموضوعي):

      هذه المرحلة تعد مرحلة إنجاز التعليق وتقتضي في أول خطوة لها إنجاز خطة منطقية متوازنة بين النظري والتطبيقي، ثم مناقشتها.

      الخطة: إن إعداد خطة تمليها طبيعة الموضوع المعالج حتى تكون متطابقة مع المحتوى المراد معالجته، حيث تتميز بالدقة وضرورة الضبط وتحقيق التوازن في تعريف وتصنيف الأفكار.

      شروط وضع الخطة: (البناء التقني):

          أن تكون الخطة مصممة في شكل مقدمة وصلب موضوع وخاتمة، وعادة تتكون من مبحثين وكل مبحث يتكون من مطلبين، وهكذا بالتدرج من العام إلى الخاص.

          أن تكون خطة تطبيقية تتعلق بالقضية بحيث تظهر وقائع القضية وأطراف النزاع من خلال العناوين ، فنجسد العناوين بمحتوى القضية.

          أن تكون الخطة دقيقة تبرز عناوين دقيقة وتجنب العناوين العامة وكذلك الطويلة.

          أن تكون خطة متوازنة ومنسجمة ومتسلسلة في تقسيماتها من بداية الوقائع إلى نهايتها بالحل القانوني.


          أن تجيب على المشكل القانوني المطروح .

      خ‌- المناقشة: هنا يبدأ دور المعلق لمناقشة الحلول التي اعتمدها القرار وتقويم هذه الحلول من الوجهة القانونية ويستعد لعملية التحرير بالاعتماد على العناصر الأساسية بدءا بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع إلى أن يصل إلى آخر محطة وهي الخاتمة.

          المقدمة: تتناول المقدمة بيان محتوى الحكم أو القرار القضائي موضوع التعليق فنذكر الجهة القضائية مصدرة الحكم أو القرار (صنف المحكمة ودرجتها وتاريخ صدور القرار) .

      ثم يعرض موضوع النزاع ويلخص القضية في عبارات وجيزة، يسرد فيها كل من الوقائع والإجراءات والادعاءات، ثم يطرح الإشكالية أو المشكل القانوني الذي يثيره الحكم، فتكون مدخل الطالب إلى صلب الموضوع وهي المستهدفة بطرح الحل وإيضاح الجواب عبر التعليق  في إطار عام تمهيدا للتفصيل في صلب الموضوع.

          صلب الموضوع: إن صلب الموضوع يتناول العملية التحليلية واللجوء إلى المقارنات والاستدلالات وتطبيق المناهج والقواعد المختلفة على مستوى الألفاظ والدلالات والصياغة القانونية وفنونها.

      ويتم الاستقراء والاستنباط ومناقشة الحل الذي توصل إليه القاضي وقياسه بموازين العقل والمنطق القانوني ومتطلبات الواقع المرتبط بالنزاع ذاته.

      وقد يصل الطالب بالخروج بقواعد ومقترحات من خلال تقييمه أداء القاضي والجهاز القضائي ككل، وقد يكون منفذا لأهل الاختصاص بتوجيه نصائح وإرشادات للقضاء بخصوص استنباط وتنفيذ التشريع في المجتمع في اتجاه تحقيق العدالة في المجتمع .

      وفي إطار إعداد الطالب للمناقشة عليه الالتزام بعناوين الخطة ومناقشة المسائل القانونية مستعينا بالمعلومات النظرية المتعلقة بموضوع التعليق ثم الرجوع في كل مرة إلى حيثيات الحكم أو القرار لتطبيق تلك المعلومات على القضية المطروحة ومقارنة الحل القانوني الذي يمثل الرأي الشخصي للطالب مع الحل الذي توصل إليه القضاة ، وبانتهاء المعلق من شرح مدى وأبعاد القرار موضوع التعليق.

          الخاتمة: في الخاتمة يستعرض الباحث ماانتهى إليه من حل قانوني بشأن المسألة القانونية التي تضمنها الحكم أو القرار محل التعليق، وبعد شرح الطالب مدى وأبعاد القرار يستطيع تقويم ما توصل إليه القاضي إما بالإيجاب وموافقته وتأييده أو بالسلب والمعارضة بعدم موافقته هنا عليه عرض البديل.

      بل كذلك يقيم القاعدة القانونية المطبقة من طرف المحكمة واستخراج قيمة الحل الذي تضمنه الحكم أو القرار.

      وبذلك يختم الطالب تعليقه على الحكم أو القرار القضائي .

      نستخلص أن الحكم أو القرار القضائي يتكون من العناصر التالية:

      -    ديباجة الحكم أو القرار: وتشمل الجهة القضائية، تشكيلتها والأطراف.

      -    الأسس الإجرائية والقانونية: التي تحدد طبيعة الطعن مثل الاستئناف أو النقض وطبيعة النزاع.

      -    وقائع القضية: التي تفسر طبيعة وجوهر النزاع بين الأطراف.

      -    الحيثيات والأسباب: وتتكون من الأسباب المادية والقانونية التي يبنى عليها منطوق الحكم.

      -    منطوق الحكم أو القرار: ويتضمن الفصل في النزاع وحل المشكل القانوني المعروض في الوقائع .


    • assign icon
      الواجب
      فتحت: Sunday، 12 November 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 19 November 2023، 12:00 AM
  • الدرس الثالث

    • الدرس الثالث: المذكرة الإستخلاصية

      المحور الثالث:  صياغة إعداد مذكرة استخلاصية

      من خلال هذا المحور سنتطرق إلى كيفية إعداد مذكرة استخلاصية.

      هذا النوع من البحث يمكن الطالب من القدرة على استخلاص المسائل القانونية وتلخيصها واستنتاج الحلول واختبار معارفه ومعلوماته، كما أن هذا النوع من المذكرات يحتاج مجموعة وثائق تتطلب التحليل بطريقة علمية واستيعاب مضامين تلك الوثائق.

      وهذا ما نجده عند الترشح لمسابقة المدرسة العليا للقضاء.

      لذا سنتعرف على تقنية إعداد هذا النوع من المذكرات وذلك بمطلبين:

      المطلب الأول: مفهوم المذكرة الاستخلاصية

      سنتطرق أولا إلى تعريفها ثم أهدافها.

      الفرع الأول: تعريف المذكرة الاستخلاصية:

      هناك جانب شكلي وجانب منهجي:

      أولا: الجانب الشكلي في تعريف المذكرة الاستخلاصية:

      يركز هذا الجانب على المذكرة الاستخلاصية كوثيقة أو مجموعة وثائق تتطلب تحليلها وتسجيل ما استخلصه الطالب منها من مسائل واستنتجه من حلول وبهذا المعنى فهي مجموعة وثائق تتكلم عن فكرة معينة وتعالج موضوعا معينا.

      وهذه الوثائق تختلف فقد تكون نصا تشريعيا أو نصا أو رأيا فقهيا أو نصا من جريدة معينة أو قرارا قضائيا، أو تعليقا على قرار معين

      ثانيا الجانب المنهجي في تعريف المذكرة الاستخلاصية:

      إن المذكرة الاستخلاصية شكل من أشكال البحث العلمي المختصر، ومن خلال هذه المذكرة يتعين على الطالب التعامل مع عدة وثائق قانونيو و/أو فقهية و/ أو قضائية يقوم بتبسيط ما احتوته الوثائق المختلفة وذلك بالاستناد إلى خطة محكمة يسعى من خلالها إلى تقديم كامل وموضوعي ووفي لمحتوى الملف المتشكل من الوثائق.

      فالمذكرة الاستخلاصية عمل علمي يشبه معالجة النصوص القانونية والأحكام القضائية مع تلخيصها فهو يتطلب مزيدا من الجهد للخروج بمذكرة تلخص موضوع الوثائق واستعراض ما تضمنته واحتوته من أفكار رئيسية مع التحليل الوافي والكافي، فهي معالجة للوثائق بطريقة علمية بهدف استخلاص مضامينها وتلخيصها[1].

      الفرع الثاني: أهداف المذكرة الاستخلاصية

      إن الهدف العام من المذكرة الاستخلاصية هو التوصل إلى الاستخلاص والاستنتاج والاستنباط والتلخيص بطريقة علمية منظمة تستوعب الأفكار والمسائل والحلول.

      إلا أن هناك بعض الأهداف التفصيلية المتعلقة بتدريب الطالب ومنها:

      1.   تدريب الطالب على التفكير العلمي القانوني المنهجي.

      2.   تلقينه مهارات البحث العلمي المختصر من خلال استيعاب القواعد الصحيحة لمنهج التحليل والاستنتاج والاستنباط، مع تمكينه من التدرب على تطبيق أسلوب التلخيص.

      3.   تدريبه على الطريقة العلمية الصحيحة في التعامل مع الوثائق القانونية وغيرها من الوثائق الفقهية والقضائية.

      4.   تمكينه من عرض المشتملات الموضوعية للوثائق القانونية المتمثلة في استخلاص الأفكار والتمييز بين الأفكار الرئيسية والافكار الثانوية المتفرعة عنها ومعالجتها بطريقة منهجية.

      5.   تدريبه على مقابلة النصوص والقواعد التي تتضمنها الوثائق القانونية محل الدراسة وتلقينه روح النقد الإيجابي.

      -       تهيئة الطالب علميا وعمليا للترشح لوظيفة القضاء تحديدا باعتبار أن المذكرة الاستخلاصية تندرج ضمن عمل القاضي، وأن إعدادها يندرج ضمن اختبارات الترشح لوظيفة القضاء[2].

      المطلب الثاني: منهجية صياغة المذكرة الاستخلاصية

      يتطلب تحرير المذكرة الاستخلاصية مرحلتين هما كالتالي:

      الفرع الأول: المرحلة التحضيرية

      تتلخص المرحلة التحضيرية في النقاط التالية:

      أولا: قراءة الوثائق

      يجب على الطالب القيام بالقراءة السريعة والمنهجية في نفس الوقت وذلك نظرا لكثرة الوثائق المرفقة المتألف منها الملف وتركيزه على فهم كل وثيقة محاولا الاحتفاظ في ذهنه بالمعلومات التي يراها ضرورية وملائمة المسألة المعروضة[3].

      ويمكنه الاستعانة بالأقلام الملونة ووضع تسطير تحت العناوين المهمة، وفي هذه القراءة الأولية يحاول تحديد الفكرة العامة والأفكار الرئيسية وتسجيلها في المسودة وبالموازاة يكون قد حدد طبيعة الوثائق المستهدفة بالدراسة واستخراج الكلمات المفتاحية المشتركة بين الوثائق ثم يعيد القراءة مرة ثانية من أجل إيجاد العلاقة المنطقية بين كل فقرة وبيان الارتباط الموضوعي أو التناقض إذا كان هناك اختلاف في وجهات النظر.

      ثانيا: التحليل:

      سبق وذكرنا أنه خلال القراءة الأولية يحاول استخراج الفكرة العامة والأفكار الأساسية في مسودة إلا أنه في هذه المرحلة يحاول استخلاص المسائل القانونية والفقهية التي تشتمل عليها مضامين الوثائق وتسجيل تلك المسائل المستخلصة من كل وثيقة وتلخيصها تفاديا للعودة إليها في كل مرة ربحا للوقت، ثم يقوم بترتيب وتصنيف تلك الأفكار واستخلاص مسائلها مع مراعاة تكامل الوثائق أو تعارضها، وهذا من أجل تبيان الخطوط العريضة والتي تساعده في إعداد خطته.

      ثالثا: إعداد الخطة:

      هنا تعالج الخطة الوثائق معالجة منطقية وتسلسلية بالاستعانة بما سبق واستخرج من فكرة عامة وأفكار رئيسية وما اشتملته من وسائل قانونية، على أن يكون هناك ترابط وتناغم بين أجزاء الخطة سواء من ناحية الشكل أو الموضوع.

      المطلب الثالث: المرحلة التحريرية

      يتعين على الطالب تجسيد خطته التي كانت نسخة لاستيعابه مضامين الوثائق وتحليلها ثم تلخيصها وفي بعض الأحيان حتى تقويمها.

      وكما اعتدنا في الهيكل العام للخطة فهي تتكون من مقدمة وصلب موضوع وخاتمة.

      أولا: المقدمة:

      تكون مقدمة المذكرة الاستخلاصية قصيرة ومختصرة، تعرف بالوثائق المقدمة، بالإضافة إلى تقديم الموضوع عن طريق محتواها وتنتهي بطرح إشكالية.

      ثانيا: صلب الموضوع:

      هنا يبدأ العرض التفصيلي للأفكار والمسائل القانونية لكل من الوثائق المتنوعة وشرحها ودراسة الوثائق واحدا تلو الآخر ومراعاة صدورها مثلا السابق أو اللاحق، أم هل هي قاعدة عامة ام استثناء، وعادة ما تكون في مطلبين وأن لا تتجاوز أربع صفحات وأن يتأكد الطالب من مطابقة المعلومات مع الوثائق وأن يستعمل بعض المصطلحات الضرورية كأن يقول: (نستعرض- نستقرأ- يتبين من خلال- بعد تفحصي...)، وأن لا يعتمد الطالب على النقل الحرفي لجمل الوثائق وفقراتها، وإنما بالتعبير عن الأفكار التي تحتويها، وأن يقدم صورة وافية وموضوعية للوثائق وأن لا يدلي برأيه الشخصي في الموضوع، والاكتفاء بتحليل وجهات النظر والاتجاهات الفكرية الموجودة في الوثائق المقدمة.

      ثالثا: الخاتمة:

      هي غير إجبارية ويمكن أن يستخلص ما تناوله في مذكرته الاستخلاصية[4].

       

       

       

       

       

       

       

       


      [1]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 223 ،224.

      [2]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 225.

      [3]- سقلاب فريدة، محاضرات في منهجية العلوم القانونية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية ،2017 -2018، ص 81.

      [4]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 213.


    • chat icon
      المحادثة
    • فتحت: Sunday، 12 November 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 19 November 2023، 12:00 AM

      المطلوب تلخيص الدرس  من سبعة إلى عشرة أسطر

  • الدرس الرابع

    •  الدرس الرابع: الاستشارة القانونية

      المحور الرابع: تقنيات تقديم على الاستشارة القانونية

      إن الاستشارة القانونية هي عملية تقنية بحتة لا يمكن ممارستها إلا من قبل مختص ملم بالقاعدة القانونية يملك من القدرات ما يؤهله لاستخلاص الحلول القانونية التي تتلائم مع الوقائع أو التصرفات القانونية أو النزاعات التي يطرحها أشخاص لهم مصلحة في معرفة حكم القانون في قضايا معينة أو بطرح سؤال من جهة إدارية أو سياسية أو هيئة اقتصادية أو متعامل اقتصادي، ولم يكن هناك نزاع فقد يحتاجها الشخص حتى يكون على بينة من أمره قبل الإقدام على اتخاذ قرار معين، خاصة إذا كان يجهل طبيعة العمل أو الأشخاص المتعامل معهم فهنا هي من أجل الحيطة وتجنب المشاكل بإتباع الطريق السليم الذي سينيرهم المستشار وذلك بإسقاط القواعد القانونية على العناصر الواقعية من أجل خلق حل قانوني يكون مصدره المبادئ العامة للقانون والاجتهادات القضائية.

      ولكي تكون الاستشارة وواضحة وشاملة يجب على الباحث احترام خطوات منهجية باعتبارها بحث منهجي سواء كانت مكتوبة أو شفوية من أجل الوصول إلى استشارة دقيقة.[1]

      هنا سنتناول موضوع الاستشارة القانونية في مطلبين:

      المطلب الأول تعرضنا فيه لمفهوم الاستشارة القانونية، أما المطلب الثاني فنخصصه لمنهجية إعداد واستشارة قانونية.

      المطلب الأول: مفهوم الاستشارة القانونية

      سنتناول في هذا المطلب ما يلي:

      أولا: تعريف الاستشارة

      الاستشارة هي رأي قانوني يعطيه رجل القانون بناء لطلب شخص يرغب في الوقوف على وضع قانوني معين، فيعرض للمستشار العناصر الواقعية طالبا تحديد النتائج القانونية التي يمكن أن تترتب عليها، فيسعفه المستشار بالرأي الذي يبين له الوضع القانوني من جميع جوانبه، ويمكن طلب الاستشارة بمناسبة نزاع معين كما قد تطلب نشوء أي نزاع، وهي في كلتا الحالتين تهدف لتحديد الوضع القانوني من الجوانب التي يرغب طالب الاستشارة بالوقوف عليها.

      فالاستشارة عبارة عن رأي قانونيي يتضمن جوابا على مسألة قانونية مطروحة بشأن ترتيب وضع قانوني أو وضع حل لنزاع قانوني معين[2].

      ثانيا: أطراف الاستشارة القانونية

      للاستشارة طرفين هما: طالب الاستشارة والقائم بالاستشارة

      أ‌- طالب الاستشارة (المستشير): إن الاستشارة بشكل عام تفترض أن شخصا طبيعيا أو معنويا أو جهة معينة تستوضح حكم القانون في مسألة أو قضية معينة المستهدف حلها وإيضاحها[3].

      وطالب الاستشارة قد يطلبها لنفسه أو نيابة عن غيره فيستوي في ذلك تبيان صلته بالموضوع محل الاستشارة.

       

      ب‌- المستشار القانوني: يتم وضع الاستشارة من قبل رجل القانون دون أن يكون من الضروري له صفة رسمية فقد يكون محاميا أو قاضيا أو أستاذا جامعيا، أو شخص ملم بالحقل القانوني.

      فالتشريع الجزائري لا ينظم مهنة المستشار، إلا أنه عمليا فالمحاسبي يقدم بتقديم الاستشارات القانونية.

      طبقا لنص المادة الخامسة من القانون المتضمن مهنة المحاماة " يقوم المحامي بتمثيل الأطراف ومساعدتهم ويتولى الدفاع عنهم، كما يقدم لهم النصائح والاستشارات القانونية "[4].

      وعلى المستشار إعمال منهجية حل النزاع القانوني بمعالجة المسألة القانونية وفقا للمنطق القانوني الذي يقوم على أساس الاستدلال القانوني.

       ثالثا: المنطق القانوني وقواعده

      من أجل سلامة الحل القانوني لا بد من التحكم في فنيات الاستدلال والمنطق القانوني ولا بد من معرفة تقنيات الاستنتاج والوصول بالمسائل القانونية إلى الحلول الصحيحة، حيث أن المنطق القانوني الذي يقوم على أساس الاستدلال القانوني ينقسم إلى نوعين منطق صوري ومنطق جدلي.

      وقد انقسم رجال القانون إلى نزعتين:

      1-النزعة الشكلية: وهي النزعة الغالبة في المدرسة الوضعية تعتبر الاستدلال القانوني القائم قائم على المنطق الصوري فتحتل القاعدة القانونية مركز المقدمة الكبرى والمسألة أو الواقعة القانونية مركز المقدمة الصغرى، ويندرج الحل منطقيا في النتيجة التي نصل إليها عن طريق الاستنتاج.

      2-النزعة الشكلية: تضم فقهاء المدرسة الطبيعية وخصوم الوضعية الغالية، وتعتبر هذه النزعة النظام القانوني نظام ناقص تتخلله الثغرات والتناقضات، وعليه فهو يستدعي استدلالا شموليا لا ينحصر في المنطق الصوري، لأن هذا الأخير غير كفيل باستيعاب الظاهرة القانونية بمختلف تعابيرها، وإنما يتعداه إلى المنطق الجدلي الواسع الذي يبحث في سبيل الجدل والإقناع ويشتمل على صيغ عديدة للاستدلال.

      والواقع يجعلنا نقبل بأن المنطق القانوني يشمل النزعتين والاستدلال الصوري يكتمل بالاستدلال الجدلي ولا يتناقض معه فكلاهما يهدف إلى الوصول إلى نتيجة قانونية سليمة وبتظافرهما يتمكن القانون من نصرة الحق وتكريس الحقيقة[5].

      من خلال ما تكلمنا عنه ينبغي على المستشار حل المسألة القانونية وفقا للمنهج الاستدلالي، لأن الواقعة القانونية التي تنبثق عنها المسألة القانونية هي صراع أو نزاع يستدعي تحديد الوقائع وتقسيمها على ضوء القانون، فلا يكفي حصرها وتحديدها بل ينبغي عليه تبيان الطبعة القانونية التي تحكم الوقائع المعروضة عليه وتكييفها التكييف القانوني السليم ويجعل منها أدوات قانونية صحيحة صالحة لاستنتاج حل قانوني وعلى ضوء المعطيات القانونية.

      على الرغم من أن حل المسألة القانونية عمليا دائما نجدها تخص القاضي إلا أنني حاولت إسقاطها على المستشار باعتباره رجل قانون وأن عمله الأول هو عقلي يتطلب حل المسألة القانونية المعروضة عليه قبل كتابتها وفق المنهجية المقررة لإعداد الاستشارة القانونية.

      المطلب الثاني: منهجية إعداد استشارة قانونية

      إن الاستشارة بحث قانوني مختصر يستهدف تطبيق قاعدة أو قواعد يراها المستشار القانوني مناسبة وملائمة للوضع أو الواقعة أو معرفة رأي القانون بشأنها، لذا فإن إعدادها قد يكون شفاهة أو كتابة، وذلك بالنظر إلى إجابة المستشار، إلا أنه من الناحية القانونية يستلزم تحريرها وفق منهجية محددة ومضبوطة، وقد طرح المختصون في علم المناهج عدة طرق لإعداد استشارة قانونية وهي ليست على سبيل الحصر، لذا حاولنا الاهتداء إلى منهج يتطلب دراسة الاستشارة بالاعتماد على منهجية حل المسألة القانونية.

       

      أولا: المرحلة التحضيرية

      يفترض في رجل القانون أن يتبين الحالة التي تندرج ضمنها الاستشارة المطلوبة، ولك من خلال تحديده لإطار النزاع على ضوء ما يعرضه عليه طالب الاستشارة لذلك سنجملها في العناصر التالية:

      أ‌- الوقائع: إن إعطاء المستشار الرأي بشأن الوضع القانوني المطروح عليه يستوجب بالدرجة الأولى تحديد إطار النزاع والنقاط القانونية المطروحة، لأن رأيه سيكون إجابة على تلك النقاط.

      هذه النقاط هي كل الأحداث التي سيردها المستشير من أفعال وأقوال أو تصرفات قانونية وحتى الإجراءات التي اتبعها أمام القضاء وخسر دعواه تعد من وقائع النزاع، فالمستشير سيرد وقائع النزاع عموما بطريقة عامية وعلى المستشار أن ينقلها كاملة كما هي ثم يعيد صياغتها بأسلوب قانوني[6] هنا يظهر عمل المستشار، فقد يعيد ترتيب العناصر الواقعية، ويركز على العناصر المنتجة منها في حل النزاع ويستبعد التي لا علاقة لها بموضوع النزاع ولا تفيد في حله، ويقارن إدعاءات الخصوم عند وجودهم ووسائل الإثبات المتوفرة لدى كل منهم وكل ذلك بهدف إعمال منهجية حل النزاع القانوني توصلا لإعطاء الحلول المصرحة بناء على وقائع سليمة ومنتجة وصحيحة.

      فالمستشار يجمعه في حصر وتحديد العناصر الواقعية المنتجة وهي وضع الحلول القانونية، ومن هنا يمكن أن يسلط الضوء على عناصر واقعية يكون طالب الاستشارة أغفل عرضها عليه أو اختصر في عرضها ظنا منه، أنها لا تؤثر في الحلول[7].

       فهو يحاول تحديد المعطيات المادية والقانونية المهمة والأسس الجوهرية التي تعتمد عليها الإجابة أو الحل القانوني[8].

      ب‌- المشكل القانوني والإجابة عليه: في الاستشارة القانونية ثاني خطوة يستخرج المستشار المشكل القانوني من السؤال المطروح من المستشير والذي كما سبق وذكرنا يطرحه بأسلوب عام، إلا أن المستشار أو الطالب الملزم بإعداد استشارة قانونية أن يعيد صياغته بأسلوب قانوني، كما عليه أن يطرحه دقيقا وتطبيقيا[9]، فالمستشار يحل محل طالب الاستشارة ويعيد طرح السؤال الذي يرمي إليه لأن ذلك سيساعده على دراسة المسألة القانونية دراسة صحيحة، فيمكن للمستشار أن يتوصل إلى حل واحد لهذا المشكل القانوني أو إلى عدة حلول محتملة تبعا لمدى ثبوت العناصر الواقعية أو وحدة أو تعدد التفسيرات للقاعدة أو القواعد القانونية الواجبة التطبيق.

      وهنا على المستشار أن يقترح الحلول على ضوء القانوني الوضعي ويصرف النظر عن نظرته وتقويمه للقانون الوضعي[10]، فهنا عليه تحديد فرع القانون الذي يناسب المشكلة فقد يكون الأمر متعلقا بالقانون الإداري أو القانون المدني أو القانون الجنائي وغيره، ثم بعدها تحديد النص الواجب التطبيق، وبالنتيجة الجهة القضائية المختصة فهو يحاول التمكن من إيجاد حل لطالب الاستشارة مراعيا في ذلك نطاق تطبيق النص من حيث الأشخاص والمكان والزمان ومبدأ تدرج القاعدة القانونية وإن كان معدلا أو ملغيا كل ذلك من أجل إسقاط النص القانوني على الوقائع[11].

      ثانيا: المرحلة التحريرية

      سبق وذكرنا أن الاستشارة تتم بشكل شفهي أو كتابي، إلا أنه مع التطور التكنولوجي أصبح من الضروري أن تكون الاستشارة محررة ومكتوبة، لأنها قد ترسل بالفاكس أو عن طريق البريد الالكتروني أو البريد العادي، كما أنه قد تسلم إلى صاحبها باليد ويستحسن أن تكون مكتوبة، وأن الاستشارة هي وثيقة تحتوي على مجموعة من البيانات:

      - بيانات طالب الاستشارة

      - تاريخ طلب الاستشارة

      - الوقائع المادية والقانونية

      - المشكل القانوني

      - النص الواجب التطبيق

      - الحيثيات التي تم الاعتماد عليها في إبداء الرأي القانوني

      - الحل القانوني للمشكلة موضوع الاستشارة

      إلا أن المرحلة التحريرية منهجيا تستدعي التعرض إلى عنصرين وهما الخطة ثم مناقشة هذه الخطة.

      أ‌- الخطة: يرجع المستشار في الإجابة على المشكل القانوني إلى تنظيم إجابته وفق خطة وذلك باختيار منهج معين، وهذه الخطة لا تخرج عن الخطة العادية المعروفة في مناهج البحث، وقد سبق ذكرنا وجوب كونها متسلسلة ومتوازنة وتطبيقية وأن تجيب عن المشكل القانوني وذلك ضمن مبحثين في العادة

      ب‌- المناقشة: إن الأجزاء الأساسية والمصممة للخطة تتركز على ثلاث نقاط هي المقدمة وصلب الموضوع والخاتمة

      ت‌- صلب الموضوع: تحرير ما جاء في الخطة من مسائل بالتسلسل وبالترتيب باحثا عن الحل الملائم للمشكل القانوني المطروح والبحث عن النص القانوني المنظم لها مع تبريره[12]. وذلك بالربط المنطقي بين القاعدة القانونية والوقائع ومدى مطابقتهما وشروط تحقيقها

      ث‌- الخاتمة: هي بإيجاز تجيب عن سؤال المستشير طبقا للقانون، فهي النتيجة المتوصل إليها بعد الدراسة والتحليل والمناقشة القانونية.


      [1] - تومي آكلي، المرجع السابق، ص 246.

      [2] - حلمي محمد الحجار، المرجع السابق، ص 306.

      [3] - عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص 218.

      [4] - القانون 13- 07 المؤرخ في 29/10/2013 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة، ج ر، عدد 55 المؤرخة في 30/10/2013.

      [5]- أحمد حزوع، المناهج العلمية وفلسفة القانون، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص 68.

      [6] - غناي زكية، المرجع السابق، ص55.

      [7] - حلمي محمد الحجار، المرجع السابق، ص 308.

      [8] - تومي آكلي، المرجع السابق، ص 248.

      [9]-غناي زكية، المرجع السابق، ص 57.

      [10]-حلمي محمد الحجار، المرجع السابق، ص 309.

      [11]-سهيلة بوخميس، محاضرات منهجية البحث العلمي، السداسي الثاني، السنة أولى ماستر، تخصص قانون عام، جامعة 8 ماي 1948 قالمة، الجزائر، ص 8.

      [12]-غناي زكية، المرجع السابق، ص 59.


    • فتحت: Sunday، 12 November 2023، 12:00 AM
      تستحق: Sunday، 19 November 2023، 12:00 AM

      المطلوب تلخيص الدرس  من سبعة إلى عشرة أسطر